| الاقتصادية
يهتم راسمو السياسات الاقتصادية عند وضع الخطط الاقتصادية بجوانب أربعة ذات تأثير متبادل بينها، وهذه الجوانب هي الاستثمار، والادخار، والاستهلاك، والإنتاج حيث تمثل جميعها حلقة مستديرة إذا اختل جانب منها أصاب الجوانب الأخرى، ولهذا لابد من مراعاة العلاقات التأثيرية بين هذه الجوانب حتى لا يطغى جانب على آخر.
تتأثر هذه الجوانب بالفلسفة الاجتماعية والفكر العقدي الذي يتبناه المجتمع، ولهذا تجد على مدار التاريخ الاقتصادي للمجتمعات البشرية أن المفاهيم الاجتماعية التي يتبناها المجتمع وقادته تصبغ المجتمع بصبغته حيث تبرز السلوكيات الاستهلاكية أو الادخارية على تصرفات الأفراد والسياسات الاقتصادية المتبناه من قبل راسمي تلك السياسات.
يتأثر التكوين الرأسمالي في أي نظام اقتصادي بمدى توازن السياسات الاقتصادية فيما يتعلق بالادخار والاستثمار والاستهلاك والإنتاج، حيث أن التكوين الرأسمالي لا يتحقق إذا اختل أي جانب من جوانب العملية الاقتصادية المؤثرة على حقيقة رأس المال المتمثل في أن كل ثروة تدخر وتستخدم في إنتاج ثروة أخرى.
التكوين الرأسمالي لا يتحقق إذا كان دور الادخار سالباً لأن دوره فاعل في التكوين الرأسمالي إذا نظر إلى الجانب الذي يمكن استثمار الثروة المدخرة فيه.
الإسلام دين لا يقتصر دوره على الإشباع الروحي للفرد وإنما يمتد إلى تحقيق الرفاه المادي من خلال استخدام المعطيات التي أوجدها الخالق من موارد طبيعية وغريزية حيث العمل المجبول عليه الإنسان، لذا نجد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ينبه إلى جوانب عديدة، لتنظيم الحياة الاقتصادية للمجتمع وللفرد المسلم ضمن إطار ان الله استعمر الإنسان لعمارة الأرض وأن مافي الوجود مسخر لحياة الإنسان ورفاهيته.
روى أحمد في مسنده عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما عال من اقتصد» كما روى بسنده عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال »من فقه الرجل رفقه في معيشته».
بدراسة هذين الحديثين ندرك مدى اهتمام الإسلام بالادخار وإن للعملية الادخارية جانباً إيجابياً على الفرد والمجتمع في تحقيق التكوين الرأسمالي إذا انتهجت السياسات التالية:
أولا: القصد في الإنفاق وعدم الإسراف عامل مهم في التكوين الرأسمالي إذا مارسه الفرد وتبناه المجتمع، ولهذا لابد من تبني توعية مختلف فئات المجتمع إلى أهمية التقليل من الإنفاق والحرص على الادخار ومنع مظاهر الاستهلاك المظهري الذي يسهم في إضعاف الميل إلى الادخار.
ثانيا: من أسباب بروز ظاهرة الفقر في مجتمع ما ظهور الإسراف والتبذير في سلوكيات الأفراد، ولهذا فلابد من تنمية الوعي لدى الأفراد إلى ضرورة تنمية سلوكيات الادخار بين أفراد المجتمع منذ الصغر والعمل على تلاؤم سياسات الترويج السلعي مع سياسة تنمية الوعي الادخاري من خلال المحفزات التي تساهم في تحفيز الميل إلى الادخار.
ثالثا: توجيه وسائل الإعلام ومروجي السلع ومانحي التمويل من المؤسسات المالية للتقليل من الترويج للسلع الاستهلاكية الترفيهية التي لا تلبي حاجات أساسية وضرورية سواء من خلال إضعاف تمويل تصنيعها أو ترويجها واستبدال ذلك ببرامج تساهم في التوجيه نحو الادخار والاستثمار من مجالات السلع الإنتاجية التي تزيد من قدرة المجتمع على توليد الثروة.
ص.ب: 7511
الرياض: 11472
|
|
|
|
|