أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 23rd October,2001 العدد:10617الطبعةالاولـي الثلاثاء 7 ,شعبان 1422

مقـالات

مركاز
خدمات عامة!
حسين علي حسين
عند الخروج من منزلي كل صباح، أهيئ نفسي تماماً لأصحاب الخدمات العامة، الذين يطوفون بالسيارات حالما أقف أمام إشارة المرور، من هؤلاء من يبيع العصافير الملونة بأقفاصها الصغيرة، ومنهم من يبيعون ملصقات عليها آيات قرآنية وكلمات مأثورة، وهناك من ينوءون يحمل أكياس بلاستيك مليئة بعبوات المياه، والمياه الغازية، وهناك الذي يحمل طفلة صغيرة ملفوفة، لا أدري اذا كانت حية أو ميتة، حافية القدمين، قذرة الملابس، أما من يحمل فهو علم الله، بحاجة لمن يحمله، لكنه مع ذلك يتحرك كاللولب وسط السيارات، وليس لديه وقت، يأخذ ما يجود به راكبو السيارات، بسرعة رهيبة، ثم يقفز على الرصيف، حالما تضيء الإشارة، ومع هؤلاء جميعاً أطفال في عمر الزهور يتأبطون علب مناديل الورق، وهي وسيلة من وسائل الشحاذة، التي يمارسها الآخرون علناً، وكل هؤلاء ماركة مسجلة لشوارع معينة، أمر بها صباحاً ومساء، وقد تساءلت بيني وبين نفسي أين همة مكافحة التسول العالية، التي نراها في التصريحات الصحفية عن هؤلاء؟!
أول ما لفت نظري في هذه الظاهرة الشارعية، ليس كبار السن الذين يمتهنون الشحاذة، وليس الأجانب اللامعي الشعر الذين يبيعون الماء، والمياه الغازية، والعصافير والعطور الرديئة، ولكن ما لفت نظري هؤلاء الأطفال، الذين يشحذون أو يبيعون مناديل الورق، أو يُحملون على الأكتاف، وكأنهم خرفان مجمدة، أو جثث مكفنة، بدون حركة ولا أنفاس، وكأنهم أعدوا أو دربوا على هذه المهنة، وكل هذه المناظر المؤذية، تجعلنا نتساءل عن موقفنا من استخدام الأطفال أو تشغيلهم، أو موقفنا من أطفال الشوارع، الذين تعقد الندوات والمؤتمرات، من أجل معالجة مشاكلهم ، والبحث عن حل لمآسيهم الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، ومع أننا دولة لا تقر استخدام الأطفال أو تشغيلهم، إلا أن واقع الحال يقول إن شوارعنا باتت تعج بهؤلاء الأطفال الذين يباشرون مهامهم العملية من خلال مهنة واحدة، وهي الشحاذة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، سواء من تلقاء أنفسهم، أم مدفوعين من قبل الغير، الأهل أو العصابات المتخصصة في هذه الأمور، ما يجعلنا نطرح السؤال تلو السؤال عن مدى إحكام الرقابة على هذه الظاهرة، التي تكبر وتتجدد في المواسم وتكثر في الرياض والدمام ومكة والمدينة، وفي وسط المدن والأحياء الراقية بالذات!
وما يزيد دهشتنا ان 95% على الأقل من هؤلاء، كبار السن والشباب والأطفال، من الجنسين، ليسوا من المواطنين السعوديين، فكيف دخل هؤلاء، وترعرعوا في شوارعنا حتى بدا الأمر وكأنهم من هذه الأرض.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved