| متابعة
منذ أن تعرضت الولايات المتحدة للهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر يواجه العالم العربي، فرادى ومجتمعاً، مأزقاً ذا أبعاد وجوانب مختلفة، سياسية واقتصادية وأمنية، سوف تلقي بتداعياتها وتأثيراتها المباشرة على كل من الدول العربية داخليا وخارجيا، وعلى النظام الإقليمي العربي ككل.
وبشكل عام يمكن القول إن المنطقة العربية هي أكثر مناطق العالم تأثراً بالسلب من جراء ما حدث في الولايات المتحدة. فما هي أبعاد هذا الحدث، السياسية والأمنية، وكيف يمكن مواجهتها أو على الأقل التقليل من أخطارها على مستقبل أمن واستقرار دول المنطقة؟.
وفي الإجابة على هذه التساؤلات لا بد من معالجة الموضوع على أكثر من مستوى أهمها الآتي:
أولاً: على مستوى العلاقات العربية الأمريكية:
وقعت أحداث 11 سبتمبر بينما كانت العلاقات بين العرب وامريكا تشهد بعض مظاهر التوتر وعدم الاستقرار بسبب الموقف الأمريكي المنحاز لاسرائيل والذي لم يتحرك لاثنائها عن المضي في سياساتها العدوانية ضد الفلسطينيين على الرغم من مطالبة العرب المستمرة بالتدخل الأمريكي، ثم جاءت هذه الأحداث وما تلاها من تطورات لتضيف أسباباً أخرى للتوتر بين العرب وأمريكا، بالنظر الى الاعتبارات التالية:
أ القائمة التي نشرتها جهات التحقيق الامريكية للمتهمين في الحادث، والتي اعلنت بعد فترة وجيزة جداً من الحادث، معظمها من العرب اضافة الى بعض المسلمين من جنسيات غير عربية. وقد انعكس هذا الامر على طبيعة التغطيات الصحافية الغربية للاحداث، فاتسمت، في بعضها، بالنزعة العدائية ضد العرب، كما انعكس على طبيعة ونوع المطالب الامريكية من العرب في اطار ما اسمته «التحالف والحرب ضد الإرهاب» فقد كان لافتا للنظر انه على الرغم من ان واشنطن قد طلبت من جميع حلفائها المساعدة والاشتراك في التحالف الدولي ضد الارهاب، فإن مساعد وزير الخارجية الامريكي لشؤون الشرق الادنى التقى بالسفراء العرب في امريكا بشكل خاص واملى عليهم سبعة مطالب امريكية في اطار دورهم في التحالف الدولي ضد الإرهاب، بشكل واسلوب بعيدين عن الاعراف الدبلوماسية والاحترام المتبادل بين الدول.
ب الاتهامات التي وجهت الى بعض الدول والمنظمات العربية بممارسة او دعم الارهاب، وبالتالي احتمال توجيه ضربات لهذه الدول، خاصة وان هناك عدداً من المؤشرات تشير الى ذلك اهمها الآتي:
1 تأكيد الرئيس الامريكي وغيره من المسؤولين الامريكيين على ان «الحرب ضد الارهاب» لن تتوقف عند حدود افغانستان، ولكنها سوف تشمل دولا ومنظمات اخرى تدعم الارهاب من وجهة النظر الامريكية، ويبدو التركيز واضحا خلال الفترة الاخيرة على العراق ولبنان بشكل خاص.
2 ان قائمة الدول التي ترى واشنطن انها ترعى الارهاب تضم عدة دول عربية هي (سوريا، السودان، ليبيا، العراق)، وتضم قائمة المنظمات التي تمارس الارهاب من وجهة نظر واشنطن العديد من المنظمات العربية والاسلامية على رأسها حزب الله في لبنان، منظمتا الجهاد الاسلامي وحماس في فلسطين وغيرها. وهناك العديد من الاصوات داخل امريكا تدعو إلى معاقبة كل من له صلة بالإرهاب وفق الرؤية الأمريكية، ولذلك يقول المسؤولون الأمريكيون ان هذه الحرب ستكون طويلة وممتدة.
3 احتمال ان تتجه الولايات المتحدة الى ضرب العراق أو أي دولة عربية أخرى، للفت الأنظار بعيداً عن «فشلها» في أفغانستان خاصة إذا طالت مدة هجماتها عليها دون أن تستطيع تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها في بداية الحرب، وقد بدأت التصريحات الأمريكية تتباين وتتخبط بالفعل بشأن مدة «الحرب» وصعوبة تحقيقها لأهدافها.
