أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 23rd October,2001 العدد:10617الطبعةالاولـي الثلاثاء 7 ,شعبان 1422

متابعة

الجمرة الخبيثة بين الإنسان والحيوان
د. جمال عبدالعزيز عنان
مرض الجمرة الخبيثة (الأنثراكس) من الأمراض البكتيرية المعتمدة في الحرب البيولوجية، وتستخدم الأنثراكس لتصيب الإنسان مباشرة فتؤثر في صحته وقدرته وقد تؤدي به إلى الهلاك، وقد تستخدم لإصابة الحيوان محدثةً بذلك ما يسمى بالأمراض المشتركة والتي تنتقل من الحيوان للإنسان وبذلك تحقق هدفين: الأول في اصابة الحيوان حيث يتأثر الاقتصاد، كما يتأثر غذاء الإنسان من نقصٍ حاد في اللحوم والألبان محدثةً بذلك الجوع والفقر. أما الهدف الثاني فهو إصابة الإنسان بطريق غير مباشر من الحيوان وتكون نتيجة لذلك ضعف الإنسان وعدم قدرته على الانتاج أو الصمود في الحروب حتى إذا لم يسعف كانت الوفاة النتيجة الحتمية لهذه الأمراض المشتركة. وبذا يكون للجمرة الخبيثة تأثيراً مضاعفاً حيث تؤثر في الحيوان والإنسان، الأمر الذي يحتم التعاون بين الأطباء والأطباء البيطريين للاستعداد بكل ما يمكن استخدامه لحماية الإنسان والحيوان.
وينتقل مرض الجمرة الخبيثة من الحيوان للإنسان عن طريق ثلاثة طرق: (1) عن طريق الجلد، بالملامسة أثناء العناية بالحيوانات المريضة أو الاحتكاك بجلدها أثناء ذبحها وسلخها، محدثاً بذلك اصابة جلدية حيث تظهر دمامل حمراء بجلد الإنسان المريض سرعان ما تتحول لبثراتٍ متقرحة مع ارتفاع درجة حرارة المريض وآلام بالرأس وخفقان بالقلب، وهذا النوع من الإصابة يمكن السيطرة عليه بالمضادات الحيوية، (2) عن طريق الهواء باستنشاق الغبار أثناء العناية بالحيوانات المصابة، محدثاً بذلك اصابة بالجهاز التنفسي، حيث يحدث التهاب بالرئة مع ارتفاع درجة الحرارة وسعال مصحوباً ببلغم لدى المريض وانخفاضاً بضغط الدم منتهياً بالوفاة في 90% من الحالات بعد 4 أيام من الإصابة، (3) عن طريق الأغذية بابتلاع لحوم وألبان الحيوانات المصابة، محدثا بذلك اصابة معوية، حيث تحدث آلام حادة بالبطن مع إسهال دموي وقيء وضعف عام وارتفاع في درجة الحرارة تنتهي بالوفاة في 60% من الحالات المصابة بسبب الاشتباه أو التأخير في التشخيص.
وبذلك نرى أن الحيوان بحكم اختلاطه بالإنسان واستثماره في جميع أوجه الحياة هو كذلك مصدر للعدوى بالجمرة الخبيثة إلى بني الإنسان حيث يسهل منه انتقال المرض ويعرض الإنسان لكثير من العلل والأوبئة الأخرى التي تحتم علينا توجيه النظر للحيوان كمصدر لأمراض الإنسان، ومن الجدير بالذكر أنه ينبغي معرفة ان هناك أكثر من 95 مرضاً غير الجمرة الخبيثة يمكن أن تصيب الانسان من الحيوان، فلزاماً علينا، وقد عرفنا أن الحيوان مصدر للغذاء والدواء أن نعرف أنه ايضا مصدر للداء، لنأخذ الحيطة في الحقل والمنزل، وأن نوجه المزيد من العناية للحيوان. وفيما يلي رؤية تفصيلية لكيفية عدوى الإنسان بالجمرة الخبيثة من الحيوانات المصابة ومواردها.
1 الخنازير: الخنزير حيوان ذو قيمة اقتصادية بدول الغرب، والخنازير المصابة بالجمرة الخبيثة قد تنقل العدوى للإنسان عن طريق الاحتكاك بتسلخاتها الجلدية، أو أكل لحومها غير المطهوة جيداً. والسجق وغيره من الأصناف الغذائية التي تصنع من لحم الخنزير تنقل غالباً وباء الجمرة الخبيثة.
2 الخيل والبغال: وللإنسان احتكاك قوي بهذه الحيوانات، حيث يستخدمها في الركوب وجر العربات، وتصاب هذه الحيوانات بالجمرة الخبيثة نتيجةً لأكلها العشب الأخضر الملوث بجراثيم الأنثراكس، وتنقل هذا المرض للإنسان بالاحتكاك أو من خلال تعرض الإنسان للعابها واستنشاق غبارها.
3 الماشية: وهي حيوانات مستأنسة للإنسان حيث نتغذى على لبنها ولحومها، وتصاب الماشية بالجمرة الخبيثة التي تنتقل للإنسان باحتكاك الإنسان بها أثناء ذبحها وسلخها أو تنفس غبار ملوث من مزارعها. وقد تتلوث الألبان ببكتريا الجمرة الخبيثة من جلد البقرة المصابة نتيجة للتلوث، بالغبار والقمامة الموجودة بالحظائر عن طريق الهواء، الأواني غير النظيفة التي تستخدم لجمع اللبن وتخزينه، أيدي وملابس الحلابين الملوثة، الماء الملوث بالجراثيم الموجود في مزارع الألبان لعمليات الغسيل. وايضا شعر الأبقار الذي يتطاير قد يلوث الألبان أو الإنسان بمرض الجمرة الخبيثة.
بالاضافة للجمرة الخبيثة فتنتقل من الماشية للإنسان أمراض كثيرة لا تقل خطورة عن الجمرة وهي السل، الحمى المالطية، الكوليرا، التيفود وهي امراض مستعملة ايضا كسلاح بيولوجي ويوجد مخازن من جراثيمها بجيوش بعض دول الغرب. وتأتي بعد ذلك لحوم الأبقار غير المطهوة جيداً والتي تنقل عدة أمراض للإنسان ومنها الجمرة الخبيثة.
4 الأغنام: وهي قليلة الإصابة بالجمرة لحدٍ ما، إلا ان جراثيم الأنثراكس لها قابلية عالية لتكون عالقة بشعورها وصوفها، وتسمى الجمرة المنقولة للإنسان من الأغنام بمرض فارزي الصوف، حيث يقتصر انتشاره على جزازي الصوف وفارزيه وعلى الأشخاص الذين يتناولون الجلود والصوف في حالتها الخام. والماعز قليلة الضرر اذا قورنت بالاغنام. وتنقل الاغنام بجانب الجمرة الخبيثة، أمراض الحمى المالطية والحمى المتموجة للإنسان، وهي أمراض ايضاً. ادخلت ترسانات الحرب الحيوية في العالم.
5 الجمال: وقد تنقل الجمرة الخبيثة للإنسان من خلال الاحتكاك بشعورها وحوافرها وعظامها.
احتياطات وقائية:
1 ان من واجب المسئولين على حماية الإنسان والحيوان معاً، أن يتعرفوا على تلك الأمراض المشتركة التي تنتقل من الحيوان للإنسان وبخاصة الخطرة منها مثل الجمرة الخبيثة والسل والحمى المالطية والتيفود، وذلك للاستعداد بالسلاح المضاد لكل مرض من اللقاحات والأمصال التي يمكن بها وقاية الإنسان والحيوان معاً.
2 الاستعداد بالمضادات الحيوية واسعة المدى والمؤثرة على كثير من الامراض المشتركة، وان تكون في متناول الاطباء والبيطريين بصفة مستمرة.
3 نظافة مزارع الحيوانات مطلوبة بصفة دورية مع المطهرات لأرضيات المزارع، وكذلك نظافة وغسل الحيوانات نفسها بالماء، مطلوبة بصفة دورية.
4 اختيار عمال مزارع الماشية والخيول بكل دقة، وان يتوفر فيهم النظافة الكافية، وان يجرى لهم الفحوصات الطبية الدورية للتأكد من خلوهم من الأمراض.
5 إجراء الفحوصات الطبية الدورية للحيوانات للتأكد من خلوها من الامراض المشتركة وتحصينها باللقاحات الواقية من الأوبئة الخطرة مثل الجمرة والسل وغيرها.
6 طهي اللحوم جيداً لقتل ما قد يكون عالقاً بها من جراثيم، وأن نتعامل بحرص مع بعض منتجات اللحوم مثل السجق والبورجر وغيرها.
7 اجراء رقابة صارمة على اللحوم المستوردة ومنتجات الألبان والتخلص فوراً من الأغذية الفاسدة منها، وكذلك إجراء رقابة صارمة على الأغنام الحية المستوردة من الخارج والتأكد من خلو فروها وصوفها من الجراثيم التي قد تكون عالقة فيها، وكذلك ينبغي الرقابة الصارمة على المنتجات الحيوانية الأخرى كالجلود ومساحيق العظام، ومنتجات الجيلاتين، ومساحيق الدهون، والدهون الحيوانية، ومستحضرات التجميل وغيرها.
8 وبخصوص الألبان، يجب إجراء النظافة الفائقة في جميع مراحل انتاج اللبن، وان يصل الضوء والهواء إلى حظائر البقر. وأن يغسل البقر، وتنظيف جلده من الشعر السائب لكي لا يسقط في أوعية اللبن، ويجب ان تكون ايدي وملابس جميع الاشخاص الذين يتسلمون اللبن نظيفة.
وأخيراً لقد ثبت لنا بالبرهان بأن أية دولة مهما كانت، لا تستطيع أن تبني شبكة لحمايتها من خطر الأسلحة البيولوجية، ويأتي وجوب وقف انتاج وتطوير تلك الأسلحة الصامتة التي لا يستطيع احد ان يتصور مدى الاخطار التي تلحق بالبشرية من جراء استخدامها، ووجه الخطورة فيها هو أن أية دول في العالم أو حتى مؤسسة متواضعة تستطيع ان تصنع هذه الاسلحة.
والله الموفق..
المراجع:
1 أ.د. عبدالعزيز شرف (1973م) الحرب الكيماوية والبيولوجية والذرية، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ج.م.ع.
2 د.جمال عبدالعزيز عنان (2001م) التلوث الميكروبي للأغذية وكيفية احتوائه، مقال بالمجلة العربية بالرياض العدد 292.
3 د. طارق شقران (2001م) الجمرة الخبيثة ليست دائماً خبيثة، مقال بجريدة الجزيرة بالرياض، العدد 10611، 17 أكتوبر 2001م.
ü أستاذ مشارك الأحياء الدقيقة، قسم العلوم، كلية الملك خالدالعسكرية بالرياض، ص.ب/ 22140 رمز بريدي/ 11495، جوال/ 053268255

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved