| المجتمـع
* تحقيق : منصور عبدالعزيز البراك
التميز يعد حالة خاصة غير عادية تبتعد عن الرتابة والروتين المتكرر لتنطلق إلى أنموذج يمثل قمة الإبداع والتجديد الذي يحقق الأهداف المتوخاة والمقصودة من أي عمل ولذا فالإنسان المتميز في عمله هو ذلك الشخص المتوقد شعلة ونشاطا في سبيل البحث عن أفضل السبل للعطاء، وقبل أيام كرمت الإدارة العامة للتعليم بمنطقة الرياض 28 معلما يمثلون نخبة من تلك الفئة التي تتصف بالتميز في أدائها التربوي والتعليمي والذي يعد رسالة سامية وعظيمة لا يقدر على حملها إلا أولو العزم من الرجال أصحاب القدرات والإمكانيات العالية،
وفي التحقيق التالي يسعدنا أن نطرح عدداً من الأسئلة حول التميز في العمل وهل هو مكتسب أو فطري وكيف يكون المعلم متميزا وماهي العوامل التي تعين المعلم على أن يكون متميزاً في عمله على عدد من أولئك المعلمين المتميزين،
في البداية يقول الأستاذ عبدالرحمن بن إبراهيم المبرد معلم اللغة الإنجليزية المتميز بمتوسطة ابن رجب الحنبلي ممثل منطقة الرياض التعليمية إن التميز مطلب ينشده كل من يبذل مجهوداً غير معتاد في مجال عمله أياً كان موقعه والتميز في قطاع التربية مطالبه عديده ومنابره مختلفة ومتباينة وقد تكون الحال أصعب حينما نريده في صفوف المعلمين وأشار إلى أن المعلم قد يصبح متميزا إذا توفر فيه عدد من العوامل والصفات الشخصية والتربوية والعلمية والسيكلوجية فمتى أضحت تلك العوامل مقروءة في مظهره وتعامله مع وسطه في عطائه بالأسلوب التقني العصري الحضاري المدروس أعطت هذه العوامل مخرجاتها نحو التميز ولنا في رسول الله أسوة حسنة،
وحول ماهية التميز هل هو مكتسب أو فطري يقول المبرد لقد حاولت عند الاجابة على هذا السؤال التخصصي أن أنزوي كثيرا لأنني شعرت بأن هناك عوامل مكتسبة مما يلاقيه الشخص من الميدان من خلال عمله فإذا تلاقت هذه المخرجات مع العوامل الفطرية في الشخص وتداخلت وتفاعلت أعطت مخرجاتها نحو التميز في العمل،
ويشير إلى أن العوامل التي تعين المعلم على التميز تنقسم إلى قسمين عوامل يجب أن تتوافر في المعلم مثل الانضباط واحترام مكانة المهنة والوقت والقدوة الحسنة والتروي في المواقف التربوية وحسن التصرف وعدم الاندفاع والمساهمة والفاعلية مع الغير وانشراح الصدر وتقبل النقد البناء والأخذ بمبدأ التطوير الذاتي والتنويع في طرائق التدريس وإيصال المعلومة وكسب ثقة الوسط الذي يتعامل معه والعمل مع الآخرين بروح الفريق الواحد والانتماء الصادق للمهنة كما أن هناك عوامل أخرى حين يلمسها المعلم تكون دافعا له للوصول إلى ما يسمى بالتميز وهي توفيق الله قبل كل شيء وتشجيعه من قبل رئيسه المباشر والرفع من شأنه وإظهار محاسنه وإنجازاته من قبل المشرف التربوي،
