أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 7th November,2001 العدد:10632الطبعةالاولـي الاربعاء 22 ,شعبان 1422

متابعة

في ندوة بنقابة الصحفيين المصريين
مستقبل الحرب الأفغانية وآثارها على الدول العربية
* القاهرة مكتب «الجزيرة» شريف صالح:
الحرب تدور الآن والعالم كله يدور معها. ولا أحد يدري متى تضع أوزارها! ويبدو أنها عادة القرون أن تفتتح فصلها الأول بحرب طاحنة.. عادة بين قطبين أو حلفين.. أما حرب القرن الحادي والعشرين فجاءت مفاجأة بين «أكبر»دولة و«أصغر» دولة.. بين قمة التكنولوجيا ومرارة التخلف.. أمريكا ثور هائج جريح وأفغانستان الشعب والأبرياء هم الثمن المر.. والعالم العربي والإسلامي ليس ببعيد عن المعركة.. تجرفنا طاحونة الأحداث ونلاحقها عبر الفضائيات والصحف والمؤتمرات، وآخرها ما حدث في نقابة الصحافيين المصريين السبت 3/11 ندوة ساخنة إلى درجة الانفجار.. ورؤى سياسية متشائمة وأطراف الندوة بدؤوا بالعناق وانتهوا بالاختلاف ! هذه هي التفاصيل:
مأساة شعب
بدأت الندوة بكلمة موجزة للدكتور عبدالملك كبوى، وهو أفغاني يعمل أستاذاً للشريعة بجامعة الأزهر، ذكر فيها تأثر الشعب الأفغاني العميق بالثقافتين العربية والإسلامية، وتعلّم الكثير من أبنائه في الأزهر الشريف، ثم أكد على أنه شعب مسالم بطبيعته ويتسم بطيبة القلب رغم أنه ذاق خلال ثلاثة عقود متوالية كل أنواع العذاب والقتل والخراب (!!) لتتحول أفغانستان هذا البلد الصغير إلى ساحة لصراعات القوى الكبرى إنجلتراوروسيا وأمريكا من الخارج، وصراعات الفصائل الإسلامية من الداخل. والنتيجة كما يقول د. عبدالملك انهيار الاقتصاد وجميع مؤسسات الدولة وتشرد نصف الشعب الأفغاني، حوالي ثمانية ملايين لاجئ على الحدود مع إيران من ناحية ومع باكستان من ناحية أخرى.
وهكذا قدر على الشعب الأفغاني الذي يستنكر كافة أشكال الإرهاب، بما فيها الهجوم على الولايات المتحدة الأمريكية، قدر على هذا الشعب أن يعاني الخراب والدمار وأن يكون حقل تجارب للأسلحة الأمريكية.. والسؤال الآن: ما ذنب المدنيين والأطفال والعجائز حتى يدفعوا ثمن خطأ غيرهم أياً كان؟ وهل هذه الحرب الحالية هي الطريق الوحيد للعدالة؟ حتى الآن لم يتحدد أي شيء سوى الدمار والخراب وافتقاد أبسط مفردات الحياة.
وحول سؤال عن مستقبل هذه الحرب ، أجاب الضيف الأفغاني بأن جميع الحروب التي دارت على الأرض الأفغانية بدءاً من الأسكندر وجنكيز خان ومرورا ببريطانيا ثم الاتحاد السوفيتي كلها لم تنجح.. وفشلت جميع محاولات السيطرة على هذا البلد..
أما بالنسبة لتحالف الشمال «في الداخل» فهو لا يسيطر سوى على بعض المناطق القليلة ولا يمثل سوى جزء بسيط من الشعب.. ولا يعني هذا أن طالبان ستصمد أمام أمريكا إلى النهاية، فهذا مستحيل.. وبالتالي الحل في رأيه يتمثل في حكومة وطنية تعبّر عن جميع الفصائل وتفوّت على هذه الحرب أهدافها المعلنة والمخفية.
وعن نشأة طالبان، تساءل الكثير من المحاضرين وأجاب د. عبدالملك بأنها في البدء كانت حركة إسلامية إصلاحية ورحَّب بها الشعب الأفغاني ثم تحولت إلى حركة سياسية تسعى للوصول إلى السلطة.. وكان من المتوقع بعد أن تحقق لها ذلك أن تقضي على جميع أنواع الفساد بما في ذلك زراعة المخدرات، لكن ما حدث أن الحركة ازدادت تشدداً وبعداً عن روح الإسلام وافتقدت إلى الخبراء في كافة المجالات سواء الشرعية أو القانونية أو السياسية. على صعيد آخر والكلام للدكتور عبدالملك أصدرت مجموعة من القرارات العشوائية مثل منع التدريس ببعض الكليات ومنع المرأة من التعليم وهدم تمثال بوذا الأثري الذي يزيد عمره عن ألفي عام ويعتبر من أهم الآثار في العالم.. كل هذه القرارات أفقدت التعاطف مع طالبان شيئا فشيئا.. وما يحدث الآن هو تعاطف مع الشعب وليس مع حركة طالبان.
