| متابعة
*القاهرة مكتب الجزيرة - محمد حسن:
أكدت ندوة عقدت بالقاهرة على أن التحركات الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية لها دورها الفعّال في تنسيق المواقف العربية إزاء تداعيات الأحداث الجارية والحرب الدائرة في أفغانستان.
وأشارت الندوة التي عقدها معهد البحوث والدراسات السياسية بالقاهرة تحت عنوان التطورات الجارية وانعكاسها على العالم العربي والتي استضاف فيها الدكتور بهجت قرني أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية وجامعة مونتريال ورئيس المجلس الوطني للعلاقات العربية الكندية إلى أن الموقف السعودي كان أكثر عقلانية مع الموقف المصري في التعامل مع الأزمة منذ بدايتها وحتى الآن.
وقال الدكتور قرني أن التطورات الجارية تعكس خطأ فهمه البعض من أن احداث 11 سبتمبر كانت أحداثا داخلية.
11 سبتمبر والاستثناء الأمريكي
فالحدث كان أكبر من كونه داخليا لأن تأثيره يمس كل بقعة على الأرض فقد دُمرت آلاف من بنوك المعلومات وضاعت مئات الملايين من الدولارات وتوقفت البورصة العالمية وتأثرت جميع الأجهزة الأمنية العالمية والأكثر من هذا ظهور أعراض نفسية خطيرة بالمجتمع الأمريكي أظهرتها البحوث الاجتماعية التي أكدت زيادة الاكتئاب والخوف والقلق وزيادة عدد الزيارات للعيادات الصحية منذ 11 سبتمبر وانعكست تلك الآثار النفسية إلى خارج أمريكا لأوروبا والصين واليابان وكثير من دول العالم.
وأضاف د. قرني أنه قبل ذلك بعشر سنوات ومع نهاية الحرب الباردة بدأت أمريكا في بناء قوة دفاعية قائمة على الأحادية القطبية والتحكم في شئون العالم، وبدأ المحللون السياسيون ينظرون لتلك الأحادية القطبية بطريقتين مختلفتين، فالبعض منهم من أنصارهننتجون اعتبروا أن الصراع لم ينته بعد بل يتطور لأكثر من ذلك ويأخذ شكل الصراع الثقافي وصدام الحضارات بين المشرق والمغرب في حين نظر آخرون لتلك الأحادية بأنها نهاية التاريخ لأنها حسمت الصراع الأيديولوجي وأكدت قوة النظام الرأسمالي المتمثل في أحادية أمريكا ليسود العالم؛ لكن جاءت أحداث 11 سبتمبر لتضع حداً لما نسميه بنهاية التاريخ ووضعت مراحل ومستويات أخرى للصراع العالمي وجاءت تلك الاحداث لتنهي ما نسميه بأحادية أمريكا أو الاستثناء الامريكي ووضعت حدا لغطرسة القوة الامريكية في ادارة شئون العالم وخاصة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، ومع سقوط رموز القوة العسكرية المتمثلة في البنتاجون والاقتصادية المتمثلة في برجي التجارة العالمي أصبحت أمريكا دولة كأي دولة أخرى مهددة بالخطر الداخلي والخارجي.
انعكاسات على المنطقة
وتطرق د. قرني لأهم انعكاسات أحداث 11 سبتمبر على المنطقة العربية قائلاً من الناحية الاقتصادية قلت الاستثمارات الخارجية داخل المنطقة وحدث كساد شديد وقلت نسبة الطلب على السلع الرئيسية في الخارج وخاصة البترول، ووصلت الخسائر لعدة بلايين من الدولارات في القطاعات العربية المشاركة في الاستثمارات الدولية مع انخفاض حجم السندات العالمية، وحدث تدمير كلي لبعض القطاعات العامة مثل السياحة التي تمثل 40% من النقد الأجنبي للعديد من الدول كالمغرب وسوريا ومصر.
كما انعكست تلك الاحداث على السياسة الخارجية العربية وجاءت أكثر قوة وتأثيراً، فالسياسات الخارجية العربية منذ بداية الحرب الباردة وهي تواجه موقفا معقدا على المستوى الدولي يتمثل في مواجهة العولمة وممارسة السيادة الوطنية ومحاولة ايجاد موقف واضح على خريطة السياسة الدولية في ظل التكتلات العالمية سواء سياسية أو اقتصادية، وبعد أحداث 11 سبتمبر ازداد الموقف تعقيداً وخاصة بعد تقديم الاتهامات دون استثناء واتسم الموقف العربي بل العالمي بعدم الوضوح السياسي لأن الحدث جاء أكبر من أي قرار سياسي، ولكن كان يجب على الدول العربية اتخاذ موقف واضح باعتبار ان الحدث يمس وجودهم بالدرجة الأولى.
صورة الإسلام
وتناول د.قرني أثر الاحداث الجارية على صورة العرب والمسلمين في العالم مشيراً إلى أن صورة العرب والمسلمين مشوه قبل هذه الأحداث، وقد قام بتحليل بعض وسائل الاعلام من صحافة وتلفزيون فوجد خمس صور أساسية يعكسها الإعلام الغربي عن العرب والمسلمين، أولها صورة البدوي غير المتحضر دائم الهجوم والمكر ولا يمكن الوثوق به، ثانياً العربي كرجل جشع يثير الرعب والفزع.
ثالثاً: العربي كرجل البازار الدائم المساومة وناقض للعهود والمواثيق من أجل أي كسب مادي.
رابعاً: العربي كمليونير محدث للنعمة ولايعرف قيمة المادة، واخيراً العربي كإرهابي متوحش يذبح ويقتل. وبعد أحداث 11 سبتمبر تأكدت تلك الصورة وظهر اختلاط واضح بين ثقافة الاستشهاد والكفاح لتحرير الوطن مع ثقافة الارهاب في عقول العالم، وبالتالي قد يؤدي ذلك النوع من الاستنفار الثقافي ضد المسلمين والعرب لنوع من التطهير الثقافي وإبعاد العرب والمسلمين من الانخراط في الحضارة العالمية وقطع علاقاتهم بالدول المتقدمة.
عقلانية الموقف السعودي
ويرى د. قرني أن رد الفعل العربي تجاه الاحداث الجارية جاء متفاوتاً بين الايجاب التام أو السلب التام، فقد تمثل النمط العراقي في السلب التام والذي رأى فيما حدث انعكاساً لفشل السياسة الامريكية في العالم وبين الايجاب التام المتمثل في موقف عمان والسلطة الفلسطينية اللذين أظهرا دعما كاملا للأمريكان دون أدنى تحفظ ، ثم جاء الموقف الأكثر عقلانية لكل من المملكة العربية السعودية ومصر فقد عبرا عن تأييدهما وتعاطفهما لكن ببعض من التحفظ على الغزو الامريكي للأراضي الافغانية واصفاً موقف المملكة بالجدية والحكمة في التعامل مع الاحداث الجارية، والذي جاء من حرص المملكة الدائم على مشاعر الشعوب العربية والإسلامية في شتى بلدان العالم.
نتائج
وحول النتائج المتوقعة للأحداث الجارية على الساحة الدولية وتأثيرها على المنطقة العربية قال د.قرني ان تلك الاحداث سوف تثير فضول العالم حول معرفة طبيعة العالم العربي والإسلامي سياسيا وثقافياً، وبالفعل زادت في الفترة الحالية نسبة مبيعات الكتب العربية ونسبة الأبحاث العلمية حول المنطقة العربية وأصبح للعرب والمسلمين مكان واضح في بنوك المعلومات الدولية وبالتالي يجب على الدول العربية المساهمة فكريا في إيجاد الصورة الحقيقية للإسلام عن طريق الاتصال بالمنظمات غير الحكومية في الخارج والوصول إلى الجمهور العادي وليس الساسة أو اعضاء الحكومات، ومحاولة وضع مفهوم عالمي واضح لمعنى الارهاب تعكف عليه المنظمات والمؤسسات الحكومية والأهلية في الدول العربية والإسلامية.
أما عن مصير القضية الفلسطينية فيؤكد د.قرني أنه لا جديد للسياسة الامريكية تجاه القضية الفلسطينية وأن ما يعلنه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ليس إلا تهدئة، ورغم ذلك أعتقد ان هذه الاحداث ربما جعلت أمريكا تعيد النظر في تأييدها الكامل لاسرائيل، فكثير من السياسيين الامريكان يتساءلون حالياً عن ثمن التأييد العسكري والمادي لاسرائيل في سبيل شعورهم بعدم الأمان داخل وخارج أمريكا.
|
|
|
|
|