| مقـالات
فطر الانسان على حب أشياء كثيرة يتسارع فيها الناس فهو مفطور على حب الحياة والتعلق بها وطلب البقاء وكراهية الموت بل والهروب منه ولذا عندما قال صلى الله عليه وسلم: «من احب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه» قالت عائشة رضي الله عنها: «يا رسول الله كراهية لقاء الله ان يكره الموت فو الله انا لنكرهه فقال عليه الصلاة والسلام ليس بذاك ولكن المؤمن اذا قضى الله عز وجل قبضه فرج له عما بين يديه من ثواب الله عز وجل وكرامته فيموت حين يموت وهو يحب لقاء الله عز وجل والله يحب لقاءه».ولذا قال تعالى عن اليهود: «ولتجدنهم أحرص الناس على حياة...»
وهذا يدل على اشتراك الناس في الحرص ولكن اليهود أحرصهم عليها ومع ان حب الحياة غريزة فطر الانسان عليها الا ان المؤمن الذي يتطلع الى أعلى تسمو نفسه عن المطالب الزائلة الى الحياة الباقية.
ولذا عندما قال صلى الله عليه وسلم لاصحابه يوم بدر: «قوموا الى جنة عرضها السموات والارض قال عمير بن حمام الانصاري: يا رسول الله جنة عرضها السموات والارض قال: نعم قال: بخٍ بخٍ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ قال: لا والله يا رسول الله الا رجاء ان أكون من أهلها قال: فإنك من أهلها فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه انها لحياة طويلة فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل».
فالمؤمن يضحي بالحياة ليطلب الحياة يضحي بالزائلة ليطلب الباقية.
ومن الذي بذل الحياة رخيصة
ورأى رضاك أعز شيء فاشترى؟ |
والرجل مفطور على الميل الى المرأة والمرأة كذلك مفطورة على الميل الى الرجل وليس من العبادة ولا الزهد والتنسك مخالفة هذه الفطرة يترك الزواج اذ هو الطريق المشروع لإشباع هذه الغريزة ولذا أمتن الله تعالى على عباده بهذه النعمة قال الله تعالى: «ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون».
فإشباع هذه الغريزة بالمباح وموافقة الفطرة التي فطر الانسان عليها من سنن المرسلين كما قال تعالى: «ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية» ولذا ذهب بعض العلماء الى وجوب الزواج على القادر عليه ولا خلاف في استحبابه وأفضليته خصوصاً في هذا الزمن الذي كثرت فيه المغريات والفتن ومع وجود دافع الغريزة الى الجنس الآخر الا ان المؤمن لا يتعدى المباح الى المحرم ولو سهل الحصول عليه واستطاع الوصول اليه لأن المؤمن يستعلي على الشهوات المحرمة لأنه لاخير في لذة عاجلة تتبعها حسرة دائمة:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها
من الحرام ويبقى الخزى والعارُ
تبقى عواقب سوء في مغبتها
لا خير في لذة من بعدها النارُ |
والمرء مفطور على حب الولد والمال والشهوات كما قال تعالى: «زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب».وحب هذه المذكورات لا يذم لأنه من الفطرة لكن بشرط الا تصل محبتها الى تقديمها على محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هنا يأتي الذم لها والتحذير منها قال تعالى: «قل ان كان آباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين».
* جامعة أم القرى
مكة ص.ب 13663
amrsa@hotmail.Com
|
|
|
|
|