| الاقتصادية
على الرغم من عدم اتضاح الصورة النهائية حول من نفذ الهجمات المدمرة التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر، إلا أن الأجهزة الرسمية ووسائل الإعلام الأمريكية والعالمية قد وجهت أصابع الاتهام مبكرا للمسلمين والعرب عندما أعلنت قائمة بأسماء المشتبه فيهم التي اشتملت وللأسف على أسماء لمواطنين سعوديين أصلا ومنشأ، ولقد ترتب على هذا الإعلان تبدل واضح في معاملة الغرب والشرق للمواطن السعودي الذي وجد نفسه فجأة إرهابيا خطيرا على أرواح المسافرين والأبرياء بعد أن كان في السابق مثالا رائعا للمسلم المسالم الذي يسعى إلى تحقيق طموحاته الشرعية في بيئة كريمة لا تحمل سوى الحب للحياة الآمنة المطمئنة،
وفي اعتقادي أن نتائج هذا الموقف ستستمر لفترة زمنية طويلة نحتاج خلالها إلى بذل الجهود الرسمية والإعلامية لإثبات حقيقة المواطن السعودي الذي ظل وسيظل بإذن الله يرفض الخروج عن النص السليم في مسرح حياته الخاصة والعامة، كما نحتاج إلى استشعار واجبنا الوطني تجاه شباب الوطن لحمايته من الركون إلى مسببات الخروج عن طبيعة المواطن السعودي المتميزة وهنا ربما لا أجد حرجاً ولا صعوبة في تحميل المجتمع بشكل عام والاجهزة الحكومية المعنية بشكل خاص المسؤولية الأكبر في رسم الوصفة اللازمة لحماية المواطن السعودي من الانحراف الفكري والسلوكي الذي يؤدي في النهاية إلى نتائج سلبية يدفع ثمنها الوطن الكبير بمكوناته المختلفة، فمن ناحية أستطيع القول: إننا مطالبون بالحد من فرص سفر الشباب السعودي إلى الخارج قدر المستطاع وذلك من خلال توفير فرص التعليم الكافية لاستيعاب الشباب بدلا من دفعهم قسرا الى اللجوء إلى البحث عن فرص التعليم في الخارج، وأشير هنا إلى أنه من غير المعقول أن أقذف بأكثر من 40 ألف مراهق خارج الحدود ثم أنتظر مخرجا سليما من الناحية الفكرية والسلوكية أولا ثم من الناحية التعليمية والعملية ثانيا، يجب حتى أضمن سلامة المخرج وتوافقه مع معطيات المجتمع أن أخلق فرص تعليم مناسبة وكافية تحقق للأسرة السعودية والمجتمع السعودي الأمان اللازم وتحفظ للوطن صدق الانتماء الذي يمثل الدرع الواقي أمام كل محاولات الاختراق الفكرية والأخلاقية، بالإضافة إلى ذلك فإن تضييق فرص القبول في المؤسسات التعليمية الوطنية يساهم بلا شك في تعريض أمن الوطن للخطر من خلال تعريض الشباب السعودي غير المحصن فكريا لمحاولات الاختراق التي تجيدها باحتراف الجماعات المتخصصة في مختلف فنون الجريمة الحسية والمعنوية كالمخدرات والدعارة والانحرافات الفكرية وغيرها من المخاطر الحقيقية التي يعايشها أبناؤنا في الخارج، ولو لم يكن من مخاطر التفريط في شباب الوطن سوى تعريض الجواز السعودي لخطر السرقة والتزوير لكان ذلك رادعا وكافيا لدفع الجهات الحكومية المعنية عن سياسة التعليم إلى البحث الجاد المخلص عن سبل جديدة لاستيعاب أبناء الوطن في محيط الوطن، (يتبع)
*أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية
|
|
|
|
|