أما كيف ننمي لدى المعلم حب التميز في عمله؟ يؤكد المبرد أن ذلك يتم بلا شك من خلال التخفيف من الأعباء الإدارية والكتابية التي هي ليست من صميم العمل التربوي داخل الفصل وكذلك إفساح المجال أمام المعلم ليعطي عطاء أكثر إيجابية وأكثر تميزا وإشعار المعلم بأن إنجازاته ومبتكراته محل تقدير الآخرين وإشراكه في صياغة اللوائح التربوية والمناهج الدراسية وتذليل العقبات التي تعترضه في مجال عمله ويضيف أن تكريم المتميز يعتمد على الوسائط المتاحة والامكانات الموجودة فهناك التكريم المعنوي والذي يعتبر الأكثر شيوعاً من حيث توجيه خطابات الشكر له والثناء عليه في المحافل التربوية وما شابه ذلك وهناك تكريم حسي يكون بتخفيض نصابه قدر الإمكان وجعله مشرفاً متعاوناً وإشراكه في الندوات والمحاضرات والملتقيات التربوية على مستوى المنطقة وغير ذلك من المزايا،
من جانبه يؤكد الأستاذ أحمد بن ناصر السعدون أحد المعلمين المتميزين أن المعلم يكون متميزا عندما يلتزم بأمر الله وعندما يستشعر عظم المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقه، الأمانة التي حملها الرسل،
كما يجب أن يلتزم المعلم بواجبات وحقوق التعليم وأن يتحلى المعلم بالأخلاق الفاضلة والحميدة وأن يكون متعاوناً مع زملائه في خدمة الطلاب وأن يتقبل التوجيهات والانتقادات الهادفة من زملائه في العمل،
وفيما إذا كان التميز مكتسبا أم فطرياً يضيف قائلاً لا يمكن أن يكون المعلم متميزا بالفطرة لكن قد يكون لديه استعدادات للتميز ينميها من خلال سنوات العمل وذلك بتطوير نفسه وأدائه إلى الأفضل،
وحول العوامل التي تعين المعلم على أن يكون متميزا في عمله يشير السعدون إلى أن منها الإخلاص في العمل لله سبحانه وتعالى،
والتعاون مع جميع أفراد المدرسة من إدارة ومعلمين وطلاب، والاستقرار النفسي داخل المدرسة وخارجها، والاطلاع الدائم على التجارب والمواقف التربوية السابقة والجديدة ، تطوير الذات،
أما عن كيف يمكن أن تنمي لدى المعلم حب التميز في عمله؟ وكيف يمكن مكافأته فيقول أحمد يمكن أن ننمي لدى المعلم حب التميز في عمله بتوفير العناصر الأساسية في المجال التربوي مثل الاهتمام بنصاب المعلم وبعدد طلاب الفصل الواحد وإتاحة الفرص للمعلم لحضور الدورات والندوات واللقاءات التربوية،
ويمكن مكافأة المعلم المتميز بأكبرحافز له وهو التقدير المعنوي قبل كل شيء ثم جعل المعلم المتميز في أولويات الاهتمام من حيث المشاركات التربوية التي تقام على مستوى وزارة المعارف،
ومن جانبه يقول الأستاذ علي بن محمد الدغيم من مدرسة نوفل بن الحارث الابتدائية إن المعلم يكون متميزا إذا:
تفاعل مع مهنته تأثرا وتأثيرا، أخذا وعطاء! وإذا قدر أن يوظف ما يتاح له من مكتسبات، وأدوات لخدمة رسالته، وإذا كان متجددا غير نمطي، فهو يفكر أن يجعل يومه أحسن من أمسه، وغده أحسن من يومه منطلقا إلى المستقبل فلا تزيده الخبرة إلا تألقاً،
والمعلم المتميز يمارس حالة من العشق بينه، وبين مهنته، فهي هاجسه، فهو يتابع ما يستجد فيها، ويحاول أن يستفيد من كل جديد يطوّعه لخدمتها،
والمعلم المتميز مجموعة صفات متآلفة تجتمع لتكون صفة التميز من أهمها: الدقة والتنظيم والمتابعة واحترام الوقت والحرص على المصلحة، والتضحية، ، يتوج ذلك كله حسن خلق يضفي على صاحبه التقدير والاحترام!
والمعلم المتميز قدوة حسنة في مظهره ومخبره، ويقف المعلم خاصة محرجاً إذا كان قوله يخالف فعله!،
وأما كون التميز مكتسباً أو فطرياً فيشير إلى أنه في الحقيقة استعداد فطري تزيده المكتسبات (الخبرات) المهنية تأصيلا وبروزاً، فإن الذي ليس عنده الاستعداد الفطري يصل بالمكتسبات إلى السقف المتوسط لكنه لا يتعداها إلى التميز وإن وصلها أي مرحلة التميز فإنه لا يثبت بل يرجع إلى مستواه المتوسط وهو المستوى العام!،
وأما عن العوامل التي تعين المعلم ليكون متميزا في عمله يقول الدغيم منها ما يتعلق به ومنها ما يتعلق بغيره فمن ذلك:
الحلم والأناة وهما صفتان مطلوبتان في المسلم عموماً، وفي المربي على وجه الخصوص، ولا تدرك أمور التربية إلا بالصبر والتروي فمن لم يصبر لم ينل مطلبه، والمشروع التربوي مجموعة مترابطة من الحلقات إذا لم تعط كل جزئية منها حقها من الوقت والمتابعة فشل المشروع بأكمله،
وأن ينوي بعمله وجه الله، وأنه لم يفعله بحثا أن يقال عنه أو أن يشار إليه، بل هومراقب لله، يعلم أن الله مطلع على نيته، وأن الثناء الذي يحصل له يأتي عرضا وليس هو الهدف!
وأن يكون متمتعاً بقدر من الصحة النفسية، والجسدية، تعينه على القيام بمهنته،
وأن يكون بينه وبين مهنته حب يدفعه إلى التميز!
وأن يكون متمتعا بثقافة لغوية، يستخدمها أداة في التعبير عن أفكاره واجتهاداته،
إضافة إلى الاطلاع والمتابعة للدراسات، والبحوث التربوية عموماً، وما يخص مادته أو تخصصه على وجه الخصوص،
مع توفر الامكانات التي تتيح له التحرك بحرية أكثر
ويضيف أما تنمية التميز عند المعلم فإنه يجب أن ينظر إلى هذا الموضوع بجدية أكثر، فكما أن عندنا طالب موهوب، فكذا عندنا معلم متميز!! لذا فإن الواجب أن نحقق تواصلا جيدا مع هذا المعلم ويكون له دوره واعتباره في الممارسات والمناشط التربوية، ، وأرى أن مما ينمي التميز في المعلم هو:
تذكيره دائما أن ما يقوم به من إتقان لعمله إنما هو امتثال لأمر الله ورسوله، ، قال صلى الله عليه وسلم «إن الله كتب الإحسان على كل شيء»،
وأن أي معلم يحصل على التميز يكون عضواً في نادي المتميزين ليتم التواصل معه دورياً!
وهذه العضوية ليست شرفية، بل هي بالإضافة إلى كونها نوعاً من التشريف إلا أنها عضوية جادة، لأنها تتعامل فعلا مع الجادين!
وكذلك تكليف المعلم المتميز بعمل المشاغل وورش العمل في مدرسته، وأحياناً في المدارس حولها، ،
وأخذ رأي المعلم المتميز في بعض أوراق العمل التي ستطرح سواء على مستوى تخصصه، ومادته أو على المستوى التربوي عموما، ويكون هذا الرأي محل تقدير واحترام،
ودعوته باسمه لحضور الفعاليات والمناشط التربوية والثقافية،
تزويده باسمه أيضا بما ينمي خبراته، مما يصدر عن المؤسسات التربوية والثقافية من أوعية للمعلومات على اختلافها مجاناً،
وتكليفه بعمل بعض الدراسات والبحوث والمقالات عن مادته أو ما يخص المجال التربوي مما يهم عملية التربية والتعليم،
|
|
|
|
|