| محليــات
كما يتجنَّد الجيشُ في مواقف الحروب، ويتأهَّب المربُّون في أيام الاختبارات، ويشمِّر كلُّ ذي مسؤولية عند الحاجة، وفي لحظات الأزمات المتعلقة بالحاجة إليه... كما هو الآن دور العلماء الخبراء في علوم الشرع، ممن أوتوا الحكمة، وفصل الخطاب، كي يتأهبوا لبسط الحقائق، وتوعية الجهلة، وتفنيد الأدلة، وتعليم كلِّ من لا علم له بالإسلام، وحضارته، وسلامه، وخيره، وعدالته، ونظامه، وحدوده، وقيوده، وضوابطه ومجازاته، ومحرماته ومجيزاته، وما صغر في شأنه، وما كبر... باللغات المختلفة...
فالمواقف الجادة، والحازمة، والحاسمة تُثبت، في منعطفات الأحداث العامة، أنَّ هناك حاجةً ماسةً إلى أن يَقفُوا وقفة رجل واحد، ولايركنوا إلى شيء من الثقة التي قد تكون تراودهم في فهْم العامة، والخاصة، من أبناء الإسلام بالإسلام ناهيك عمَّن هم ليسوا من لحمته، ولا يمتُّون إلى عقيدتهِ بِصلة...
ولعمري إنَّ لكل ضارةٍ نافعةً...
ولعمري إنَّ ضارَّة الأحداث، جاءت بنافعةٍ للمسلمين، لأن يعرفوا، ويتعرَّفوا إلى ما يجب ألاَّ يجهلوه من أمور دينهم، وشريعته السمحاء تلك التي تقوم على قوام قوي لا ثغرات فيه، والتي لو اتُّخذت قاعدةً عامةً، وأساساً أوَّلَ في تشريعاتِ أنظمة الدول على الأرض ، لعاش النَّاس في أمن، وسلام.
كما جاءت بنافعةٍ لهم كي يلجوا إلى ثقافات الشعوب الأخرى بلغاتها، ويتجذّروا في نقصها عن فهم الإسلام، الفهم الصحيح، فيسعوا إلى حلّ المشكَل منه، وبسط المعقَّد لهم فيه، وتقريب الخبرة عنه، لما ليس عندهم منها...
وإنَّ علماء المسلمين، الخاصّة، الذين يملكون زمام القول فيه، وفي شؤونه، وشجونه، يجيء دورهم الآن... كما لم يكن من قبل...، ذلك لأنَّنا نعيش الآن أحلك لحظات الحاجة إلى أن يدرك الأقوامُ داخل حصونهم، ورياضهم بمثل ما في منبسط واقعهم، وخبيئه، ما يجهلونه عن هذا الدين، وعن حضارته التي سادت، والتي حققت للبشرية أفضل مراحلها، وأنصع تواريخها... وعلماء المسلمين الآن هم أشدُّ مسؤولية، في أهم مراحل زمنية، ذات مضامين تغييرية، على درجة بالغة في حركتها، وسحقها واكتساحها، لمفاهيم ثابتة، يجب ألاَّ يعتورها التشويه، ضمن محتويات هذه المرحلة في مجرياتها المكثَّفة، والسريعة، والمدهشة. ولئن عاش الإسلام غريباً في ثقافات العالم ضمن حضاراته المختلفة، ولئن صورع في حُقب كثيرة ونجا، فإنَّه في هذه المرحلة، بات وجهاً لوجه، أمام تيارات الصراع السافرة معه، ولا من يُسأل عن إخراجه من مآزق الجهل به، إلاَّ العلماء من أبنائه، من هم ورثة الأنبياء، كي تقوى أصلابُ عامة أبنائه، في مواجهة تيارات الريح الباردة التي تتَّجه له، وتتصدى...
فهم وحدهم من يتصدَّى لها... داخل مجتمعاتهم، وخارجها، بكل سلاح أوله العلم، وعضيده اللُّغة...،
وهم وحدهم من عليهم التَّشمير عن سواعدهم، والتَّأَهُّب من أجل أداء أدوارهم، بما منحهم الله تعالى من خصوصية العلم، وهداهم إليه وهم يفعلون، غير أنَّهم بحاجة إلى المزيد... وفقهم الله... وأنار لهم البصر والبصيرة.... وحقَّق منهم ما يحفظ لهذا الدين كلمته، وموقفه، فاللّهم العون، واللّهم الثَّبات.
|
|
|
|
|