| مقـالات
منذ تكلم الرئيس الأمريكي بوش عن الدولة الفلسطينية بعد أيام من أحداث الحادي عشر، والاعلام العربي يتناول هذا التصريح وكأنه قرار أمريكي بقيام الدولة الفلسطينية، وكأن الأمر ايضاً قد أصبح من المسلَّمات. وغرقنا في الأحلام كالعادة وحسب بعضنا أن أيام إسرائيل معدودة، وانها قد أصبحت في نظر أمريكا دولة إرهابية، وربما شطح الخيال بالبعض أن امريكا بمجرد أن تفرغ من افغانستان ستتوجه إلى إسرائيل وكر الإرهاب الأساسي وتضربها لتفسح المجال للسلطة الفلسطينية بإقامة دولتها الحرة القوية.
هذه فكرة تصلح أن تكون فكرة فيلم سينمائي أو قصة من قصص الخيال المستقبلي الذي لن يتحقق على الاطلاق. وقد يتحقق في حالة واحدة فقط اذا اختفى تأثير الجماعات الصهيونية على الاعلام الامريكي ومراكز القرار. ومع ذلك فإن الحق ان الفلسطينيين ومن ورائهم المسلمون في كل مكان لايرضون ان يحرر لهم أرضهم غيرهم. فكما استعاد صلاح الدين بيت المقدس بعد 200 سنة سيأتي جيل من ابناء المسلمين ليستعيد بيت المقدس من أيدي بني صهيون الذين لم يجاوز بقاؤهم فيه أكثر من 50 سنة، وهي ليست كثيرة في تاريخ الأمم والشعوب.
لهذا فليصرح الرئيس الأمريكي بما يريد وليداعب اخيلتنا واحلامنا ، وليدغدغ عواطفنا بمثل هذه الوعود والتصريحات، فإن أمتنا عندما تفكر في هذا الامر، وتستعيد التاريخ القريب ستجد ان امثال هذه الوعود سراب، فلقد وعدنا المستعمرون في أوائل القرن بالاستقلال التام إن نحن وقفنا معهم في حربهم النازية فصدقناهم ونكثوا بوعودهم وغدروا بنا ثم اكتشفنا أنهم اثناء ذلك كانت معاهدة سايكس وبيكو التي تم الاتفاق فيها على تقسيم العالم العربي بين أكبر قوتين استعماريتين في العالم.
نحن العرب والمسلمين نقف مع القيم والمبادئ والمثل العليا، ونحارب الظلم ونعين على رفعه عمَّن يقع عليه، حتى ولو كان الذي وقع عليه الظلم لايعمل على انصافنا وهو يستطيع . ونحن أمة نحارب أخانا لو كان ظالماً فننصره برده الى الحق. وديننا يعلمنا ان الناس سواسية ولا فضل لعربي على عجمي الا بالتقوى، والتقوى في القلوب، والقلوب لايعلم مافيها الا الله، إذن فالناس بموازين الدنيا سواء، وأمام القانون سواء وتاريخنا منذ عهد دولة رسولنا الكريم صلى الله عليه سلم يشهد بذلك الى عهد دولة عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
لهذا فإن على الكتاب والاعلام في عالمنا العربي والإسلامي الذي سرح بخياله وراء تصريح الرئيس الأمريكي ان يصحوا، علينا ان نتأمل جيداً ونقرأ العبارات التي صرح بها، فسنجد أنه استخدم كلمة (Vision) وتعني رؤية وليست قراراً (decision)، والفرق واضح بين الرؤية والقرار.
ومع ذلك فلابد ان نعترف ان الموقف الامريكي من القضية الفلسطينية لن يكون كما كان قبل الحادي عشر من سبتمبر. ان اعتبارات كثيرة دخلت الان في الحسبان. صحيح ان امريكا الان تريد ان «تجامل» العرب والمسلمين الذين ادانو الارهاب وتعاطفوا معها بحق وبصدق لان ذلك من شيم العربي والمسلم لكنها ايضا ستستجيب لضغوط الدول العربية القوية والمؤثرة مثل المملكة ومصر لتحد من استمرار العدوان الاسرائيلي، ولتنظر بشيء من الحياء لدعمها المستمر والمساندلاسرائيل في كل ما تفعله من «باطل» و«ظلم» في الأراضي المحتلة.
والأمل ايضا أن تخفف من استخدام «الفيتو» عندما يصدر مجلس الأمن قراراً عادلاً لصالح القضايا العربية، ويجب ان تفهم ان استخدام «القوة» في مجلس الامن لابطال قرار عادل أجمعت عليه الامم دكتاتورية لا تتفق مع الديموقراطية التي تحارب من أجلها في كل مكان، وكبت لحرية شعب مغلوب على أمره وهو الشعب الفلسطيني، وهي تزعم انها زعيمة العالم الحر!.
وبعد.. فنحن لا نحلم ان تتحول«الرؤية» الى قرار»، ولكننا نريدها رؤية واضحة ومريحة مدعَّمة باعتراف كامل بقرارات الأمم المتحدة بشأن قضية فلسطين.
hemaid2000@hotmail
|
|
|
|
|