| إنجازات الفهد
عشرون عاماً من العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله شهدت فيها المملكة العربية السعودية، مسيرة من العطاء الحافل بالإنجازات والتقدم على كافة قطاعات الدولة،
ولقد أجمع المؤرخون الذين رصدوا مراحل بناء الدولة السعودية الحديثة، على أن المؤشرات جميعها كانت توحي بأن هذه الدولة الفتية سيكون لها شأن عظيم بين دول العالم في مستقبل الأيام، وهو ما تحقق بالفعل فيما بعد وبصورة جلية في هذا العهد الزاهر، حيث عمّ البلاد النمو والرخاء على كافة الأصعدة،
وتعتبر وزارة الداخلية من أكثر قطاعات الدولة التي حظيت باهتمام مباشر وحققت إنجازات متميزة خلال الفترة التي تولى فيها المليك المفدى وزارة الداخلية (13821395ه) وهي ثلاثة عشر عاماً،
لقد بدأت وزارة الداخلية عهداً جديداً من تاريخها يوم أصدر جلالة الملك سعود بن عبد العزيز الأمر الملكي رقم 21 بتاريخ 1382/6/3ه الموافق 1962/10/31م (1) بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبد العزيز وزيراً للداخلية، ومنذ ذلك التاريخ بدأت وزارة الداخلية مرحلة جديدة بالحرص على التطور والتحديث ومواكبة مستجدات العصر والأخذ بالأساليب الإدارية الحديثة،
كان من حظ وزارة الداخلية في تلك الفترة أن جاءها وزيرها الجديد سمو الأمير فهد بن عبد العزيز بعد تجربة سبع سنوات كان فيها وزيراً للمعارف (13731380ه) حيث وضع أسس التعليم المنهجي المنظم ورسم له سياساته البعيدة المدى التي لا تزال المملكة تجني ثمارها إلى اليوم،
لقد أدرك خادم الحرمين الشريفين حفظه الله منذ تلك المرحلة الباكرة من تاريخ المملكة أهمية العلم والتعليم في نهوض الشعوب وقيام الدول، فكان اهتمامه بتعميم المدارس في كل مناطق المملكة ومدنها وقراها،
ثم وضع أساس التعليم الجامعي حين خطط وأشرف بنفسه على إنشاء جامعة الملك سعود وافتتاحها سنة 1377ه الموافق 1957م فكانت أول جامعة في الجزيرة العربية،
سمو وزير الداخلية الأمير فهد بن عبدالعزيز يرعى تخريج إحدى دفعات كلية قوى الأمن سنة 1393ه
الأولوية للتعليم
وفي هذا المرحلة اتجه سمو الأمير فهد بن عبد العزيز أول وزير معارف للمملكة العربية السعودية إلى التوسع في البعثات التعليمية إلى الخارج لسد حاجة البلاد إلى الكفاءات الوطنية الشابة في مختلف المجالات،
وانعكست تجربة الفهد المثمرة في تطوير التعليم في المملكة وتنظيمه ووضع أسسه على تنظيم وتطوير آليات العمل الإداري والأمني في وزارة الداخلية، ولما كان إيمانه عميقاً بأن العلم هو أساس التطوير، وأن القطاع العسكري الأمني في ذلك الوقت كان من أحوج القطاعات إلى التدريب والتعليم فقد أنشأ (كلية قوى الأمن الداخلي) التي أصبحت الآن (كلية الملك فهد الأمنية) والتي تخرج منها العشرات من الكفاءات والقيادات العسكرية والأمنية،
وتوالت بعد ذلك إنجازات سمو الأمير فهد بن عبد العزيز وزير الداخلية فأنشأ (معهد ضباط الصف والجنود)، و(معهد المرور) و(معهد قيادة السيارات والميكانيكا) و(معهد اللغات) و(معهد التربية البدنية) و(ميدان الرماية الدولي) و(معهد قيادة السيارات) و(مدينة التدريب)، وغيرها من الدور العلمية المتخصصة في خدمات الاحتياجات الأمنية في البلاد، وكان حفظه الله يرى أنه لا يمكن لوزارة الداخلية أن تحقق «حسن الأداء» و«التوسع» في خدماتها الأمنية لهذا الوطن دون تأسيس علمي سليم للأفراد في مختلف القطاعات، فالأمن الوطني المستنير لا يتحقق إلا بالأمن العلمي الواعي،
