| متابعة
* القاهرة مكتب الجزيرة عثمان أنور وبهاء محمد:
دأبت الصحف الامريكية منذ اندلاع العمليات العسكرية في افغانستان على شن هجوم على المملكة العربية السعودية ومصر بسبب مواقفهما الواضحة بعدم المشاركة في العمليات وعدم السماح لانطلاق أية ضربات من الاراضي السعودية والمصرية والحرص الدائم على مصالح الأمة العربية والإسلامية.
وفي استطلاع ل (الجزيرة) مع نخبة من أساتذة الصحافة والاعلام والمحللون السياسيون اكدوا ان الحملة الاعلامية الامريكية على المملكة العربية السعودية ومصر غير مبررة وتستهدف تطويع مواقف البلدين الكبيرين لصالحها واشادوا بهذه المواقف التي تتعارض مع السياسة الامريكية المتبعة وتنحاز للأمة العربية والاسلامية.
تحية وإشادة
اكد الكاتب محمد سلماوي رئيس جمعية الدفاع العربي ورئيس تحرير صحيفة الاهرام ابدو ان الموقف السعودي والمصري يستحقان التحية والاشادة لأنهما لم ينخرطا في المشاركة مع الولايات المتحدة الامريكية في حربها ضد أفغانستان وكانت لهما تحفظاتهما المهمة. وأعتقد ان سبب الهجوم الذي تشنه الصحافة الامريكية ضد المملكة ومصر واضح لا لبس فيه، فكل من السعودية ومصر اتخذتا موقفا غير مقبول امريكيا، وهذه المواقف تنبع من إدراك واسع لقيادة البلدين لخطورة الوضع القائم وحفاظا على التماسك والأسس التي يقوم عليها الرأي العام في البلدين، ونحن إذ نحيي ونشيد بالمواقف السعودية والمصرية لنستغرب ونستنكر الحملة الصحفية الامريكية الموجهة لأن كلاً من مصر والسعودية اوضحتا موقفهما من الارهاب مرارا وتكرارا بأنهما ضد الإرهاب وأن مكافحته لا تتطلب اتخاذ إجراءات عسكرية فقط وإنما لا بد من اجراءات سياسية تصاحبها، كما طالب الرئيس مبارك بعقد مؤتمر دولي للإرهاب، وعدم توسيع دائرة القتال والعمل على تلافي الاخطاء العسكرية التي تصيب المدنيين واحترام مشاعر المسلمين وضرورة التدخل الأمريكي الجاد لحل مشكلة فلسطين وأهمية ان يكون هناك فارق بين العمليات الإرهابية وحق الدفاع الوطني المشروع ضد الاحتلال، غير ان الصحف الأمريكية تستهدف أشياء اخرى من وراء الحملة الهجومية فهي تريد الانصياع الكامل دون قيد أو شرط، ومباركة أية خطوات تخطوها الادارة الامريكية، وهذا لا يمكن تحقيقه بأي حال من الاحوال لسبب بسيط هو ان الجميع يدرك ان هذه الخطوات ستتبعها خطوات استعمارية من قبل أمريكا لبلدان العالم العربي والاسلامي.
موقف عاقل وملتزم
ويقول الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن هذا ما نعهده دوما من المملكة العربية السعودية ومصر عند استشعار الاخطار التي تحيق بأمتنا العربية والاسلامية وهذه المواقف هي التي أغضبت الصحف الامريكية والادارة الامريكية التي لا تدرك معنى وجود دول عربية لها موقف ورأي ودور، وكان أغلب الظن لدى أمريكا ان تفعل اي شيء تراه وتحصل على المباركة من جميع الدول، وهذا شيء لا يمكن ان يتحقق فأمريكا لديها مخطط تريد تحقيقه في آسيا وتتذرع بالارهاب في الوقت الذي لا تسمي فيه ممارسات إسرائيل إرهاباً، ولا تعرف الفارق بين الارهابي وغير الارهابي وبين أن يتم معالجة ما حدث بحكمة وسياسة رشيدة كما نصحتها المملكة، وكما نصحتها مصر بضرورة عقد مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب، وبين ان يتم معالجة ما حدث بالغطرسة والقوة والموقف الامريكي ووراءه بالطبع الصحافة الامريكية لا تريد مثل هذه الحلول وإنما تريد انحيازات صريحة لذلك تجد ان بعض الدول انحازت معها والبعض الآخر لم ينحز وبدا لها موقف واضح مثل المملكة ومصر، وهذا الموقف تستشعر معه أمريكا أنه ضد مصالحها المرسومة سلفا للهيمنة على المنطقة وفعل أي شيء دون معوقات لكن هذا تصور واهم من قبل الادارة الامريكية والصحافة الامريكية لأنه ببساطة شديدة لا يستطيع عاقل ان يسلِّم مقاليد الأمور كلها في يد واحدة وان يعطي تصريحا لأمريكا ان تفعل ما تريده في العالم حسب ما يتراءى لها دون معوقات أو مواقف حاسمة ملتزمة بمصالح الأمة العربية والاسلامية.
ويرى السفير تحسين بشير أن الموقف السعودي والمصري اتسما بالحكمة والعقلانية منذ بدء الاحداث وحتى الآن ولم تقدم المملكة أو مصر دعماً للحرب الامريكية ضد أفغانستان وجاءت المواقف متزنة وملتزمة في الوقت الذي ترى فيه الصحف الامريكية ان هذه المواقف لا تفيد أمريكا، وكما سبق وأعلن الرئيس بوش انه لا توجد منطقة رمادية في الحرب ضد ما تسميه امريكا الإرهاب وسارت الصحف الامريكية على هذا النهج وشنّت هجومها على كل من المملكة ومصر رغم ان مواقف البلدين مشرّفة لنا كعرب حيث لا تريد المملكة العربية السعودية ومصر خلط الإرهاب بالمقاومة والكفاح من أجل تحرير الأرض والكفاح من اجل الاستقلال واعتراف مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سي أي إيه» ان السعودية لم تقدم أي شيء لامريكا في الحرب هو اعتراف بمثابة نيشان نعلقه على صدورنا لأن عدم تقديم السعودية العون لامريكا في حربها المستمرة يؤكد الادراك الواسع للقيادة السعودية الحكيمة بأنها تحرص على الأمة العربية والاسلامية وأن لها ثقلا كبيرا في قلب هذه الأمة.
تحيز مرفوض
أما الدكتور حسن نافعة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة فيقول: لا يوجد ادنى شك في تحيّز الصحافة الامريكية ضد العرب والمسلمين وهو ما يعبّر عن جوهر التحركات العسكرية الامريكية ضد أفغانستان ولا شك ان الصحافة الامريكية ترصد احتجاجات وغضب الشارع العربي غير أنها تتوقف كثيرا إزاء الموقف في كل من السعودية ومصر لأنهما من أهم محاور الوجود العربي والاسلامي. والمواقف الملتزمة والحكيمة التي تجلت خلال الأزمة منذ بدايتها وحتى الآن أقلقت امريكا، فالولايات المتحدة الامريكية كانت تعتقد ان كلاً من المملكة ومصر سيسارعان إلى تأييدها والوقوف بجانبها في جميع تحركاتها، وفي البداية تمهلت ظنا منها أن المواقف ستتغير لصالحها ولكن خاب ظنها لأن مواقف المملكة ومصر ثابتة ولا تتغير فلا يمكن التفريط في ذرة واحدة منها لأنها ببساطة تعتمد على الحفاظ على سلامة واستقرار الأمة العربية والاسلامية والحيلولة دون جعل العالم يعيش في فوضى من جراء الحرب الفضفاضة التي دخلتها الولايات المتحدة الامريكية تحت مسمى الحرب ضد الإرهاب ومحاولات ضم المقاومة الوطنية والكفاح المسلح من أجل تحرير الارض المغتصبة لقائمة الارهاب. وقد بلغ منحنى التوتر العصبي للصحافة الامريكية ذروته في الايام الاخيرة عندما تأكدت من المواقف السعودية والمصرية فراحت تشن هجومها، وكتبت هذه الصحف ان السعودية غير داعمة لنا، وعن مصر كتبت عجبا لهؤلاء المصريين أعطيناهم منذ معاهدة السلام وحتى الآن ما يزيد على 40 بليون دولار ومع ذلك يلتزمون الصمت.ولا شك ان كل هذا الهجوم من قبل الصحافة الامريكية يعكس مدى الحيرة والقلق الذي ينتاب صنّاع السياسة في البيت الابيض والخارجية الامريكية فهم لم يستطيعوا حتى الآن من إقناع الرياض والقاهرة بوجاهة طلبهم للمعاونة والمشاركة لأنهم ببساطة لايدركون مغزى وجوهر المواقف الثابتة للمملكة ومصر كاثنين من أهم محاور الوجود العربي والإسلامي.
مواقف مشرِّفة
ويقول الدكتور مختار التهامي عميد كلية الاعلام السابق بجامعة القاهرة ان الهجوم على السعودية ومصر لأن مواقفهما لم تعجب أمريكا هو شيء طيب لنا ونفخر به، ومعنى هذا انه لا يوجد استجابة للضغوط الامريكية والغربية عموما وتحت مسمى الحرب ضد الارهاب.. تريد أمريكا ان تدخل مفهوم الحرب ضد التحرير.وعدم الاستجابة من قبل المملكة العربية السعودية ومصر شيء يثلج صدر الرأي العام العربي بصفة عامة وبالطبع هذه حصافة وبعد نظر لأنه إذا تم تعميم وقبول فكرة ان الارهاب يشمل المقاومة الوطنية وضد الاستعمار سيخضع العالم كله للنفوذ الامريكي واليهودي، والموقف الذي اتخذته المملكة العربية السعودية ومصر هو موقف طبيعي لأي حاكم عاقل أو لأي سياسي عادل لأن الموقف الأمريكي غير مبرر وغير مفهوم لأنه لايوجد دليل على أن من قام بالتفجيرات هم المسلمون او العرب، كل هذا دعاية فارغة، ويبدو أنهم كانوا مستعدين للهجوم على المنطقة لأسباب اقتصادية وعسكرية وغيرها ويريدون الوصول لوسط آسيا من أجل البترول والمعادن ويريدون استكمال استعمار العالم في زمن العولمة.وأمريكا تطلب منا في سبيل ذلك ان نلغي عقولنا والمشاركة معهم في حرب وهمية في نفس الوقت الذي تقوم فيه بالتعتيم على الرأي العام الامريكي والعالم.
|
|
|
|
|