ج على الرغم من أن الولايات المتحدة قد أعلنت أنها تتفهم حدود الذي يمكن أن تقوم به بعض الدول العربية في مساندة «التحالف ضد الإرهاب»، فإن مواقف هذه الدول سيكون لها تأثيرها على علاقاتها مع واشنطن خلال الفترة القادمة، خاصة وأن الرئيس الأمريكي أكد على أنه «من ليس مع التحالف فهو مع الإرهاب»، وهذا معناه أن الدول العربية التي عارضت التحالف أو رفضت المساهمة فيه هي في «صف الإرهاب» وفق المنظور الأمريكي. وقد قسمت أمريكا دول التحالف إلى أربعة أقسام هي:
الدول الضالعة مباشرة بالعمليات الحربية وهي بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، واستراليا، وكندا.
الدول المشاركة في تقديم التسهيلات اللوجستية، والمعلومات الاستخبارية وهي إسرائيل، باكستان، الهند، بنجلاديش، اسبانيا، طاجيكستان، اوزبكستان، تركمانستان، كازاخستان، دول حلف الاطلسي الثماني عشرة.
الدول محدودة التأييد ومتعاطفة وهي روسيا، الصين، اليابان، تركيا، المملكة العربية السعودية، مصر، الكويت، الجزائر، سلطنة عمان، الاردن، قطر، الامارات.
دول مشمولة بمظلة الارهاب وهي افغانستان، ايران، العراق، سوريا، لبنان، اندونيسيا، وليبيا.
وتزداد خطورة ما سبق، عربياً بالنظر الى عدة اعتبارات أهمها:
1 تقود بعض الجهات داخل الولايات المتحدة حملة تحريض ضد الدول العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية ومصر، وهذا ما يتضح من الحملات الاعلامية التي تتعرض لها الدولتان، حيث اعلنتا تحفظاتهما على التحالف، ورفضت المملكة استخدام اراضيها لضرب افغانستان، كما رفضت مصر ارسال قوات مصرية للمشاركة في الهجمات على افغانستان.
2 هناك عناصر مؤثرة داخل مؤسسة صنع القرار في الولايات المتحدة، في مقدمتها نائب وزير الدفاع، تدفع في اتجاه توسيع نطاق الحرب لتشمل دولاً عربية. وان كان كولن بلول والرئيس بوش يعارضان هذا الامر حاليا، فإنه ليس هناك ما يضمن ان تستمر هذه المعارضة في المستقبل، خاصة على ضوء تطور العمليات العسكرية في افغانستان.
3 ظهرت خلال الفترة الماضية بعض الاصوات الامريكية التي دعت الى فك الارتباط الاقتصادي الامريكي مع العرب وخاصة في مجال الطاقة، والبحث عن مصادر اخرى بديلة في آسيا، لان هذا الارتباط، من وجهة نظر هذه الاصوات، يضيِّق من الخيارات السياسية المتاحة امام صانع القرار الامريكي.
4 بدأت بعض القوى السياسية داخل الولايات المتحدة وخاصة في الكونجرس تشكك في جدوى العلاقة مع بعض الدول العربية، مشيرة إلى ضرورة إعادة النظر في هذا الأمر.
5 استغلال اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة للظروف الحالية، في إذكاء عوامل التوتر في العلاقات العربية الأمريكية لصالح اسرائيل، وهذا ما يتضح بشكل خاص في وسائل الاعلام التي يسيطر عليها اليهود، حتى ان الرئيس بوش قد هدد حسب ما ذكرته صحيفة الحياة يوم 28/10/2001 بطرد أي مسؤول ينتقد مصر والسعودية، بعد ردود الفعل القوية التي صدرت من البلدين على المستويين السياسي والإعلامي.
6 ما يزيد من خطورة تأثير اللوبي المعادي للعرب داخل الولايات المتحدة، أنه يتحرك في بيئة مستعدة لتقبل مزاعمه في ظل العداء ضد العرب، والصعوبات التي تواجهها المؤسسات العربية والإسلامية العاملة على الساحة الأمريكية بعد أحداث سبتمبر.
ثانياً: غياب الموقف العربي الموحد:
ومما يزيد من عمق المشكلة التي تواجه العالم العربي هو عدم وجود موقف موحد، وغلبة الطابع القطري على مواقف الدول العربية المختلفة، في تعاطيها مع تطور الأحداث منذ 11 سبتمبر.
