| فنون مسرحية
* جدة الجزيرة:
على قدر ما يحمله الاسم من معانٍ جميلة جاء العمل نقلة لمسرح الجمعية بجدة وجاءت السمفونية نغمة آولى على سلم الابداع والتناغم وعزف المخرج «محمد الجفري» على كلمات المؤلف «شادي عاشور» لحن التغيير التاريخي في جدار الزمن وادى العازفون سجاد الهوساوي وخليل الجهني ومحد بكر اجمل الالحان على خشبة المسرح التي غصت بالحضور من عشاق المسرح.
ويظل هناك سؤال قائم لا يجد له جواباً ولا تفسيراً وهو كل كانت السمفونية مسرحية قدمتها لجنة المسرح لجمعية الثقافة والفنون بجدة برئاسة الدكتور حسن النعمي والاستاذ «عبدالله باحطاب» أم انها كانت حلماً جميلاً يداعب جفون عشاق المسرح الحديث بجدة
فقط مخرج العمل يجيب علينا ليقول: لا.. لقد كان عملاً مسرحياً خرج من القلب ليصل الى جميع قلوب عشاق المسرح السعودي، عمل اجبر الجميع أن يقفوا احتراماً وتقديراً لما وصل إليه مسرحنا المحلي..
واذا استمعنا الى نغمات هذه السمفونية نجد ما يلي (النص من النوع الرمزي يتحدث عن النفس البشرية وما تحمله من تناقضات وما يجعل النص مميزاً هو عمق الفكرة وسلاسة الحوار وقصر الجمل الحوارية بين الشخصيات ووضوح الهدف الذي يرمي اليه المؤلف وربما أن المؤلف الشاب «شادي عاشور» ولد متميزاً على يدي المخرج «محمد الجفري» الذي قاد فرقة جمعية جدة الى شواطىء الابداع).
وحقيقة قدم العمل بصورة رمزية ذات طابع ادرياتيكي حمل بين طياته الرغبة والخوف والموت والحياة وعمد المخرج الى تقديم خشبة بيضاء تحمل بعض القطع الموسيقية التي عبرت بصدق عن كل ما يحمله النص من رموز فكانت الحبيبة وتابوت الموت والابن والصديق والخيل الذي نمتطيه لنصل إلى غايتنا واطماعنا وكانت ايضا هي الرمز الحقيقي للتدرج الزمني لمراحل العمر لدى الانسان ولعب المخرج على لعبة الإضاءة وخيال الظل فجعل البانوراما بيضاء تتلون حسب الحدث الدرامي على الخشبة فتارة نجد المسرح قطعة من الجمر الاحمر وتارة نهراً أرجوانياً وتارة زنزانة بأحد السجون المهجورة بل انه استخدم قاعة المسرح لتكون مكاناً للأحداث فبدأت لعبة الحياة والموت وصراع البقاء من بين صفوف المشاهدين ليعبر بصدق أن سيمفونية الحياة هي على ارض الواقع وليس فوق خشبة المسرح فقط. كما انه استخدم لعبة الفراغ والجسد بتمكن فقد اعتمد العرض في اغلب اجزائه على ممثلين فقط الا انهما يجعلانك تشعر بهما يملآن كل ارجاء المسرح حيث استغلت جميع أجزاء المسرح بكل اقتدار كما ان الاضاءة والاظلام تم توظيفهما درامياً بشكل كبير فلم تكن فقط للفصل بين لوحات المسرحية الخمسة بل كانت ايضاً كجزء مهم في السياق الدرامي للأحداث.
كما اعتمد العرض على الاضاءة كعنصر فعال وتم توظيف الالوان حسب المفاهيم والدلالات الفنية المسرحية الاكاديمية المعبرة عن مفهوم الوان على المسرح فكان الازرق رمزاً واضحاً للموت والاحمر هو رمز للصراع والرغبات المتوحشة وكان لون الاقحوان رمزاً واضحاً للرومانسية.. اما المؤثرات الصوتية فكانت ضربة موفقة حيث كانت جميعها حية فقد استعان المخرج بالفنان العازف «نبيل السليماني» لتقديم جميع المؤثرات الصوتية وموسيقى البداية والنهاية والربط بين لوحات العمل حية من داخل قاعة العرض بل تم اشراك العازف في اللعبة المسرحية فاصبح من الصعب الفصل بينه وبين احداث المسرحية مما يجعلك لا تشعر بأنه دخيل على العمل وقد كان موفقاً للغاية في مشاركته المسرحية الاولى.
وعند النظر الى الديكور نجده مبتكراً فعلاً فقد كان عبارة عن بعض القطع المنحوتة من الفلين ونجد القطع تأخذ شكل الكمان، و«التشلو» و«الكونترباص» مما يوحي لك للوهلة الأولى بانك ستعيش حفلة موسيقية حقيقية لا تستطيع فيها بأن تفرق بين العزف على الأوتار والعزف على الكلمات.. وقام بتنفيذ الديكور المهندس نادر الجمال، والاضاءة قام بتنفيذها الفنان «احمد الانصاري» يعاونه كل من: الفنان عثمان فلاتة و«خالد مرزوق» تنفيذ الديكور وتحريكه على خشبة المسرح «نايف البطاح» و«احمد الصمان».. ادارة الحركة المسرحية «النهاري عبدالعزيز» و«مبروك السلمي» هندسة الصوت بندر ابوجامل واسامة حلس، إدارة الانتاج علي دعبوش الاشراف والمتابعة الاستاذ عبدالله باحطاب.
من الحفل: بعد نهاية العرض التقى المخرج بالاستاذ مشعل الرشيد الذي قال له: لقد دعوتني لحضور حفل مسرحي وليس لحضور قنبلة فنية..
المخرج المعروف «سمعان العاني» ابدى اعجابه بالعرض ونوه ان مثل هذه المسرحية يجب ان تشارك بالمسابقات الدولية لترسم صورة حقيقية عن مدى تطور المسرح السعودي.. الاستاذ محمد احمد سلام «منسق قناة المناهج بشبكة راديو وتلفزيون العرب (A.R.T) اكتفى بالقول (أنا منبهر.. أنا منبهر) ونوه الى ان هذا العرض نخبوي لمن يعشق المسرح الاستاذ «خالد المحيميد» الصحفي بجريدة الوطن اشار الى ان مثل هذه الاعمال يجب ان تدرس لطلبة المدارس للاستفادة منها وتجهيز جيل جديد من الكوادر الفنية السعودية. الدكتور (ابوبكر باقادر) ابدى اعجابه الشديد بما قدم واشار الى انه يتمنى المزيد من هذه الاعمل التي لاتتكرر كثيراً وأن العمل احترافي وذو خصوصية شديدة.
* الدكتور عبدالله الحربي اثنى كثيراً على مستوى العمل وقال ان العمل على مستوى الاعمال الاحترافية، التي حضرها على خشبات المسرح الأوروبي وسعادته ان العمل يقدمه مجموعة من الشباب السعودي الهاوي العاشق للمسرح.
* الموسيقار (غازي علي) قال نريد هكذا ومزيد من الابداع الراقي.
اخيراً: بهذا العمل يصرخ فينا مخرج العمل ليقول: لدينا مواهب سعودية من حيث التأليف والتمثل والادارة المسرحية والتقنية المسرحية ومنهم «سجاد الهوساوي» وخليل الجهني وهما «نموذج رائع للمثل السعودي المثقف القادر على تقديم اصعب الادوار والشخصيات المسرحية بكل وعي وادراك لابعاد العمل المسرحي وعمق الشخصيات وابعادها الفنية...
«الجفري» قدم للجميع حلماً مسرحياً رائعاً قد لا يتكرر كثيراً وقدم صك اثبات ان جدة لديها مسرح حقيقي. متطور ذو صبغة اكاديمية.
|
|
|
|
|