| محليــات
قال شاعر عربي:
إذا المرءُ أفشى سرَّه بلسانه
ولام عليه غيره فهو أحمقُ
إذا ضاق صدرُ المرءِ عن سرِّ نفسه
فصدرُ الذي يُستودع السرَّ أضيقُ |
ورسول الهدى قبلاً وبعداً أوصى لقضاء حاجة المرء أن يستعين بالكتمان، ، ،
وشتَّان بين هذا وذاك، ، ، ، إذْ يقف الإنسان في مفترق الطريقين، ، ، ، فهو لكمال اتِّزانه عليه بالرويًّة، المؤدية إلى التريُّث، المؤدي إلى الصمت قفل اللسان عن الإفشاء بالكلام، المؤدي إلى الكتمان، ، ،
والإنسان عندما يعتزم فعل شيء ويستعين عليه بالكتمان فهو إما يدرأه عن مبغض يمكن أن يعطّله، أو عن ذي حاجةٍ، فيثير عنده الإحساس بحاجته فيبعده بالكتمان عن مقارنة قد تؤدي إلى إثم، أو خطأ، وربما يصل الأمر عند ضعيف النَّفس إلى الحسد فالبغض فالإيذاء، ، ،
بينما الإنسان الذي يفشي سرَّه ، ، ، يمنحه على طبق الإعلان لأفواه الناس تكرره وتلوكه، فإمَّا ذمَّاً مشيناً به، وإمَّا حسداً ناقداً له، ، ، ، وهو بذلك يضع نفسه في أطراف الألسنة حتى إذا ما شاع وذاع لام وتذمَّر، وتفكك ما بينه وبين الآخرين من الروابط ويؤدي الإفشاء في كلتا الحالتين للسِّرِّ أو للعمل إلى تعطيل القضاء فيهما إمَّا عن حفظ لهما وإمَّا عن بلوغ لهما، ، ، وفي كلا الأمرين ما يدعو إلى خدش الروابط بين النَّاس،
وبينما يدعو الإسلام إلى التآخي، والتآزر، والتَّكاتف، والتَّحاب، والعون، والقناعة، والرِّضاء، والاحتساب، ، ، ، فإنَّ في الإفشاء ما يخدش كل هذه المسالك الجميلة في حياة الإنسان، ، ،
إنَّ الذهاب إلى كتب الصِّحاح، وإلى ديوان العرب في لحظات الهروب من ثقل الأحداث التي تلفُّ وتعصف باستقرار النَّفس والفكر، يفتح للذهن آفاقاً للتفكير في دلائل ما تشير إليه مضامين ما وجَّه إليه رسولُ البشريةِ صلى الله عليه وسلم، بما يقوِّم سلوك الإنسان، وبما يحقق عن هذا التقويم من سلامة الفعل، ومن ثمَّ متانة العلاقة بينه وبين الآخرين من النَّاس، وكذلك يفعل الشاعر العربي الذي يستقي مبادئه، وقيمه، وأفكاره من هذا الهدي،
فهل يمكن لامرئ أن يثق في غيره بأكثر مما يثق في نفسه؟
وهل يمكن للإنسان أن يجد عند الآخر رضاء عنه بأكثر مما يرضى الآخر عن نفسه؟ فالذي لا يمنحك الذات في مكان ذاته، لن يرضى أن تحقق ما لا يحققه لنفسه؛ من هنا، ، ، ، فإنَّ الحياة الدنيا، مدرسة يتعلَّم فيها، ومن أبنائها الإنسان كلَّ يوم ، ، ، دون أن يتيح لثقته أن تطغى في الآخر، بأكثر ما تكون في ذاته،
فلا يرضى المرءُ أن يكتشف في نفسه حمقاً
كما لا يرضى أن يجد نتائج عمله هباءً، ،
فليكن صدرك مستودعك، ، ، ، تضمن أن تعيش في سلامٍ حتى مع ذاتك،
|
|
|
|
|