| متابعة
ضرب رئيس الوزاء اللبناني رفيق الحريري على الوتر الحساس في علاقات الدول العربية والاسلامية مع الولايات المتحدة عندما أعلن ان الدول العربية قد تسحب دعمها للائتلاف الدولي المناهض للإرهاب في حال استمرت اسرائيل بقمع الشعب الفلسطيني بعنف.
وقال الحريري في مقابلة نشرتها صحيفة «ذابوسطن غلوب) الأمريكية «سيكون من الصعب جداً على حكومات العالم العربي والاسلامي الاستمرار في دعم الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب بسبب المشاعر المناهضة للأمريكيين المتزايدة لدى شعوبها إثر تزايد العدوان الاسرائيلي».. مشيراً الى ان حكومات الدول العربية والمسلمة ستكون مرغمة على الابتعاد عن الولايات المتحدة والا ستكون هي نفسها في خطر وأرى ذلك بوضوح»!! ما قاله رئيس الوزراء اللبناني مهم جداً وملح من حيث أهمية تجاذب علاقاتنا مع الامريكان مداً أو جزراً طالما كانت هناك علاقات صداقة وود تربطنا بها.. فاذا تنافرت المصالح ومال الطرف الآخر لصالح عدونا يجب علينا ان نقف معه وقفة حاسمة تجعله يفكر ألف مرة قبل اتخاذ أي قرار لصالح الدولة العبرية أو تأييد سياستها العدوانية.
ولعلنا نزعم ان الحديث عن الانفصال للائتلاف ضد الارهاب في هذا التوقيت بالتحديد هو حديث ساخن جداً ومطلب ملح يفرمل سرعة اندفاع واشنطن تجاه اسرائيل ويقلل من حدة الغرام الأمريكي لاسرائيل.. ولا سيما بعدما أقدمت اسرائيل على جريمتها البشعة باعادة احتلال اجزاء من مدن رام الله والبيرة وقلقيلية وطولكرم وجنين وبيت لحم وقد رافق عمليات الاقتحام قصف بالمدفعية والرشاشات الثقيلة والمتوسطة لهذه المدن مع هدم وحرق المنازل واستخدام الطائرات المروحية وصواريخ جو أرض التي طالت الأحياء السكنية مما اسفر عنه استشهاد 46 مواطناً وأصيب 200 آخرون في أوسع عملية توغل لقوات جيش الاحتلال مستغلة انشغال العالم بالحرب ضد الارهاب واقترفت مجزرتها البشعة.
لذلك جاءت دعوة الحريري لقادة الدول العربية والاسلامية في وقتها تماما كما انها مناورة سياسية لكسب المزيد من المواقف لصالح القضية العربية وانتزاعها نزعاً من الولايات المتحدة التي هي أحوج ما تكون هذه الايام الى صمود التحالف الدولي ضد الارهاب واستمراره وسيكون تهديد الدول العربية والاسلامية في هذا التوقيت له صدى واسع مع الادارة الامريكية وستأخذ هذه التهديدات مأخذ الجد بل ستحاول جاهدة استرضاء هذه الدول وامتصاص غضبها بقرارات في صالح قضيتها مع الدولة العبرية.
إضافة الى ذلك فإن الدعوة الى انسحاب دعمنا للولايات المتحدة ضد الارهاب تكتسب اهميتها الآن بعد ذلك العناد الاسرائيلي مع مطالبة الرئيس الأمريكي بضرورة انسحاب اسرائيل من المناطق التي احتلتها ورفض شارون الاذعان له ولمطالبه.
هذا التوتر الحاصل بينهما يجب ان يستثمر من جانبنا ويعمل على المزيد من الضغوط لكسب ميل السياسة الأمريكية قليلاً نحونا لنعدل كفة الميزان المائلة دائما.
كما ستكون هذه الدعوة مطلبا عادلا اذا اقترنت بتوثيق مهم وحيوي في مجال حقوق الانسان الذي طالما تشدق بها الغرب ضدنا، فقد ذكر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان ان من بين الشهداء الذين حصدتهم الآلة العسكرية الاسرائيلية الرعناء 28 مدنيا وخمس نساء وأربعة أطفال وثلاثة مسنين وأربعة مدنيين فلسطينيين سقطوا في نطاق جرائم الاغتيال السياسي والقتل خارج اطار القضاء التي تتبناها الحكومة الاسرائيلية علناً وبصورة رسمية بهدف تصفية من تصفهم بأنهم نشطاء فلسطينيون!! فلم ترحم اسرائيل الاطفال والنساء والمسنين هذه الفئات التي حرمت الشرائع السماوية قتلهم وكذلك القوانين الدولية كذلك لم تسلم حتى دور العبادة سواء كانت المساجد والكنائس ودور الأيتام من بطشهم.
لذلك فإن التحرك في هذا الاطار سيجعل الرأي العام العالمي متعاطفا معنا خصوصاً لأننا لسنا الوحيدين الذين ننتهج هذا المسلك مع امريكا فقد سبقنا به غيرنا.
فقد أيدت ميغاواتي رئيسة اندونيسيا مواقف امريكا ضد الارهاب ثم ما لبثت ان سحبت تأييدها وبدلت رأيها وأعلنت تحفظاً واضحاً حيال الضربات الأمريكية ضد أفغانستان بعد تنامي رفض الشعب الاندونيسي للضربات الأمريكية برغم ان الرئيس الامريكي وعد ميغاواتي بالتدخل لدى الكونغرس من أجل تخصيص مساعدة بقيمة 130 مليون دولار لاندونيسيا وكذلك تخصيص 400 مليون دولار لتشجيع التبادل التجاري والاستثماري و100 مليون دولار اضافية على شكل امتيازات تجارية كما حصلت ميغاواتي على وعد من الرئيس بوش باستئناف محدود للتعاون العسكري الذي علقته واشنطن قبل سنتين إثر ضلوع عسكريين اندونيسيين في اعمال العنف التي شهدتها تيمور الشرقية إبان استقلالها.
ولقد كان تحفظ اندونيسيا على الضربات الأمريكية لافغانستان سببا رئيساً في خلو البيان السياسي لقمة شنغهاي من الاشارة لهذه الحرب!!وكذلك أيضا فعل الرئيس الروسي بوتين اثر فشل اجتماعه مع الرئيس بوش الذي اجري على هامش اجتماع دول منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) التي عقدت بمدينة شنغهاي الصينية حيث أصر الرئيس الأمريكي على المضي قدماً في خططه للانسحاب من معاهدة (أي بي ام) وأكد ان المعاهدة تم التوقيع عليها اثناء فترة الحرب الباردة وقد عفا عليها الزمن .. كما أكد بوش لبوتين أن احداث 11 سبتمبر عززت من خطته لاقامة درع صاروخي فلذلك تصر واشنطن على الانسحاب من المعاهدة.. كما فشل بوتين في اقناع بوش بمساعدة تحالف الشمال الافغاني المعارض لطالبان والتعويل عليه.. وفوجىء بوتين بعتاب بوش له في الاجتماع بأن روسيا تريد حكومة موالية لها.
لذلك كان الرد الانتقامي من بوتين سريعاً جداً عن التجاهل الأمريكي لمطالب روسيا حيث توجه مباشرة بعد انتهاء قمة شنغهاي الى طاجيكستان واجتمع بالرئيس الطاجيكي رحمانوف ومعه الرئيس الافغاني المخلوع برهان الدين رباني وأعلن خلال هذا الاجتماع بأن روسيا تدعم رباني وستواصل دعمها للحكومة الافغانية في المجال العسكري.
لقد نقض بوتين عهده مع بوش بعد رفضه مطالب روسيا وأعلن الموقف المؤيد لمصالح بلاده في افغانستان.
***
إذاً لقد تخلت اندونيسيا أكبر دولة اسلامية عن تعهداتها بتأييد موقف واشنطن مع الارهاب ثم تخلت بعدها روسيا بعد تباعد واختلاف رؤى الدولتين للأحداث والمواقف..
فلماذا لا نأخذ نحن مثل هذا الموقف ونؤيد وجهة نظر رئيس الوزراء اللبناني الحريري في سحب الدعم العربي والاسلامي للائتلاف المناهض للارهاب في حالة استمرار اسرائيل في قمع الشعب الفلسطيني بهذه الوحشية البربرية ورفضها الجلوس مع عرفات على طاولة مفاوضات الحل النهائي.. لكي تعيد الولايات المتحدة حساباتها من جديد بعد أن بقي فقط معها الدول الاوروبية بعد انسحاب روسيا وتهديدنا بالانسحاب من الائتلاف!!وصدقوني ان التهديد بالانسحاب من الائتلاف والتلويح به سيجعل الولايات المتحدة تزعن لمطالبنا فليس لديها استعداد لتفكيك هذا التحالف وفي هذا التوقيت بالتحديد!!فلماذا لا نقتنص الفرصة التي أتتنا على طبق من ذهب في الضغط على الادارة الأمريكية في أحرج مواقفها ونعمل على لجم الثور الاسرائيلي الهائج ووضعه في قفص الحصار من جديد!!
* فهل نحن فاعلون..؟!!
|
|
|
|
|