وبناء على هذا التأسيس العلمي للأفراد وتوسيع قاعدة التعليم بالمزيد من المعاهد وتخريج المزيد من الكفاءات الأمنية الواعية، استطاع سمو الأمير فهد بن عبد العزيز وزير الداخلية توسيع دائرة مسؤولية وزارته بكفاءة واقتدار فانضمت إليه مسؤوليات (الأمن العام) و(خفر السواحل) و(الدفاع المدني) و(الشؤون الجنائية) و(الشؤون البلدية) التي أصبحت فيما بعد وزارة مستقلة كما انضمت إليها إمارات المناطق وما يتفرع منها من تنظيمات وقطاعات،
وفي إطار التفكير التخطيطي والإنجاز المنظم كان لابد لسمو وزير الداخلية الأمير فهد بن عبد العزيز وهو يحقق لرجاله الأمن العلمي أن يسعى لتحقيق الأمن الصحي لهم عملاً بالقاعدة المعروفة «العقل السليم في الجسم السليم»، ففي أثناء انشغاله بتشييد المعاهد بدأ سموه التخطيط لإنشاء إدارة للخدمات الطبية لمنسوبي وزارة الداخلية،
القرار الرائد
لم يكن قرار إنشاء خدمات طبية مستقلة بوزارة الداخلية سهلاً ولا هيناً في ظل ظروف ذلك الوقت اقتصادياً وإدارياً معاً، واستطاع الفهد بفضل من الله ثم بعزيمته وحنكته أن يذلل كل الصعاب في سبيل تحقيق ذلك،
رفضت وزارة المالية اعتماد ميزانية للخدمات الصحية بوزارة الداخلية، واشترطت الحصول على تصريح من وزارة الصحة بإنشاء هذه الإدارة ليتم وضع ميزانية خاصة بها، وكان يقوم بمتابعات التأسيس بتوجيه من سمو وزير الداخلية معالي مدير الأمن العام آنذاك الفريق أول محمد الطيب التونسي رحمه الله
ولما تمت مخاطبة وزارة الصحة بهذا الخصوص، أبدى بعض المسؤولين بها تحفظاً حيال إنشاء إدارة للخدمات الطبية بوزارة الداخلية، على اعتبار أن جميع منسوبي وزارة الداخلية يتلقون علاجهم بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة، وبالتالي فقد رأوا عدم وجود مبرر لإنشاء إدارة جديدة للخدمات الطبية،
وهنا تدخل سمو وزير الداخلية الأمير فهد بن عبد العزيز بالكتابة لمعالي وزير الصحة وأبدى وجهة النظر التي اقتنعت بها وزارة الصحة، موضحاً أن إقامة إدارة للخدمات الطبية بوزارة الداخلية كفيل بمساعدة وزارة الصحة في المجهودات التي ترمي للحد من انتشار الأمراض بين المواطنين، ورفع جزء من العبء عن وزارة الصحة برعاية وزارة الداخلية لمنسوبيها صحياً،
عندما استحسن معالي وزير الصحة الفكرة وأبدى تأييده لإنشاء إدارة عامة للخدمات الطبية بوزارة الداخلية كان قرار إنشاء إدارة عامة للخدمات الطبية تتبع الأمن العام بوزارة الداخلية،
وقد حصلت إدارة الخدمات الطبية على بعض المساعدات المعنوية من وزارة الصحة تمثلت في تقديم «هيكل» لمستوصف كبير، كما قدمت الإدارة الفنية بوزارة الصحة بعض البرامج والمقترحات التي تعين الادارة الجديدة في تقديم خدماتها، فكان ذلك إيذاناً بأن تقوم وزارة المالية باعتماد المبلغ المالي المطلوب للبدء في خطوات الإنشاء، وكان التقدير الأولي للميزانية في حدود (000، 80) ريال، ارتفعت في المراحل التالية إلى مليون ومائة ألف ريال لتمويل المشروع كله،
