| متابعة
* حوار د. محمد شومان
موفد الجزيرة إلى أستراليا:
منذ سنوات طويلة هاجر الافغاني المسلم د. امين صيقل الى استراليا حيث عمل كاستاذ متخصص في شؤون وسط اسيا، واصدر عددا من الكتب وعشرات الدراسات العلمية الموثقة عن اوضاع الصراع في افغانستان ووسط اسيا والشرق الاوسط، كما تطرق في الكثير من ابحاثه الى علاقة العرب والمسلمين بالحضارة الغربية، وقد تعدت شهرته استراليا الى اوروبا وامريكا فحل ضيفا على كثير من جامعاتها، كما لمع اسمه وتنوعت مساهماته في وسائل الاعلام الدولية حول دور الاسلام والحضارة الاسلامية في تطور الحضارة البشرية، وملامح الصحوة الاسلامية وتأثيرها في العالمين العربي والاسلامي.
ونظرا للسمعة الطيبة والمكانة العلمية المرموقة للدكتور امين صيقل فقد نجح في تأسيس اول مركز اكاديمي للدراسات العربية والاسلامية في جامعة استراليا الوطنية بكانبرا حيث يعمل حاليا مديرا لهذا المركز.
«الجزيرة» التقت د. صيقل في منزله والذي حافظ فيه على كل التقاليد الاسلامية والتراث الوطني الافغاني، وكان هذا الحوار حول اهم مساهماته البحثية ورؤيته لتطور الاوضاع في افغانستان بعد الحملة العسكرية ضد الارهاب، وكذلك مستقبل الشعب الافغاني.
* بداية كيف جاءت فكرة تأسيس مركز للدراسات العربية والاسلامية في جامعة استراليا الوطنية بكانبرا؟
جاءت فكرة تأسيس المركز بعد حرب الخليج الثانية حيث كشفت هذه الحرب عن مفارقة وجود اهتمام كبير من الرأي العام الاسترالي والمسؤولين الاستراليين بمتابعة احداث المنطقة، وفي الوقت نفسه وجود نقص شديد في المختصين والباحثين والمهتمين بشؤون الشرق الاوسط والخليج العربي، واذكر ان وسائل الاعلام الاسترالية لم تجد في استراليا كلها سوى ثلاثة خبراء فقط، انا واحد منهم، لتعرف من خلالهم طبيعة الاحداث ومستقبل التطورات في الخليج اثناء وبعد الحرب.
واكتشفت ايضا اثناء حرب الخليج الثانية جهل اغلب الاستراليين باوضاع المنطقة العربية وحقائق الدين الاسلامي، لذلك بدأت افكر في ايجاد مؤسسة علمية متخصصة تعمل على تعريف الاستراليين بالعالم العربي والاسلامي، وانتهيت الى ضرورة تأسيس مركز عن الشرق الاوسط ووسط اسيا.
والحقيقة انني فكرت ايضا في الاهتمام بوسط اسيا لعدة اسباب اهمها ان وسط اسيا هو امتداد طبيعي لعالم الاسلام، كما ان دول وسط اسيا لها علاقة تاريخية واقتصادية باستراليا.
وفي عام 1991 بدأت في التحرك العملي والتفاوض مع رئيس جامعة كانبرا لانشاء مركز الشرق الاوسط ووسط اسيا، واستمرت المفاوضات والاعمال التحضيرية اكثر من عامين حتى اعلن عن تأسيس المركز رسميا في فبراير 1994، للعمل على تحقيق اربعة اهداف هي:
1 تصحيح الصور المغلوطة عن العالم العربي والاسلامي والتي تنتشر في استراليا، وذلك من خلال توسيع الادراك والفهم الصحيح للعرب والمسلمين.
2 توفير فرص دراسية للطلاب الاستراليين والاجانب لدراسة العالم العربي والاسلامي.
3 تزويد وتدريب المسؤولين في الهئيات الاسترالية الحكومية وغير الحكومية على اساليب التعامل مع دول الشرق الاوسط والدول الاسلامية في وسط اسيا.
4 لعب دور في توسيع وتطوير العلاقات بين استراليا و العالم العربي والعالم الاسلامي.
وبدأ العمل في المركز بامكانيات مادية وبشرية محدودة ثم تطور العمل وتغير اسم المركز الى مركز دراسات العالم العربي والاسلامي بعد ان تلقى المركز منحة كريمة من دولة الامارات العربية المتحدة بقيمة 5.2 مليون دولار استرالي «حوالي 25.1 مليون دولار امريكي» وقد دفعت الحكومة الاسترالية 5.2 مليون دولار اخرى، وقد خصص مجلس ادارة المركز 2 مليون دولار لبناء مبنى حديث ومتطور للمركز، كما خصص 2 مليون دولار لمنح دراسية الى اساتذة عرب واستراليين، ومليون دولار لمنح دراسية لطلاب واساتذة زائرين من استراليا والدول العربية والاسلامية.
