أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 25th October,2001 العدد:10619الطبعةالاولـي الخميس 9 ,شعبان 1422

مقـالات

يا لجبروت...!!
د. فهد حمد المغلوث
هناك أمور كثيرة ومواقف حياتية غير متوقعة تحدث لنا ونتعرض لها فتقلب حياتنا رأسا على عقب وإذا كانت معظم تلكا لأمور والمواقف مؤلمة وذات تجارب قاسية ومريرة، إلا أن جزءاً منها إيجابياً وجميلاً وينعكس على حياتنا وتصرفاتنا بشكل ربما نستغربه على أنفسنا لكوننا لم نتعود عليه أوأننا لم نتخيل أنفسنا نمارس هذا الدور الغريب علينا وكيف؟ لكل رغبة ودافعية وسعادة بالغة ودون اكتراث لما يقال عنا أو ينسب إلينا!، خذ مثلا تلك التجارب العاطفية التي يمر بها بعضنا والتي وجد نفسه فجأة في عمقها فهولم يخطط لها ولم يهيئ نفسه لاستقبالها، ومع ذلك ودون سابق إنذار وجد قلبه يخفق فجأة ومشاعره تتبدل لتعلن حالة إعلان أشواق لم يعهدها من قبل إلى غير ذلك من مؤشرات الحب التي لم يعد بالإمكان إخفاؤها أو تجاهلها أوحتى اعطاؤها اسما مختلفا غير اسمها الحقيقي.
ويا سبحان الله! فإن الإنسان حينما يحب شيئا من قلبه فإنه يخلص له ويضحي من أجله لدرجة قد يصبح معها ضعيفا أمامه حتى في الأمور والعادات السيئة غير المشروعة.
ولكن ما نقصده وما نتحدث عنه هنا هوتلك العلاقة الإنسانية السامية الصادقة بين الناس عامة والمحبين تحديدا والتي ينتج عنها ضعف خاص من نوع آخر بين كلا الطرفين أو أحدهما.
ورغم أنك تحزن أحيانا لكونك شعرت بنقطة ضعفك في الوقت الذي يفترض أن تكون فيه قويا خاصة في أوقات معينة وفي ظروف خاصة، إلا أنك ومن داخلك ترضى بهذا الضعف الذي تمكّن منك لكونه غيَّر فيك أشياء كثيرة لم تكن تتوقعها وأحال مفهومك للحياة بشكل أفضل وأجمل.
وأحيانا ومن قبيل المكابرة لمشاعرك تحاول أن تكون رسميا بعض الشيء في حديثك مع هذا الإنسان الذي بدأت تنجذب إليه وتتعلق به وفي طريقة تصرفاتك معه.
إن الضعف لا يأتي من كوننا عاجزين أو غير قادرين على القيام بما نريد أو لأن هناك خطأ ما فينا، كلا! بل نحن نضعف أحيانا لأننا نعرف كيف نحب بصدق. نضعف لأن هذا الضعف هو الوسيلة الجميلة والحقيقية التي نستطيع من خلالها أن نثبت لمن نحب بأننا صادقون في أحاسيسنا معه ومستعدون للتضحية بكل ما نملك في سبيل أن نقف معه وبجانبه ونضعف لكي نثبت لمن نحب أننا حينما نقسو عليه ونتخذ قرارات مجحفة بحقه، فإننا لابد أن نغيرها من أجله إكراما له.
إننا نضعف معه لنقول له: ها نحن بين يديك غير مشغولين عنك، لا يهمُّنا غيرك، فما عليك سوى أن تأمر وأن تتدلل!
وحتى لوكان ضعفي بكاءً فمن أجل من عساه أن يكون ولمن؟ أليس من أجل من نحب؟ من أجل من لهم فضل علينا؟ من أجل من أدخلوا السعادة لقلوبنا؟
أليس لإحساسنا بالآخرين وتعاطفنا معهم؟ أليس لشعورنا بالذنب فيمن أخطأنا في حقهم وأسأنا إليهم؟ بل أليس لعجزنا أمام من نحب وعدم قدرتنا على إسعادهم أو تحقيق أمانيهم؟ بل أليس لعجزنا أمام رؤية كل شيء جميل ورائع دخل قلبنا وتمكن منه؟ بل أليس دليلا على أن بداخلنا قلوبا صافية رحيمة رقيقة تحب الخير وتسعى إليه وتعشق الجمال وتبحث عنه؟
يا الله، كم نحن ضعفاء أمام الكلمة الحلوة والابتسامة الرقيقة والطبطبة الحانية والمجاملة اللطيفة التي تنسينا كل شيء سبق وغضبنا منه! وكم نحن ضعفاء أمام أولئك الذين يعرفون كيف يدخلون لقلوبنا ويتحدثون باسمنا نيابة عنا وبرضا منا لأن نشعر أنهم يخافون علينا ويراعون مصلحتنا وكم نحن ضعفاء أمام أولئك الذين ملأوا علينا قلوبنا راحة وأمنا ورسموا على شفاهنا البسمة وعرفونا لغة الأشواق الحقيقية وأذاقونا طعم السعادة بكل أبعادها!
فيا لتلك المشاعر الصادقة التي تختلجنا وتهزنا بعنف! كيف تُضحكنا وتُبكينا! كيف تسعدنا وتشقينا! كيف تعرفنا بحقيقة أنفسنا وحقيقة من حولنا! كيف تجعلنا نتغير بسرعة وبشكل جذري ونبدّل من قناعاتنا ومفاهيمنا فقط لأن مشاعرنا تريد ذلك! فقط لأن أحاسيسنا لا تقبل بغير ذلك! فقط لأن من نحب ونعشق يستحق ما نضحي به من أجله من تغيرات وتبدُّلات وتحولات.
أليس جميلا إذاً أن يكون ضعفنا دليلا على صدق مشاعرنا وحبنا؟ أليس جميلا أن نفتخر بضعفنا لا أن نخجل منه؟ ألا يكفي أنني أنا وأنت إنسان؟ فلمَ ننكرعلينا إنسانيتنا؟ لمَ ونحن في حاجة إليها ؟ لمَ؟ أليست تلك قسوة على أنفسنا؟
همسة
قد يكون من الصعب عليَّ.
أن أواجه نفسي
بحقيقة نفسي..
بحقيقة واقعي معك..
فكيف بالمصارحة بها لك..
كيف؟
***
ولكن عزائي..
أنك لست أيّ أحد..
كي أبوح بها لك..
***
لذا.. صدقني حينما أقول لك..
بأنني لم أشعر بالضعف
سوى معك أنت..
ولم أرض به سوى من أجلك..
ولم أحبّه إلاّ لأنه بسببك..
وإن كان إيماني بالله قوياً..
وهكذا سيظل بإذن الله..
ثم بفضل تفهُّمك لي..
وخوفك علي..
وإرشادك لي..
لكل دروب الخير..
ودعواتك لي..
في كل وقت..
وفي كل مكان..
وتحت كل الظروف..
***
ولكنني أشعر..
أن ضعفي معك شيء آخر!
شيء مختلف!
يصعب عليّ وصفه لك!
أو حتى التعبير عنه!
بأي لغة كانت!
***
أجدني ضعيفاً..
أمام دموعك الغالية!
أمام ابتسامتك الساحرة!
أمام دلالك الذي لا يقاوم!
وأمام كل رغباتك المشروعة!
مهما كانت صعوبتها!
حتى لو كانت تلميحاً!
أو إشارة من بعيد!
أو حتى سكوتاً!
تخيَّل!
***
ويكفيني من هذا الضعف..
أنه عرّفني بنفسي!
قرَّبني من نفسي!
زاد ثقتي بنفسي!
***
أراني زاويا جمالية..
لم أكن أراها من قبل!
ولم تقع عليهاعيناي قط!
