| وَرّاق الجزيرة
من المعلوم بالضرورة ان الباحث عن التاريخ في اي مصدر من المصادر تعترضه جملة من الصعوبات ولعل من أبرزها محاولة تقديم بحث جديد عن حقائق جديدة، ويلزم من يقدم هذه المحاولة الاطلاع الواسع وربط أهمية المصادر القديمة أمام الابحاث الجديدة ليكون ذلك مقبولا لدى القارىء لمحاولة اعادة كتابة التاريخ ولا سيما في تاريخنا المحلي بما يستوجبه من المصادر الجديدة وتلك المعلومات التي تقدم بعداً جديداً.
ومن جملة الكتب التي آثارت شكوكا لدى القارىء المهتم بتاريخ الجزيرة العربية نجد كتاب (امتاع السامر بتكملة متعة الناظر) المنسوب الى شعيب الدوسري رحمه الله .
ولست هنا بصدد الحديث والنقاش حول ما طرح في ثنايا هذا الكتاب من معلومات تاريخية او ادبية وخاصة فيما يتعلق بمدينة الرياض وبعض اسرها المنتمية اليها وغيرها من مدننا العزيزة حيث قمت في سنة 1416ه بإفراغ جميع ماكتب عن الرياض من خلال هذا الكتاب ومناقشته بالدليل وتبيان بعض الحقائق المغلوطة.
وقد صدر كتاب (امتاع السامر بتكملة متعة الناظر) عن طريق دارة الملك عبد العزيز في عام 1419ه وقام بتحقيقه كل من الاستاذين الفاضلين عبد الرحمن الرويشد ومحمد الحميد ومعه ملحق كتبه ابو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري في نهايته.
وفيما بعد علق على هذا الكتاب العلامة حمد الجاسر رحمه الله وناقش بعض ما ورد في هذا الكتاب.
نموذج من خط شعيب الدوسري الذي حرره في 8 محرم لعام 1355ه في تحرير عقد زواجه
وثيقة تبين بالتحديد تاريخ وفاة شعيب بن عبد الحميد الدوسري وذلك في 25/7/1364ه
ولعل من نافلة القول وعين الانصاف، ان النقد بصفة عامة يوجه الى الاعمال لا الى الاشخاص وأن يكون النقد هكذا بعيداً عن المساس بالشخص سواء بقصد الاساءة اليه او الى سمعته او الى بلده او تجميله بدون تقديم دليل مادي ملموس على ذلك وان ينحصر النقد في سلبية المعلومة وخطئها وتبيانها وفق منهج علمي صريح وصحيح.
وسيكون الحديث كذلك منحصراً ومقتصراً على الايجاز في عدد من النقاط التي احببت اضافتها ليطلع عليها المهتم بالدليل وللتعريف ببعض المعلومات عن شخصية مؤلف هذا الكتاب شعيب المدفعي وذلك من خلال الوثائق التي أذكر منها ابرز النقاط وهي:
1 حول وفاة شعيب الدوسري وتحديدها، والحديث عن اسرته.
2 عمل المؤلف.
3 تركة المؤلف وهل وجد فيها شيء من كتبه او مخطوطات له.
4 هل هذا الكتاب له أم لا.
5 وثيقة من خط شعيب ووثيقة من متعلقات تركته ووثيقة من تاريخ وفاته بخطاب مدير شرطة الرياض.
أولاً: من خلال الوثائق العديدة تبين وتحدد وفاة شعيب في يوم 25/7/1364ه.
ومما جاء في إحدى الوثائق عن ذلك وهي مرسلة من مدير شرطة الرياض قول (بعد التحية نعلم فضيلتكم ان شعيب بن عبد الحميد المدفعي في الرياض قد توفي في 25/7/1364ه وحسب امر سمو سيدي ولي العهد قد اجرينا حجز متروكاته الموضحة بالبيان المرفق وبما ان له في الرياض زوجتين وولد صغير يبلغ من العمر ثلاث سنوات وبنت في المدينة وله في الرياض جارية وبيت ملك وبعض املاك في أبها وقد حضر ابراهيم بن ناصر والد إحدى زوجات المتوفى من مكة..
وقد تعهد مزهر بن مسفر بحفظ متروكات خاله شعيب وقد بيعت تركته في 17/8/1364ه.
حيث جاء في احد الوثائق ما نصه:
(نعم بحضورنا نحن الموقعين ادناه انه قد جرى بيع تركة الموضح شعيب في سوق حراج الرياض بالمزاد العلني ووقد بلغت قيمتها الف وستمائة واثنان وعشرون.. خصم منها ثمانية وأربعون .. وذلك مقابل سعي وكتابة وسجل..).
بحضور/ عضو طرف زوجة شعيب ووالد الوكيل ابراهيم بن ناصر، وعضو طرف الشرطة وبقية الورثة.
والدلال فهد بن قاسم والكاتب عبد العزيز بن فهد وشيخ الدلالين.
وأما زوجة شعيب فاسمها حفيظة بنت ابراهيم بن ناصر حيث تزوجها شعيب الدوسري في 18 محرم من سنة 1355ه كما يدل على ذلك وثيقة كتبها بخطه.
وأما وظيفة شعيب فالوثائق تنص على أنه المدفعي وكان هو قائد المدفعية التي تطلق من أعلى جبل المرقب في شرق الرياض في المناسبات حتى أنه عرف بهذا الاسم.
ثانيا: لم تشر الوثائق وما خلفه المتوفى شعيب من ضمن تركته الى اي اشارة الى كتاب قام بتملكه او انه سجله ضمن اوراقه وانما مخلفاته من التركة فهي اغراض عادية وشخصية كالزوالي (السجاد) واباريق شاهي ودلال وفوانيس وصندوق خشبي وبندقية وكوت وبالطو وشنطة فيها ادوية وغيرها.
حيث ذكر في إحدى الوثائق ما نصه (قد جرى الذهاب الى دَار المرحوم شعيب المدفعي وجرى تعداد مخلفاته فوجدت الاشياء الموضحة بعالية وقدرها تسعة وعشرون قلماً متنوعة فجرى ضبطها وسلمت لابن اخته مزهر بن مسفر ال محمد في نفس الدار وقد افاد مزهر المذكور بان المرحوم له ولد عمره ثلاث سنوات وبنتا متزوجة السيد حمزة غوث وله زوجتان هنا..)
ثالثا: يظهر من اوراق شعيب التي كتبها بيده انه ذو خط جميل وانه كان متعلماً يحسن القراءة والكتابة جداً وبهذا تنتفي صفة من الصفات التي الصقت فيه بأنه جاهل ولا يحسن الكتابة.
ويظهر للقارىء نموذج من خطه ليوضح ذلك.
رابعاً: بما تقدم من الادلة تبين ان وفاة شعيب في 25/7/1364ه وذلك في كثير من الوثائق ومنها المتقدمة وان ما جاء في مقدمة هذا الكتاب للمؤلف ص19 ان تاريخ الكتابة كما ذكر في (الرياض 1365ه من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم). فيه الاختلاف الواضح الذي لا يوافق مع ما جاء في هذه الوثائق المتعددة.
وكذلك ما تمت الاشارة له من ان مخلفات المتوفى شعيب من تركته لم يرد في ثناياها اي كتاب له لدى حصرها بوجود اقاربه وانما كانت متعلقات عادية له وغيرها من الشواهد التي يمكن ان يجزم بها ان نسبة هذ الكتاب الى شعيب غير صحيحة.
كتبه/ راشد بن محمد بن عساكر
|
|
|
|
|