| العالم اليوم
منذ أن عرفنا القراءة والكتابة.. وأصبحنا نميِّز ونحن نسمع ونتلقى نصائح الغربيين، والأمريكيون في طليعتهم، عن أهمية وفوائد الديمقرطية والتعددية وحرية التعبير وحقوق الإنسان، وغيرها من الشعارات التي وجدت لها مؤيدين ودعاة من بين أبناء العرب، حتى أصبح لدينا طبقة من المستغربين الذين يقفون خلف هذه اليافطات التي لم تستطع أن تخفى عورة الأمريكيين والغربيين عموماً في أول مواجهة بين ما كانوا يطرحونه من شعارات ومتطلبات الأمن.
قبل أن تشن أمريكا حملتها ضد ما تسميه بالإرهاب، كانت المنظمات التي أقامتها وموّلتها أمريكا والغرب ووسائل الإعلام الغربية تتهم الدول الإسلامية والعربية بأن أنظمتها الحاكمة تمارس قمعاً وتسلُّطاً أمنياً يتقدم على المتطلبات الأساسية للإنسان، من ديمقراطية وحقوق إنسان وحرية تعبير، وبعد أن تعرضت أمريكا إلى ما تعرضت إليه من هجمات إرهابية لا يُعرف على وجه الدقة الجهات المنفذة لها، فأمريكا وخلافاً لأي منطق، لا تريد الافصاح عن القرائن التي تجعلها تلصق التهمة بجماعة محددة فتتهم أتباع دين عظيم يدين به خُمس سكان العالم.
وهذه الأمريكا ومناصروها من حلفائها الغربيين والمستغربين الذين تأثروا بأطروحاتها الليبرالية والتعددية والديمقراطية وحقوق الإنسان، نراها اليوم وبعد حوادث 11 أيلول، تدوس على كل ما كانت تبشر به. فلا عدالة في توجيهها للتهم جزافاً وحصرها بالعرب والمسلمين، ولا وجود للديموقراطية وحرية الرأي حيث فرضت قيوداً حتى على مستوى الأداء الإعلامي والخبري على المؤسسات الإعلامية الأمريكية وأبدت استياءً من أداء المؤسسات الإعلامية غير الأمريكية التي رفضت الهيمنة الأمريكية، كما أن سلطات الأمن الأمريكية والأوروبية تمارس قمعاً وتسلطاً وإرهاباً ضد العرب والمسلمين المواطنين في تلك البلدان فاقت في تجاوزاتها وإرهابها للبشر ما كانت تقوم به أكثر الأنظمة تسلطاً والتي كان الأمريكيون والغربيون ينتقدونها، ففي المعتقلات الأمريكية الآن أكثر من تسعمائة معتقل عربي ومسلم بعضهم يحملون الجنسية الأمريكية وبعضهم مقيمون هناك للدراسة والعمل، وهؤلاء التسعمائة لا يعرف عن مصيرهم أحد، فحتى المحامون الموكلون بالدفاع عنهم لم ينجحوا في الحصول على معلومات عن الذين يدافعون عنهم وتلك مخالفة كبيرة جداً تنتهك أبسط حقوق الإنسان، الحقوق التي ظلت أمريكا تنادي بها طوال نصف قرن مضى.
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|