| مقـالات
تابعت كما تابع غيري ردود الأفعال المنطقية وغير المنطقية التي نجمت عن تدمير برجي المركز العالمي للتجارة في نيويورك ووزارة الدفاع الأمريكية بواشنطن وكان من أولى ردود تلك الأفعال تسمية الحملة التي حشدت لها أمريكا العالم كله والتي سميت بأولى حروب القرن الميلادي الحالي «بالحرب الصليبية» وعلى لسان رئيس أكبر دولة غربية «أمريكا» ثم يأتي رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني فيطلق تصريحاً آخر غير مسؤول مفاده «إن حضارة الغرب أرقى بكثير من قيم الإسلام» ولو قال: إن هناك اختلافاً بين الثقافتين أو الحضارتين لكان أهون من استعماله أرقى والتي لها مدلولها في لغتنا العربية. ثم تأتي بعد ذلك العجوز الشمطاء صاحبة التاريخ الأسود الحاقد لكل ما هو إسلامي وتركب الموجة، موجة الانتقاد للإسلام وحضارته ولعله من باب أنا هنا بعد أن عض عليها الزمن غير مأسوف عليها لتقول «إن المسلمين لم يعلنوا ما فيه الكفاية من إدانة للإرهاب» واستغل الفرصة اليهود كعادتهم بمهاجمة الإسلام والمسلمين وركب الموجة مفكروهم فضلاً عن سياسييهم، فها هو الكاتب الإسرائيلي «روفن كورت» ينفث سمومه عبر مقالة له تحت عنوان «حان الوقت لضرب مكة» حمل كل ألوان التحريض ضد الإسلام والمسلمين مستنداً إلى أباطيل ممجوجة وأكاذيب صارخة يستثير فيها الغرب على المسلمين إذ يقول «قتل الأبرياء العزل هو بلا شك أحد مبادئ التعاليم الإسلامية لأن الارهاب يأتي دائماً من منابع الدول الإسلامية» ويضيف: إن مهاجمة برجي المركز العالمي للتجارة ووزارة الدفاع الأمريكية تم من قبل أعداء الحضارة الغربية لإحداث خلل في الديمقراطية الكاملة التي تنتهجها أمريكا ثم يحرض الغرب للتصدي ومحاربة الارهاب الإسلامي بالقضاء على معاقله وإلا فإن الكثير من رموز الحضارة الغربية سوف تكون عرضة للخطر وسوف يكون مصيرها مصير مركز التجارة العالمي.
ثم يستمر في تحريضه للغرب على الإسلام والمسلمين فيقول: «إن ضرب العاصمة الأفغانية أو قواعد طالبان ليس كافياً بل لا بد من هتك المبادئ التي يقوم عليها الجهاد الإسلامي».
إن دعوة الرئيس الأمريكي إلى حرب صليبية ليست زلة لسان كما انطلقت بذلك التبريرات والاعتذارات من الإدارة الأمريكية بدليل أنها لم تكن الوحيدة فقد استخدمها مسؤول آخر في الإدارة الأمريكية بعد الرئيس بوش بساعات مما يعني أنها مصطلح متداول لدى المسؤولين في الإدارة الأمريكية، لذلك فإن خافيير سولانا المندوب السامي الأوروبي اعترض على استخدام بوش لهذه الكلمة أو لهذا المصطلح واصفاً إياه بأنه غير مناسب للوضع لأنه يدل على أن الحرب موجهة ضد الإسلام والمسلمين ومن منطلق أن أهل مكة أدرى بشعابها فليس من المعقول أن يكون العرب أقدر على فهم وتأويل مصطلحات السياسة الأمريكية والقائمين عليها من بني جلدتهم ثم ان هناك دليلاً آخر على أنها فعلاً حرب صليبية ليس على الارهاب وإنما على المسلمين، بدليل أننا لم نسمع عن إدراج الحركات غير الاسلامية ضمن الاهداف المعلنة في محاربة الارهاب مثل حركة التاميل في سيريلانكا، جيش الجبهة الشعبية في جنوب السودان، جيش التحرير الأيرلندي، ثوار الباسك في أسبانيا، الألوية الحمراء في اليابان ومافيا ايطاليا وأمريكا الجنوبية.
أما رئيس وزراء إيطاليا سيلفيو بيرلسكوني وتصريحاته بشأن تفوق الحضارة الغربية «المادية» على الإسلام ومناداة حلفائه بمنع دخول المسلمين ايطاليا بل وطرد الموجودين فيها واغلاق المساجد، فالحق أن الكثير من السياسيين والإعلاميين الأوروبيين تصدُّوا لها وانتقدوها وطلبوا من بيرلسكوني سحبها والاعتذار عنها ووصفتها بعض الصحف الايطالية بأنها أكثر من هفوة سياسية إذ تنطوي على نقص حضاري يثير القلق وأن من نتائجها عزل ايطاليا عن المحيط الدولي اضافة إلى أنه لا يمكن تبريرها، لأنها أحرجت حلفاء إيطاليا، كما أحرجت الحكومات الاسلامية المعتدلة بل وصفها بعض الساسة في إيطاليا بأنها تصريحات سخيفة وطلبوا من بيرلسكوني سحبها والاعتذار عنها أما ردُّنا على تصريحات بيرلسكوني الحاقدة واللامسؤولة فسؤال نوجهه له يتلخص بماذا تتفوق الحضارة الغربية «المادية» على الحضارة الإسلامية؟ فلو استندنا إلى الحقائق التي استند فيها بيرلسكوني لأطروحته لقلنا بتفوق كل حضارات الأرض على حضارة بلده التي أنجبت موسوليني والفاشية الايطالية والتي قامت على اكتافها أكبر حرب كونية شهدها التاريخ الانساني وفيها تم تقسيم العالم إلى أعراق تسلسلية بحسب الأفضلية فهل يوصم الطليان بالفاشية والماسونية أو بالميكافيلية التي ترعرعت في العاصمة الايطالية! كما لا يمكن في الوقت نفسه أن يوصم كل ألماني بالنازية ويصنف الشعب الايطالي والألماني أسفل القائمة الانسانية على الرغم من الآلام التي حصدتها البشرية من هذين الشعبين. ثم هل ما فعله بنو جلدته بالمناضلين الليبيين ومجاهدهم العظيم عمر المختار من بشاعة وبربرية حتى أنهم لم يتركوا وسيلة في التنكيل بالمجاهدين الليبيين إلا واستخدموها بما في ذلك إسقاط المجاهدين الليبيين من الطائرات تنكيلاً وتعذيباً يعد من الحضارة التي يتحدث عنها برلسكوني؟ ثم هل تستطيع أي عاهرة في أي بلد إسلامي أن تأخذ مكانها في برلمان بلدها كما حصل في ايطاليا؟ ثم هل تستطيع أي امرأة في أي بلد إسلامي أن تتباهى بإنجابها طفلها قبل أو بعد زواجها بشهر أو شهرين؟ كما هو الحال في بعض الدول الأوروبية؟ ثم هل يجرء أي شاذ في أي بلد عربي أو إسلامي أن يعلن عن شذوذه الجنسي وينادي بحقوقه ويطلب الترخيص للجمعيات التي يتبعها كما هو حاصل فعلا في الغرب؟ ثم ماذا عن أكل لحوم البشر والشركة المتخصصة في ذلك التي تأسست عام 1982م بنيويورك والتي تستورد منتجاتها من 15 دولة في العالم للطلب المتزايد على هذا النوع من اللحوم؟
أما البارونة تاتشر فإني لن أرد عليها لأن للسن أحكامه وأن ما يهوِّن شطحاتها أنه لم يعد لها من حضور على الساحات الدولية والإعلامية مما يجعل تصريحاتها غير ذات قيمة ولعل أحكام السن وأقول شخصيتها واعتقادها أنه لا يزال لها من بقية على الساحة الدولية جعلها تجزم بما صرحت به اضافة إلى أن المسلمين في بريطانيا سوف يلاحقون العجوز الحديدية قانونياً باتهامها رسمياً بإثارة الكراهية العرقية ضد المسلمين في هذا الوقت البالغ الحساسية.
إن البارونة لبلوغها سن اليأس السياسي ولفقدانها تألقها وتسليط الأضواء عليها والتي اعتادت عليها أيام السنوات العجاف لرئاستها الحكومة البريطانية ولما لم تجد ما تقوله أو تفعله مما يثير اهتمام الرأي العام ا لغربي وجدت ضالتها في تفجيرات نيويورك وواشنطن للعودة إلى الأضواء عبر ما كالته للمسلمين من تصريح حاقد وغير مسؤول.
إنها تعرف قبل غيرها أن الغلو وبالتالي العداء بين الكنيسة البروتستانتية والكاثوليكية وأعمال العنف والارهاب التي يمارسها المنتمون إلى الكنيستين في أيرلندا لا تعدان في بريطانيا العظمى أو بالتالي الغرب من الارهاب في شيء بل هي اجتهادات من اتباع الكنيسة لأن مرجعية الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان ومرجعية الكنيسة البروتستاتية في كانتربري في بريطانيا تدعيان عدم المسؤولية عما يحدث بين اتباع الكنسيتين فلماذا الربط حينما يتعلق الموضوع بالإسلام والمسلمين. ليت البارونة تقرأ التاريخ بموضوعية لتعرف ما فعله أجدادها بالعالم شرقه وغربه وبشعب فلسطين بصفة خاصة وهل اعتذر أباطرة الامبراطورية العظمى بما فيه الكفاية على جرائمهم التي أيضاً لا تغيب عنها الشمس.
أما اليهود ومفكروهم فليس بمستغرب ما حصل ويحصل منهم، فهم الذين حرّفوا الكتب السماوية وقتلوا أنبياء الله فهذا ديدنهم ونهج حياتهم وليت هؤلاء وغيرهم قرأوا كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حميد ووصفه لهذه الأمة بخير أمة أخرجت للناس «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر» وقول الحق سبحانه :«ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم».
ص.ب:56165 الرياض: 11554
|
|
|
|
|