| عزيزتـي الجزيرة
لقد صادف الإسلام دين الله الحنيف ومنذ عهوده الأولى وإلى يومنا إياماً صعاباً لأنه يمثل الحق في وجه الباطل، والعدل بوجه الظلم، والسعادة بوجه البؤس، والخير بوجه الشر، ولذلك لا عجب أن تكون الامتحانات كبيرة والصعاب جسيمة، وكان ولا يزال بفضل الله ومنته يخرج منتصراً على الدوام لتبقي كلمة الحق هي العليا ويزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.
إننا وفي هذه الأيام التي تمر به أمتنا بمحنة شديدة الوطأة حيث يعاني المسلمون أليم المعاناة في بقاع الأرض المختلفة، وقد ساهم بهذه المعاناة أعداء معروفون على مر العصور وفي مختلف الأزمنة والأمكنة، وللأسف ساعدهم بذلك وقوي من ساعدهم أبناء هذه الأمة عن قصد أو من دون قصد، فلو كان الأمر من دون قصد لكان هذا مصيبة، ولو كان عن قصد كانت المصيبة أكبر.
لقد جاء بعض أبناء الأمة بتفسيرات وتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان مما جعلهم منفذاً سهلاً لأعداء الأمة، وكذلك كانوا الذريعة التي وجهت بسبب الحراب إلى قلب الأمة في أكثر من مناسبة وأكثر من زمان، وها نحن الآن نشهد ضياع جهود كبيرة بذلك في سبيل نصرة أبنائنا وإخوتنا في مجتمعات الأقليات، وفي سبيل توضيح الصورة الحقيقية للإسلام الحنيف، هذا الدين الذي يمثل الوسطية التي أرادها الله لكل عباده.
لقد سعت الأمة ولعهود طويلة وبجهود مكثفة لتحقيق درجة معينة من الأهداف وكان الأعداء والحاقدون يتربصون بنا الأيام لينتهزوا أي فرصة، وكان لهم ما أرادوا على أيدي بعض أبناء الأمة الذين أخطأوا الغاية والوسيلة، فحطموا جهوداً مباركة بذلت، ودكوا حصوناً وقلاعاً للإسلام بنيت بسواعد الخير والإيمان.
وكانت النتيجة أننا صرنا في لحظات محنة وامتحان واختلطت الأمور وهي واضحة، وتعبت الأنفس وكان يجب أن ترتاح وحزنت القلوب وكانت أقرب للسعادة، ولكنه أمر الله ونعم بالله.
لقاءات مهمة للغاية
في لقاءات على غاية الأهمية لتبيان حقيقة الأمور ما خفي منها وبطن، عقدها معالي الشيخ العلامة صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والتي كان لي شرف الاطلاع عليها عبر وسائل الإعلام، والاستفادة مما طرح ونوقش فيها، وإني أجد أنه من الأهمية بمكان أن نسلط بعض القراءات على هذه اللقاءات المباركة كي يعم النفع بإذن الله .
كان اللقاء الأول مع طلبة العلم والدعاة والوعاظ والمرشدين في مدينة الرياض، وهؤلاء هم من يعتمد عليهم في الملمات، ولذلك كان هذا التواصل الدائم معهم، لقد أبان معالي الشيخ أن مقتضى هذا اللقاء هو التواصل الذي هو قائم على العناية والتشاور ما بين طلبة العلم والدعاة والوعاظ والمرشدين والمسؤولين عن ذلك كله، وأيضاً اقتضاه ما جد وقدر من أمور ضخمة كبيرة مبتدأها ومنتهاها أثره عظيم على الناس وعلى هذه الأمة بخصوصها.
يقول معالي الشيخ: إن واجب أهل الإيمان بعامة وعلى طلبة العلم وعلى الدعاة والمرشدين والوعاظ والمسؤولين عن الأمور الدينية بخاصة أن يكونوا قدوة للناس حين تحدث الحوادث وتختلط الأمور ولنا في سلفنا الصالح الأسوة الحسنة، فإنهم رحمهم الله من تابعين ومن بعدهم والصحابة أيضاً إذا أتت الفتن أو تقلبت الأمور أوصوا فيها بما هو الحق البعيد عن طرفي الغلو والجفاء وهذا أصل من أصول أهل السنة والجماعة كما هو معلوم أنهم أهل وسطية في الأمور، ليسوا مع أهل الغلو في غلوهم، وليسوا مع أهل الجفاء في جفائهم، وليسوا مع أهل الخوف حين يخاف الناس إلا من الله جل وعلا وليسوا مع أهل الأمن من مكر الله جل وعلا حين يأمن الناس ويكونون في دعة.
إن هذه التقلبات التي حصلت يتابع معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ : تسمعون الكلام الذي تكلم الناس فيه، قد تكلم فيه من ينتسب إلى الإسلام، وتكلم فيه المسلمون بجميع طبقاتهم من علماء ومن دعاة، من متحمس، ومن متعجل على أصناف الأقوال التي قيلت، وتكلم فيه أصحاب الأرجاف من أصحاب القنوات الفضائية المختلفة التي يخشى على من أدمن النظر إليها، والمتابعة فيها أن ينحرف عن المنهج إلا إذا كان قوي الصلة بالقرآن الكريم والسنة وبمنهج السلف الصالح.
وهكذا حدد الشيخ العلامة بدقة أن قوة الصلة بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبمنهج سلفنا الصالح هي الضامن بإذن الله للابتعاد عن كل الانحرافات والشبهات.
فرقة الأمة وضياعها
وفي تشديد من معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على أهمية الابتعاد عن كل ما من شأنه التسبب بفرقة الأمة وضياعها، حذر معاليه دعاة الإسلام من أن يكون أحدهم ممن يقذف حجراً يسبب فرقة هذه الأمة لأن هذا أعظم، فإيغار الصدور في داخل بلاد الإسلام، بكثرة الطرق عليها من جهة القنوات، ومن جهة الإعلام المسموع والمقروء، والمرئي ثم يأتي دعاة الإسلام فلا يوجهون الناس إلى ما ينفعهم، بل يزيدون على نفس الوتيرة التي تقولها القنوات لجعل النفوس تغلي، تارة باسم الولاء والبراء غير المنضبط شرعاً، وتارة دعوة للجهاد في سبيل الله، وتارة كذا، وتارة كذا، وهذا كله يشحن النفوس دون توجيه صحيح فيما ينفعها، مشيراً إلى أن النتيجة هي أنها ستتشاحن وتتفرق.
نعم كان معاليه محقاً عندما حدد الجرح والدواء، فالجهاد ليس لعبة بأيدي اللاعبين أو العابثين أو حتى الجاهلين بحقيقة الأمور، وهي ليست مزحة يتداولها الطامعون والحاقدون والحاسدون، إنه أمر كبير له أصوله الشرعية والفقهية وله ضوابطه، وعلى الأمة كلها كبيرها وصغيرها أن تعرف هذا وتعمل به، وطريقها إلى ذلك بالتأكيد الاستناد والاعتماد على كتاب الله عز وجل وأوامره ونواهيه.
إن القضاء والقدر هي من أركان الإيمان لدينا والحمد لله، ولهذا عرج معالي الشيخ في لقائه على ذلك عندما قال: إن المسلم يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، والقضاء والقدر ماضيان ولكن قضاء الله جل وعلا ليخطئه مرتبط بالعلل، العلل الكونية والعلل الشرعية، فيصيب الله جل وعلا أمة الإسلام بسبب ذنوبها تارة وابتلاء واختباراً تارة، ويصيب الله جل وعلا أيضاً الأمم غير المسلمة، أو أمة منها أو طائفة منها يصيبها بما يصيبها عقوبة تارة لما هي عليه من مخالفة لأمر الله جل وعلا أو لتكون عبرة لمن اعتبر، أو تكون فيها ابتلاء للناس هل ينجون أو لا ينجون؟!.
ويؤكد معالي الوزير آل الشيخ أنه في أوقات الابتلاء يعرف من يرجع بالأمر إلى أمر الله جل وعلا معتمصاً بالله، متجرداً، متابعا لهدي السلف، ومن تصيبه الفتنة قلت أو كثرت، هو ابتلاء عظيم من أنواع الابتلاء للأمة، والأمة يبتليها الله جل وعلا بالتفرق فرقاً، وأن تكون أحزاباً وشيعاً إذا تركت أمر الله جل وعلا .
إن العلماء من جميع الأمصار من أهل العلم والفقه الصحيح أجمعوا على أن إزهاق الأنفس بغير حق مخالف لهذه الشريعة، وأن الاعتداء على الأنفس المعصومة سواء كانت عصمتها بالإسلام، أو كانت عصمتها بالعهد والأمان، مخالف لشريعة الإسلام، بل مخالف لكل الشرائع التي جاءت من عند الله جل وعلا والعقلاء أيضاً يتفقون على هذا، لهذا حصل ما تعلمون من نفي أن يكون ما حصل في أمريكا من الاعتداء أن يكون موافقاً للشرع أو أنه تقره الشريعة، أو أنه يرضاه الإسلام، أو أهل الإسلام.
ضياع الحق في فلسطين!!
لقد نبه معالي الشيخ أيضاً إلى عدم الكيل بمكيالين، وذلك عندما أكد على أن أمريكا قادرة على أن تعطي أهل الحق حقهم، ثم هي لم تعط المسلمين في فلسطين الحق الثابت لهم، وهذا أيضاً مخالف لشرائع الله جل وعلا جميعاً، لأن الله تعالى يأمر بالعدل، وينهى عن البغي.
إن العدل مطلوب من المسلم ومن غير المسلم، والعدل مأمور به في كل حال، ولا بد من التعامل على أساس إحقاق الحق وإبطال الباطل.
إن الظلم والعدوان على المسلمين في فلسطين والإرهاب الذي يمارسه العدو اليهودي عليهم وكثرة القتلى والجرحى فيهم لمدة سنة كاملة نمط من الظلم الأمريكي مع قضايا المسلمين!.
إننا في ذلك ننطلق من شريعتنا، وهذا أمر بيّن ظاهر فلا نجعل هذا الأمر يزيد عن الحد ونذهب إلى أمور غير مقبولة من التكفير ومن تحميل الأمور فوق ما تحتمل ومن إساءة الظن بعلماء المسلمين وولاة أمورهم.
لقد حذر معاليه من اللوبي العالمي الإعلامي الذي يعتبر مصدر المعلومات التي تنشرها القنوات الفضائية، مطالباً المسلمين بالوقوف وقفة تأمل، ما الذي يراد شحنه في نفوس أهل الإسلام حتى يوصل إليه، محذراً معاليه أن يقع بأس الأمة بينهم، فتنشب الأمة في نفسها، وكل بلد يكون فرقاً وأحزاباً ليبغي بعضها على بعض، ويقتل بعضها بعضاً، ولذلك التوسط الذي هو معتقد أهل السنة والجماعة والتأني والرفق به تدرك الأمور.
ويتابع معالي الشيخ قائلاً: إننا واثقون بوعد الله جل وعلا لأن وعد الله سبحانه وتعالى لا يرد، وقد قال جل وعلا : {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا}، فدين الإسلام انتشر في السنوات الأخيرة انتشاراً بيناً، وصارت الأعمال الإسلامية من إنشاء المساجد والدعوة وتبيين معالم الدين في العالم كله صار له صوت كبير وقوي، وهذه البلاد بخاصة كان لها بتوجيهات ولاة أمورنا وفقهم الله جل وعلا لكل خير كان لها النصيب الأكبر من حمل الدعوة الإسلامية إلى الغرب وأوروبا وأمريكا، وإلى مشارق الأرض ومغاربها، هذا يعني أن المحافظة على نشر هذا الدين أصل من الأصول العظيمة لأنه جهاد دائم ماض وهو جهاد الحجة والبيان.
لقد أفاد معالي الشيخ صالح آل الشيخ أن هذا الحدث قلب الأمور، وقد يكون من آثاره الصد عن الدعوة وعن الدخول في دين الله تعالى، ما الله به عليم، مبيناً أنه يجب علينا الثقة بوعد الله جل وعلا وحسن الظن بالله جل وعلا وأن نمضي في دعوتنا بعيدين عن أهل الغلو في غلوهم، وعن أهل الجفاء في جفائهم نحن أمة وسط نرشد ونعلم ما ينفع الأمة ولا يضرها.
لقد حذر معالي الوزير دعاة الإسلام من أن يكون أحدهم ممن يقذف حجراً يسبب فرقة هذه الأمة لأن هذا أعظم، فإيغار الصدور في داخل بلاد الإسلام، بكثرة الطرق عليها من جهة القنوات، ومن جهة الإعلام المسموع والمقروء والمرئي ثم يأتي دعاة الإسلام فلا يوجهون الناس إلى ما ينفعهم، بل يزيدون على نفس الوتيرة التي تقولها القنوات لجعل النفوس تغلي تارة باسم الولاء والبراء غير المنضبط شرعاً وتارة دعوة للجهاد في سبيل الله، وتارة كذا، وتارة كذا، وهذا كله يشحن النفوس دون توجيه صحيح فيما ينفعها، مشيراً إلى أن النتيجة هي أنها تتشاحن وتتفرق.
وأشار معاليه إلى أن الأسوة الحسنة للأمة باختلاف أنواعها وطبقاتها فالنبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لأئمة المسلمين، أسوة حسنة للقضاة، أسوة حسنة للمفتين، أسوة حسنة للدعاة، أسوة حسنة للمرشدين، أسوة حسنة لعامة الناس، أسوة حسنة للرجل في بيته وفي تصرفاته، وهكذا فكل الطبقات هو عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة لها.
لقد شدد معاليه على وجوب السمع والطاعة لولي الأمر لما في ذلك من سد للذرائع وبتشديده على هذا الأمر أوضح الأمور وجعلها جلية أمام الجميع ليأخذ كل واحد واجبه إزاء هذه المحنة التي تلم بأمتنا وعلى الأخص الدعاة والخطباء والأئمة وطلبة العلم والوعاظ والمرشدين لما لهم من دور بالغ الأهمية في هذه اللحظات الأليمة التي تلم بأمتنا وأبناء ديننا الحنيف.
اللقاء الثاني في الرياض
اللقاء الثاني لمعالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاق والدعوة والإرشاد كان مع الأئمة والخطباء في الرياض، هذه الشريحة التي لا يخفى عظيم دورها في بنيان المجتمع والأمة، وأتى اللقاء بنفس السياق الذي جاء به اللقاء الأول حاملاً هموم الأمة واضعاً الحلول الشرعية المناسبة لها، فقد حذر معاليه من البغي والتأويل لأنهما الأساس في الفرقة والبغضاء بين أفراد الأمة الإسلامية، وشدد على وجوب السمع والطاعة لولي الأمر لما في ذلك من سد للذرائع، وبهذا المجال شدد على أهمية الاعتصام بحبل الله تعالى فذكر حديث خير الأنام صلى الله عليه وسلم بهذا المجال: «إن الله يحب الرفق في الأمر كله»، وحديثه صلوات الله وسلامه عليه: «أن الله يرضى لكم ثلاثاً أن تعبدوه لا تشركوا به شيئاً وان تعتصموا بحبله جميعاً ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاة الله أمركم».
هذه هي القواعد التي حددها معالي الشيخ في حديثه للأئمة والخطباء وتابع ذلك بأن أبان أن من سمة السلف لمن درس منهجهم في القرن الأول حين كثر الخلاف وكثرت الفتن أنهم يأمرون بالاجتماع وينهون عن الافتراق والاجتماع كما قرر أهل العلم نوعان الاجتماع في الدين والاجتماع على ولي الأمر، والافتراق نوعان، افتراق في الدين، وافتراق في الجماعة، وهنا استشهد بقول الحق عز وجل: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}.
أما اختياره للأئمة والخطباء فقد أوجز هدفه عندما شرح أن المسجد مكان عبادة الله جل وعلا ، وقال إذا كان المسجد مكان العبادة فإن أعظم ما يجب فيه أن يحقق دين الله جل وعلا بكماله وتقام فيه الصلوات المفروضة، ويكون في المسجد نشر الخير، وتعليم الجاهل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر على ما تقضتيه الشريعة، ويكون في المسجد الخطب النافعة التي الخطيب فيها قائم مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، ولهذا تعظم التبعة بعظم المنصب والمسؤولية، ومن أشد من يعذب يوم القيامة، كما جاء في حديث البخاري وتؤخذ فيمن رآهم رسول الله صلى عليه وسلم ليلة عرج به الخطباء الذين لم يوافقوا أمر الله سبحانه وتعالى، وأمر رسوله فرآهم يعذبون بأنواع من العذاب.
لقد أكد معاليه حقيقة ضرورة السمع والطاعة لولي الأمر المسلم، حيث قال: ومما دلت عليه النصوص وتظاهرت لزوم السمع والطاعة أمر عظيم خالف به رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية.
لقد كان لقضية الجرح والتعديل موقعها في حديث الشيخ صالح آل الشيخ حيث تناول المسألة بالشرح وقال: طفحت كتب الجرح والتعديل بالطعن في من يرى السيف في الأمة، وهذا ظاهر بين الذي يرى السيف في الأمة يكون من وسيلته أن يطعن في من يرجع إليه المسلمون حتى لا يرجعوا إليه، ولا يلزم أن كل من طعن فإنة يرى السيف، لأنه قد يطعن لتأويل، وقد يطعن لنقص في العلم ونحو ذلك.
وأهاب معاليه بأصحاب الفضيلة الأئمة والخطباء وبكل طالب علم أن يعتبر من قصص السالفين، وأن يقرأ التاريخ بعناية تامة، وحث على ذلك بذكره قول الله تعالى: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}، مؤكداً أن من أعظم العبر أن ينظر في كيفية حصول المقاتل بين الصحابة رضوان الله عليهم ، وكيف حدثت الفتن وما مبعثها؟.
جدير بالذكر أن اللقاء الثاني شاركه فيه معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
اللقاء الثالث بمكة المكرمة
أما اللقاء الثالث فكان مع الأئمة والخطباء بمكة المكرمة وشاركه فيه معالي الشيخ د. صالح بن عبدالله بن حميد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، عضو هيئة كبار العلماء، وكان هذا اللقاء مع الأئمة والخطباء في مكة المكرمة، هذه الشريحة التي تزداد أهميتها كونها تعمل في منطقة الحرم الشريف، وهي المكان الذي يؤمه ملايين المسلمين.
لقد شدد معاليه بهذا اللقاء الخير على أن واجب الخطباء والدعاة وطلبة العلم والعلماء أن يكونوا متيقظين لهذه الهجمة التي تارة تنسب وفق أقوالهم إلى الوهابية، مندداً معاليه بما يقولون، من أن المسؤولين في الدولة أعلنوا مراراً عن أنه لم يثبت بدليل مادي واضح أو لم يقدم دليل مادي واضح على أن هذه الأفعال قد قام بها سعوديون.
وهنا أود أن أذكر أن ما قاله معالي الشيخ هو الحقيقة بالطبع، وحتى لو ثبت وجود سعوديين فهذا لا يعني أن كل السعوديين يوافقون ذلك، ولا توجد أمة إلا ويوجد بها بعض الذين يخالفون الرأي والعمل.
لقد نفى معالي الوزير العلامة آل الشيخ كل ما جاء في هجمتهم التي يشنونها ضد الإسلام، أو ما يسمونه بالوهابية، مبيناً أن علماء الدعوة الذين تخرجوا بالدعوة لم ينسبوا أنفسهم إلى الوهابية، كما أنه لا تجد أحداً منهم يقول إنني وهابي من وقت الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى إلى زماننا الحاضر.
لقد ذكر معالي الوزير عدداً من الوصايا منها أهمية أن يذكّر المرء نفسه دائماً بتقوى الله عز وجل وبلقائه وهو لا شك صائر إما عن قريب أو عن بعيد، فالله جل وعلا سيلقى عباده، وسيحاسب كل عامل أو قائل بما قاله، وتقوى الله جل وعلا هي وصية الله للأولين والآخرين، كما أبان معاليه أن الخطابة لكونها مهمة شرعية، ووظيفة دينية، ولذلك يأخذ عليها من يقوم بها رزقاً من بيت المال ليعينه على أمر دنياه، ولا يؤخذ عليها أجرا، لأن العبادات لا يؤخذ عليها الأجر، وإنما هي رزق وعطية من بيت المال للإعلان على هذه المهمة.
