| قالوا عن الفهد
تزامنت نشأة الدولة السعودية الحديثة على يد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله مع العديد من المتغيرات الدولية والتحديات الإقليمية لعل أهمها قيام الحرب العالمية الأولى في العام 1332ه 1914م وصراع القوى الدولية حول منطقة الشرق الأوسط ورزح معظم الدول العربية تحت نير الاستعمار، وذلك بالإضافة إلى التحديات المحلية التي واجهها الملك عبدالعزيز في توحيد الأركان الداخلية للجزيرة العربية في كيان واحد تحت اسم المملكة العربية السعودية.
لذلك كانت السياسة الخارجية نتاجا طبيعيا لمقتضيات المرحلة التاريخية في تكوين الدولة السعودية منذ نشوئها، أرسى دعائمها جلالة الملك عبدالعزيز على مبادىء ثابتة مستمدة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وفق منهجية حكيمة سار عليها أبناؤه البررة قادة المملكة العربية السعودية من بعده، واستطاعت بفضل الله عز وجل أن تحقق للمملكة المكانة الدولية المرموقة والاحترام العالمي الذي تحظى به وساهمت في تقوية وتدعيم علاقات المملكة الخارجية على جميع المستويات العربية والإسلامية والدولية على أسس الصدق والعدل والمساواة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئون الآخرين.
وقد كانت وزارة الخارجية هي أول جهاز إداري منظم تأسس في الدولة كمديرية عامة للشئون الخارجية في العام 1344ه/ 1926م، ثم ما لبث أن تحولت إلى وزارة في العام 1349ه/ 1930م إيذانا بتطوير وتنظيم علاقات المملكة السياسية والدبلوماسية والقنصلية مع الدول الأخرى وفقا للاتفاقيات المبرمة في هذا الصدد وبما يتماشى مع المبادىء والأسس التي نشأت عليها الدولة، وذلك بالإضافة إلى تفعيل دور المملكة على الساحة الدولية حيث كانت من أوائل الدول التي ساهمت في تأسيس هيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وأخيراً وليس آخراً مجلس التعاون لدول الخليج العربية الى جانب عضويتها الفعالة في العديد من الهيئات والمنظمات الدولية المتخصصة.
وقد اثبتت السياسة الخارجية السعودية سلامة منهج التأسيس وحكمة المبادىء التي سارت عليها في قدرتها على التفاعل بشكل كبير مع التطورات الدولية ومتغيراتها خلال واحد وسبعين عاما هي عمر الدولة السعودية الحديثة التي جاءت مليئة بالاحداث على مختلف الأصعدة عربيا وإسلاميا ودوليا وما واجهته مملكتنا من تحديات جسيمة في سياق تعاملها مع العديد من القضايا والأزمات في ظل القيادة الحكيمة لأصحاب الجلالة ملوك المملكة العربية السعودية (رحمهم الله) وصولا إلى عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين (حفظهم الله).
وإن كانت الأحداث التي شهدتها المملكة منذ نشأتها في ذاكرة التاريخ، غير أن العشرين عاما الأخيرة من تاريخ المملكة بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز لا تزال تعيش في ذاكرتنا وتسكن وجداننا بكل ما حفلت به من تحديات إقليمية ودولية تزامنت مع مايشهده العالم من اضطرابات ومتغيرات متسارعة فرضتها طبيعة العصر وتعقيداته. فلقد استطاع الملك فهد أن يواجهها ويتعامل معها بكل ما يتمتع به من خبرة سياسية وحنكة دبلوماسية وفرتها له تجربته الثرية من خلال تقلده للمسئوليات الكبيرة منذ عهد والده جلالة الملك عبدالعزيز واخوته أصحاب الجلالة الملك سعود والملك فيصل والملك خالد (رحمهم الله) قبل توليه مقاليد الحكم وتسنمه مسئولية قيادة المسيرة في المملكة العربية السعودية.
ولم تتميز حقبة مولاي خادم الحرمين الشريفين بحكمة السياسة السعودية الخارجية وقدرتها على مواجهة الخطوب والتحديات فحسب، بل اتسمت بالفعالية في العمل على تحقيق السلام العالمي المبني على الحق والعدل والمساواة، وبذل الجهود في سبيل خدمة التضامن العربي والإسلامي، وتقديم يد العون والمساعدة للدول الفقيرة بحيث أصبحت المملكة ثاني أكبر دولة في العالم نسبة إلى دخلها القومي، من حيث المساعدات المقدمة ولايسبقها في ذلك إلا الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن جملة الإنجازات التي اتسم بها عهد خادم الحرمين الشريفين إقامة شبكة من العلاقات الدبلوماسية التي تربط المملكة بالعديد من دول العالم والانضمام لكثير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وحل المشكلات الحدودية مع جيران المملكة، وسخرت المملكة على امتداد هذه الجبهة جهودها الدبلوماسية والسياسية لنصرة القضايا العربية والإسلامية العادلة والدفاع عنها في مختلف المنابر الإقليمية والدولية، إضافة إلى ما تقوم به من دور فاعل في التوفيق وتقريب وجهات النظر بين الدول العربية وفض النزاعات بينها مستفيدة من ذلك في مكانتها المرموقة وما يتمتع به الملك فهد بن عبدالعزيز من احترام وتقدير على الساحة الدولية.
ولقد كان للدبلوماسية السعودية نصيبها الوافر من التطور الكبير الذي شهدته الدولة في المسيرة التنموية للدولة في نهضتها الحديثة في العهد الكريم، حيث شهد انتقال مبنى وزارة الخارجية من مدينة جدة إلى مدينة الرياض في العام 1405ه والتي واكبها توسع في العمل وطبيعة المهام والواجبات وتطور في أساليب وأدوات العمل الدبلوماسي بما يتوازى مع تطور السياسة الخارجية للمملكة. وانعكس هذا التوسع في عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بصورة ملموسة من خلال زيادة عدد ممثليات المملكة في الخارج الذي قارب من عدد المائة بعثة دبلوماسية آخرها في الدول المستقلة حديثا عن الاتحاد السوفيتي السابق في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، كما جاوز عدد البعثات الأجنبية بالمملكة المائة وسبعين بعثة دبلوماسية بين سفارات وقنصليات عامة ومقار منظمات دولية وإقليمية ومكاتب تابعة لها.
ولايزال العهد الزاهر لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أمد الله في عمره يحمل المزيد من العطاءات المتواصلة لخدمة المسيرة الحضارية لهذا الوطن المعطاء لكل ما من شأنه رفعة وتقدم الوطن والمواطن.
أسأل الله العلي القدير أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار والنماء وان يحفظ لنا قائد مسيرتنا مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز والشعب السعودي الكريم لمواصلة مسيرة الخير والعطاء والنماء في هذا البلد المبارك.
|
|
|
|
|