أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 23rd October,2001 العدد:10617الطبعةالاولـي الثلاثاء 7 ,شعبان 1422

فنون مسرحية

د. كرومي.. طائر مسرحي يهوى الترحال
نريد المسرح جزءاً من العمل الإنساني
* حوار أثير السادة:
قدره ان يكون طرفاً في المهرجانات المسرحية العربية، ان يسافر بحقيبة مملوءة بالاشواق والاحلام المسرحية، مبشرا بقدرة المسرح على البقاء والعطاء والتأثير.
د. عوني كرومي المخرج والاكاديمي العراقي كان صوتا دائم الحضور في ندوات المهرجان المسرحي السابع للفرق الاهلية لدول الخليج العربية. صوت لا يخلو من حنان ابوي يحتفي بالقوة الانسانية وهو يمنع النظر في استبطانات العروض وكشوفاتها الفنية.
نقترب منه هنا قليلاً لنلامس بعض جوانب من روحه المسافرة.
* هل لنا ان نحدد اتجاهات للمسرح الحديث او ان نحاول تحديد موقع المسرح من هذا الوجود في هذه اللحظة التاريخية؟
ستستغرب يا سيدي ان اجبتك ان المسرح مرتبط بالمكان بالزمان والبيئة فما ان يقل دوره ويقل نشاطه وتقل فعاليته في بلد ما حتى تراه يتألق في بلد آخر وتأثره يؤثر على البلد الذي يتخلف فيه وهكذا اجد من المتعذر علينا الحديث عن المسرح في العالم بشكل شمولي.
قد ترى المسرح في مدينة ما حيويا ونابضا والمجتمع يحتاجه وفي مدينة لا تبعد خمسمائة متر عن هذه المدينة نراه يخبو ويصاب بالشلل وذلك لان المسرح مرتبط بالحياة، مرتبط بالتغيير، بالبنية السياسية والاجتماعية واندفاع الناس وارتباطهم يملك اكثر من دافع فإلى جانب الدوافع العامة كالمتعة والرغبة والتعايش والمشاركة في المشاهد والرغبة في التعلم والانفعال .. هناك ايضا رغبات تكتمل حاجتها في ان يعبر الفنان عن حركة المجتمع وبالذات المجتمعات الآية للسقوط.
في المجتمعات التي وصلت الى ذروة ما في صراعاتها سنجد ان المسرح مثل منبر للتحشيد والتحريض والبحث. هو المكان المناسب لايجاد الاجوبة وللتأويل.. في الخليج كان المسرح في الكويت حيويا ونشيطا ثم بدأ يخبو ويبتعد عن الجمهور وينتقل الجمهور فجأة الى نوع مختلف من انواع المسارح بينما في دول خليجية اخرى قد نكتشف انه وبسرعة فائقة صار هناك مبدعون وفنانون ينتمون الى المسرح ويندفعون ويجربون جميع الاتجاهات .. حتى لنجد بين ليلة وضحاها ان مدينة ما تتحول الى مأوى للمسرح والى مكان المسرح جزء من سماته
* الا تعتقد ان المسرح يواجه الآن سؤالا وجوديا مع هذا التحول في امكانات الاتصال الدرامي .. سؤال حول قدرته على البقاء؟
المسرح سيبقى حيا.. قد يندثر ويولد من جديد ويتطور.. هناك دائما عصر انحطاط المسرح وعصر تألقه الذهبي .. لكن ينبغي ألا نخاف على المسرح من الفناء النهائي امام اي وسيلة من الوسائل او اي شكل من اشكال المعرفة لسبب واحد هو ان المسرح يدافع عن وجوده بوجود الانسان الممثل والانسان المشاهد في الزمان والمكان.. وكلما سعى الانسان المشاهد لاكتساب خبرة وتجربة واجوبة لتساؤلاته في الحياة وقلقه وخوفه وايضا تمرده وثورته كلما تواجد هذا الانسان سنجد ان المسرح يمتلك جمهوره ويمتلك من يبحث عنه ويحيا معه.. وبنفس الشيء عندما يوجد الانسان الفنان الذي لديه الموهبة والقابلية والقدرة والثقافة سيبحث عن دور لوظيفته الاجتماعية وعن معنى وجوده وهذا ما يحمله للتوجه للمسرح هاويا كان ام محترفا، متخصصا او ذا خبرة وتجربة من خلال الممارسة .. وهكذا نجد ان المجتمع الذي هو في حال الصيرورة والتغيير والصراع، نجد انه بطرفيه: المتلقين والمبدعين كلامها يسعى للاستفادة من ظاهرة فن المسرح باشكاله المتعددة لان المسرح ايضا اخذ خصوصيات عديدة وليس له خصوصية واحدة أو وظيفة واحدة وليس له حتى على مستوى المعمار والمؤسسة الفنية شكل واحد فهناك المسرح الرسمي والمسرح المدرسي والمسرح التجاري ومسرح الهواة والخ من تسميات.. بحيث يشتركون في عملية خلق واعادة صياغة للتجربة الانسانية في الزمان والمكان المعاصر وبشروط الحياة ايضا وشروط العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع بحيث تسهم الدولة ايضا في بناء المسرح كجزء من عقدها الاجتماعي في مجال التنمية الثقافية وتطوير الجانب الروحي لشعبها.
* أفهم من كلامك ان الحديث عن ثقافة كونية وهوية كونية مع تحولات العولمة لا ينسجم مع كلامك عن المسرح الذي تعرفت عليه فالمسرح عندك هو ابن المكان وروح من المسرح في المكان ذاته؟
العولمة ليست شكلا واحدا وليست هي امركة المجتمع وهيمنة الامريكي على منافع الحياة وشؤون السياسة كما يرى البعض الذي يستند في رأيه على ما تواجهه العولمة من استغلال بشع من قبل الاحتكارات الامريكية ففي فكرة العولمة وجوهرها الجانب الآخر الانساني والتطوري الذي يعمل على تطوير المجتمع ونشر الثورة المعلوماتية وهي في خدمة الانسان .. الفرق هنا كيف نستفيد من نتائج العولمة ونستغلها من اجل ان تكون في خدمة الانسانية على وجه هذا الكون.. المسرح فن عالمي والعولمة ليست بنت اليوم، الادب العربي في الف ليلة وليلة كان أدبا عولميا تراث الشعوب كانت عولمة، ليس هناك ثقافة نقية خالصة غير متأثرة بالثقافات الاخرى.. العولمة موجودة ما دام الانسان على هذا الكون.
من هذا المنطلق تسير العولمة في النفس البشرية بين الشعوب وبين البشر لكن كنا نعجز سابقا ان نرى التشابه والتمايز بين افراد البشر في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية وغيرها.. الآن ما عاد المجهول مجهولاً بالنسبة الينا واكتشفنا اننا نشترك في صفات انسانية بحيث نشترك في الهم والمشاعر والانفعالات والآلام والأمراض.
* أنت تدعو للنبش في تربة الخليج عن معادل جمالي وموضوعاتي مسرحي.. هل هذا خيار ضمن خيارات متعددة والى أي مدى يمكن ان يكون ذلك خياراً ناجحاً؟
حينما اتحدث عن الخليجيين الذين يهربون الى الامام اعني أولئك الذين يتأثرون فقط بالشكلانية التي تعمق اغترابهم الفلسفي والوجودي في الواقع لا يدركون الاغتراب الحقيقي في المجتمع فيبدأ الاغتراب الفلسفي المرتبط بالوعي وليس بالواقع.. يتحول ويتصاعد بحيث يبتعد المسرح عن الهم اليومي والحياتي.. هناك ما زالت اختلافات وتباينات بين مجتمعات مختلفة وعديدة حتى مجتمعات الرفاه الاجتماعي فهناك مجتمعات منها جاءت نتيجة استغلال طاقة الانسان وهناك البعض الآخر جاء من استغلال الطبيعة واخرى نتيجة استغلال رأس المال.. حتى في دول الرفاه الاجتماعي هناك اشكال للبنى الاجتماعية والوعي الاجتماعي والتطور الاجتماعي.
لذا اقول اننا في الوطن العربي لا نعيش فوق بئر نفطي كبير بل نعيش فوق بركان اجتماعي كبير سببه ان الرفاه الاجتماعي لم يأت عن وجود استثمار العمل الذي يسهم في التطور.
فالتراكم المعرفي يكون ممكنا عندما يبدأ العمل بالعمل والتعامل مع الآلة وتطور الآلة يخلق تراكماً في وعي الانسان اما اذا كان الانسان لا يسهم في العمل ولا في توزيع العمل ولا في استثمار نتائجه سيبقى عالة اجتماعية قد تتحول الى نوع من الصراع الذي قد يؤثر بشكل بشع على البيئة والحياة.
اعتقد ان أزمة الكون في العالم هي العمل وتقسيم العمل ومردود العمل الانساني وهي مردودات غير مادية بحتة انما مردودات معنوية.
المسرح يعمل من اجل تقليل آلام البشر من خلال عكس انفعالات ومشاعر واحاسيس الانسان كفرد والمسرح يسهم في اغناء الفرد ونحن نحتاج المسرح في دولنا ليصبح المسرح جزءاً من العمل وليتحول الانسان المشاهد وكأنه جزء يعمل بداخل المسرح بهدف تطوير نفسه .. فالمشاهدة المسرحية بالنسبة لاوطاننا هي عمل وهي متعبة ويجب ان تبقى متعبة لانه من دون التعب والجهد لن يرتقي الانسان والانسان الذي يذهب الى الكسل سنجده يذهب دائما من أجل قضاء الوقت وارتقاب لحظات الموت التي يتمنى ان تكون سهلة وبلا آلام ولكن الموت الجهل سيكون دائما مؤلما ليس للجاهل نفسه بل سيكون للواعي الذي يعمل من اجل تقليل آلام البشرية.
* من العراق الى تونس فالامارات وبرلين ماذا حملت هذه التجارب.. ما الفارق الانساني والمسرحي بين كل هذه التجارب؟
استطيع ان اقول بأنها حولتني الى طائر من خلال هذا الترحال وهذا التواصل الذي أرى بواسطته هذا الكوكب الارضي لأن هذا الطائر الذي يرقب حركة الكون يريد ان يقول كلمة الخير، يريد ان يسهم في سعادة الناس على الارض.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved