| مقـالات
لقد خلق الله سبحانه وتعالى جميع مخلوقاته المختلفة على أرضه من إنسان وحيوان ونبات، وكائنات دقيقة حيّة وغير حيّة إضافة إلى الجبال والصخور والوديان والبحار والأنهار وغيرها من المخلوقات الأخرى. ولم يخلق الله جلّت قدرته جميع هذه المخلوقات إلا لغاية معينة، ونحن نعرف في وقتنا الحاضر أن أغلب هذه المخلوقات لها علاقة وثيقة بالحياة على كوكب الأرض.
يعد الإنسان من أهم مخلوقات الله على أرضه بما منحه خالقه من مميزات يختلف بها عن الكائنات الحيّة الأخرى، فالإنسان له تركيبه البدني المعيّن، وله عقله وتفكيره، وغير ذلك من المميزات الأخرى، ولهذا فقد أمر الله الإنسان أن يسير على الأرض ويتفكَّر في مخلوقات ربه ويتدبَّر عظمته. ويتعرَّف على بعض أسرار الخلق في ذاته هو أولاً، وفي المخلوقات الأخرى ثانياً.
عرف الإنسان بواسطة عقله خلال تاريخه الطويل على الأرض بعض المخلوقات الأخرى النافعة له في حياته من حيوان ونبات وغير ذلك من المخلوقات الأخرى، وعرف بعض الكائنات الدقيقة الحيّة وغير الحيّة التي تسبب له الأمراض وأفاده هذا في علاج بعض الأمراض والقضاء عليها. وعرف أيضاً بعض المخلوقات الأخرى التي تسبب له الضرر فتجنبها، ولكنه بدأ في القرون المتأخرة بعد كشفه عن ما تحمله بعض المخلوقات من أضرار ومهالك على حياته، وعلى بيئته، وعلى المخلوقات الحيّة الأخرى بالانحراف عن الطريق السليم، ووصل إلى قمة مأساته في القرن العشرين للميلاد.
اكتشف الإنسان في قرنه العشرين، بعض أنواع الأشعة النافعة والضارة والمنبعثة من الكواكب والنجوم، واكتشف بعض المواد المشعة من بعض الصخور المعيّنة الموجودة على سطح الأرض، فعرف الطاقة الذرية والنووية، فصنع قنابله الذرية والهيدروجينية إضافة إلى صواريخه وقنابله الأخرى. وصار الإنسان يتلاعب في بعض مكونات الأحياء الدقيقة الحيّة وغير الحيّة من بكتريا وفيروسات، وخصوصا المسببة للأمراض القاتلة فيما يسمى بعلم «الهندسة الوراثية»، ولكنه مع الأسف لم يتمكن من إيجاد العلاج لها أو السيطرة عليها الجمرة الخبيثة، ومرض نقص المناعة الأيدز، إضافة إلى ما صنعه الإنسان من قنابل ذرية وغيرها من المتفجرات، ومن تغيير في مكونات الكائنات الدقيقة الحيّة وغير الحيّة صار يخزنها ويعدها لحروبه المختلفة، ولكنه نسي أو تناسى أن هناك قوى ربانية أعظم وأهلك مما فعله، فهناك الأعاصير والزلازل والبراكين، والحرائق التي لا يستطيع الإنسان صدها، ولا يعرف وقت حدوثها قد تأتي عليه، وعلى ما صنعه وخزَّنه وطوَّره، ناهيك عما قد يأتي إلى مخزونه من آلة الدمار من أعمال إرهابية معيّنة، وما قد يصيب آلته من عطل وخراب، وأشهر مثال على ذلك ما حدث في مفاعل تشيرنوبل منذ عدة سنوات، والتي تحتاج مساحات واسعة حوله لتنظف من الإشعاعات الذرية إلى مدة تتجاوز ثلاثمائة عام.نعود ونقول: هل يسعى الإنسان إلى هلاكه؟ ومتى يستفيق من غيِّه وصلفه؟
الرياض : ص.ب 87416
|
|
|
|
|