وهنا يمكن الإشارة إلى عدة مؤشرات أساسية لإبراز هذا الواقع، هي:
أ تباين المواقف العربية سواء تجاه ما حدث في 11 سبتمبر أو التحالف ضد الإرهاب أو الهجمات ضد أفغانستان. فقد شجبت كل الدول العربية ما تعرضت له أمريكا من إرهاب باستثناء العراق، وتحفظت مصر والسعودية على التحالف الدولي، فيما وافقت عليه دول عربية أخرى. أما بالنسبة للضربات ضد أفغانستان، فقد عمدت الدول العربية إما إلى عدم التعبير عن موقفها صراحة، أو الحديث بلغة دبلوماسية عن ضرورة عدم التعرض للمدنيين أو عدم استهداف أي دولة عربية بالهجمات.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن العرب معنيون، ربما أكثر من غيرهم، بكل التطورات الحادثة بدءاً من 11 سبتمبر، فإنهم لم يعقدوا اجتماعاً مشتركاً واحداً على اي مستوى لتنسيق مواقفهم، بالرغم من ان الامر كان من الخطورة بمكان بحيث يستلزم عقد قمة عربية طارئة، وحتى عندما اجتمع وزراء الخارجية العرب فإنهم اجتمعوا على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول الاسلامية في الدوحة يوم 10/10/2001 بعد شهر من أحداث نيويورك وواشنطن، والتنسيق الجماعي العربي الوحيد الذي يمكن القول انه كان متعاطياً مع تطور الأحداث تم في إطار مجلس التعاون من خلال اجتماعات وزراء الخارجية والاعلام والداخلية، وان كانت قد جاءت بعد فترة طويلة من الحادث، وبعد عدة اجتماعات اوروبية على مستويات مختلفة للتعاطي مع الامر، وحتى وزراء خارجية الدول الاسلامية، جاء بيانهم الختامي خالياً من اي مضمون.
ويظهر ذلك غياب التنسيق العربي الإسلامي، على الرغم من اهميته في ظل هذه الظروف، وذلك بسبب الخلافات بين الدول الاسلامية غير العربية، وبينها وبين الدول العربية.
ب غياب التفكير الاستراتيجي العربي في التعاطي مع تطورات الاحداث منذ 11 سبتمبر 2001، وسيطرة التفكير قصير المدى وذوي الطبيعة القطرية عليه على الرغم من ان الحادث منذ الحادي عشر من سبتمبر هو صراع بين استراتيجيات مختلفة على إعادة تشكيل آسيا والشرق والاوسط والمنطقة العربية انطلاقا من افغانستان.
ج غياب دور الامانة العامة لجامعة الدول العربية في العمل على تشكيل موقف عربي موحد من أحداث الولايات المتحدة بالرغم من ان ما حدث مس الجامعة في الصميم، فاضافة لما سبق فان ما حدث في الولايات المتحدة كان ضربة لجهود تكوين لوبي عربي اسلامي في الولايات المتحدة مضاد للوبي اليهودي وذلك لخدمة المصالح العربية والاسلامية، هذا اللوبي الذي كان في طريقه للتشكيل بالفعل وممارسة دوره بدعم من الجامعة بهدف تفعيل دورها على الساحة الدولية.
كما أن غياب الجامعة، دعم من محاولة تفكيك النظام الاقليمي العربي، إذ ان من ضمن أهداف التحالف الدولي الجديد «ضد الارهاب» هو استكمال ما لم يستكمل من هياكل النظام الاقليمي شرق الاوسطي المراد له ان يحل محل النظام الاقليمي العربي، ولكن حدود هذا النظام سوف تختلف عن حدوده التي طرحت في إطار «عملية السلام» فقد كان الهدف في البداية هو ربط العرب باسرائيل، ولكن الهدف الآن هو توسيع نطاق النظام ليشمل افغانستان والقوى المحيطة بها بدءاً من باكستان وايران ودول آسيا الاسلامية مع مشاركة غير مباشرة من ثلاث قوى مجاورة لهذا النظام هي الهند والصين وروسيا، وهكذا يرتبط أمن الشرق الأوسط بمفهومه الواسع بأمن وسط اسيا وجنوب شرق اسيا، لتكون كل هذه الكتلة الممتدة من اليابان شرقاً وحتى حدود المغرب غرباً، ومن الحدود الجنوبية لروسيا وشمال تركيا شمالاً حتى القرن الافريقي وحدود الصحراء الافريقية جنوباً، تحت الضغط والسيطرة الامريكية من الناحية الفعلية».
والواقع ان احداث سبتمبر في الولايات المتحدة، كانت بمثابة اول اختبار يواجه الجامعة العربية بعد تولي عمرو موسى منصب امانتها العامة، وبالتالي فقد كانت فرصة كبيرة له لتأكيد مصداقية الجامعة، واستجابة للامال الكبيرة التي علقت عليه عربيا في تطويرها، إلا أن ما حدث هو أن الجامعة غابت بشكل شبه تام عن توجيه مسار الاحداث والمواقف، وجاءت ردود فعلها بطيئة ومتأخرة، حتى أن موسى ذهب إلى واشنطن بعد حوالي شهر ونصف الشهر من الأحداث الإرهابية وفي خلفيته موقف عربي مختلف على نفسه، بحيث كان التساؤل عمن تعبر الجامعة وباسم من يتحدث أمينها العام مع المسئولين الأمريكيين؟ وقد كان ذلك واضحاً في تصريحات الأمين العام اثناء الزيارة من حيث مضمونها ونبرتها، فعلى سبيل المثال: «نفى» وجود خطط لضرب دول عربية ولم «يرفض» أو «يحذر»، على خلاف المعروف عنه في مثل هذه الحالات.
ثالثاً: التوجهات الأمريكية تجاه آسيا وتداعياتها العربية:
تؤكد الشواهد حتى الآن أن الولايات المتحدة ستستغل «الحرب ضد الإرهاب» لتحقيق هدف مزدوج هو: السيطرة على أفغانستان من ناحية، وبسط سيطرتها على منطقة آسيا الوسطى من ناحية أخرى، هذه المنطقة التي كانت تتوق إلى السيطرة عليها منذ فترة طويلة وقد جاءتها الفرصة، وبالتالي فإنها لن تغادر المنطقة بعد الإفراغ من حملتها ضد ابن لادن، وليس أدل على ذلك من أنها لم تطلب من حلف الناتو المشاركة في الحملة ضد افغانستان مثلما حدث في كوسوفا، وهذا ليس له معنى سوى أنها تسعى إلى «تحقيق هدف استراتيجي أحادي في المنطقة» وبالاضافة الى الاهداف السياسية الامريكية من البقاء في منطقة آسيا الوسطى واهمها محاصرة النفوذ الايراني في المنطقة، وعزل الصين عنها، ومنافسة روسيا، فإن هناك هدفاً اقتصادياً أساسياً يتمثل في الوصول الى بترول بحر قزوين ذي الاحتياطات الضخمة والذي تحول الخلافات بين الدول المطلة على البحر دون استغلاله.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أعدت تقريراً حول استراتيجيتها العسكرية على المستوى الدولي، انتهت من بعض اجزائه قبل هجمات 11 سبتمبر، واتمت باقي التقرير بعدها، حيث اشارت فيه الى ان اسيا تظهر تدريجيا كمنطقة عرضة لمنافسة عسكرية واسعة النطاق.. وإلى جانب قوس عريض من عدم الاستقرار يمتد من الشرق الاوسط الى شمال شرقي آسيا، تحتوي المنطقة على خليط متفجر من القوى الاقليمية الصاعدة والافلة، واشار الى احتمال الإطاحة ببعض الحكومات بواسطة قوى راديكيالية او متطرفة في الداخل. واشار الى ان الكثير من الدول في ذلك القوس تنشر جيوشا كبيرة وتمتلك امكانية تطوير او الحصول على أسلحة دمار شامل، ولمواجهة اعداء غامضي الهوية مثل الارهابيين، دعا التقرير الى زيادة قدرات القوات الامريكية على النقل البحري والجوي.
والسؤال هنا هو: ماذا يعني ذلك عربياً؟
وللإجابة على هذا التساؤل لا بد من الإشارة إلى عدة نقاط رئيسية هي:
1 سوف يعني بقاء امريكا في اسيا تراجع النفوذ العربي في منطقة اسيا الوسطى، وتحديداً في الدول الاسلامية، وقد يكون اول المستفيدين من ذلك، الى جانب الولايات المتحدة، اسرائيل وتركيا، وقد سعت الاخيرتان بالفعل الى التواجد بالمنطقة ومنافسة الوجود الايراني والعربي بقوة، وحققنا نجاحات كبيرة في هذا الصدد.
2 التواجد العسكري الأمريكي في آسيا الوسطى عند منابع النفط في بحر قزوين، يمكن ان يقلل من الاهمية العسكرية والاستراتيجية والاقتصادية لمنطقة الخليج بالنسبة للولايات المتحدة فيما يتعلق بمصادر الطاقة.
3 في ظل الحديث عن مقاومة الاصولية الاسلامية في آسيا، سوف يبرز الدور الاسرائيلي بقوة بالقرب من الخليج، خاصة وان اسرائيل قد دأبت على تقديم نفسها للولايات المتحدة على انها عنصر أساسي في مقاومة المد الاصولي الاسلامي في اسيا، وقد اشارت الانباء بالفعل إلى ان ضباطا اسرائيليين قد وصلوا الى قيرغيزستان واوزبكستان، لمساعدتهما على مواجهة اي تحركات اصولية مناوئة لهما من الداخل.
4 اتهمت بعض دول الخليج، بانها مصدر غير مباشر لتمويل بعض الجماعات الاصولية في اسيا، وان هناك بعض الجماعات الخيرية الخليجية على اتصال بهذه الجماعات الاصولية، وهذا يعني ان دولا خليجية سوف تتعرض لضغوط خلال الفترة في هذا الشأن.
ويستدعي ما سبق الإشارة إلى عدة ملاحظات أساسية هي:
* ليس مطلوبا أو ممكناً تحدي الولايات المتحدة خاصة في ظل التأييد العالمي الواسع لها فيما تسميها الحرب ضد «الارهاب»، وفي نفس الوقت ليس مطلوبا ايضا الاستجابة لكل مطالبها وتفسيراتها وتصوراتها بشأن الامور والقضايا المختلفة، او الوقوف على الحياد، لان ما يحدث منذ 11 سبتمبر لا يحتمل الحياد بشأنه لسبب اساسي هو انه يمس المصالح العربية في الصميم ولكن العرب لم يستطيعوا الوصول الى موقف توازني موحد يحقق مصالحهم وفي الوقت ذاته لا يجرهم الى صدام مع امريكا.
* من الضروري تعامل العرب مع هذه الاحداث من منطلق استراتيجي شامل قصير ومتوسط وبعيد المدى، وعدم الاقتصار على التعاطي الوقتي مع الاحداث، أو اخذ جانب رد الفعل المتأخر على تطوراتها. فما يشهده العالم الآن هو صراع، علني وخفي، بين عدة استراتيجيات تسعى كل منها إلى الدفاع عن مصالح محددة او الترتيب لواقع جديد يحقق اهدافها، فيما تغيب الاستراتيجية العربية الاسلامية، على الرغم من ان ارض العرب والاسلام هي المسرح الاساسي لهذا الصراع.
* في ظل تباين واختلاف المواقف الرسمية العربية الذي يحول دون اتفاقهما على موقف واحد، وكذلك بالنسبة لمواقف الدول الاسلامية فإن جزءاً من المسئولية ملقى على عاتق المؤسسات والجهات غير الحكومية مثل المعاهد ومراكز الدراسات العربية والاسلامية الموجودة في الدول الاسلامية والعربية او في امريكا واوروبا، فضلا عن دور المؤسسات الدينية والاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني الاخرى في تصحيح صورة الاسلام وتقليل خسائر العرب والمسلمين اذ من الصعب تفاديها تماماً.
* من الضروري ان يتخلص العرب من «عقدة» الاتهام بالارهاب، التي حاول البعض حصرهم في إطارها منذ أحداث سبتمبر، لابقائهم دائماً في موقع رد الفعل وليس المبادر أو الفاعل ويحتاج ذلك إلى الرد العلمي المدروس على الحملات الإعلامية الغربية ضدهم، والتعبير عن مواقفهم بوضوح، فقد أدى الرد السعودي القوي الذي عبر عنه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني والذي عكس الثوابت السياسية والدينية للمملكة التي لا يمكن الحياد عنها، في مواجهة بعض وسائل الإعلام الأمريكية، وكذلك الرد المصري، إلى تدخل الرئيس بوش بنفسه وتهديده بطرد أي مسؤول يتورط في انتقاد اي من البلدين كما سبقت الإشارة.
|
|
|
|
|