| مقـالات
يسترعي انتباه الزائر لأمريكا تعدد محطات التلفزيون التبشيرية الخاصة.. هذه المحطات التي تدور حول شخص واحد وهبه الله قدرة الخطابة والتأثير الجماهيري.. مما جعله يستغلها وينشئ جمعية ذات صفة روحية «دينية»، وحسب قدرته واتساع رقعة مريديه وحجم التبرعات التي تصله.. تتحدد إمكانية امتلاكه محطة بث تلفزيوني أو إذاعي خاص..فالحصول على ترخيص نشر أو بث إذاعي أو تلفزيوني في أمريكا يتطلب فقط ابراز الهوية الشخصية.
الجمعيات بكل أنواعها .. من جمعيات الشواذ جنسيا وجمعيات تحليل تعاطي مخدر المروانا وجمعيات الدعوة إلى عبادة رئيس تلك الجمعية وجمعيات عبادة الشيطان وجمعيات الدعوة إلى المسيحية من خلال التوحد مع اليهودية.. الخ.. هذه الجمعيات لها من الاتباع والمريدين ما قد يثير العجب والاستغراب فهم مخلصون لجمعياتهم بأموالهم غالباً ودمائهم أحياناً.. مثال ذلك الانتحارات الجماعية الذي حصلت عندهم في الثمانينيات والتسعينيات.
بعد سنة أو عدة سنوات من التأسيس، وجمع المبلغ الكافي من التبرعات تقوم الجمعية بإنشاء محطة إذاعة أو تلفزيون.. وهنا يتكلمون إلى من يتكلمون .. ويبدأون «الشحاذة»، تحت ستار الوعظ وباستخدام أحدث التقنيات.. ولنا أن نعجب حينما نعلم أن ميزانية بعض هذه الجمعيات ودخلها السنوي من التبرعات يصل إلى مئات الملايين من الدولارات سنوياً.. فبعض هذه الجمعيات وصلت من القوة أن صار لها «لوبي» في الكونجرس الأمريكي.. وتم تصنيفها كجمعية خيرية وبذلك تحصل على امتيازات ضريبية.. فيقوم بعض رجال الأعمال بتحويل الضريبة المستحقة عليهم للحكومة الأمريكية إلى تلك الجمعيات.
كما أن رؤساء تلك الجمعيات الدينية لا ينعمون بالحماية القانونية .. فهم لا يمكن أن يهزوا عصا الدين كما لا يمكنهم التهرب من أخطائهم أو جرائمهم.. ولعل حادثة سويقارت أو بارك.. وهما من هما شهرة واتساع رقعة اتباع.. حينما سقطا في فخ شهواتهما وزنيا مع سكرتيراتهما كانت النتيجة هي التشهير والسقوط والسجن وبشكل يشعرك أن هناك رغبة في زلزلتهما وليس حمايتهما.. لكن الدستور يحميهم فحرية المعتقد والكلام نصان رئيسيان في الدستور الأمريكي.
من هذه المحطات محطات موجهة بشكل مؤسسي وليس فرديا.. بمعنى ان هناك جماعات منظمة تدعم إحدى أو بعض تلك الجمعيات الخيرية وإن لم تكن تظهر بالصورة.. فالمنظمات اليهودية مثلاً فاعلة جداً في دعم بعض تلك الجمعيات.. أيضا المنظمات الأمريكية العنصرية ذات الأصول الأوربية التي تدعو إلى قصر أمريكا على الأمريكان البيض فقط.. «أحد افرادها تمثي مكفي الذي دمر مبنى الحكومة الفيدرالية في أوكلاهوما».. تدعم وتدير بشكل مباشر بعض تلك الجمعيات.
الأقليات في أمريكا مثل السود واليهود والعرب والمسلمين والصينيين والكوريين والهنود لهم جمعياتهم .. أقواها لاشك اليهود.
منذ مطلع الثلاثينيات وحتى مطلع السبعينيات .. كان التعاون بين اليهود والسود تعاونا مهما ومؤثرا في مسيرتهما التنظيمية.. لكن مع ارتفاع وقوة اللوبي اليهودي ابتعدت وضعفت علاقة التعاون مع السود .. ولا غرو في ذلك فقد تهافتت على توثيق العلاقة معهم كافة جمعيات الضغط السياسي والمالي والإعلامي ليس في أمريكا فقط بل في العالم كله.. ذلك جعل من جماعات السود عنصراً أقل أهمية رغم تاريخ العلاقة وكثافة العدد المهم كصوت انتخابي.
الجمعيات العربية والإسلامية من جهة أخرى.. حديثة التنظيم.. ضعيفة الدعم.. والآن محاطة بجو من العداء والريبة والحذر.
هذه الجمعيات قبل 11 سبتمبر وصفها انس الحجي في جريدة الوطن وهو كاتب مقيم في أمريكا أنها كانت متنافرة متحاربة إلى درجة أنهم لم يستطيعوا الاتفاق على موعد بدء رمضان.. ليس في أمريكا كلها أو الولاية ذاتها بل في المسجد نفسه.. تصوروا أن أهل المسجد الواحد كل يبدأ رمضان بشكل مستقل عن الآخر مما أدى إلى أن يكون لكل جماعة منهم موعد عيد مختلف. وبذلك حرموا المسلمين في أمريكا من تحديد يوم عيد رسمي تعتمده الحكومة الأمريكية في تقويمها السنوي.
ولا أدري كيف سيكون حال الجمعيات العربية والإسلامية في أمريكا بعد غارة 11 سبتمبر.
|
|
|
|
|