| الاخيــرة
يقيم النادي الأدبي بالرياض هذه الليلة احتفاله الثقافي الكبير في مقره بشمال حديقة الملز. بمناسبة مرور ربع قرن على تأسيسه مع زملائه الأندية الخمسة الأولى في كل من مكة المكرمة، المدينة المنورة، جدة، جازان، الطائف. حيث ولدت هذه الأندية الستة الأولى. في شهر واحد هو شهر صفر 1395ه على يد حاضنها ومنشئها وراعي صباها وشبابها حتى آخر يوم من حياته الغالية. ذلكم هو صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز رحمه الله والذي خلفه عليها بخير كثير شقيقه ورفيق دربه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد بن عبدالعزيز وكانا خير خلف لخير سلف.
كان أميرنا الراحل حفيّاً بالجانب الثقافي في الرئاسة العامة لرعاية الشباب بقدر ما هو حفيٌّ بالجانب الرياضي والشبابي. ولم يكن ذلك منه الا تطبيقاً لحسه وذوقه الأدبي المرهف.
لقد ولدت هذه الأندية الأدبية في ذلك الاجتماع الذي دعا إليه عشرات من الأدباء والمثقفين من جميع مناطق المملكة للتحاور والتشاورفي موضوع (إحياء سوق عكاظ).
وقد تبيَّن لنا جميعاً في ذلك الاجتماع أن في إحياء سوق عكاظ من السلبيات أكثر بكثير مما فيه من الايجابيات.. لذلك تطلع الأمير فيصل إلى فكرة البديل لهذا.. فاقترح الاستاذ عزيز ضياء رحمه الله فكرة إنشاء أندية أدبية في أمهات المدن الرئيسة.. فما كان من الأمير فيصل رحمه الله الا أن وافق فوراً على الاقتراح. وطلب أن يتقدم من كل مدينة اثنان وليكونا الأكبر سنّاً بخطاب يطلبان فيه إنشاء نادٍ في مدينتهما وتم ذلك قبل أن ينفضَّ الاجتماع.
وبداهة أن الأدب في المملكة لم يولد على يد هذا النادي أو ذاك، فالأدب موجود في الرياض كما في غيرها من مناطق الجزيرة العربية قبل ولادة الأندية الادبية فيها بأكثر من (ألف وسبعمائة سنة) وذلك متأكد من خلال ما سجله الرواة والمؤرخون من شعر ناضج في العهد الجاهلي الأول، مما يدل على أن ذلك الشعر ليس هو المبتدأ للشعر، وأن امرأ القيس ومجايليه ليسوا هم الخبر لذلك المبتدأ.
ومعنى ذلك أن الأدب والشعر أميره عملية تواصلية دائمة المسير مع مسارات الشعور الانساني المتصل الحلقات.
* * *
وفي العهد القريب أي منذ نصف قرن، كان في الرياض نادٍ أدبي طلابي لشباب المعهد العلمي وكليتي الشريعة واللغة العربية يقام ليلة الجمعة أسبوعياً. وكان القائم على رئاسته شيخنا حمد الجاسر رحمه الله لعامي 1373 1374ه ثم عُهد به إلى الطالب الفقير إلى عفو الله ع. إ لعامي 1375 1376ه ولكن كان نشاطه مقصوراً على الشعر والخطابة دون أي نشاط في النشر والطباعة كما أن لبعض البيوت في جميع مدن وقرى المنطقة الوسطى ما يصح أن نطلق عليه ولو مجازاً صالونات دينية وأدبية. ولعلِّي وزميليَّ الدكتور محمد الشويعر، والدكتور منصور الحازمي قد جَسَّدنا هذه الصورة في كتابنا المشترك (ملامح من ثقافة منطقة الرياض، قبل الأندية الأدبية) ضمن الكتب التي أصدرناها بمناسبة اختيار (الرياض عاصمة الثقافة العربية لعام 2000م).
إذن فالأندية الأدبية لم تولد في فراغ.. بل ولدت لتسقي الأدب مزيداً من رحيق الحياة، ليكثر تمدُّد أغصانه، وتفتح أزهاره، وتكاثر ثماره.
لن أتحدث عن أعمال النادي المشتركة بين الأندية كالمحاضرات، الندوات، الأمسيات، المطبوعات.. إلخ.
بل سأشير فقط إلى أمثلة ثلاثة كان هذا النادي هو الأول والرائد في إيجادها وتنفيذها وهي:
أولاً: أنه أول نادٍ عمل على تكريم عدد غير قليل من كبار العلماء والأدباء والمثقفين وعلى رأس قائمتهم:
أ العلاّمة الجليل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله فقد أقام له حفلاً تكريمياً في (فندق زهرة الشرق) يوم 28/3/1407ه.
ب الأستاذ العلاّمة الشيخ حمد الجاسر رحمه الله بنفس الفندق وذلك يوم 17/6/1407ه/.
ج كَرَّم الأساتذة الذين فازوا بجائزة الدولة التقديرية في الأدب، عام 1404ه في قصر السليمانية للاحتفالات الكبرى وهم: أحمد السباعي، وحمد الجاسر رحمهما الله وعبدالله بن خميس، متَّعه الله بالصحة والعافية.
د كَرَّم الذين فازوا بجائزة مسقط عام 1410ه وهم مع حفظ الألقاب: حمد الجاسر، عبدالعزيز الرفاعي رحمه الله عبدالله بن خميس، صالح العذل، حسين عرب، رضا عبيد، منصور الحازمي، طبيب القلب محمد الفقيه، صالح بن ناصر، عثمان السعد.
ه كَرَّم الأستاذ عبدالله النعيم عندما منحته بلدية باريس الدكتوراه الفخرية.
و يكرِّم اليوم (30) شخصية من الروَّاد، ومن الذين عملوا في النادي كأعضاء مجلس الادارة؛ من البداية حتى اليوم. والذين تعاونوا معه في جوانب من نشاطاته الثابتة كإدارة (ورشته الاثنينية) أو في هيئة تحرير مجلتيه (قوافل) و(الادبية).. أو الذين مَدُّوا له يد العون عندما شَحَّ مورده ذات يوم.
2 أن هذا النادي أول نادٍ أشرك المرأة في بعض نشاطاته المنبرية عن طريق القناة التلفازية المغلقة كحضورهن حفل تكريم الشيخ ابن باز والشيخ الجاسر ومحاضرة الشيخ محمد قطب في مركز الملك فيصل وكذلك محاضرة الأستاذ أحمد الشيباني رحمه الله في نفس المكان.
كما عقد النادي لهن عُدَّة ندوات مشتركة في (فندق قصر الرياض) كما خصص لهن عُدَّة (محاور) في مجلته (قوافل). وطبع مؤلفات لبعضهن.
3 أن هذا النادي أول من أوجد ندوة أسبوعية لأدباء الشباب، أطلقنا عليها مسمى (ورشة النادي الاثنينية) تعنى بأدب الشباب تقويماً وتقييماً.. وكان لهذه الاثنينية دور كبير ومؤثر على الشباب الأدباء.
* * *
وأنتهز هذه الفرصة لأوجه دعوة مفتوحة لكل أديب ومثقف وإعلامي ومحب للنادي، سواء وصلته بطاقة الدعوة أو قصرت عن الوصول إليه.. لمشاركتنا عرس الثقافة هذا اليوم بالحضور إلى هذه الاحتفالية السعيدة على قلوبنا جميعاً. والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات.
|
|
|
|
|