| متابعة
* واشنطن بقلم فرانك زيللر د ب أ:
في شارع جانبي مغلق بالمتاريس والحواجز الأمنية بالقرب من مبنى الكونجرس الامريكي، الذي يقع عموديا في اتجاه شارع المتحف المهجور تقريبا في واشنطن، جلس ثلاثة من الرجال، وهم يرتدون البدل البيضاء المقاومة لخطر الاسلحة البيولوجية لأخذ قسط من الراحة يوم «الاربعاء» الماضي، وذلك بعد انهماكهم في مهمة إزالة التلوث من أحد مباني مكاتب الكونجرس.
وهناك على بعد 19 مبنى سكنيا في منطقة وسط السوق جنوب شرق العاصمة الامريكية اصطف عشرات من عمال البريد والخوف والغضب يلف ملامح وجوههم أمام باب مستشفى للحصول على مناعة بالمضادات الحيوية لمدة عشرة أيام ضد بكتريا الجمرة الخبيثة ووجبات من الدجاج المقلي منحة من اللجنة الامريكية للصليب الاحمر.
وعكس هذان المسرحان الاحساس الجديد بالواقع في عاصمة أمريكية تقاتل من أجل احتواء الإرهاب البيولوجي وهو مصطلح تقشعر له الابدان دخل سريعا إلى القاموس العام من مفردات اللغة في الولايات المتحدة.
وفي مدينة اعتادت بالفعل على ضوضاء أزيز طائرات الهليكوبتر والمقاتلات منذ هجمات 11 أيلول سبتمبر الماضي، حيث أضواء سيارات الشرطة والاعلام الامريكية بألوانها الاحمر والابيض والازرق تملا الشوارع، يعكف ملايين من الامريكيين وفرائصهم ترتعد خوفا على متابعة تقارير يومية عن وقوع ضحايا جدد لرسائل البريد الملوثة ببكتريا الجمرة الخبيثة.
ويقول جيم رامستاد، وهو عضو من الحزب الجمهوري من ولاية مينيسوتا بينما يجلس على مقعد بأحد المتنزهات أمام الكونجرس بقبته الشهيرة «إنه أمر مخيف».
كان مكان عمل هذا النائب قد أغلق لعدة أيام بعد أن أرسلت رسائل ملوثة بجرثومة الجمرة الخبيثة إلى زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ السيناتور توم داشل.
ويضيف رامستاد «كونجرسنا أصبح الآن يشبه قلعة حصينة أكثر من كونه مجلساً للشعب وهذا الامر يحزنني، أدرك إننا نحتاج إلى الدفاع عن أنفسنا في هذه الحرب ضدالإرهاب، لكنه بالتأكيد مكان مختلف، مبنى الكونجرس لم يغلق من قبل على الاطلاق حتى أثناء الحرب الاهلية، هذه المرة الاولى في تاريخ أمتنا الذي يحدث فيها ذلك».
لا شك أن فجر هذه الحقبة الجديدة المروعة ألقت بظلالها على واشنطن حيث أقيمت على وجه السرعة حواجز أسمنتية على الطرق بينما يراقب جيش من حراس الامن العام والخاص بتوتر عصبي بالغ المنشآت والمباني الهامة التي يمكن أن تصبح أهدافا في الغد، يمكن للمرء أن يلاحظ حفنة فقط من الناس وهي تشق طريقها عبر منتزه مول الواقع بين مبنى الكونجرس والنصب التذكاري للرئيس الامريكي الراحل أبراهام لنكولن، حيث عادة ما تجذب متاحف الدخول فيها مجانا مجموعات من تلاميذ المدارس والسياح.
يقول فيرنون لي «56 عاما»، وهو رجل معاق مشرد يعيش على الشحاذة في تلك المنطقة إن عدد زوار هذه المتاحف انخفض بنسبة 90 في المائة. وأضاف «الحياة ماتت حولي هنا».
وبالقرب من ميدان «وان جيدشيري»، حيث يوجد مقر المجلس البلدي لمنطقة كولومبيا، تعرض مؤتمر صحفي كان عمدة واشنطن أنتوني ويليامز يعقده للاعلان عن تمويل جديد لمساعدة ضحايا الإرهاب للمقاطعة بسبب ورود تقارير إخبارية جديدة عن مزيد من «الحالات الاخرى المشتبه في إصابتها بالجمرة الخبيثة» في مستشفيات محلية.
ويقول كين هوارد «56 عاما» وهو مسؤول عن تعليم الشباب ويعمل في نفس المبنى «الخوف يسيطر بالفعل على كثير من الناس».
كان هوارد يرتدي قفازين في المصعد الذي كان يأخذه إلى غرفة البريد، لكن نتيجة الرحلة كانت عبثا، والسبب أنها كانت مغلقة يوم الاربعاء الماضي مثلها في ذلك مثل كثير من غرف ومكاتب البريد في أنحاء المدينة.
ويقول «قبل هجمات 11 الشهر الماضي، لم يعرف الخوف من الطائرات طريقه إلى الناس من قبل، لكنهم يخشونها الآن، لم يعرف الخوف طريقه من البريد طريقه إلى الناس من قبل، لكنهم يخشونه الآن، والسؤال المطروح حاليا، ماذا سيحدث بعد ذلك ؟».
ويضيف هوارد، وهو يمثل الجيل الخامس في واشنطن، «أعتقد أن نمط حياتنا سيتغير أكثر وأكثر، خاصة في أماكن مثل العاصمة كنا نعتبرها من قبل أماكن محببة إلى أبعد الحدود».
وانعكاسا لشعور كبير بالتحدي، يؤكد هوارد إنه يرفض أن يعيش حياته في خوف، «فكثير من الناس سيفاجأون بأن أمريكا ستخرج من هذه المحنة أكثر قوة».
من جهته، قال كينيث فريمان، وهو عامل بريد أمضى في وظيفته 19 عاما من عمره البالغ 41 عاما، «لقد عاملونا وكأننا مواطنين من الدرجة الثانية».
والى جوار فريمان جلس 12 من زملائه، وهم أمريكيون من أصل إفريقي، في حديقة تقع أمام المستشفى العام بالعاصمة الامريكية حيث أمنوا على صدق كلام زميلهم فريمان. فقد اكتفى مسؤولو المستشفى بتسليمهم حقيبة بلاستيك مملوءة بعشرين من أقراص المضاد الحيوي «سيبرو» 500 مليجرام وورقة تعليمات تحذر من أن الضغط والشدالعصبي يمكن أن يضعف الشهية ويسبب الارق ويزيد حدة القلق.
|
|
|
|
|