صورة العرب في أستراليا
* ماهي ابرز الانشطة التي يقوم بها المركز حاليا؟
المركز يعمل في مبنى ملحق بجامعة كانبرا وسيتم افتتاح المبنى الجديد بعد عام ان شاء الله، ورغم قلة الامكانيات المادية فإننا نجحنا في جذب 17 طالب دكتوراه، و10 طلاب للماجستير تخصصوا في دراسة موضوعات اسلامية او قضايا سياسية واجتماعية ذات علاقة بالعالم العربي والاسلامي وعلاوة على ذلك يدرس حاليا حوالي 200 طالب وطالبة في مرحلة البكالوريوس مقررات دراسية عن العالم العربي والاسلامي، ومن المنتظر ان يناقش 13 طالبا الدكتوراه في العام القادم ومثل هذه الحصيلة من الدراسات و البحوث لم تكن معروفة في استراليا قبل تأسيس المركز. كذلك المركز ينظم سنويا مؤتمرين وحلقة نقاشية كل شهرين، وقد ناقشت هذه الحلقات الصراع العربي الصهيويني، والعلاقات العربية الاسبانية والعلاقات الايرانية الاسترالية، والفكر الاسلامي، وغيرها من الموضوعات، واشترك معنا في هذه الحلقات اساتذة وسياسيون من العالم العربي والاسلامي، حيث شاركت معنا حنان عشراوي ونبيل شعث من فلسطين، ود. عبدالخالق عبدالله من الامارات، ورئيس كازخستان، ومن المملكة العربية السعودية شارك معنا د. عثمان الرواف.
* صورة العرب والمسلمين في استراليا تقدم في وسائل الاعلام بطريقة غير دقيقة، وتحمل تحيزات ورموزاً سلبية وقد تعرضت لمزيد من التشويه بعد احداث 11 سبتمبر الماضي.. برأيك ماهي اسباب نشر صور سلبية عن العرب والمسلمين في استراليا؟ وكيف يمكن تصحيح هذه الصورة؟
هذه مشكلة حقيقية يعاني منها كثير من المسلمين الذين يعيشون في استراليا، ولاشك ان هناك ضرورة لتصحيح هذه الصورة كخطوة مهمة لتطوير الفهم وتحسين العلاقات الرسمية والشعبية بين استراليا والعالم العربي والاسلامي وفي هذا الاطار يهتم مركزنا بتصحيح صورة الاسلام بين الباحثين والدارسين الاستراليين، وهو ماقد ينعكس بعد ذلك على الرأي العام.
اما اذا تطرقنا الى اسباب الصورة السلبية السائدة للعرب والمسلمين بين الاستراليين فإنني اشير في عجالة الى البعد الجغرافي بين استراليا والعالم العربي، وعدم وجود علاقات ديبلوماسية واقتصادية قوية بين استراليا والعالم العربي، ويمكن القول بأن العرب لم يكتشفوا استراليا الا حديثا، فقبل 20 عاما لم يكن في استراليا سوى سفارتين لمصر والسعودية ولكن حاليا الصورة بدأت تختلف فالامارات افتتحت سفارة نشيطة للغاية كذلك الاردن ولبنان وحدث تطور كبير في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين استراليا والدول العربية والاسلامية، وتحسنت كثيرا نوعية المهاجرين الوافدين من الدول العربية والاسلامية فأغلبهم من حملة المؤهلات العليا والخبرة العلمية المميزة الامر الذي يمكنهم من تقديم صورة ايجابية عن الانسان العربي المسلم.
لكن يجب الا ننسى وجود اللوبي اليهودي المؤثر في الاعلام الاسترالي والذي يعمل بجدية وتنظيم شديد للحفاظ على مصالحه والتي قد تتضمن تشويه صورة العربي المسلم ودمغه بالارهاب، وقد جاءت احداث سبتمبر الماضي لتضيف ابعادا سلبية وتقلل من التأثير الايجابي الذي كانت بعض الجمعيات وبعض الاشخاص العرب والمسلمين يقومون به لتصحيح صورة العرب والمسلمين.
* كم عدد الاقلية اليهودية مقارنة بعدد المسلمين في استراليا؟
المسلمون اكثر من اليهود، ويقدر البعض عددهم بنصف مليون أي حوالي 5.2% تقريبا من اجمالي عدد السكان، ولكن هذا التقدير قد يكون مبالغا فيه، واعتقد ان المسلمين لايقلون عن 300 الف نسمة، نصفهم على الاقل عرب، كذلك فإن المسيحيين العرب قد يزيد عددهم عن 150 الف نسمة، وبشكل عام فإن المسلمين في استراليا يعانون من عدم وجود تقاليد للعمل المشترك وضعف التنظيم بل واحيانا يدخلون في صراعات لامعنى لها، في المقابل نجد افراد الجالية اليهودية على درجة عالية من التنظيم والتعليم، علاوة على تركزهم في مجالات المال والتجارة والاعلام وبالتالي قدرتهم على التأثير في دوائر صنع القرار في استراليا.
|
|
|
|
|