|
| مقـالات
أجمل ما في الحياة أن تكون قادراً على فهمها بشكل جيد وتتعامل مع معطياتها بعقلانية ومعرفة حدود طاقة إمكانياتك الجسدية والمالية والنفسية والفكرية.
ولعل من أكثر الأخطاء التي تدفع الناس الى حياة مليئة بالتوتر والقلق والهمّ هو شغفهم لامتلاك ما لا يستطيعون، مثل امتلاك الفيلا الفخمة والسيارة الفارهة وقضاء الاجازة في المصائف العربية والأوروبية.. فينزلقون في متاهات الديون من اجل متع آنية تنتهي نشوتها ويبقى همها حتى يدمر حياة الانسان.. فما ان يخرج من ورطة حتى يدخل في ورطة أخرى حتى يصبح عاجزاً عن إيجاد مخرج لما هو فيه، فينعكس ذلك على سلوكه وخلقه وتعامله مع الآخرين وكذلك انتاجيته في العمل تتأثر بحالته النفسية سلبا وحتى علاقته مع أهل بيته وأبنائه وجيرانه.. فينطوي ويهرب من مقابلة الناس.
وقد تؤدي كل تلك الهموم الى ما لا تحمد عقباه بسبب ما ذكرت آنفا من متعة زائلة أو تقليد للآخرين وشيء من غيرة أو حسد ثم يدخل في دوامة الديون التي لم ينج من آثارها إلا القليل.. ولعل ما شجع الناس على الديون تلك التسهيلات الكبيرة التي تقدمها البنوك للحصول على قروض بشروط ميسرة.. وهناك أيضا وكالات السيارات التي تملِّك سياراتها بدون دفعة أولى ثم التسديد على مدى طويل يصل الى خمس سنوات، وعندما يأتي أول الشهر يأخذ هذا قسطا من الراتب ويأخذ ذلك قسطا لا يكاد يبقى منه شيء.. وقد ذكر لي أن أحدهم راتبه الشهري يصل الى سبعة آلاف ريال لا يستلم منه الا خمسمائة ريال فقط أما باقي الراتب فيذهب للبنوك وشركات التقسيط. وكم ذهلت وأنا أقرأ قبل عدة أشهر تقريراً في إحدى الصفحات الاقتصادية بإحدى صحفنا المحلية يقول إن القروض الشخصية من البنوك بلغت مائة مليار ريال.
وهذا غير القروض التي تتم عن طريق مؤسسات التقسيط والشركات العقارية وصناديق الإقراض العقارية والصناعية والقروض بين الأشخاص .. إنها والله كارثة!!. يا إلهي كن عونا لكل مهموم ومديون ومحزون.. إنه إندفاع أهوج نحو الديون يؤدي الى تلك المخاطر التي ذكرتها في أول المقال. وأتمنى أن تتدخل الجهات المسؤولة للحد من هذا الخطر الداهم على المجتمع أفرادا وجماعات ومن أهم الخطوات إيقاف الاعلانات عن التسهيلات التي تنشرها البنوك للاقتراض والتي ملأت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكذلك حث البنوك على إيقاف التسهيلات التي تقدمها للناس وهي في حقيقة الأمر ليست تسهيلات بل ورطات توقع الناس فيها. ما أجمل أن ينام الانسان قرير العين.. مستريح البال.. فللحياة طعم آخر حتى لو سكنت في «عشة» ونمت على حصير وركبت دراجة.جربوا ذلك فلن تندموا أبدا.
|
|
|
|
|
