| متابعة
* القاهرة عبدالله الحصري:
يبدأ المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية في الدولة من 9 إلى 13 نوفمبر الحالي وسط حالة ترقب بسبب الخوف من حدوث أية أعمال إرهابية في ظل الحرب التي تشنها أمريكا على أفغانستان رغم الاحتياطات الأمنية الرهيبة التي اتخذتها قطر لإنتاج المؤتمر وإقامته على أرضها بعد أن كانت هناك محاولات لنقله خارج قطر حفاظاً على الضيوف.
وقد سبق المؤتمر معارضة شديدة من الدول العربية لرفضها مشاركة إسرائيل حيث وجه مسؤولون بالجامعة العربية في يونيو الماضي انتقادات حادة لقطر لسماحها بمشاركة إسرائيل في المؤتمر، وتعللها بأنها لا تسطيع منعها، باعتباره تجمعاً دولياً وأنها مجرد مضيف، مؤكدين أن القانون الدولي يعطي قطر الحق في منع حضور أي دولة، طالما أن المؤتمر يُعقد على أراضيها وبصرف النظر عن الجهة المنظمة للمؤتمر.
وشدد على أن الموقف القطري هدفه الأول هو الربح الاقتصادي، حتى ولو كان الثمن هو المزيد من الخلافات العربية، في وقت يسعى فيه عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى إصلاح الجامعة العربية وتوحيد الصف العربي وتفعيل دور الجامعة لتصبح على غرار نظيرتها الأوروبية، بما يؤدي مستقبل إلى إنهاء الخلافات العربية المتكررة.
وكان الشيخ حمد بن فيصل مساعد وكيل وزارة المال والاقتصاد والتجارة القطرية، رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر قد أكد في مؤتمر صحفي عقده في الدوحة في يوليو الماضي أن المؤتمر اقتصادي وليس سياسياً وجميع الدول المشاركة سيمثلها وزراء اقتصاد وخبراء اقتصاد، وأن جميع الدول العربية تدرك جيداً أن قوانين المنظمات والتجمعات الاقتصادية تفرض عدم الخلط بين السياسة والاقتصاد.
وتضم منظمة التجارة العالمية 11 دولة عربية ودولتين بصفة عضو مراقب وكان آخر اجتماع وزاري للمنظمة في مدينة سياتل الأمريكية عام 1999 قد انتهى بالفشل بعد أن عجزت الدول الأعضاء عن الاتفاق على جدول أعمال لمباحثات تجارية جديدة.
وتسعى الدول العربية في المؤتمر إلى الزام الدول الغنية بتنفيذ التزاماتها تجاهها حيث اتفق وزراء الاقتصاد والتجارة العرب في اجتماعهم بالقاهرة منذ شهرين على تنسيق المواقف على المستوى العربي تجاه القضايا المتوقع طرحها في مؤتمر الدوحة، كما عقد بها مؤتمر تنسيقي آخر على المستوى الأفريقي حضره حوالي ؟؟ دولة افريقية، طالبت فيه الدول الغنية بسداد التزاماتها للدول الافريقية وهو ما طالب به بعض ممثلي الدول العربية الواقعة في قارة آسيا وأن يكون هناك موقف مشابه على الصعيد الآسيوي ودول أمريكا اللاتينية، حيث أن لكل من مصر والهند موقفاً واضحاً للدفاع عن قضايا الدول النامية داخل منظمة التجارة العالمية.
وقد دارت اجتماعات الخبراء ومؤتمر الوزراء العرب الذي عقد بالقاهرة مؤخراً حول ثلاثة موضوعات شمل الأول منها الموضوعات المثارة حالياً في اطار الإعداد لمؤتمر الدوحة، وعلى رأسها تلك المتعلقة بتنفيذ بعض الاتفاقات التي أسفرت عنها جولة أوروجواي في عام 1994، حيث أبدت الدول النامية قلقها وعدم رضاها إزاء مواقف الدول المتقدمة من تنفيذ التزاماتها وتعهداتها بشأنها. وتناول الثاني تنسيق موقف الدول العربية في مؤتمر الدوحة وما بعده. بينما ناقش الأخير: تقديم المساندة ولدعم للدول العربية التي ترغب في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.
وأكد الوزراء العرب خلال المؤتمر أهمية مناقشة هذه الموضوعات في ضوء الخطوط العامة التي تشمل: أن يكون جدول أعمال أية جولة جديدة من المفاوضات التجارية متعددة الأطراف متوازناً وشاملاً بما يضمن مصالح جميع الدول الأعضاء وأن يكفل تحقيق تنمية مستديمة للدول النامية. وأن تسفر المفاوضات عن حزمة واحدة من الاتفاقات بما يسمح بمقايضة التنازلات في المجالات المختلفة وتفادي تهميش الدول النامية من آلية اتخاذ القرار بالمنظمة، ولا يعني اتباع مبدأ ديمقراطية القرار عرقلة أو تجميع مسار المفاوضات أو عمل المنظمة.
وفي الوقت الذي تطالب فيه الدول المتقدمة ببدء جولة جديدة من المفاوضات حول مجموعة من القضايا، مثل: خضوع المعاملات التجارية الدولية لشروط البيئة وقضايا العمالة، وتحرير الاستثمار بحيث تخضع لمعايير دولية تعمم على جميع الدول فإن الدول العربية ترى أن هذه القضايا في مجملها في صالح الدول المتقدمة التي تختلق العراقيل أمام صادرات الدول النامية، خاصة وأن مرور ست سنوات على إنشاء منظمة التجارة العالمية كاف لتقويم أدائها ومعرفة التأثيرات الاقتصادية لما تطرحه الدول الغنية على الدول النامية.
وترفض الدول العربية والنامية الدخول في جولة مفاوضات جديدة في ظل الوضع الراهن لعدة أسباب أهمها:
عدم التزام الدول المتقدمة بتنفيذ التزاماتها الخاصة بتحريرالتجارة، وادعائها ان تحرير التجارة سيعود بالفائدة على الدول النامية، وممارسة ضغوطها على الدول النامية لتحمل التأثيرات السلبية لحين تأقلمها السريع، وفي الوقت نفسه تطالب الدول المتقدمة لنفسها بمزيد من الوقت للتأقلم في قطاعي الزراعة وصناعة المنسوجات، اللذين يتمتعان بالحماية لعقود طويلة.
وترى الدول العربية والنامية أن الاستثمار ليس من المسائل التجارية، ولذلك لا ينبغيمناقشته في منظمة التجارة العالمية؛ لأنذلك اخلال بالنظام التجاري، والأصل احتفاظ الدول النامية بحقها في تنظيم الدخول إلى أراضيها، وفرض الشروط التي تراها على الاستثمارات الأجنبية. كما ترى الدول النامية أن المنافسة يجب أن تراعي الحد من أنشطة الدمج بين الشركات العملاقة، والتي تهدد القدرة التنافسية للمؤسسات المحلية بالدول النامية إضافة رلى تعسف الدول المتقدمة في تطبيق إجراءات مكافحة الإغراق.
وترى الدول العربية النامية أن أجندة المؤتمر الرابع يجب أن تضم قضايا مهمة منها إعادة التفكير في طبيعة وتوقيت تحرير التجارة؛ بحيث لا يتم التعجيل بالتحرير التجاري. وإعادة توجيه المنظمة تجاه التنمية؛ باعتبارها على رأس أولوياتها. وإعادة التفكير في نطاق التفويض الممنوح لمنظمة التجارة العالمية تجاه بعض المسائل المعنية ودور الهيئات الأخرى.
وفي إطار حرص المنظمة على توفير كافة عوامل نجاح المؤتمر اتخذت خطوة شديدة الغرابة لم يسبق لها مثيل حيث قامت بتوزيع البيان الختامي المقرر صدوره عن المؤتمر على الدول الأعضاء منذ حوالي شهر، وطلبت من الدول التعليق عليه والرد على المنظمة بالنقاط التي عليها خلال أو تحفظ، وذلك للتغلب على الخلافات القائمة بين الدول الأعضاء قبل بدء أعمال المؤتمر.
وتمثل هذه الخطوة حجراً على مطالب الدول العربية والنامية، وتقوض مساحة الحرية المتاحة أمام الدول الأعضاء لعرض قضاياها ومشاكلها الخاصة، خاصة وأن دول الخليج العربي كانت قد أعدت مطالب لعرضها على المؤتمر إلاّ أن توزيع البيان الختامي للمؤتمر قبل انعقاده شكل صدمة للدول العربية عامة والخليجية خاصة.
وقد أصبح انضمام دول مجلس التعاون الخليجي إلى التجارة العالمية حقيقة واقعة في ظل انضمام خمس دول منها إلى منظمة التجارة العالمية. وهي: قطر والبحرين والامارات والكويت وسلطنة عمان، فيما تقوم السعودية حاليا باجراء مفاوضات الانضمام بعد استكمال الشروط اللازمة للانضمام إلى المنظمة العالمية.
وتمثلت المطالب الخليجية التي كانت أعدتها لطرحها على المؤتمر في تقديم المساندة والدعم الفني اللازمين للسعودية والدول العربية الأخرى التي ترغب في الانضمام الى «منظمة التجارة العالمية»، وتكثيف مشاركة الدول الخليجية والعربية في مجموعات العمل التي تبحث طلبات انضمام الدول العربية إلى عضوية المنظمة ومراجعة مدى التزام الدول المتقدمة بتنفيذ الاتفاقات التي اسفرت عنها جولة «أوراجواي» في عام ؟؟199. حيث أبدت معظم الدول الخليجية عدم رضائها عن عدم تنفيذ الدول المتقدمة التزاماتها وتعهداتها في تلك الاتفاقات المتعلقة بموضوعات مثل الدعم والاغراق وتجارة المنسوجات والملابس والاشتراطات الصحية، وتحرير تجارة السلع والخدمات، وخاصة السلع الزراعية وفتح الأسواق أمامها.
وكذلك ضرورة الالتزام بقرار الاجتماع الأول للمؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية ببحث معايير العمل في اطار منظمة العمل الدولية، وبالتالي عدم إدراج هذا الموضوع في أية جولة جديدة للمفاوضات بين دول مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التجارة العالمية.
|
|
|
|
|