| مقـالات
منذ أعوام طلب مني عامل أجنبي أن يحول مبلغاً من المال إلى بلاده باسمي، ورغم ان المبلغ لم يزد على بضعة آلاف، إلا أنني ترددت ثم رفضت طلبه، وقد وجدت بعد ذلك ان هناك الآلاف من العمال الذين لا ندري على وجه اليقين طبيعة الاعمال التي يمارسونها، لتدر عليهم آلاف الريالات، للحد الذي يخشون تحويلها بأسمائهم، خوفاً من ان تحوم الشبهات حولهم، فينقطع المدد المالي الذي لا يتناسب لا مع مؤهلاتهم ولا مع دخولهم التي يحصلون عليها من المؤسسات والشركات أو المنازل التي يعملون فيها. ولعل القرارات التي صدرت مؤخراً عن مجلس الوزراء الداعية لوضع ضوابط تنظم العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد، تحد من ظاهرة نزيف الأموال، ومن مراقبة واضحة ومعلومة لدى الجميع على موارد العمالة الوافدة، من خلال وضع حساب لكل وافد في البنوك المحلية يوضع فيه راتب ومكافآت العامل، وأي أموال تأتي من العامل بعد ذلك تكون عرضة لمعرفة القناة التي خرجت منها، خاصة إذا تجاوزت هذه الأموال حداً يثير الشك، وليس ببعيد ذلك اليوم الذي اكتشف فيه أن عاملا يدير سلسلة من المستوصفات الخاصة لحسابه الخاص، حتى وصل دخله الشهري الى اكثر من مليون ريال، وكل ذلك تحت عين صاحب المستوصفات الذي يحصل على حصة محددة تقترب من حصة العامل والذي يتولى في الوقت نفسه التعاقد مع الأطباء والممرضين والإداريين ويصرف رواتبهم، والمصيبة أن المتستر على هذا العامل كان طبيباً ومعروفاً!!
لكننا قبل أن نتساءل عن مدى نجاح فتح حسابات للعمالة الوافدة، نتساءل هل توافق البنوك على وضع خطة تستوعب حسابات ملايين العمال، الذين لا تزيد دخول بعضهم الشهرية عن الستمائة ريال؟ في الوقت الذي ترفض فيه بعض هذه البنوك، فتح حسابات لمواطنين سعوديين، إذا لم يكن لدى الراغب في فتح الحساب مبلغاً لا يقل عن عشرة آلاف ريال، وبعضهم يضع حداً للمبلغ الذي ينبغي أن يظل في الحساب وإلا فإن هذا الحساب عرضة للإلغاء.
إننا يجب في البداية أن نتوسع في فتح فروع للبنوك المحلية اذا عزَّ وجود بنوك جديدة، وأن تنظر مؤسسة النقد جدياً في إلزام البنوك بخطة واضحة لاستقطاب صغار الموظفين والعمال والمراهقين لفتح حسابات خاصة بهم، مع خطة لتقديم قروض ميسرة للراغبين في ممارسة الأعمال الخاصة البسيطة، بدلاً من هذه الدعوات المحمومة لقروض شراء المنازل والأثاث والسيارات التي حولت بعض صغار الموظفين الي أسرى لتطلعات هلامية جعلت دخولهم مرهونة لسنوات وسنوات وكلما تخلصوا من قرض أدخلهم البنك في قرض جديد، وكلها للأسف قروض عالية الفائدة، عديمة الجدوى.. إننا بحاجة الى رؤية جديدة لاجتذاب المدخرات الجديدة، وتوجيهها الوجهة الصحيحة، وبالذات مدخرات الأجانب التي ترحل باطراد وبكافة السبل إلى بلدانهم، بل إن بعضهم يحول 80% من دخله ويعيش طوال الشهر على 20% والسبب نحن الذين نبحث عن الهوامير ناسين أن البحر نفسه قد يتكون من قطرات!!
|
|
|
|
|