| الاقتصادية
2/2
لقد قلت في المقال السابق ان مياه الصرف الصحي تشكل أنهاراً جارية ومستمرة التدفق، وأنها تذهب هدراً مع أنه من الممكن معالجة كيفية الاستفادة منها. فكيف ذلك؟
تعاني مياه الصرف الصحي من المواد العالقة والذائبة فيها مما يحد من استخدامها مرة أخرى تبعاً لنوعية وكمية تلك المواد الشائبة. والحقيقة أن مياه الصرف الصحي بوضعها الحالي في بلادنا غير صالحة للاستخدام، وتظل عبئاً على مرافق المياه من حيث كيفية التخلص منها، وأنها مصدر محتمل لمشكلات صحية وبيئية، مالم يتم مراقبة تحولاتها ومظاهر تغيرها الكيميائي، الحيوي والفيزيائي. ولكن ألا توجد وسيلة بل وسائل للتعامل مع هذا الكم الهائل من المياه لجعله مفيداً علاوة على اتقاء شر ما يحتويه؟.
لو تقصينا مصادر التلوث في مياه الصرف الصحي ومن ثم تم تصنيفها طبقاً لطبيعة المادة الملوثة وطريقة تلويثها، لامكن إيجاد استرتيجيات للتعامل مع هذه الملوثات والسيطرة عليها، ولامكن اكتشاف العوامل المساعدة في تعقيد مشكلة تلوث مياه الصرف أو المساعد في تقليل أثرها وبعدها الصحي والبيئي. قد يكون من المناسب هنا أن أوضح لك أيها القارئ العزيز بشيء من التبسيط عما تعانيه مياه الصرف الصحي في مدننا العربية عموماً. إن حياتنا المدنية قد حملت معها استخدام الماء كوسيط إذابة وحمل للمواد غير المرغوبة وفوائض السوائل بشكل واسع.وهنا تكمن المشكلة. إذ لو تم تصنيف تلك المواد الصلبة والسائلة ومواقع دخولها إلى شبكة الصرف الصحي كالمصانع والورش التي تستخدم الماء للتخلص من المواد الكيميائية غير المرغوبة، المعامل، المستشفيات، وصرف المنازل ووضع الضوابط التي تحدد السماح لدخولها لتلك الشبكة ومنعت المواد التي تعيق الاستفادة من تلك المياه بعد المعالجة أو تعقد عملية المعالجة لامكن التخلص من أحد أكبر مصادر تلويث مياه الصرف الصحي. ولن يقتصر الأمر على ذلك بل يجب وضع قيود على إنتاج أو استيراد المواد ذات الطبيعة الثابتة أو السمية العالية والتي تعد من المواد الضارة بصحة الإنسان وبالبيئة وهي غالباً ما تكون موجودة في المحاليل، الأصباغ، المبيدات، المنظفات، المذيبات، وغيرها من المنتجات المستهلكة في الصناعة والزراعة وحتى بعض استخدامات النشاطات الصحية والعمرانية وقد تحتوي على معادن ثقيلة أو مركبات ذات طبيعة معقدة كيمائياً يمكن الاستعاضة عنها بمواد صالحة «صديقة Environmental Friendly» للإنسان والبيئة أما الملوثات الصلبة والحيوية مثل البكتريا «بكتريا القولون «COLIFORM» وغيرها فهناك طرق ووسائل متعارف عليها عالمياً للتخلص منها أو تقليل أثرها السلبي بما يسمى حالياً بمعالجة مياه الصرف الصحي.
جامعة الملك سعود القصيم
qsc@ksu.edu.sa
|
|
|
|
|