| مقـالات
أعظم مأساة واجهها الإنسان على الأرض منذ هبط عليها هي «الحرب» لأنها عدم ودمار وفقر وفراق!
الحرب تستهدف بالقتل الإنسان وهو أعز وأثمن وأغلى مخلوق على وجه الأرض ! وتستهدف الهدم وهو ضد دافع الإنسان بعمران الأرض حيث هداه خالقه، الحرب تغرس الكراهية في القلوب، والمقت في النفوس، وتزرع الإحن لقرون:
«وقد ينبت المرعى على دِمن الثرى
وتبقى حزازات النفوس كما هيا»
أبلغ تعبير على حزازات النفوس التي تتركها الحروب في بقايا البشر الذين يحيون بعد الحرب! وإن المطر لينزل على دِمن الغنم فينبت عليه العشب الأخضر الناعم، لكنك إذا مشيت عليه أحسست بعبس الدمن غائصاً في المرعى، وهكذا هي نتائج الحرب!
الكراهية هي مخلفات الحرب، لأن القهر والدمار والموت والرماد الذي تتركه لا يمكن أن نحصد منه السلام والحب، بل البغضاء والقطيعة والغل لآجال آتية في رحم الغيب!
الحرب لاتقضي على الكراهية، لأن كليهما شر، والشر لايُطفأ بشر مثله!
والحرب لاتدفع الشر بل تغذيه وتُسعره، إذ تتزوج الحرب الشر فيلدان ماهو أخطر منهما!
الحرب لاتقضي على الإرهاب، بل تنشره، ذلك لأن كليهما نار والنار لاتطفئها نار مثلها!
لقد ندم على الحرب ابن آدم، بل أصبح من النادمين بعد قتله لأخيه الإنسان!
ولم تكسب الأمم ولا الأفراد حظاً من الحروب التي اشتعلت على الارض، بل كان مُسعر الحرب يحترق في أتونها بنهاية الأمر! وعلى الباغي تدور الدوائر، واسأل التاريخ عن فرعون، ونابليون، وموسليني، وستالين، وهتلر وكل طواغيت التاريخ الذين أوقدوا نار الحرب فأحرقتهم في فصلها الأخير! لقد عانى الإنسان العربي من الحرب من غاراتها وغزواتها وموتها المحقق، فوصفها بأبشع الصفات، ونعت من يُشعلها بأنه «أحمر عاد» وأنه شيطان أثيم!
الحرب هي كسر إرادة طرف آخر، وفرض نفوذ على نفوذ، والإنسان بما جُبل عليه من كرامة وأباء لايقبل الدنية، فالمنية ولا الدنية! وعلى مدى التاريخ لا تجد أن الحروب صنعت لفرد ولا لأمة مجداً، بل إن الذي بعث الحرب دائماً تدور عليه الدوائر، وينتهي مجده، ويأفل نجمه، ويطويه التاريخ في مطاويه التي لا يكشفها إلا للعظة والعبرة!
إن الانتصار على الطرف المعادي لا يكون أبداً بدق طبول الحرب ذلك لأن في الزمن من أسرار الخلاص والتوفيق والظفر والفوز ما لا يدركه إلا الموفقون!
بريدة ص.ب 10278
|
|
|
|
|