| الثقافية
2 بادرت باصدار الصحيفة في شكل مجلة شهرية، ريثما يتم اعداد المطبعة التي تمكن من طبعها يومية في الرياض. فطبع العدد الاول مؤرخاً في ذي الحجة سنة 1372ه «اغسطس 1953م» يحمل اسم «الرياض» وحملت نسخاً منه الى الديوان لتقدم لسمو ولي العهد، مع كتاب مني طلبت فيه الامر بنقلها من القاهرة حيث طبعت هناك الى الرياض جوا، لئلا يتأخر توزيعها، فماذا فُوجئت به؟
3 لقد كان عبد الله عمر بلخير مستشارا لولي العهد، وهو في الوقت نفسه المشرف على شؤون الاذاعة والصحافة والنشر، وكان صديقاً لرئيس الديوان الذي ليس من المعقول ان يخفي عنه الامر الصادر بالسماح لي بإصدار الصحيفة بل لم يكن الأمر خافيا حتى عمن لا صلة لهم بالديوان، ومهما يكن فقد تلقيت الجواب بتوقيع رئيس الديوان: بأن سموه لا يوافق على استعمال اسم «الرياض» ولا يسمح بدخولها وهي تحمل هذا الاسم، لان سموه قد منح الاستاذ عبد الله بلخير مستشار سموه امتياز اصدار صحيفة باسم الرياض!!
ليكن ما يكون فلابد من الاستمرار في العمل لاصدار الصحيفة، ومقابلة هذه الصدمة وما قد سيتبعها «طأطىء لها رأسك تمر» وهكذا كان، فقد صدر العدد الاول من الصحيفة بصورته تلك سوى الاسم، فقد كان في غلافه وفي صفحته الاولى «اليمامة» وبين طياته الاسم الاول «الرياض» مما كان مبعث انتقاد احدى المجلات «صوت البحرين» جزء الربيعيني سنة 1373ه من كاتب لم يدرك ما سيتحمله صحفي ناشىء من جراء اعادة طبع اول عدد من صحيفة لا يدري ماذا ستقابل به.
4 لم يمض شهران على المنح والمنع المتعلقين باسم «الرياض» إلا وقد توجت به مجلة شهرية، ولكنها لم تصدر في مدينة الرياض بل في مدينة جدة وليست باسم «المستشار» بل باسم «مؤسسة الطباعة والصحافة» للثري الشهير «المحسن الكبير» المعروف! «اعتقد انه حسن الشربتلي» فقد «اعاره» اعار مؤسسته المدير العام للاذاعة والصحافة والنشر، ذلك الاسم الممنوح له! حسنا ليكن هذا، فمظهر الصحيفة وقوة القائمين على نشرها، وانتشارها ورواجها، وما يطرقه كتابها من موضوعات، وما ينشر فيها من بحوث تجعل كل مهتم بصحافة هذه البلاد يسرُّ بصدور هذه المجلة، في اي مدينة من مدن المملكة، ولكنها وياللأسف لم تستكمل عامها الثاني.
5 بعد مضي عامين على توقف المجلة التي تصدر في مدينة جدة، وكنت اسعى لاصدار صحيفة «اليمامة» يومية حبذ لي الامير سلمان بن عبد العزيز امير الرياض فكرة اصدارها باسم «الرياض» فتقدمت وفق مشورة سموه بكتاب موجه للملك سعود رحمه الله وكان ذلك في شوال سنة 1376ه، وما اعظم سروري حين بشرني سموه بصدور الموافقة الملكية على ذلك الطلب، وقدم لي تصريحا برقم 7678/2 في 1/12/1376ه يحوي مضمون الامر الملكي رقم 22658 في 17/11/1376ه. برقيا بالموافقة على طلب الشيخ حمد الجاسر اصدار صحيفة باسم الرياض.
وكتبت ونشرت في اليمامة العدد 85 الصادر بتاريخ 25 ذي القعدة 1376ه.
توقعا لتلقي الموافقة اعلانا بارزا يتضمن تكرار كلمة «الرياض» متبعة بجملة «نبأ سار، فترقبوه قريبا»!
وبينما انا منهمك في اعداد العدة لاصدار الجريدة اليومية اذا ببرقية تصل الي من «المدير العام للاذاعة والصحافة والنشر» عبد الله بلخير يبدي استغرابه من ذلك الاعلان الذي يفهم منه الإقدام على اصدار صحيفة بهذا الاسم الذي منحه «اياه صاحب الجلالة ثم «اعاره احمد عبيد» ولكنه الآن عازم على اصدار جريدة «الرياض» ولهذا لا يسوغ لي استعمال ذلك الاسم...»
فصرف النظر بعد ذلك واستمرت اليمامة صحيفة اسبوعية الا انها لم تسلم من بعض العقبات التي تعترض طريقها او تعكر الصفو احيانا مثل ما سبق الحديث عنه، ومن هذه العقبات الاولى التي كادت تعيق الفكرة من اساسها فنجده يقول في مجلة «العرب» ج 7 و 8 س 17 محرم وصفر 1403ه تشرين 2 كانون 1 1982م «.. وكان امر اجازة اصدار الصحف منوطا بوزارة الخارجية، وفيها فرع يعرف باسم «قلم المطبوعات» وكان نظام المطبوعات يقضي بعد الموافقة السامية على منح الرخصة باصدار اية صحيفة بتقديم كفيلين : كفالة غرامة، وكفالة احضار لمن يسمح له باصدار صحيفة.
