| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة:
تحية وبعد:
وجدتها على السرير الأبيض تقدمت إليها لأرى ما بها فلربما كان هذا الحديث مخففا لبعض ما رأيته من هموم الدنيا التي كانت على رأسها.
فتحت لي قلبها بكل لطف وصراحة وجاوبت عن كل استفساراتي فقلت لها: أمي لماذا كل هذا الحزن البادي على محياك؟!
جاوبتني بكلماتها اللطيفة وأدعيتها المؤثرة التي تشف عن حالتها التي لا يعلم بها إلا خالقها. بدأ معها المرض منذ 25 عاماً تعاني من أمراض جلدية لم يوجد لها حتى الآن أي علاج قاطع كانت كحقل للتجارب فلقد استخدمت الكورتوزون ثم حبوب الكيماوي.. راجعت عددا من المستشفيات والقراء.. واستخدمت أيضاً الزيوت المقرى عليها وكل ما يذكر لها من علاج لحالتها حتى استنفدت ما لديها من مال وحلي كانت تعينها على الحياة والعلاج ومصروف البنات وبعد كل هذا لا بد من العمل حتى تعين نفسها لجلب العلاج حتى لا تلجأ لأحد غير الله سبحانه وتعالى.. وفعلاً عملت لمدة سبع سنوات وكان الفضل لله ثم لمديرة كانت تدرس عندها احدى بناتها. المديرة كانت قوية الملاحظة لهذه الطالبة لأنها لا تحمل الفسحة، كما تحملها غيرها من قريباتها وكانت دائمة الوحدة لا تعرف الصديقات. حاولت المديرة التقرب منها لمعرفة لماذا كل هذا الحزن البادي على تلك الملامح جاوبتها بكل براءة الأطفال أمي. فقالت ما بها. قالت الطفلة أنها ليست عندي في البيت سألتها المديرة أين هي؟
فجاوبتها: لقد ذهبت لإتمام علاجها في المستشفى.. فضمتها إلى صدرها وقالت إني أمك الثانية. فما طلبك من أمك الثانية؟ فجاوبت الطفلة أريد حلاً لمشكلة أمي. وما هي مشكلة أمك «العمل» حتى أبدو كباقي زميلاتي أنا واخواتي. تبسمت المديرة وقالت: حسناً. خذي هذا الخطاب وأعطيه لوالدتك.
أخذت الطفلة هذا الظرف وأوصلته إلى أمها وكان في ذلك الفرج.. ذهبت به الأم بعد عودتها من المستشفى إلى إدارة تعليم الدوادمي. وكان التجاوب معها وفقاً لتوجيه المديرة الفاضلة والأم الحانية والشمعة المضيئة ذات القلب الكبير إنها فوزية عبدالله الدريبي. بدأت تعمل منذ 1415ه على بند محو الأمية لمدة سبع سنوات متواصلة. أما هذه السنة وهي الثانية لها على التوالي اختلفت الحال وتبدلت.. فعندما عادت من علاجها الذي تستمر عليه حتى الآن تفاجأت أنها مفصولة ولا تعمل.
بدأت المشكلة وانقلبت الحالة النفسية والجسدية رأساً على عقب حتى هيأ الله لها من يساعدها.. عرفت بحالتها فحاولت مساعدتها وتخفيف آلامها وهذا ليس غريباً عليها فكم ساعدت من يحتاج وكم مسحت دمعة اليتيم والضعيف انها فعلاً الإنسان الذي هيأه الله للعمل على راحة الآخرين، أنها المديرة والأم والأخت والصديقة.
أسرعت كعادتها بمساعدة هذه المحتاجة وكم حاولت وحاولت إعادتها وعندما علمت الأم بذلك فرحت كثيراً مما خفف آلامها وارتفعت معنوياتها عندما أخبرتها ابنتها بأن فاعلة الخير هذه طلبت الأوراق منها وقامت مشكورة بإيصاله إلى الأب الحاني ذي الخلق الحسن والمعروف بالأعمال الخيرية ومساعدة من هم في مثل حالتي وأيضاً خير معين لذوي الحاجات من بنات وطنه وهذا هو ديدنه الذي عرفناه عنه وكل ذلك منطلقاً من تعاليم ديننا الحنيف. وأنه جاهد لعمل الخير دائماً وندعو الله أن يجعل كل ذلك في موازين حسناته وتفضل مشكوراً بإعادتها إلى العمل أسوة بغيرها من العاملات بتاريخ 8/8/1422ه والعمل الرسمي بدلاً من التعاقد السنوي وكان له أثره في ادخال السرور إلى قلب الأم. وهذا ليس بغريب على هذا الرجل الكريم والمضيء في سماء الدوادمي وما حولها إنه الأستاذ والمدير الفاضل سليمان صالح العبداللطيف مدير إدارة تعليم البنات بمحافظة الدوادمي.
وهذه هي قصتي يا ابنتي عندما سألتيني وإني اتقدم له بالشكر الجزيل.
قال تعالى: (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا..)
مها السالم
|
|
|
|
|