كانت هذه بداية مسيرة الخدمات الطبية في وزارة الداخلية على يد خادم الحرمين الشريفين وزير الداخلية آنذاك، حيث وجه الفريق أول محمد الطيب التونسي مدير الأمن العام عام 1388ه بإنشاء أول مستوصف طبي لرعاية منسوبي الأمن العام ارتبط من الناحية الإدارية بمساعد مدير الأمن العام، واتخذ من ادارة التموين بالأمن العام مقراً له،
بداية متواضعة
وقد بدأ المستوصف بإمكانات متواضعة للغاية، إذ لم يتجاوز طاقم العاملين فيه أصابع اليد الواحدة (طبيبان ممرض نائب صحي كاتب) واقتصرت خدماته على تقديم الاسعافات الأولية، وإجراء قياس وفحص النظر ، وفي سنة 1389ه بعد عام واحد فقط من إنشائه وحرصاً من سمو وزير الداخلية الأمير فهد بن عبد العزيز آنذاك على تعجيل الارتقاء بمستوى الرعاية الصحية لمنسوبي الوزارة شهد المستوصف بعض التطورات كان من أهمها انتقاله إلى مبنى معهد المرور (مبنى مستشفى قوى الأمن الحالي) وصدر قرار بتعيين العميد هاشم عبد المولى مديرا له (1/10/1389 15/2/1390ه)،
وقد شهد ذلك العام تزويد المستوصف بعدد من خريجي معهد ضباط الصف الصحية بلغ عددهم (12) جندياً ممرضاً وفنياً، فضلاً عن (93) فرداً إدارياً، بالإضافة إلى مساعد صيدلي، وممرض، كما تم التعاقد مع طبيب جراح، وأربع ممرضات،
وقبل نهاية العام نفسه بأيام، وبالتحديد في 21/11/1389ه وجه سمو الأمير فهد بن عبد العزيز وزير الداخلية فتم ولأول مرة إنشاء إدارة بالأمن العام تحمل مسمى الخدمات الطبية كلف المقدم أحمد الشويعر بإدارتها من 17/1/1389ه وحتى 17/1/1391ه حيث جرى التعاقد مع طبيبين أحدهما أخصائي في الجراحة، وآخر أخصائي في الأنف والأذن والحنجرة، بالإضافة إلى صيدلي ومساعد مختبر ومساعد تخدير وممرض واحد وممرضتين،
وفي الوقت نفسه، تم ابتعاث 32 فرداً عسكرياً للمعهد الصحي بالرياض لدراسة التمريض هكذا استهلت الخدمات الطبية بوزارة الداخلية نشاطها بإمكانات متواضعة وعزائم صادقة جبارة، شأنها في ذلك شأن بقية قطاعات الخدمات في المملكة آنذاك،
وقد أدت زيادة الأعباء على وزير الداخلية إلى ضرورة تعيين نائب له، فكان أن عين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز حفظه الله في هذا المنصب في 1390/3/29ه فكان خير عون لأخيه وزير الداخلية في دعم مسيرة الرعاية الصحية لمنسوبي الوزارة، ودفعها إلى المزيد من التطور والتأهيل،
في1/10/1392ه عين العميد طبيب محمد عصام الدويدي مديراً لإدارة الخدمات الطبية حيث شغل هذا المنصب حتى 1397/3/3ه حيث دعم المستوصف بمجموعة من الأطباء الأخصائيين (8 أطباء) كما تم تعيين اثنين من أطباء العموم السعوديين، وصيدلي، وتم التعاقد مع رئيسة ممرضات، ومشرفة تغذية وعدد (15 ممرضة)، حيث تم تحويل جزء من مبنى يقع في حي الملز بشارع الستين كان معهداً للمرور إلى مستشفى صغير أطلق عليه مستشفى الأمن العام بسعة 20 سريراً إضافة إلى قسم تم استئجاره ليصبح مقراً للعيادات الخارجية بدأ العمل بها في 1393/4/2ه، وكان مبنى الإدارة عبارة عن غرفتين ملحقتين بمبنى معهد المرور بالرياض،
وفي 1394/5/15ه تم افتتاح قسم خاص للتنويم بسعة عشرة أسرة للرجال ومثلها لتنويم النساء فضلا عن تهيئة أربعة أسرة بغرفة الإنعاش، وتجهيز غرفة عمليات صغرى، وغرفة ولادة، ومطبخ لتقديم الإعاشة للمرضى المنومين، كما تم إنشاء صيدلية عامة للمستشفى، ووحدة للطوارئ وقسم للاستعلامات يقوم على تنظيم دخول المرضى للعيادات، وبدأ العمل على قدر الساعة،
ولمواجهة هذا التوسع في العمل والتخصصات الطبية المختلفة، كان لابد من تأمين الكفاءات الطبية والفنية والإدارية التي تواكب هذا التوسع، وتلبي متطلباته، فكان أن تم تدعيم المستشفى بالتخصصات التالية:
ستة أطباء عموم، وأربعة صيادلة، وعشر ممرضات، وست «تمرجيات»، مساعد أشعة، أخصائي مختبر، وعامل مختبر، أخصائية مختبر، سكرتيرة، مترجم، مساعد صيدلي، ناسخ آلة،
خطوات نحو التوسع
ثم توالى الدعم الآخر بالكفاءات البشرية، ففي عام 1394ه رعى سمو وزير الداخلية الأمير فهد بن عبد العزيز انضمام 32 ضابط صف صحي في مختلف التخصصات من المعهد الصحي بالرياض، كان قد سبق ابتعاثهم، حيث تخرجوا برتبة (وكيل رقيب)، وتم توزيعهم بين الإدارة والمستشفى والمستودعات،
كما تم في ذلك العام التعاقد مع أربعة أطباء أخصائيين، كما شهدت الإدارة دعما أدى إلى التوسع في تقديم الخدمات، حيث أُلحق بالعمل بالإدارة اثنان من الضباط السعوديين كان قد تم ابتعاثهما للولايات المتحدة الأمريكية للدراسة في تخصص إدارة المستشفيات،
كما عُين الدكتور/وائل شفيق بريك مديراً للمستشفى في السنة نفسها 1394ه،
وفي سنة 1395ه، تواصل دعم الطاقة البشرية حيث تخرج (27) من ضباط الصف الصحيين من المعهد الصحي بالرياض برتبة (وكيل رقيب) وألحقوا للعمل بأقسام المستشفى،
وفي العام نفسه تم التعاقد مع (3) أطباء ومترجم وصيدلي ورئيسة هيئة تمريض إلى جانب عدد آخر من الممرضات،
وشهد عام 1395ه نقلة مهمة في مجال تطوير المستشفى وتوسعته حيث أصدر سمو الأمير فهد بن عبد العزيز وزير الداخلية قراراً وزارياً رقم 1 /ق/ق بتاريخ 1395/2/12ه بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر برقم 343 بتاريخ 1394/3/4ه القاضي بالموافقة على توصيات الشركة الاستشارية العالمية «بضرورة ضم الأراضي والبيوت الواقعة غرب المستشفى، والتي يفصلها عن بناء المستشفى شارع بعرض 25 متراً، ويحدها جنوباً شارع بعرض 25 متراً وتمتد هذه الأراضي بما عليها من بناء وما يتخللها من شوارع فرعية بعرض 25 متراً في خط مواز لمبنى المستشفى، ويتجه شمالاً حتى يحاذي الأرض المملوكة للمستشفى وتقع شمالها، وبناء على موافقة المقام السامي بتطبيق قرار نزع الملكية للمصلحة العامة الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/ 56 بتاريخ 1392/11/16ه يتم تعويض أصحاب الأملاك التي شملها توسع المستشفى»،
وفي هذه السنة 1395ه كانت وفاة جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز شهيداً إن شاء الله ومبايعة جلالة الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله في 1395/3/ 13ه وصدور الأمر الملكي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبد العزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء،
مسئوليات أكبر
وقد اقتضى حجم المسؤوليات التي ألقيت على عاتق خادم الحرمين الشريفين أن يترك وزارة الداخلية 17/3/1395ه ويتصدى للمسؤوليات الأكثر التي كانت تنتظره محلياً وعربياً ودولياً،
ففي 1395/3/17ه عين سمو الأمير نايف بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية وزيراً للدولة للشؤون الداخلية وعضواً بمجلس الوزراء ثم وزيراً للداخلية في 1395/10/8ه،
وبهذا بدأت مسيرة الخدمات الطبية بوزارة الداخلية مرحلة جديدة في تاريخها يدعمها سمو الوزير الجديد وسمو نائبه حفظهما الله ويباركها بتوجيهاته السديدة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله الذي كان منذ ذلك الحين عيناً ساهرة على دعم خدمات مرافق الدولة جميعاً،
وفي عام 1397ه صدرت توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية حفظه الله بإسناد مهام إدارة الخدمات الطبية والمستشفى إلى الدكتور عثمان علي العجروشي استمرت عاماً،
من الخطوات المهمة التي أنجزت في هذه المرحلة تسليم مبنى معهد المرور بشارع الستين إلى الإدارة العامة للخدمات الطبية بوزارة الداخلية، حيث سُلِّم لإحدى الشركات المتخصصة التي تولت مهمة تحويل الطابق الأرضي من الناحية الشرقية لعدد من العيادات الطبية المتخصصة، بعدها استؤجر مبنى آخر تم تخصيصه للعيادات الأولية، وأطلق عليه مسمى «مبنى الطب العام» ويقع في شارع صلاح الدين (الستين) بالملز،
وقد تم افتتاح هذه المرحلة الأولى من المستشفى في عام 1401ه ثم أصبحت سعة المبنى الجديد في عام 1408ه 120 سريراً يعمل به العديد من الكفاءات الطبية، وبدأ العمل بهذه العيادات التخصصية في ذات الوقت الذي كانت تقوم فيه عيادات الطب العام بتقديم الخدمات الصحية للمعسكرات بالإضافة إلى فحص النظر للمتقدمين للعمل بالقطاعات العسكرية المختلفة كما أسلفنا،
وبنقلها إلى مبنى مستقل في نفس محيط العيادات التخصصية، أصبحت عيادات الطب العام في ذلك الوقت مثالاً يحتذى من ناحية تقديم الخدمات الطبية لمنسوبي وزارة الداخلية، حيث كان يفد إليها كبار موظفي الوزارة وقطاعاتها المختلفة لتلقي العلاج لهم ولأسرهم،
استمر الوضع على هذا لعدة سنوات، إلى أن تم الانتهاء من إنشاء مستشفى قوى الأمن (مبنى العيادات الأولية الحالية) وتم تزويده بالأجهزة والمعدات المطلوبة تمهيداً لبدء تشغيله، وخلال ذلك ابتعثت الإدارة أعداداً كبيرة من الضباط والأفراد للخارج للحصول على التخصص في المجالات الطبية والإدارية المختلفة،
العهد الزاهر
وفي عام 13/8/1402ه الموافق 13/5/1982م تمت البيعة وبدأ العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز أيده الله حيث توفرت الإمكانات المادية واتسعت دوائر الخطط التنموية لتواكب الطموحات المستقبلية،
وفي هذا العام صدرت موافقة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية على الدراسات والتصاميم الخاصة بالمستشفى في مرحلتها الثانية في السادس من شهر المحرم 1402 ه، وبلغت مساحة هذه المرحلة 360، 65 متراً مربعاً، وبقيمة إجمالية مقدارها 000، 000، 650 (ستمائة وخمسون مليون ريال ) ، وتم الانتهاء من تنفيذها في 4 رمضان عام 1406ه وروعي في تنفيذ مباني هذه المرحلة أن تشكل اندماجاً كلياً مع مبنى المرحلة الأولى،
وبمقتضى تنفيذ هذه المرحلة ازدادت القدرة الاستيعابية للمستشفى من (388) سريراً إلى (508) أسرة، كما زادت مساحة المباني من 7920 متراً مربعاً إلى 300، 93 متر مربع،
تم خلال هذه المرحلة إنشاء مجموعة من المباني الحديثة في شارع صلاح الدين (الستين) بحي الملز بالرياض، روعي في تصميمها، جمال المنظر، والمواءمة بين مباني المرحلة الأولى والثانية، والاستغلال الأمثل لإمكانات المكان، وقد جاءت مباني المستشفى في شكل هندسي بديع، يتدرج في ثلاثة مستويات، صممت بعناية أفقياً وعمودياً، بين مختلف الأقسام المتجاورة،
وفي إطار التطورات الإدارية والتنظيمية وتحقيقاً لهدف إتمام التبعية الكاملة للخدمات الطبية وموظفيها لوزارة الداخلية التي رعاها خادم الحرمين الشريفين منذ كان وزيراً للداخلية، أصدر بعد مبايعته ملكاً على البلاد بأربعة وعشرين يوماً الأمر السامي الكريم رقم 21633 بتاريخ 1402/9/15ه بالموافقة على قرار اللجنة العليا للإصلاح الإداري المتضمن الهيكل التنظيمي الجديد لوزارة الداخلية وقطاعاتها حيث اقتضى بموجب هذا التنظيم ضم كل الخدمات الطبية التابعة للأمن العام إلى جهاز وزارة الداخلية (الديوان العام)،
وفي 1404/18/12ه عين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز مساعداً لنائب وزير الداخلية بالمرتبة الممتازة، وانضمت جهوده منذ ذلك الحين لخدمة الرعاية الصحية لمنسوبي الوزارة، وتكثفت هذه الجهود بعد أن ربطت بسموه الإدارة العامة للخدمات الطبية إلى أن عين سموه أميراً للمنطقة الشرقية،
وفي السنة نفسها صدر قرار سمو وزير الداخلية بتعيين الدكتور عبدالجليل السيف مديراً للإدارة العامة للخدمات الطبية ابتداء من 1404/7/14ه (وقد ظل يخدم الإدارة بتفان وإخلاص مشهودين لمدة ثمانية عشرعاماً لحين صدور قرار مجلس الوزراء رقم 953 في1422/3/21ه بتعيينه عضواً بمجلس الشورى)، وتم تكليف د، عبد الرحمن المعمر مديراً عاماً للخدمات الطبية بالنيابة بقرار من سمو نائب وزير الداخلية،
وفي السنة نفسها، ، في 1404/8/27ه كتب سمو الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية حفظه الله خطاباً لمعالي وزير التعليم العالي بشأن إعارة خدماتي من كلية الطب بجامعة الملك سعود حيث كنت أعمل أستاذاً مساعداً بقسم الجراحة للعمل مديراً لمستشفى قوى الأمن بالرياض إضافة إلى ممارسة تخصصي كطبيب،
ومنذ ذلك التاريخ أصبحت شريكاً في حمل المسؤولية مع زملائي من إداريين وأطباء في المستشفى وفي الإدارة العامة للخدمات الطبية نعمل سوياً بروح الفريق الواحد تحدونا في ذلك الرعاية الكريمة والتوجيهات السديدة،
وقد شهد عام 1406ه وبدعم وتوجيهات من سمو وزير الداخلية وسمو نائبه مرحلة جديدة من التطوير تتمثل في انتقال العيادات الأولية إلى المرحلة الأولى«المبنى القديم» بهدف إيجاد التنسيق والتكامل في تقديم الرعاية الطبية بصورة متكاملة، وكذلك للرفع من كفاءة العمل وذلك من خلال ارتباط العاملين فيها بأقسام المستشفى وحضورهم ومشاركتهم في النشاطات العملية والبرامج التدريبية التي ينظمها المستشفى بصفة دائمة، كما نتج عن ذلك التسهيل على المراجعين في التنقل بين العيادات والمستشفى، وتم توحيد الملف الطبي بين الجهتين، وقد بلغ عدد المراجعين للعيادات الخارجية خلال العام 1407ه (308، 338) ألف مراجع،
التطوير والتحديث
وبعد ثلاث سنوات من إعارتي من الجامعة مديراً للمستشفى تم بتاريخ 1407/3/24ه نقل خدماتي وكلفت بالعمل مساعداً لمدير عام الخدمات الطبية للشؤون الفنية ومديراً لمستشفى قوى الأمن بقرار إداري صدر عن مدير عام الخدمات الطبية برقم 778 استناداً لموافقة سمو وزير الداخلية،
وفي السنة التالية تم وضع أول هيكل تنظيمي للمستشفى بتاريخ 6/8/1408ه،
وقد ركزت الإدارة في هذه المرحلة على اتجاهين أساسيين،
أولاً : تطوير وتحديث الأجهزة والمعدات الطبية بشكل يضمن مواكبة ما يستجد في هذا الميدان،
ثانياً : ضمان التطوير المستمر للعاملين في المراكز الصحية، والعمل على رفع كفاءتهم،
وقد نهجت الإدارة في سبيل تحقيق هذين المطلبين وسائل متعددة منها:
1 العمل على إيجاد قنوات مفتوحة للتعاون مع سائر الأجهزة والدوائر المتخصصة في المملكة، وعلى رأسها وزارة الصحة وكليات الطب، والمستشفيات المتخصصة الأخرى،
2 تكوين اللجان الاستشارية التي تضم نخبة من كبار أساتذة كليات الطب من ذوي الخبرة والكفاءة، التي تجتمع بصفة دورية بهدف البحث ففي الارتقاء بمستوى الخدمات الطبية المقدمة لمنسوبي قوى الأمن،
واقتضت الحاجة في هذه المرحلة سنة 1409ه وجود شركة متخصصة لتشغيل المستشفى لحين توفر الكفاءات الوطنية اللازمة، فكان أن تم توقيع عقد تشغيل وصيانة مع إحدى الشركات لتشغيل مستشفى قوى الأمن والمستشفى المتنقل بمكة المكرمة، ثم دعت الحاجة إلى تجديد هذا العقد سنة 1412ه، وبتضافر الجهود الذاتية والإمكانات وصل مستشفى قوى الأمن إلى زيادة قدرته الاستيعابية حيث تجاوز عدد الأسرة 400 سرير،
كما تم افتتاح مجموعة من الأقسام والتخصصات كان أهمها عيادة الجراحة النهارية التي جعلت من مستشفى قوى الأمن رائداً في هذه الخدمة،
قرار اللجنة العليا
وفي عام 1412ه صدر الأمر السامي الكريم رقم 7/797/م، وتاريخ 8/7/1412ه باعتماد قرار اللجنة العليا للإصلاح الإداري رقم (208) والصادر بتاريخ 16/1/1412ه بشأن التنظيمات المختلفة للإدارة العامة للخدمات الطبية، ومستشفى قوى الأمن بالرياض والمراكز الصحية التابعة للإدارة، وصدور الدليل التنظيمي الخاص بذلك،
وقد تضمن القرار العديد من الإجراءات والبنود التي ساعدت على تطوير الجانب الإداري في عمل الإدارة، ومن بين هذه البنود ما يلي:
1 ارتباط كافة المراكز الصحية التابعة للوزارة مباشرة بالإدارة العامة للخدمات الطبية،
2 تطبيق الهيكل التنظيمي المعتمد للمراكز الصحية على مستوصفات المناطق وغيرها من المستوصفات التابعة للوزارة، والتي تعززت من حيث التجهيزات والعيادات الطبية، أما بالنسبة للمستوصفات الأخرى (الصغيرة) فاطلق عليها مسمى (عيادة طبية)، وارتبط كل منها بأقرب مركز صحي لها،
3 تعديل مسمى المستوصفات التابعة للإدارة إلى المراكز الصحية على أن تمارس نفس المهام والاختصاصات التي كانت تقوم بها من ذي قبل،
4 تأجيل تطبيق الهيكل التنظيمي الخاص بمستشفى قوى الأمن إلى حين قيام الوزارة بإدارته إدارة ذاتية،
5 إلغاء مكتب التعيين التابع للإدارة العامة للخدمات الطبية وإسناد مهامه الطبية إلى المراكز الصحية التابعة لها،
وقد أدت هذه السياسات إلى الارتقاء بشكل ملحوظ في مستوى الرعاية الطبية المقدمة لمنسوبي وزارة الداخلية وعائلاتهم، فضلاً عن التحديث المستمر للمعدات والأجهزة الطبية في كافة الميادين،
إلى جانب ذلك، اهتمت الإدارة بإعداد الطاقات البشرية الطبية والفنية والإدارية، وزيادة الطاقة الاستيعابية لمستشفى قوى الأمن وبقية المراكز الطبية المنتشرة في قطاعات الوزارة، وفي السجون، وفي مناطق المملكة المختلفة والتي بلغ عددها حتى الآن (72) مركزاً طبياً،
في عام 1412ه أيضاً صدر الأمر السامي باعتماد قرار اللجنة العليا للإصلاح الإداري بشأن الدراسة الخاصة بالتنظيمات المختلفة للإدارة، وصدور الدليل التنظيمي الخاص بذلك،
وقد أدى هذا الإنجاز الهائل الذي تحقق في نطاق الإدارة العامة للخدمات الطبية ومستشفى قوى الأمن خلال السنوات الأخيرة إلى زيادة أعداد المراجعين، ورفع مستوى الخدمات الطبية المقدمة لهم،
وشهد عام 1415ه تطوراً آخر على مستوى اتساع الخدمات الطبية بأحدث الأجهزة، فتم افتتاح عدة عيادات مثل وحدة العناية القلبية (226) ووحدة العناية المركزة ووحدة غسيل الكلى ووحدات المناظير كما توفرت بالمستشفى أجهزة حديثة مثل أجهزة الليزر للعيون والأشعة المقطعية وأشعة الرنين المغناطيسي المتطورة التي تعتبر من أفضل وأحدث أنواع الأشعات التشخيصية،
وفي عام 1416ه بدأت خدمة الطب الاتصالي بالمستشفى،
التشغيل الذاتي
وفي 1419/2/19ه بدأ التشغيل الذاتي للمستشفى بأيد وكفاءات وطنية، وتضافرت الجهود مصممة على النجاح الذي تحقق بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بدعم سمو وزير الداخلية وسمو نائبه حفظهما الله ويتغير بناء على ذلك مسمى المستشفى ليصبح برنامج مستشفى قوى الأمن،
وبعد هذا الاستعراض المتسلسل تاريخياً لمراحل تطور المستشفى طبياً وفنيا وإدارياً يمكن اختصار مراحل البناء والتوسعة على النحو التالي:
تم افتتاح المرحلة الأولى من مشروع مستشفى قوى الأمن في عام 1401 ه حيث بلغت مساحة المبنى الإجمالية (7920) متراً مربعاً، وارتفعت طاقته السريرية إلى (120) سريراً في عام 1408 ه ثم ارتفع عدد الأسرة إلى (265) سريراً في عام 1409 ه ثم إلى (340) سريراً بنهاية عام 1410ه ثم إلى (388) سريراً،ثم إلى (508) أسرة حالياً بعد انتهاء فعاليات المرحلة الثانية،
وفي هذه المرحلة تم دعم المستشفى بالعناصر والكفاءات البشرية اللازمة، حيث انضم إلى المستشفى نخبة من الشباب السعودي المؤهل، من الأطباء الاستشاريين والأطباء المقيمين بأقسام المستشفى، بالإضافة إلى عدد من الفنيين من الصيادلة وأخصائيي المختبرات، إلى جانب ما تم استقطابهم إلى المستشفى من كفاءات إدارية شابة،
كما تم تجهيز المستشفى بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية، القادرة على تقديم الخدمة الطبية المتميزة، وإجراء الفحوصات المتقدمة، كما تم إسناد إدارة المستشفى إلى إحدى الشركات المتخصصة في مجال إدارة وتشغيل المستشفيات انتهت وبدأ التشغيل الذاتي للمستشفى في 29 / 2 / 1419ه،
و يعد تنفيذ المرحلة الثانية من مراحل المستشفى انجازاً متميزاً، له أبعاده وآثاره حيث أسهم انجاز هذه المرحلة في تهيئة مستشفى قوى الأمن، لأن يكون أحد الصروح الطبية الشامخة التي أنشئت على أرض المملكة،
وهكذا كانت مسيرة مستشفى قوى الأمن من مجرد مستوصف صغير بإمكانيات متواضعة أسسه خادم الحرمين الشريفين عندما كان وزيراً للداخلية ثم أكمل مسيرة تطويره ورعايته سمو الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية الحالي وسمو نائبه الأمير أحمد بن عبد العزيز وسمو مساعده للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف أيدهم الله بحيث أصبحت سعته حالياً (508) أسرة بكل الأقسام والتخصصات الطبية الدقيقة حتى غدا ما يقدمه المستشفى من خدمات طبية، مفخرة في مجال تقديم الرعاية الطبية المتميزة بالإضافة إلى التميز في مجال التدريس والتخصصات الأكاديمية،
|
|
|
|
|