ولقد تعثّر الامر بالنسبة لي، وكنت في جدة لمتابعة الموضوع، فزرت الشيخ محمد بن علي البيز رحمه الله وكان من اساتذتي حين كنت طالبا في المعهد السعودي بمكة، فجرى الحديث في مجلسه عما تم في امر اصدار الصحيفة، فذكرت له ما اعترض سيري فقال اخوه الشيخ احمد رحمه الله انا مستعد لكفالتك كفالة غرامة، وكان من بين الحاضرين الشيخ عبد العزيز الحمد العبدلي من سراة اهل عنيزة فقال : وانا اكفلك كفالة إحضار، ثم ذهبا معي الى وزارة الخارجية فتم كل شيء، وخرجت بالرخصة التي تقضي بالسماح لي باصدار صحيفة يومية باسم جريدة «الرياض» تصدر مؤقتة مجلة شهرية وما ان حلت مشكلة الكفالة ومشكلة الاسم، إلا وتبرز مشكلة الطباعة والنقل فنجد استاذنا الجاسر يقول في نفس العدد من مجلة العرب وتحت عنوان.
مشكلة الطباعة:
ويستمر الجاسر في مقاله المذكور مستعرضا مشاكل الطباعة وتنقل «اليمامة» بين القاهرة فمكة فبيروت واخيرا الى الرياض حيث الفرحة الكبرى، يقول: «... منذ فكرت في امر اصدار صحيفة، وانا معنيٍّ باعداد العدة لايجاد مطبعة، وقد جمعت لهذا الغرض من طلاب المعهد(1) ومدرسية ومن بعض الاخوان مبلغا من المال بلغ خمسمائة الف ريال موزعة على (500) سهم كل سهم مئة ريال اسهم في دفعها واحد وثلاثمائة «301» منهم ذو السهم الواحد، ومنهم ذو الخمسمائة سهم، ومن هذا المبلغ تم شراء ارض تم بناؤها لتكون مقرا للمطبعة التي طلبت آلاتها من خارج البلاد، ويتطلب وصولها وتركيبها وتشغيلها زمنا.
توسلت بالشيخ محمد سرور «الصبان» للمساعدة في طبع «اليمامة» بالاجرة في مطابع البلاد السعودية في مكة فتم ذلك اعتباراً من العدد الثالث، وكان الاستاذ عبد الله بن خميس يقيم في مكة للدراسة فتولى الاشراف على الطبع هناك غير ان الامر لم يستقم طويلا بسبب تأخر الطبع فيتأخر صدور العدد عن وقته، فنشر في فاتحة العدد السادس كلمة قال فيها: «فررنا من المطابع المصرية لسببين»:
1 كثرة الاغلاط المطبعية وهي نتيجة حتمية تفرضها بحوث المجلة وتحقيقاتها الغريبة على المصححين هناك.
2 هوة البعد السحيقة بين محرري المجلة، وبين المطبعة مما يسبب تأخر المراسلات، والوقوع في الارتباك .. ولاجل هذا اخترنا «مطابع البلاد السعودية» لتكون الفائدة مزدوجة فانعكست القضية وجاءت الخسارة بالنسبة الينا مزدوجة!».
أثار هذا القول غضب مدير المطابع، ولعله لم يكن مرتاحا من اول الامر، فأعاد مواد الجزء السابع الى الاستاذ ابن خميس ولم تُجد الوسائل فكان لابد من طبع المجلة خارج البلاد، بعد الاتصال بمؤسسة الطباعة والنشر التي انشئت حديثا في مدينة جدة، والتوسط بأسرة آل الجفالي غير ان الجزء الذي قدم لهذه المؤسسة للطبع «نام» ولم يتم طبعه. حتى انتهى شهر وشهران بعده كان عددهما قد طبعا في بيروت ووزعا على المشتركين.
ويسترسل موضحا اهداف المجلة ومسارها بقوله «... وحين يستعرض القارىء تلك الاجزاء التي صدرت «احد عشر جزءا في 392 صفحة» من اليمامة يجدها سجلا حافلا باسماء كثير من مثقفي هذه البلاد الذين اسهموا في انماء الحركة الأدبية، واصبح كثير منهم يتولون في الدولة رفيع المناصب.. وقد يؤخذ على هذه الصحيفة انها ليست متميزة المنهج فما ينشر فيها من الأبحاث يتناول مختلف جوانب الحياة، من دين وادب وتاريخ واجتماع واقتصاد.. انها وسيلة اصلاح وتقويم للانسان في مختلف شؤونه...»
ولا ينسى من ساندوه من الطلبة وقتها في القاهرة فيقول: «... ويتوالى نشاط اولئك الاحبة من ابنائنا الطلبة ممن اصبحوا فيما بعد يتسنمون أعلى المراكز في الدولة من وزارات وغيرها منهم بل ابرزهم وانشطهم بالنسبة للعمل في هذه الصحيفة في اول نشأتها اثنان هما: ناصر المنقور، وصالح الحصيني ومن اولئك عبد الرحمن ابو الخيل، وعبد العزيز السالم، ومحمد بن عبد الرحمن الفريح، وعبد الرزاق الريّس، وعبد الرحمن بن سليمان آل الشيخ، وحسن المشاري، وابراهيم العنقري، وعبد الله الطريقي، الى آخرين لا يتسع المقام لذكر اسمائهم...»
(1) المعهد العلمي بالرياض حيث كان وقتها يعمل وكيلا لمدير المعاهد العلمية والكليات.
|
|
|
|
|