الحرب المفتوحة
وانتقل مدير اللقاء الكاتب الصحفي محمد عبدالقدوس إلى البعد الاقتصادي لهذه الحرب كيف يراه الخبير الاقتصادي الدكتور محمود عبدالفضيل، الذي أكد على أننا نشهد حرباً عالمية ثالثة لكن بأدوات وأساليب جديدة، نعرف كيف بدأت ولا نعرف كيف ستنتهي.. وعلى الصعيد الاقتصادي البحت هناك تداعيات كثيرة للحرب أهمها الركود الاقتصادي العالمي وتعميقه وامتداده حتى إلى البلاد الأوروبية، حيث سيتم توجيه موارد كثيرة إلى الحرب وليس إلى الإنتاج المدني، ويعزز هذا الركود التصريحات السياسية لإدارة الرئيس بوش التي تعلن وتكرر أن الحرب مفتوحة، وهذا أمر يصيب الاقتصاديين بالقلق لأنهم لا يستطيعون أن يرسموا سياستهم أو مشاريعهم في ظل عدم وضوح الرؤية وعدم اليقين ومناخ القلق والترقب وبالتالي والكلام للدكتور عبدالفضيل كل القرارات الاستثمارية ستؤجل وتتعطل عجلة الاقتصاد العالمي خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
ويتجلى هذا الارتباك الاقتصادي في ثلاثة قطاعات أولها قطاع الطيران، فأغلب الشركات تراجعت رحلاتها وشركة الطيران السويسري على سبيل المثال تكاد أن تفلس.واضطرت بعض الدول إلى دعم شركاتها الوطنية رغم تعارض هذا مع نظام الخصخصة. أما القطاع الثاني فيتمثل في حركة السياحة العالمية التي انكمشت تحسبا لأي عمل إرهابي آخر يحدث هنا أو هناك.. وأخيراً قطاع التبادل التجاري وحركة الصادرات والواردات، حيث فرضت شركات التأمين مبالغ إضافية باعتبار اننا نعيش مخاطر حرب وباعتبار أن جميع الدول معرضة للإرهاب.
ويضيف الدكتور عبدالفضيل أن هذا الانكماش الاقتصادي بسبب الحرب يأتي في ظل بداية ركود الاقتصاد الأمريكي بعد الرواج في حقبة التسعينات. ويتعقد الموقف أكثر من الناحية الاقتصادية بسبب التصريحات الأمريكية الفضفاضة وبقاء الأجندة العسكرية مفتوحة الأهداف.
وفي محاولة لتوصيف ما يحدث سياسيا ذكر الدكتور عبدالفضيل اننا امام مشهد للاختطاف المزدوج فأمريكا اختطفت الشرعية الدولية والمؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي لتقود حرباً انتقامية في ظل غياب دور هذه المؤسسات وعزلها تماما عن أي فعل متعقل.. وفي المقابل اختطفت جماعة طالبان وتنظيم القاعدة روح الإسلام الرحبة لتنعكس له في الإعلام الغربي صورة مرفوضة وضيقة الأفق..
أي أن طرفي الصراع اختطفا المؤسسات والمرجعيات لدفع العالم نحو مزيد من الدمار والخراب وانتشار القوى العنصرية. وما يحدث في أفغانستان وما يثار إعلامياً دليل سيئ على نظرة الغرب إلى الحضارة الإسلامية ونفي تعدد الحضارات.
وفي نهاية كلمته أكد د. عبدالفضيل أن أمريكا تقوم بتلفيق الأدلة وأن كمية القنابل والأسلحة الجديدة التي تجرب لا تعني في الأخير مجرد تصفية طالبان أو القبض على ابن لادن وإنما كلها مظاهر تؤكد على رغبة أمريكا في تطويق القوى السياسية في آسيا والحيلولة دون أن يكون هذا القرن الجديد قرنا آسيوياً، حتى لو تسبب هذا في مزيد من الحروب الأهلية والصراعات بين الدول المحيطة مثل باكستان وتركيا وإيران وكازاختسان، كذلك تحجيم دور روسيا والصين. وفي مثل هذه الأجواء لا يجب أن نتغافل عن الدور الإسرائيلي المتعاظم في الخفاء والذي يحرك الولايات المتحدة باتجاه توسيع الحرب لتشمل العراق وسوريا ولبنان وربما المنطقة العربية كلها.
بداية الخيط
وجاء الدور على المتحدث الثالث الدكتور محمدالسيد سليم الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ورئيس مركز الدراسات الآسيوية بجامعة القاهرة الذي اختار أن يمسك الخيط من أوله مستعيداً ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر الماضي مؤكداً أن القصة لم تكتمل بعد وأننا لا نعرف الجناة بالضبط، وكل ما يروّجه الإعلام الغربي مجرد اتهامات تفتقر إلى الأدلة القاطعة.
