| متابعة
* القاهرة مكتب الجزيرة محيي الدين سعيد:
دعا عدد من خبراء الاقتصاد في مصر الى تشكيل نواة تنسيق عربية بين مصر والمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة وسوريا ولبنان لمواجهة الضغوط الخارجية والتحديات الحالية في ظل الحرب الامريكية وتداعيات احداث 11 سبتمبر الماضي،
اكد الخبراء في ندوة احداث امريكا الاخيرة وتداعياتها على المنطقة والتي دعت اليها الحركة الشعبية لمواجهة الصهيونية والهيمنة الامريكية بالتعاون مع النخبة الثقافية بنقابة الصحفيين ليلة امس ان التنسيق العربي في المرحلة الحالية والمقاومة اصبح مسألة حياة او موت بالنسبة لجميع الدول العربية،
اكد الدكتور محمود عبدالفضيل استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان ماحدث في امريكا مؤخراً وماتبعه من حوادث سوف يحكم التطورات العالمية لمدة خمسين عاما قادمة مشيراً الى اهمية اعمال الفكر للوصول الى كيفية تمكين الحركة الشعبية العربية من الإمساك بزمام المبادرة والاستفادة من تلك التطورات واشار الى ان احداث 11 سبتمبر حملت عدة خصائص اولها انتهاء الاستثناء الامريكي الذي بدأ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وسيطرة امريكا على الاوضاع الاقتصادية العالمية وفسر ذلك بان الاحداث الاخيرة سوف تعمق الركود الذي كانت تعاني منه امريكا قبل الاحداث وان الاتفاق العسكري لن ينجح في تحريك عجلة الاقتصاد، حيث سيهتز الدولار تماما لانه كان يعتمد على دعم الاستثمارات الخارجية التي كانت متدفقة على امريكا نتيجة الثقة العمياء في الاقتصاد الامريكي،
واستطرد الدكتور عبدالفضيل مؤكداً ان هذه الثقة لم تعد بنفس الشكل المطلق وان جزءاً كبيراً من الاموال سوف يتحول الى اوروبا او سيبقى الى جوار اصحابه ولن يتدفق على امريكا بما سيصعب من تمويل ازمة العجز في الاقتصاد الامريكي،
واشار الى ارتفاع سعر اليورو والاسترليني بعد الاحداث ووصف ذلك بانه يعني خلق نظام ثنائي القطبية في المال بعد ان اختفى هذا النظام من الحياة السياسية،
اما ثانية الخصائص في رأي الدكتور عبدالفضيل فقد تمثلت في اهتزاز مسيرة العولمة وارتباكها بعد ان اصبحت الدولة الاولى والقاطرة لها في ازمة ركود وخيم مشيراً الى ان الشعارات الامريكية الحمقاء عن الحرب الطويلة والممتدة تعني انه لن يتفرغ احد للدفاع عن العولمة في العشر سنوات القادمة واذا فكر احد فيها فسيكون مجهوده مركزاً في الحفاظ على ما تم التوصل اليه في مسيرتها وعدم التراجع عنه،
واشار الدكتور عبدالفضيل الى وجود ظواهر وبدايات تمرد على النظام الاقتصادي العالمي ظهرت كل احداث السبتمبر وسوف تتعمق في الفترة القادمة ومن هذه البدايات الدعوة لصندوق نقد آسيوي لكسر احتكار وشروط صندوق النقد الدولي والدعوة الخجولة في كل من فرنسا والمانيا لما يسمى بضريبة توبين، والتي تفرض على حركة الاموال الساخنة المنفلتة التي تقوم بالمضاربات في الاسواق العالمية،
واعتبر الدكتور عبدالفضيل ان نظرية الاقتصاد الحر تتعرض لازمة فكرية مؤكداً ان الجو الفكري موات تماما في الوقت الحالي لنظرية جديدة تعيد الاعتبار لسياسات التنمية في المنطقة العربية بشكل عام ومصر بشكل خاص،
