| مقـالات
* من بين الهدير الإعلامي الذي لا يصمت، لفت نظري حديث ل«كورت فالدهايم» الأمين السابق لهيئة الأمم المتحدة، قال فيه كلمة صريحة، ما معناها: «إذا أردتم معرفة أسباب الإرهاب فابحثوا في ملفات الأمم المتحدة عن كثير من القرارات العادلة التي أجهضها الفيتو»!.
وهي شهادة تجعلنا نتساءل عن هذا الذي قدَّم روحه أمامه، فقتل نفسه ومن حوله! ما قضيته؟ ما دافعه؟ ما سبب تضحيته بنفسه؟ لماذا تخلَّص من الحياة بهذه القسوة وبهذا العنفوان، وبهذا الرفض الشديد لمن حوله؟
الظن أن مناطق أو بؤر الصراع أو الجروح النازفة في الأرض منذ عقود طويلة والتي تتجاهلها الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومحكمة العدل، والدول العظمى والناس أجمعون، هي الفتيل الذي يوقد النار، ويكرِّس الظلم، ويزرع اليأس والإحباط، ويلد بشراً حاقدين على جنس الحياة، وتجد هذه المناطق الملتهبة في جسم الكرة الأرضية في مواقع كثيرة يتناولها الإعلام شبه يومي دون أن يُقدم لها العالم يداً لدفع الظلم والقهر عنها!
ولا بد من وقفة دولية عالمية لتسوية قضايا الأرض التي طال تداولها وفتح ملفاتها والنظر فيها دون إصدار قرار عادل بشأنها، وأحياناً دون إفساح الطريق أمام هذا القرار ليعيش على الواقع!
ولئن تركت بؤر الصراع ساخنة ملتهبة فإن انعكاسها على السلم العالمي سيكون مقلقاً ومضراً، فالعالم اليوم قرية واحدة، وهو جسد واحد يُحس ويتألم إذا التهب طرف بعيد فيه، فالناس يموجون مع بعضهم وتحكمهم علاقات اقتصادية وسياحية وثقافية، ولا يمكن عزلهم عن بعض بسياج مكهرب كما يفعل الصهاينة في فلسطين! هذا لا يحل المشكلة، بل يزيدها تعقيداً! على الأقوياء في العالم أن يأتمرو بصدق للقضاء على أسباب الإرهاب عن طريق تحقيق العدل، وهو شيء فعله الخليفة «عمر بن عبدالعزيز» رحمه الله، قال له أحد الولاة على بلد بعيد: «ابعث لنا يا أمير المؤمنين مالاً نسوِّر به البلدة لحمايتها»، فكتب له على رقعته: «سوِّرها بالعدل»!
العدل هو الدرع الذي يحمي من الصواريخ، والذي يملك القوة يجب عليه وجوباً تاماً أن يأخذ أخذاً قوياً بالعدل، لأن العدل صمام الأمان للقوة، وبدونه تنفجر القوة في وجه صاحبها إن آجلاً أو عاجلاً؛ ذلك لأن ربك بالمرصاد، واقرأ قول الله تعالى: «ألم تر كيف فعل ربك بعاد.. الآية»، واقرأ: «ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل... السورة» هؤلاء جميعاً أمم ملكت في الأرض أسباب القوة والسيطرة والنفوذ، لكنها لم تأخذ بميزان العدل، لقد قال الله عن صفتهم: «الذين طغوا في البلاد». «فأكثروا فيها الفساد».
والفساد والطغيان محصلتان طبيعيتان للظلم ودليلان أكيدان على التحيز وإهمال جانب العدل في حكومات هذه الأمم التي أبادها الله!
الإسلام ضد التطرف، وضد الإرهاب وضد أخذ الأبرياء بجريرة المجرمين، وهو في ذات الوقت يدعو إلى العدل ويأمر به وينهى عن البغي وينبذه: «إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي» «سورة النحل آية 90».
لقد قام الحكم الإسلامي في الأرض على بسط العدل، ومحاربة العنصرية، ومقاومة الاستبداد والظلم، ودعا في كل أحكامه إلى العدل الاجتماعي، وإيتاء كل ذي حق حقه، العدل درع الإسلام فهو الحماية له بعد الله من شر الإرهاب!
|
|
|
|
|