وكانت أولى مفاجآت د. سليم بشأن ما حدث أنه قدم للجمهور ملفا تلقاه من السفارة الأمريكية يتضمن معلومات يتصورها الأمريكان أدلة، على حين يؤكد الدكتور سليم أن أهم ما بها هو خطاب رئيس الوزراء البريطاني أمام مجلس العموم البريطاني، ولا يعقل أن يقدم لأية محكمة كدليل اتهام. كذلك حدثت قفزة مقصودة على التحقيقات ومنذ الدقائق الأولى بدأت الإشارات إلى منظمات وجهات عربية وإسلامية في مقابل غض الطرف عن أية إشارة إلى تنظيمات يهودية أو أمريكية داخلية ولو من باب الافتراض.
ثم ألقى المتحدث عدة تساؤلات مطروحة بقوة! كيف تفشل جميع أجهزة المخابرات هذا الفشل الكامل دون أن يكون هناك تواطؤ داخل هذه الأجهزة؟ وكيف تنحرف أربع طائرات عن مسارها لمدد تصل إلى أربعين دقيقة، رغم أن هناك قواعد صارمة تقضي بأن أي انحراف لمدة 3 دقائق تلتقطه أجهزة الدفاع الجوي ويتم تحذير الطائرة أو ضربها؟ ثم كيف لم يرسل أحد من أطقم الطائرات الأربع أية إشارة تحذيرية تفيد باختطاف الطائرة أو وقوع كارثة رغم تعدد الوسائل التي تسمح بذلك داخل الطائرة؟! كلها تساؤلات مشروعة علمياً برأي الدكتور سليم وتؤكد أننا إزاء عملية تغطية واسعة إعلاميا على حدث داخلي بالدرجة الأولى.
وحتى لا يبدو الأمر استبدال فرضية بأخرى فجَّر الدكتور سليم مفاجأته الثانية حين أعلن عن صدور كتاب أمريكي جديد منذ أسبوعين يحتوي على مجموعة من الوثائق المفرج عنها مؤخراً والتي تعود إلى حقبة الستينات.
في هذا الكتاب يكشف المؤلف عن سوابق للمخابرات الأمريكية في هدم بعض المباني الفيدرالية لشحن الشعب الأمريكي قبل القيام بحرب ما. ويضرب مثلاً بما حدث في خليج الخنازير والإعداد لتدمير بعض المباني لو رفض جون كنيدي في اللحظات الأخيرة، وكذلك نسف البارجة ميل على شاطئ هافانا لاتخاذها ذريعة لطرد اسبانيا من مناطق نفوذها في المحيط الهادئ.
في ضوء هذه الوثائق الخطيرة لماذا لا نفترض ضلوع أجهزة الاستخبارات في هذا العمل وفشل القيادة السياسية في إيقافه؟
بعد ذلك يطرح الدكتور محمد ا لسيد سليم مجموعة من الدلالات المهمة حول ما حدث لاحقاً، أولها ما يتعلق بمفهوم الأمن الأمريكي، فما حدث في سبتمبر يثبت أن المحطات الفضائية لضرب أية صواريخ أو مشروع الدرع الصاروخي لن يوفر الحماية ولن يمنع أشخاصاً قلائل من ضرب المباني وعلى أمريكا أن تعيد النظر في مفهومها للأمن وأنه يرتبط بالأساس بتوازن الدور الأمريكي في العالم.
الدلالة الثانية تتجلى في الرؤى الغربية السلبية للعالم العربي والإسلامي وهي رؤى تتغلغل في البنى الثقافية التحتية وعلى رأسها الكتاب المدرسي في دول أوروبا والولايات المتحدة، والتي تشكل ذهنية سيئة للطفل الغربي عنا، سواء بالتشكيك في الإسلام أو إظهار العرب بصورة عدوانية. ويكشف الدكتور سليم عن المفاجأة الثالثة وتتمثل في وثيقة الاتحاد الأوروبي المنشورة علنا على الإنترنت والمتعلقة بدول البحر المتوسط وتشمل تركيا وإسرائيل وقبرص ومالطة وثماني دول عربية، فرغم توقيع وثيقة مشتركة بين الدول العربية المعنية وبين الاتحاد الأوروبي من خلال إعلان برشلونة عام 1995م، إلا أن الاتحاد الأوروبي أصدر وثيقة منفردة ترتكز على ثلاثة عناصر: نشر قيم الاتحاد الأروبي ودفع دول المتوسط إلى الغاء عقوبة الإعدام، وتوحيد قوانين الأحوال الشخصية بما يتفق مع الدول الأوروبية.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved