| سيرة ذاتية
*
«إنني كثير الاهتمام براحتكم وأفكر دائما في الطرق التي تمكنني من خدمتكم الخدمة الحقيقية والتي تؤمن لكم ولعموم أهل هذا البلد المطهر الراحة والاطمئنان، وأن كثرة مشاغلي بتنظيم الأمور في هذه الديار وفي غيرها من بلداننا تجعل وقتي قصيراً عن سماع شكاوي كل فرد منكم ومعرفة حاجاته، ولا شك أن بلداً كهذا البلد الكبير الواسع يحتاج لكثير من الأمور والأحوال، ولايمكنني الوقوف عليها بنفسي منفرداً ولا أريد أن استأثر بالأمر في بلادكم دونكم، وإنما أريد مشورتكم في جميع الأمور تقول العرب إن الرجال ثلاثة: رجل ونصف رجل، ولا رجل فأما الرجل فهو الذي عنده رأى ويستشير الناس في اموره، ونصف رجل هو من ليس عنده رأي ويستشير الناس، وليس برجل من ليس عنده رأي ولايستشير الناس.
وإن دياراً كدياركم تحتاج لاهتمام زائد في إدارة شؤونها، وعندنا مثل يعرفه الناس جميعاً وهو أن أهل مكة أدرى بشعابها، فأنتم أعلم ببلدكم من البعيدين عنكم، وما أرى لكم أحسن من أن تلقى مسؤوليات الأعمال على عواتقكم، وأريد منكم أن تعينوا وقتاً يجتمع فيه نخبة العلماء ونخبة الأعيان ونخبة التجار جميعاً، وينتخب كل صنف من هؤلاء عدداً معيناً كما ترتضون وتقررون، وذلك بموجب أوراق تمضونها من المجتمعين بأنهم ارتضوا أولئك النفر لإدارة مصالحهم العامة والنظر في شؤونهم ثم هؤلاء الاشخاص يستلمون زمام الأمور فيعينون لأنفهسم اوقاتاً معينة يجتمعون فيها ويقررون مافيه المصلحة للبلد وجميع شكايات الناس ومطالبهم يجب ان يكون مرجعها هؤلاء النخبة من الناس ويكونون ايضا الواسطة بين الاهلين وبيني فهم عيون لي وآذان للناس يسمعون شكاويهم وينظرون فيها ثم يراجعونني.
إني أريد من الهيئة التي ستجتمع لانتخاب الاشخاص المطلوبين ان يتحروا المصلحة العامة ويقدموها على كل شيء، فينتخبوا اهل الجدارة واللياقة الذين يغارون على المصالح العامة ولايقدمون عليها مصالحهم الخاصة ويكونون من اهل الغيرة والحمية والتقوى.
تجدون بعض الحكومات تجعل لها مجالس للاستشارة ولكن كثيراً من تلك المجالس تكون وهمية اكثر منها حقيقية تشكل ليقال ان هناك مجالس وهيئات ويكون العمل بيد شخص واحد وينسب العمل للمجموع اما انا فلا اريد من هذا المجلس الذي ادعوكم لانتخابه اشكالاً وهمية، وإنما أريد شكلاً حقيقياً يجتمع فيه رجال حقيقيون يعملون جهدهم في تحري المصلحة العامة.
لا أريد أوهاماً وإنما أريد حقائق، أريد رجالاً يعملون، فإذا اجتمع أولئك المنتخبون وأشكل عليّ أمر من الأمور رجعت إليهم في حله وعملت بمشورتهم وتكون ذمتي سالمة والمسؤولية عليهم وأريد منهم أن يعملوا بما يجدون فيه المصلحة وليس لأحد من الذين هم اطرافي سلطة عليهم ولا على غيرهم.
وأريد الصراحة في القول لأن ثلاثة أكرههم ولا أقبلهم رجل كذاب يكذب علي عن عمد ورجل ذو هوى ورجل متملق فهؤلاء أبغض الناس عندي.
فأرجوكم بعد هذا المجلس ان تجتمعوا بالسرعة الممكنة وذلك بعد ان تنظموا لي قائمة بأسماء الذين سيجتمعون من كل صنف من الأصناف الثلاثة لاقابلها على القائمة التي عندي فأتحقق من أن جميع أهل الرأي اشتركوا في انتخاب المطلوبين.
أرجوكم العجلة في العمل لأمتع نفسي برؤية هذه البلاد المطهرة تمشي في حياة جديدة ويسرني أن يكون ذلك بواسطتنا.
عبدالعزيز آل سعود
* المنشورة بجريدة أم القرى العدد 3 بتاريخ 29/5/1343ه
*********
كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد في افتتاح مجلس الشورى الجديد ظهر يوم الأربعاء 16/7/1414ه
إن من دواعي سرورنا واعتزازنا ونحن نفتتح اليوم مجلس الشورى في إطاره الجديد، أن نتوجه جميعاً إلى المولى العلي القدير بالحمد والشكر على ماتحقق في هذا البلد الكريم، منذ أن وحد أجزاءه، وجمع شمله والدنا جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي أشاد البناء وأرسى القواعد، منطلقاً من الإسلام عقيدة وشريعة، فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وأقام حدود الله، وحكم بالعدل بين الناس، وعفا وأصلح، وكرّم العلم والعلماء، وطبق احكام الشريعة، واتخذ من الشورى قاعدة في ادارة الحكم وتدبير شؤون البلاد، امتثالاً لقوله تعالى «وشاورهم في الأمر» وفي قوله جل شأنه «وأمرهم شورى بينهم».
ونحن اليوم إذ نواصل هذا النهج الاسلامي إنما نرسخ بذلك دعائم الشورى باسلوب يقوم على أسس واضحة، واختصاصات بينه، منطلقين من مفهومنا العميق لهذا النهج الاسلامي الثابت الذي جاء في كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه.
ونعود مجدداً أيها الاخوة إلى التذكير بما سبق أن أوضحناه في خطابنا الذي وجهناه لاخواننا، وابنائنا المواطنين يوم إعلان الانظمة لنؤكد عزمنا على المضي في مناهجنا الاسلامية القويمة، مستمدين من الله العون والتوفيق فيما نهدف اليه من خير ورخاء ونماء لهذا الوطن وابنائه، معتمدين على الله جلت قدرته ثم على سواعد ابناء الشعب الابي الوفي لنواصل مسيرة البناء والتعمير والتطوير، مع الحفاظ على ماحققناه للوطن والمواطنين من المكاسب وكما هو معروف ايها الاخوة، قد قام فيها الحكم منذ نشأتها كما قلنا مراراً على أساس مبدأ الشورى منذ أمد طويل، حيث دأب الحكام على استشارة العلماء وأهل الرأي والمشورة.
ايها الأخوة:
يسعدنا اليوم ان نفتتح باسم الله وعلى بركة الله مجلس الشورى في إطاره الجديد، لقد وفقنا الله في اسناد هذه المهمة الجليلة لنخبة مختارة من ابناء الوطن الذين تتوفر فيهم الصفات والمؤهلات المطلوبة، ونحمد الله كثيراً إذ أعاننا على تحقيق هذه المنجزات الإصلاحية.
وتعبيراً عن شكرنا لله على مامكننا، واعترافاً بفضله جل وعلا إذ خصنا بشرف خدمة الحرمين الشريفين، بذلنا كل مانستطيعه في سبيل الخير، وانطلاقاً من ايماننا الراسخ بالمنهج القويم الذي نسير عليه نعمنا، ولانزال ننعم، بالأمن والاستقرار، فأمنا على أرواحنا واعراضنا واموالنا، وبالعزيمة الصادقة نهضنا الى البناء والإصلاح والتعمير، شاكرين لله أنعمه فزادنا من فضله، وفجر لنا كنوز الأرض، فسخرناها لصالح الوطن، والمواطنين سعياً لراحته وتوفير خدماته في مختلف الحقول والميادين ووجهنا اهتمامنا الدائم لرسالتنا العظيمة في خدمة بيوت الله فقام المشروع الكبير لتوسعة الحرمين الشريفين على أحدث وأروع مايكون البناء والعطاء في سبيل الله وابتغاء مرضاته، وأولينا المشاعر عناية فائقة لتأمين راحة الحجيج، وتيسير سبل أداء مناسكهم.
نحن نعيش في نعم كثيرة لانحصيها ولعلي اصارحكم القول عندما اطالبكم دائما بالحفاظ على دوام هذه النعم بالشكر لله آناء الليل وأطراف النهار.
ايها الأخوة:
أحييكم جميعاً، وأسأل الله أن يسدد خطاكم وأتمنى لمجلس الشورى النجاح والتوفيق في المهمة التي يحملها اليوم لخدمة الدين الحنيف والوطن العزيز، كما أتمنى لمجالس المناطق، والتي هي بمثابة مجالس فرعية للشورى التوفيق والنجاح.
فهد بن عبدالعزيز
16/7/1414هـ
|
|
|
|
|