أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 23rd October,2001 العدد:10617الطبعةالاولـي الثلاثاء 7 ,شعبان 1422

عزيزتـي الجزيرة

البيئة المظلومة
التقدم الحضاري والتقني شارك في النتائج السلبية
البيئة هي حيّز الحياة وإطارها، فيها العناصر الطبيعية التي يحولها الانسان بعمله إلى ثروات. وهي السلة التي يلقي فيها مخلفاته ونفاياته.
وقضايا البيئة تتصل بهذين الوجهين، الأول أنها خزانة الموارد، والثاني أنها المسكن والمستقر، إن صلحت حاله صلحت حياة الانسان وإن فسدت بالتلوث والضرر تهددت حياة الانسان.
يقول د. ممدوح عطية: البيئة هي موئل الحياة وإطارها، في الحيز المحدود في الحجرة وعنبر المصنع، وفي الحيز الأوسع الشارع والمدينة وفي حيز الوطن والإقليم والقارة، وفي حيز الكرة الأرضية جميعها، وهو المستقر المشترك للبشر.
لذلك تكون قضايا البيئة محلية في أضيق الحدود، وتكون عالمية في أوسع الحدود.
منذ قديم الزمان، ومنذ ان جلس الإنسان الأول على أحد التلال، ورفع بصره لأول مرة إلى السماء، ورأى ما بها من آلاف النجوم المتلألئة في ظلام الليل، أحسّ الانسان بأن هناك علاقة من نوع ما بينه وبين هذا الكون الرحب.
وانبهر الانسان في مراحل حياته الأولى بالسماء وما بها من نجوم وأجرام، فاتخذ منها آلهة يعبدها ويقيم لها العطايا والقرابين، ثم عبد الشمس والقمر فترة من الزمان، وبعدها تخلّى عن كل ذلك عندما زادت معرفته ونمت قدراته واكتفى بأن تكون هذه النجوم علامات يهتدي بها الساري في الصحراء ويسترشد بها الملاح في البحار.
وقد بدأ الانسان الأول حياته على كوكب الأرض وهو يسعى لحماية نفسه من غوائل الطبيعة، وانتهى الى أن أصبح ظالما لبيئته مدمرا لها، حتى أصبحت البيئة أهم تحد لبقاء الانسان ورفاهيته ومن هنا كانت الدعوة التي ظهرت مؤخرا لتنادي بالربط بين قضيتي البيئة وحقوق الانسان. لأن حماية البيئة تمثل نوعا من الحفاظ على حق الانسان في الحياة.
وإذا أردنا أن نتعرف على البيئة، فهي الأرض التي نعيش عليها والهواء الذي نتنفسه والماء الذي هو أصل كل شيء حي، إضافة لكل ما يحيط بنا من موجودات سواء كائنات حيّة أو جماد، وكل ذلك يستلزم حماية صارمة من أي تلوث أو استنزاف أو تدهور.
إن الإدراك الواسع لأهمية حماية البيئة جاء متأخرا، بعد ان تعرضت لتخريب هائل لكل عناصرها.. فقد أصبحت البيئة موضع استغلال قاس يتسم بالشراهة والتبذير.
كما أن الخطر لا يقتصر على الموارد غير المتجددة والتي من أهمها: الفحم والبترول والغاز الطبيعي والمعادن، والتي تعامل معها الانسان بإفراط بالغ ناجم عن الأنماط الاستهلاكية في الدول الغنية، بل ان الخطر يمتد الى الموارد المتجددة والتي من أهمها مصائد الأسماك والغابات والمراعي والأراضي الزراعية.
إن مشكلة التدهور البيئي ترتبط تاريخيا بنشأة الأرض وما تضمه من جبال ووديان وبحار وأنهار ومحيطات وآبار وتربة وهواء، والكائنات الحيّة الجوية والبحرية والبرية من طيور وحيوانات وأسماك وكائنات بحرية، والانسان الذي يتفاعل ويعيش في صراع دائم مع الطبيعة المحيطة به بكل أشكالها من أجل البقاء واستمرار الحياة على الأرض.
في الماضي، كان هناك وفاق بين الانسان وبيئته بحيث كانت تكفيه مكوناتها ومواردها وثرواتها، بيد أن الزيادة الكبيرة في أعداد السكان والتي انعكست على البيئة في ظهور العديد من المشكلات مثل استنزاف وإهدار الموارد والثروات الطبيعية وانحسار التربة الزراعية وبالتالي نقص الغذاء وزيادة حجم الفضلات والمخلفات والنفايات، كل هذا أدى الى تلوث البيئة.
ومن ثم أصبحت ظاهرة تلوث البيئة واضحة المعالم، فقد اختل التوازن بين عناصر البيئة ولم تعد قادرة على تحليل مخلفات الانسان أو استهلاك النفايات الناتجة عن نشاطاته المختلفة، وأصبح جو المدن ملوثا بالدخان المتصاعد من مداخن المصانع ومحطات القوى، وتلوثت التربة الزراعية نتيجة الاستعمال الكثيف للمخصبات الزراعية والمبيدات الحشرية، كذلك لم تسلم المجاري المائية من التلوث، فمياه الأنهار والبحيرات في كثير من الأماكن أصبحت ملوثة نتيجة لما يلقى فيها من مخلفات الصناعة وفضلات الانسان والنفايات الأخرى.
إن التقدم الحضاري والتقني ونمو القدرات البشرية والتطور التدريجي بمرور العصور، وكذا فعل الانسان واسرافه قد أحدث آثارا مدمرة على البيئة خاصة اذا علمنا ان عدد سكان العالم سيصبح عام 2025م 5. 8 مليارات نسمة، وفي عام 2050م 10 مليارات نسمة.
وإذا أضفنا الى ما سبق سباق التسلح في كل أرجاء العالم والذي يستولي على الموارد التي يمكن ان تستخدم بصورة منتجة أكثر من للتقليل من المخاطر الأمنية التي تحدثها الاضطرابات البيئية من جهة، وأشكال الغضب التي يشعلها الفقر واسع الانتشار من جهة أخرى.
إنّ أخطر مشكلات البيئة الآن هي من النوع الذي يصعب ان ينحصر تأثيره في منطقة دون غيرها وينطبق ذلك على مشكلتي ثقب الأوزون وارتفاع درجة حرارة الأرض.
والمؤكد أن هاتين المشكلتين وغيرهما مثل إزالة الغابات والتصحر وتدهور الأراضي، في حاجة ماسة الى تعاون دولي واسع النطاق. فقد باتت الأخطار البيئية عالمية في طابعها ونطاقها، وهي في حاجة الى حلول عالمية لا يمكن الحصول عليها دون توافر مستوى من التعاون الدولي.
د. زيد بن محمد الرماني

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved