|
| مقـالات
لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان على أرضه ومنحه جهازه العصبي المعقد غاية التعقيد، إضافة الى عقله الخلاق المبدع والذي بزّ به الانسان سائر المخلوقات الأخرى.
وبدأ الإنسان في أول الأمر بالاستفادة من مميزاته الجسدية التي اودعه الله جلت قدرته فيه باستخدام عقله في محاولة معرفة مكانته على الأرض ومعرفة ما يدور من حوله في الطبيعة، وفي محاولة اكتشاف ما يفيده ويساعده في حياته ودنياه.
بادىء ذي بدء اكتشف الانسان النار واستأنس بعض أنواع الحيوان، وعرف الزراعة، وصنع المحراث، وصنع سرج فرسه وشداد بعيره، وصنع العجلات التي تسحبها دوابه لتسهيل الحركة وحمل الأثقال، وصنع آلته الحربية من سيوف ورماح وسهام ليحمي بها نفسه من أخيه الإنسان، ومن الحيوان المفترس، واستخدامها في صيد فرائسه.
واستمر الإنسان وباستخدام عقله منذ ما قبل عصر الأغريق في بحثه عن المعرفة وصنع التطور، فبدأ من عصر الأغريق والفراعنة والرمان وعلى امتداد العصور اللاحقة في ابداعاته المتنوعة في الطب والهندسة والكيمياء والرياضيات، والفلسفة.. و... وغيرها من المجالات الاخرى.. وملازمة لذلك شيّد الانسان قراه ومدنه ومواطنه المختلفة، وأقام معابده، ومقابره وتماثيله.
وداوم الانسان منذ قبل التاريخ وبعده في تطوير آلته ومعارفه.. حتى وصلنا الى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين حيث وصل الانسان الى ما يعرف بالثورة الصناعية.. ووصل الانسان الى قمة تطوره في تقنيته وصناعاته واكتشافاته المتنوعة في القرن العشرين الميلادي، فصنع الطائرات والصواريخ والقنابل الذرية والحاسوبات وأجهزة الاتصالات المختلفة حتى الشبكة العنكبوتية وأقام المصانع المتنوعة، كل هذا حدث بعد اكتشافه للكهرباء التي ساعدته على ذلك.
وعندما وصل الإنسان في عصره الحديث وبمساعدة عقله الى قمة تطوره في صنعه للتقنية الحديثة خصوصا في العقود الأخيرة من القرن العشرين اعتمد الانسان على آلته وصار عبداً لها، ووثق بها وصدقها وركن عليها، فصارت آلته هي التي تملي عليه أفعاله وأفكاره وقراراته وتصرفاته وانفعالاته، مع علمه أن آلته عرضة للخلل والعطل والتلف والتوقف.
لقد ألغت التقنية الحديثة والآلة دور العقل.. وما نشاهده اليوم من حوادث وكوارث وأعمال ارهابية رهيبة ممقوتة وخصوصا في دول متقدمة ما هي في حقيقتها إلا نتيجة لاعتماد الانسان على آلته وتصديقه لها والوثوق بها..!!.
الرياض: ص.ب 87416
|
|
|
|
|