***
أراني حقائق رائعة
لم أدركها من قبل!
ولم أتعامل معها قط!
***
يكفيني من هذا الضعف..
أنه أيقظ بداخلي مشاعر..
لم أعهدها من قبل!
وَّلد في داخلي أحاسيس..
لم أستطع مقاومتها!
أوجد بداخلي أفكاراً..
لا أستطيع التخلص منها!
زرع بداخلي تساؤلات..
لا أستطيع الاجابة عليها!
حرّك بداخلي أشواقاً..
لا أستطيع إخفاءها عنك!
وضع أمامي حقائق..
لا أستطيع تجاهلها..
ورسم لي طريقاً
لا أستطيع أن أحيد عنه!
***
أشعرني بحقٍ..
أن هناك حقوقاً لك عندي..
ينبغي أن أعطيك إيّاها..
وأن هناك عرفاناً بالجميل..
يجب أن أُسديه لك..
وأن هناك كلمة شكر..
لابد أن تقال في حقك..
***
أشعرني بحق..
أن هناك مشاعر صادقة..
صافية.. طاهرة كأصحابها..
كبيرة.. شاسعة..
بحجم هذا الكون الكبير..
ومساحته!
بكل تضاريسه الشاسعة..
ووديانه..
وهضابه..
وجباله..
وبحاره..
وآفاقه..
***
وأن هناك وهناك..
أشياء كبيرة..
كثيرة جداً..
رائعة جداً..
لا بد أن أقولها لك..
لا بد أن أفصح عنها..
لا بد أن أشاركك إياها..
لذلك الإنسان الذي هو أنت..
***
لمن استطاع بحق..
أن يحتل كل مكان في قلبي..
وأن يستأثر به وحده..
دون غيره
وأن يزرعه..
كما هي عادته..
بورود الأمل..
ورياحين المحبة..
وعبير الأشواق..
ووله العشاق..
***
ولمن استطاع أن يقنعني..
بكل سهولة.. بكل عفوية..
منذ أوّل وهلة..
عرفته فيها
ومنذ أوّل لحظة صدق..
عشتها معه..
أن لا مكابرة في الحب..
ولا مكان في القلب..
سوى للحب..
للصدق..
للتسامح..
للعطاء..
للخير..
***
نعم أيها الود..
أشياء كثيرة..
أودّ قولها لك..
أودُّ إعطاءك إياها..
ولكنني أحياناً.. وربما كثيراً..
أحتاج لبعض الوقت..
للإفصاح عنها وتقديمها لك..
***
ليس لأنها لم تنضج لديّ بعد..
أبداً..
فهي لم تكن ناضجة..
كما هي اليوم..
ولم تكن جاهزة..
كما هي الآن..
***
وليس لأنني غير متأكد منها..
أبداً..
فهي معروفة لديّ..
منذ عرفتك..
منذ حدثتك لأول مرة..
منذ أن أدركت يقيناً..
أنك الإنسان الذي أبحث عنه..
***
وليس لأنني..
لا أريد أن أعطيك إياها..
كلاّ.. وألف كلاّ..
فهي ليست سوى لك..
كانت تنتظرك بشوق..
تترقب قدومك بشغف..
منذ زمن بعيد..
وكأنها على موعد معك!
لتلتقي بك!
***
ولكنني..
حينماأتردد في إيصالها لك..
حين أتأخر في النطق بها لك..
وحينما أؤجّلها..
يوماً بعد يوم..
فلأنني أريد أن أقدمها لك..
بصورةٍ أجمل..
بطريقةٍ أفضل..
بشكلٍ أروع..
يتناسب وحجم إنسانيتك الرائعة..
ومكانتك الكبيرة لدي..
ومعّزتك الخاصة في نفسي..
***
بل وبطريقة..
تستحق هذا الحب الصادق..
الذي يجمعنا..
وحجم تلك العلاقة الكبيرة..
التي تربطنا..
d3fahdo@yahoo.com
ص.ب: 75395
الرياض: 11578

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved