| مقـالات
* ها أنذا بكل حضوري وانفعالاتي وسنوات العمر أنتظر مركب الهجرة على شاطىء السفر.
أحمل حقائب ذكرياتي، وأسطر حبٍ كتبتها لي مرة على وردةٍ ذبلت، وياسمينة تقصَّفت أوراقها من الجفاف.
أنتظر مركب الهجرة على شاطىء السفر مع غرباء حملهم اليأس على الرحيل.
وكتبت على جبينهم الغربة الدائمة، أنتظر.. أنتظر مركباً يحمل عائدين إلى الأرض التي رحلوا عنها منذ سنين يحملون معهم سلالاً من الآمال الكبيرة، والتفاؤل والأحلام والحب والإلهام بسعادةٍ منتظرة.
وأنا والغرباء الآخرون نحمل سلال اليأس مثلهم يوم رحلوا، وننتظر مركب عودتهم ليحملنا إلى أرضٍ ليس فيها إلاَّ ورودٍ وسماء.
المستقبلون كثر... يحملون الزهور ويتنقلون بفرحة انتظار عودة الغائبين.
والمودعون لا وجود لهم، فنحن المسافرين لم يعد لنا من يهتم برحيلنا، ولا بقصة هروبنا، العائدون يرون في الأرض التي تنتظرهم كل آمال المستقبل.
ونحن فقدنا كل آمالنا، وكل ابتساماتنا حتى قررنا الرحيل.
أنتظر مركب الهجرة ليبتعد بي عن أرضٍ فقدت فيها كل عواطفي، كل حبي، كل ابتساماتي، وليضعني بين سمائه وبحره.
أنتظر من مركب الهجرة أن يوصلني إلى شاطىء مهجور أحصي حبات رمله لأنسى، أجمع محاره لأنسى، وأزرعه وروداً لاتذبل ولا تنسى.
أود لو تبتعد السفينة إلى وراء الأفق لأرمي حقائب ذكرياتي في بحرٍ لم يعرف عمقه بعد.
السفينة ستبحر، ولا مودع أطلَّ ليلوح لنا من بعيد. أنا والغرباء بيننا قاسمٌ مشترك الضياع، والماضي الذي أصبح ذكريات.
أبتعد عن الشاطىء، ويحملني مركب الهجرة إلى أرضٍ جديدة لا تسأل عن الماضي ولا يهمها المستقبل.
لحظة صدق
القصيدة ليست مجرد كلمات متناسقة تشكل أبياتاً من الشعر، فكم من الناس يشكلون قصائد غير مكتوبة بذلك التوازن المحبب، واللطف المهذب اللذين يعلنان عن نفسيهما بكل وضوح ويكتمل الإبداع حين يتوج ذلك كله بالجمال.
وبعد:
إن العصر الذي نعيشه يفتقد لرومانسية الحب.
|
|
|
|
|