| مقـالات
السلامة المرورية هي مطلب يتحتم على الجميع العمل من أجل تحقيقه حفاظاً على أرواح الناس وممتلكاتهم، وتجنبا للعواقب الوخيمة التي تنجم عن الحواث المرورية. ولا يمكن تحقيق هذا المطلب إلا بالتقيد بأنظمة المرور وبقواعد السلامة خلال قيادة المركبات. وقد أكدت بعض الدراسات بشكل عام أن 85% من الحوادث المرورية تعود الى سلوك السائق. كما أشارت الإحصائيات الخاصة بالمملكة إلى أن 57% من الحوادث المرورية التي تقع سنوياً تكون بسبب السرعة الزائدة وعدم التقيد بالاشارة الحمراء، الأمر الذي يستوجب تضافر الجهود بين الجميع والبحث عن حلول من شأنها أن تحد من الحوادث والمخالفات المرورية.
ومن الملاحظ أن أغلب الحوادث المرورية التي تقع عند التقاطعات داخل المدينة تكون بسبب قطع الإشارة الحمراء، وقطع هذه الاشارة من قبل السائقين يكون إما بشكل متعمد أو نتيجة اللامبالاة أو بسبب سوء برمجة الإشاة الضوئية من حيث عدم كفاية المدة المخصصة للإشارة الصفراء لضمان أن تتمكن السيارات العابرة من إخلاء التقاطع بأمان. وما نحن بصدده الآن هو تسليط الضوء على زمن الإشارة الصفراء وما قد ينتج بسببها من حوادث مرورية دامية، غالباً ما يلقى باللائمة على السائق الذي قد لا يكون له ذنب فيما حصل، وإنما يعود السبب فيه إلى قصر الزمن المخصص للإشارة الصفراء.
فزمن الإشارة الصفراء يجب أن يحقق للسائق الأمان من غير التسبب في الوقوع في حوادث مرورية شنيعة أو ارتكاب مخالفة مرورية من جراء الإشارة الحمراء. ولتوضيح هذه الحالة نورد الشرح التالي:
عندما يقترب سائق السيارة من التقاطع وتضيء الإشارة باللون الأصفر فإن عليه أن يتخذ قراراً بالتوقف قبل خط الوقوف أو بالاستمرار وإخلاء التقاطع، فعندما يتحقق له كلا من الخيارين أو أحدهما بما يحقق له الأمان فإنه لا تكون هناك أي مشكلة. أما إذا لم يكن أي من الخيارين المذكورين يضمن له الأمان، عندها تنشأ مشكلة تعرف ب«المنطقة المعضلة» أو (Dilemma Zone) يواجه فيها السائق مشكلة في اتخاذ القرار المناسب، وذلك عندما يكون على مسافة معينة من التقاطع في اللحظة التي تضيء فيها الاشارة الصفراء، فإذا قرر التوقف فإنه لن يستطيع التوقف قبل خط الوقوف وإنما داخل منطقة التقاطع، أما إذا قرر الاستمرار فإنه لن يستطيع أن يخلي التقاطع بكامل طول سيارته قبل أن تضيء الإشارة الخضراء في الاتجاه الآخر، أي أن سيارته تكون داخل منطقة التقاطع في تلك اللحظة.
وفي كلتا الحالتين يعتبر السائق مرتكباً لمخالفة مرورية قد يعاقب عليها من قبل رجال المرور ، علماً بأنه لم يكن سبباً فيها بل كان مضطراً لارتكابها، إضافة الى تعرضه لخطر حصول حادثة مرورية مروعة (اصطدام عمودي) تكون عواقبها وبيلة عليه وعلى الآخرين.
ونود أن نتعرض هنا الى أهم العوامل التي قد تكون سبباً في ظهور هذه المشكلة، وكما هو معروف فإن أهم العوامل التي قد تؤثر على قائد السيارة في اتخاذ قراره في لحظة إضاءة الإشارة الصفراء هي بشكل عام سرعته عند اقترابه من التقاطع وبعده عن خط الوقوف، كما قد يؤثر سلوك السائقين الآخرين على عملية اتخاذه للقرار أيضا، فمثلاً عندما تضيء الاشارة الصفراء ويجد سائق السيارة أن السائقين الذين أمامه يواصلون السير لعبور التقاطع فقد يحذو حذوهم ويعبر التقاطع على إثرهم.
كما أن نسبة حجم الحركة المرورية في الاتجاه الفرعي الى حجمها في الاتجاه الرئيسي تعتبر عملاً مهماً في السلامة المرورية، فكلما زادت هذه النسبة زادت معها خطورة الاصطدام العمودي. وبالاضافة الى ذلك فإن نسبة زمن الاشارة الخضراء الى الزمن الكلي لدورة الاشارة تعتبر من العوامل المؤثرة، فكلما قلت هذه النسبة زادت رغبة السائقين في العبور وإخلاء التقاطع بدلاً من أن يقفوا وينتظروا دورة ضوئية أخرى. كما أنه من العوامل الأخرى المسببة لهذه المشكلة عدم الأخذ بالاعتبار عند تصميم الدورة الضوئية أن بعض التقاطعات بعرض كبير يجعلها تحتاج الى وقت أطول لإخلائها.
ولإيجاد الحلول الممكنة للتخلص من تلك «المنطقة المعضلة» التي تجعل قائد المركبة في وضع مخالفة مرورية غير مقصودة ويعاقب عليها من قبل رجال المرور، نقترح جملة من الإجراءات التي يمكن تنفيذ واحدة أو أكثر منها لتأمين السلامة المرورية في هذه الحالة:
1 استخدام إضاءة خضراء متقطعة (Flashing) لمدة ثلاث ثوان مثلاً قبل أن تضيء الإشارة الصفراء، وذلك لتنبيه السائقين بأن زمن الإشارة الخضراء يشارف على الانتهاء وبعدها سيضاء اللون الأصفر، مما يتيح لقائد السيارة إمكانية التوقف إذا كان بعيداً عن خط الوقوف أو الاستمرار وعبور التقاطع إذا كان قريباً من خط الوقوف ويجب أن يراعى تمييز تلك الإضاءة الخضراء المتقطعة عن الإضاءة المتقطعة التي تستعمل في بعض التقاطعات لغرض تحذير السائقين عند التقاطع للتوقف الكامل ثم التحرك. ولأجل ذلك يمكن جعل الإشارة الخضراء المتقطعة في هذه الحالة تختلف عن الحالة الأخرى في شدة الإضاءة، أي أن يبقى اللون الأخضر معاً ولمدة ثلاث ثوان مثلاً ثم تضاء الإشارة الصفراء لوحدها.
2 زيادة زمن الإشارة الصفراء لكثير من التقاطعات داخل المدينة بحيث تتساوى مسافة التوقف للسيارة مع مسافة الإخلاء الكامل للتقاطع، ونعني هنا بمسافة الإخلاء للتقاطع المسافة المقاسة بين موقع السيارة لحظة إضاءة الإشارة الصفراء وخط الوقوف. وهذا الإجراء من شأنه أن يجنب قائد السيارة ارتكاب مخالفة مرورية ومن ثم تعرضه للمساءلة من قبل رجال المرور، وذلك في حالة قطع الإشارة الحمراء.. ولكن هذا الإجراء قد يكون السبب في أن كثيراً من سائقي السيارات يبررون لأنفسهم مواصلة السير وعبور التقاطع نتيجة لزيادة زمن الإشارة الصفراء حتى لو كان بعيداً عن خط الوقوف. وهذا يستلزم متابعة المخالفين وتطبيق أقصى العقوبة بحقهم. وأود أن أشيد هنا بالمسؤولين في إدارة المرور للإجراء الذي اتخذوه بإضافة الإشارة الكل أحمر لكل الاتجاهات والذي ساهم كثيراً في تقليل الحوادث المرورية المروعة.
3 كما أشرنا من قبل تعتبر سرعة السائق عاملاً مؤثراً في تصرفه أثناء إضاءة الإشارة الصفراء، لذلك يجب تغيير السرعة المحددة قبل التقاطعات بتقليلها، وذلك لكي يتمكن قائد السيارة من التوقف قبل خط الوقوف وقبل أن يضيء اللون الأخضر في الاتجاه الآخر. ويجب في هذه الحالة وضع اللوحات التي توضح السرعة القصوى المسموح بها قبل التقاطع بمسافة كافية ليتمكن قائد السيارة من التقيد بها قبل وصوله الى التقاطع.
4 تحسين وضع بعض التقاطعات الحالية عن طريق تقليل عرضها ما أمكن، إذا كان عرضها كبيراً، وذلك بغرض تقليل زمن إخلاء التقاطع. ويتم ذلك بتعديل وضع الأرصفة وتغيير موقع الإشارة الضوئية وخط الوقوف إلى الأمام بمسافة ملائمة قدر الإمكان على ألا يؤثر ذلك على سلامة الآخرين في الاتجاه الآخر.
|
|
|
|
|