واشار الى ان هناك عدداً من الاجراءات يجب اتخاذها في مواجهة الاحداث الحالية ومنها ان يكون الاقتصاد المصري تعبوياً يقوم على تعبئة كل الموارد ويكون جاهزاً لكل الاحتمالات الى جانب ضبط الاستيراد ووضع حد للنزيف الاستيرادي الحاصل حاليا وبناء المخزون الاحتياطي من السلع الاستراتيجية واعادة النظر في السياسات الاستثمارية التي لم تنتج اية تنمية في السنوات العشر الاخيرة واعادة توجيه هذه السياسات الى استثمارات ذات عائد تنموي،
واضاف الى اهمية اتجاه مصر والبلاد العربية الى تعميق التصنيع لما يشكله من حماية للامن القومي العربي مؤكداً ان البلاد العربية لديها الامكانية اللازمة لعمل نوع من الطفرة التصنيعية ومطالبا بتنسيق عربي وتشكيل نواة لهذا التنسيق من مصر والسعودية والامارات وسوريا ولبنان لمقاومة الضغوط الخارجية مؤكداً على اهمية استغلال المشاعر المعادية للسياسة الامركية في كل البلاد العربية بلا استثناء خاصة مع الاعلان عن نية امريكية في توجيه ضربة قوية للعراق،
ودعا الدكتور عبدالفضيل الدول العربية جميعها الى احياء شعاراً يتبنى ويتحمل السلاح في الفترة القادمة، ، وختم قائلاً ان القضية التي هي كيف نناوئ النظام الدولي لاكتساب حرية جديدة ومقاومة الهيمنة الامريكية التي تلعب آخر ادوارها لان ضربة 11 سبتمبر هي بداية انهيار الامبراطورية الامريكية لمدة 50 عاما قادمة مع صعود لقوى روسيا الجديدة والصين وايضا ايران،
وتحدث الخبير الاقتصادي الدكتور ابراهيم العيسوي عن تأثير الاحداث الامريكية على الاقتصاد المصري مؤكداً ان التأثير المباشر لهذه الاحداث على مصر سيكون محدوداً للغاية، ، وفسر ذلك بان صادرات مصر لامريكا لاتمثل شيئاً كبيرا بالنسبة لمجمل الصادرات حيث تبلغ هذه الصادرات 12% كما لاتزيد الواردات من امريكا على 14% الى جانب ان امريكا ليست اهم مصدر للسياحة في مصر وانما تتمثل هذه الاهمية في السياحة القادمة من اوروبا والوطن العربي،
واشار الى ان الاستثمارات الامريكية في مصر محدودة لافتاً إلى أن الاستثمارات الاجنبية بشكل عام انخفضت في مصر في العام الاخير،
واوضح ان اية تداعيات للاحداث الامريكية على الاقتصاد المصري ستكون عبر تأثير هذه الاحداث في الاقتصاد العالمي بشكل عام مشيراً الى ان هناك تفاوتاً في التقديرات الخاصة بهذا التأثير على مصر وان هناك من يرى ان الاحداث ستؤدي الى زيادة العجز في العمليات الجارية بالنسبة لمصر بحوالي 2 مليار دولار في حين يحدد البعض الآخر تقديرات تصل الى 6 مليارات دولار وارجع هذا التفاوت في التقديرات الى انها جميعا تقوم على الافتراض الخاص بالواردات وما اذا كانت هذه الواردات مستمرة ام تنقص في الفترة القادمة خاصة وهي كبيرة جدا وتبلغ 16 مليار دولار وتوقع الدكتور العيسوي ان يحدث انخفاض بحوالي 30% من حجم الصادرات المصرية وهو مايساوي 3، 1 مليار دولار وان يحدث انخفاض في السياحة الوافدة بنسبة 50% بما يؤدي الى نقص في الايرادات بحوالي 2 مليار دولار،
واشار الى ان هناك امكانية لحدوث اثار ايجابية غير مباشرة للاحداث ومن ذلك ان جانبا من السياحة العربية لامريكا واوروبا سوف ينخفض بسبب الاتجاهات المعادية للعرب في هذه الدول وقال انه من الجائز ان بعضا من هذا الجانب يتوجه الى مصر في ظل وجود بدائل اخرى مثل سوريا ولبنان وتركيا،
واضاف ان الاموال العربية في الخارج ايضا اصبحت تحت الحصار في ظل الاجراءات الاخيرة وان جانبا منها من الممكن ان يأتي لمصر بما يخفف الاثار السلبية السابقة،
واشار الدكتور العيسوي الى ان الاحداث الاخيرة اعادت التذكير بتحذيرات الاقتصاديين المصريين طوال السنوات السابقة من خطورة الاعتماد على الخارج في التجارة والاستثمارات واهمية ايجاد نواة صلبة وثقل محلي للاقتصاد المصري حيث لا اهمية لاية طفرات تأتي من عوامل خارجية في عمليات هذه النواة الصلبة،
ودعا الدكتور العيسوى الحكومة المصرية الى اتخاذ اجراءات اكثر جرأة والسعي لانعاش الاقتصاد المحلي والعمل على احتواء عجز ميزان المدفوعات والحد من الواردات وسداد مديونيات الحكومة للشركات في القطاع العام والخاص وتنشيط دور الدولة في الاقتصاد،
واكد على اهمية تنشيط دور الدولة في احياء القطاع العام غير المباع واصدار التشريعات التي تساعد على نمو الاقتصاد مثل قوانين الضرائب ومنع الاحتكار الى جانب قيام المجتمع كله بالتصدي للفساد ومحاربته،
واشار احمد السيد النجار رئيس تحرير التقرير الاستراتيجي الاقتصادي الى ان الاقتصاد الامريكي ينزلق للركود وسيؤثر بشكل عام على الشركاء المباشرين له مثل كندا والمكسيك والصين واليابان والمانيا ودول الشرق الاقصى وهذه الدول جميعها تمثل الجانب الاعظم من اقتصاديات العالم وبالتالي ستكون هناك اثار ركودية تنتقل للاقتصاديات العربية والاقتصاد المصري وان كانت مصر والكلام للنجار اقل في تأثيرها وتأثرها لكون اقتصادها غير مفتوح على العالم،
واكد على اهمية ان تعمل مصر على جذب الاستثمارات العربية خاصة بعد مواجهة العنصرية الموجودة حاليا في المناطق الجاذبة لهذه الاستثمارات مشيراً الى اهمية ان تقوم الحكومة المصرية بالتفاوض المباشر مع رجال الاعمال العرب في هذا الشأن، كما دعا الى خلق تيار متدفق من السياحة عن طريق الاتفاق بين وزارات التعليم والشباب من الدول العربية على تنظيم رحلات منتظمة للطلاب والشباب،
كما اكد على اهمية استمرار الدول العربية في التعاون مع الدول المنتجة للنفط من خلال منظمة الاوبك مشيراً الى ان البلدان العربية هي صاحبة الاحتياطي النفطي الاكبر في العالم وان احتياطي بحر قزوين لايتعدى حتى الآن 45 مليار برميل في حين يبلغ احتياطي المملكة العربية السعودية 312 مليار برميل والامارات 98 مليار برميل،
وانتقل الحديث الى الجانب السياسي في تأثيرات الاحداث الامريكية في المنطقة العربية فاشار الباحث الاجتماعي الدكتور سمير مرقص بداية الى التأثير الكبير لليمين الديني الامريكي في صناعة القرار الامريكي وخاصة منذ ادارة الرئيس ريجان عام 1980م وقال ان اليمين الديني الامريكي يلعب دائما دور التغطية على مصالح الادارة الامريكية وتعبئة الناس بما يصب في صالح هذه المصالح،
|
|
|
|
|