وفي هذا الإطار قال معاليه: فإذا جاء الخطيب إلى المنبر واعتلاه وصار يردد مقال قناة فضائية، أو مقال جريدة، أو مقال مجلة، فإنه حينئذ لم يؤد الواجب عليه!!.
واستطرد يقول: يجب على الخطيب أن ينهي عن الافتراق وأن يحذر أن يكون وسيلة لمخالفة الكتاب والسنة بالأخذ بقول عالم أو بقول فلان من الناس دون أن يكون معه الحجة ولاسيما في أبواب العقائد والتوحيد والاتباع.
لقد أكد معالي الشيخ صالح آل الشيخ على أنه ليس كل من قرأ في كتاب الدعوة أو كل من اعتمد في تأليفه على بعض مقال أئمة الدعوة الإصلاحية أو ضمن خطبته بعض كلام الدعوة أنه يصح أن يكون معبراً عن هذه الدعوة السلفية أو عن منهج هذه البلاد، لأنه لا بد أن يكون موافقاً لقول علماء الدعوة بكماله، والناس فيما نرى يأخذون بالأشد من أقوال علماء الدعوة، أو من منهجها ويتركون ما فيه التيسير.
لقد أكد معاليه على أن المرجع في فهم الدعوة إلى فهم هدي السلف، فهم كلام أئمة أهل السنة والجماعة في عقائدهم، فهم كلام الإمام أحمد والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام البخاري ومسلم، وابن خزيمة وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وهكذا العلماء وحتى وقت الإمام المصلح الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتلامذته إلى يومنا الحاضر.
ولا يسعنا إزاء ما قام به معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ إلا أن نقول سدد الله سعيه وجهده لخدمة هذه الأمة ونصرة دين الله في أرضه، لقد كانت لقاءات مباركة أبانت ما خفي وأظهرت الحق.
إن بلادنا التي أنعم الله عليها بالإيمان والإسلام وجعلها الحاضنة الأكبر للأمة أجمع بفضل لله ومنته حيث أعطى بلادنا ولله الحمد قيادة راشدة رشيدة تحمي الإسلام وأهله بكل الظروف والأحوال، وبالتأكيد لن نقبل أن يهان الإسلام والمسلمون، وسنبقى نرفع رؤوسنا معتزين بإسلامنا لأن إسلامنا بريء من كل الشبهات والترهات، وهو الدين الذي جعلنا نرى الحق حقاً والباطل باطلاً، أما غيرنا فإنهم ربما يرون بعض الحق وغالب ما يرونه باطلاً.
الإسلام هو دين الله في أرضه ولا بد أنه منتصر وما هي إلا لحظات محنة ستمر بأمان بإذن الله ويعود الإسلام قوياً عزيزاً وتنتصر دعوة الحق، ويعرف الأعداء ومعظمهم يعرفون أن الإسلام هو الحق، وأن التهم التي تلصق بها زائلة لا محالة، وأن أخطاء بعض أبناء المسلمين لن تقوض دعائم أراد الله لها أن ترسخ في هذه الأرض.
إننا نرفض الظلم أينما كان ومن أي طرف صدر سواء كان هذا الطرف يدعي الإسلام أو كان هذا الطرف أعتى قوى الأرض في أمريكا أو إسرائيل، ويساعدنا في ذلك كل الشرائع التي أقرت قواعد العدل وأسسه.
إننا مع الحق أينما كان وكيفما كان لأننا أهل حق، وأصحاب حق، وطلاب حق، والحق هو غايتنا ووسيلتنا، وهدفنا كي نزيح الباطل وشروره ونبعده عن مسيرة حياة البشر.
إن دين الإسلام هو دين سعادة البشر، وهو الدين الذي يسعى لتحقيق سعادة الدارين، ووسيلتنا لنشر دين الله هي الدعوة الحسنة، يقول تعالى: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}، نعم هذا هو ديننا، دين الوسطية، الدين الصالح لكل زمان ومكان وهو منتصر لا محالة بإذن الله .
رئيس محاكم منطقة تبوك
|
|
|
|
|