| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة تحية طيبة وبعد:
فقد قرأت في عدد سابق من جريدتنا الغراء «الجزيرة» وفي الصفحة الاولى خبراً عنوانه «الأمير نايف يوجه بصرف 6.13 مليون ريال للمتضررين الفلسطينيين».
قلت: وهذا ليس بغريب على المملكة العربية السعودية ملكاً وأسرة مالكة وحكومة وشعباً، فهو إحسان معتاد منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله وعهد أبنائه الملك سعود والملك فيصل والملك خالد رحمهم الله وعهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد وولي عهده الامين سمو الأمير عبدالله والنائب الثاني سمو الأمير سلطان سلمهم الله. ولهم جميعاً شكر الفلسطينيين جميعاً فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
وللحقيقة فقد كنت في اجازة الصيف الماضي في فلسطين وبالتحديد في بلدي مدينة نابلس المحررة وسمعت الثناء العاطر رسمياً وشعبياً على عطاءات المملكة العربية السعوية ودعمها المادي والمعنوي.
وكنت ذاعت صباح امشي في دوّار نابلس الشهير الذي أصبح مسجداً يصلّى فيه على الشهداء يودعون منه ويشيعون بعد ان كان مكاناً للسهرات السامرة والأفراح العامرة..قلت كنت هناك واذا بجار لنا طبعا في نابلس يخبرني أنه ذهب إلى محل توزيع المعونات السعودية واخذوا اسمه وعنوانه وقالوا له ليراجعهم فيما يعد.
وجارنا هذا أخبرني وهو يضحك وشر البلية ما يضحك أنه كان يركب دراجته الهوائية التي يقضي عليها حاجات بيتهم ومر من أمام المكتب الإعلامي الذي ضُرب في نابلس يوم الأربعاء 1/8/2001م، في نفس اللحظة التي دخلت فيها الصواريخ من شباك المكتب كما رأيته اثناء مروري امامه فيما بعد قال جاري عبدالله اعانه الله انه طار ودراجته في الهواء ولم يصحُ إلا بعد خمسة أيام في مستشفى الاتحاد بنابلس واجريت له عملية جراحية، وبقيت في رقبته شظية لا يمكن إخراجها لان في ذلك خطراً على حياته. وقد قُتل في المكتب عدة شهداء نسيت عددهم لكثرة الشهداء منهم ابن زميل لي حينما كنا في المدرسة الثانوية.
واريد ان أعطي القراء الكرام صورتين عن حياة اهلنا في نابلس عشتهما أنا ايضاً:
ففي صباح يوم من أيام أغسطس الحارة في كل الدنيا إلا في نابلس، وقد كان الجو لطيفاً والنسمات الرقيقة الرطبة تهب من غرب نابلس من جهة البحر المتوسط وأنفاس حيفا ويافا، وكانت السماء يتلبَّدُ معظمها بالغيوم، في ذلك الصباح كنت اجلس انا وزوجتي السيدة ام بشير نشرب قهوة الصباح على شرفة بيتنا في شارع 15 في منطقة رفيديا الجميلة التي تطل على شارع رفيديا الرئيسي، في الساعة العاشرة تماماً سمعنا ثلاثة انفجارات هزت المدينة وزلزلت كياننا، وكنت أسمع صوت طائرة في السماء فظننت انها اختراق لحاجز الصوت، الا انه بسرعة رأينا الدخان وشممنا رائحة البارود والانفجارات وتجمع الناس وكانت عملية اغتيال فاشلة للعميد المسيمي كما سمعنا في الاخبار الا انه نجا منها واصيب مرافقه، اصابة بليغة، ورأيت سيارته تحملها الرافعة مهشمة.
الصورة الثانية: اذ سرت أنا وابني بشار في حفلة توديع قافلة شهداء أربعة من مستشفى رفيديا الى الدوار: وكانت زفة: أصوات سيارات الاسعاف والدوريات مع وابل من رصاص الرشاشات وهتافات وأناشيد وأهازيج وتصفيق المشيعين الشباب هذه الاصوات على طول الطريق 34 كيلو مترات وبعدما أديت الصلاة على الشهداء اسكنهم الله فسيح جناته كنت اتكئ على حاجز حديدي كورنيش وورائي أحد الشباب يحمل مدفعاً رشاشاً 8 ملم كما قالوا لي فقال لصاحب الرشاش أحد أصدقائه: أعطني الرشاش فأعطاه إياه فأطلق طلقة واحدة هزت ارجائي ورجّت اعضائي وصمّت أذني طلقة واحدة فقط وكنت لا ادري أضحك أم أبكى أم أعجب..والحمد لله رب العالمين.
لم اذكر انه في فترة تشييع الشهداء يتم إقفال المحلات التجارية والاسواق جميعها والعمال معطلة أعمالهم باستمرار الله يعينهم.
طرافة في هذا الوضع: فقد جئت لبائع شراب الخروب وشربت منه كأساً وقدمت له النقود فرفض وقال إنه يسقي خروبه صدقة عن الشهيد.. بيني وبينكم لو كنت أعرف أنها صدقة ما شربت.
أكرر شكري واخص به سمو الأمير نايف وسمو الامير سلمان وليحفظ الله الجميع مع الشكر لصحيفة الجزيرة الغراء وعزيزتي الجزيرة العصماء والقراء الأعزاء والسلام ختام .
نزار رفيق بشير - الرياض
|
|
|
|
|