| الطبية
شكوى شائعة يعاني منها الكثير من الناس، الا وهي آلام القولون، والغريب أن الكثير من هذه الآلام وهذه الشكوى، لا دخل للقولون بها، لكنه أتهم اتهاماً لا أساس له من الصحة. فليس كل ألم في البطن هو من القولون وليس القولون المسبب لأي انتفاخ أو أي اضطراب في الهضم فما هو القولون؟ وما هي آلامة؟ وما هي وظائفه؟
القولون «المصران الغليظ»: هو الجزء الذي يبدأ عند انتهاء الامعاء الدقيقة وينتهي بالمسقيم. ويعتبر الملتقى النهائي لفضلات الطعام بعد هضمها في الامعاء الدقيقة، حيث تتجمع هناك وتخرج على هيئة براز.
ويتكون القولون من ثلاثة أجزاء: القولون الصاعد، والقولون المستعرض، والقولون النازل (الهابط) الذي ينتهي بالمستقيم.
والقولون: أنبوبة عضلية مبطنة بغشاء مخاطي، وتصله فضلات الطعام على هيئة سائل لزج القوام، ليقوم بامتصاص الماء وبعض الأملاح من هذا السائل ويحوله إلى مادة متماسكة، حيث يتم دفعها إلى المستقيم، ومن ثم تحدث الرغبة في التبرز، واذا استجيبت تمت عملية الطرد أو التبرز، واذا لم تستجب، اختزن البراز في المستقيم مما يسبب الامساك.
تنظيم وظائف القولون: تتم عن طريق الجهاز الهضمي اللا ارادي والذي ينظمها تنظيماً دقيقاً مرتبطاً بعوامل متعددة سيأتي ذكرها فيما بعد. والعصب المسمى بالعصب الحائر هو أهم هذه الأعصاب وهو عصب حيوي وأساسي في الجسم يقوم بتنظيم عدة وظائف منها:
تنظيم دقات القلب، والتنفس، وتنظيم افرازات المعدة، والكبد، والبنكرياس. ولعل ذلك من أسباب تنوع الاضطرابات المصاحبة لتهيج هذا العصب مرضياً.
أمراض القولون:
القولون كأي عضو بالجسم معرض للاصابة بالامراض المختلفة ومن أهمها الأمراض الطفيلية (كالدوسنتاريا) والبلهارسيا. كما يصاب القولون بالالتهابات كالتهاب القولون التقرحي. ولكن نلاحظ أن غالبية اصابات القولون لا تكون عضوية بل اضطرابات عصبية غير مباشرة، فارتباط القولون الوثيق بالجهاز العصبي «والعصب الحائر بالذات» هو الأساس في اضطرابات وظائفه عند التعرض لأي مؤثرات أو منغصات عصبية.
ماذا يحدث إذا اضطرب القولون في اداء وظيفته؟
1 تشنجات غير منتظمة في جداره، فيحتبس البراز في أماكن متقطعة، ويتحلل، وتخرج منه الغازات، فينتفخ القولون ويحدث الضيق.
2 افراز زائد في المادة المخاطية، ويصبح البراز مليئا بالمخاط.
3 التأثير النفسي المصاحب للاحساس بالضيق من الانتفاخ يزيد الاحساس بالانتفاخ، وتشنج القولون وهكذا.
4 القولون المتهيج قد يؤثر على بعض الاعضاء المجاورة ويسبب أعراضاً زائفة تماثل أمراضاً تصيب هذه الاعضاء وتخدع المريض وقد تخدع الطبيب أيضاً.
عندما نتحدث عن القولون، فأول ما يتبادر إلى مخيلتنا القولون العصبي (القولون التهيجي) وذلك لشيوعه وانتشاره بل إن البعض اعتبره المرض الثاني بعد أمراض البرد من ناحية انتشاره.
فما هو القولون العصبي؟ وما هي أعراضه وطرق علاجه؟
إن القولون العصبي يعتبر متلازمة، لا تشمل أعراضه القولون فقط، بل إن جزءاً كبيراً من هذه الأعراض تعبر عن تأثر عدد كبير من أجهزة واعضاء الجسم «والناتجة عن التوتر العصبي».
أعراض المرض يمكن تقسيمها إلى قسمين:
1 أعراض عامة ناشئة عن القلق النفسي: وتشمل الرغبة في القيء وفقدان الشهية، والاحساس بالخمول أو الارهاق الجسدي وبصعوبة التنفس أو الاحساس بقوة نبضات القلب والصداع المزمن وكثرة العرق. وأحياناً ألم خفيف داخل الصدر أو دوخة أثناء الوقوف.
2 أعراض هضمية ناشئة عن تقلصات القولون: مثل الشعور بآلام أو مغص في أي مكان في البطن وخاصة على أحد الجانبين أو أسفل البطن. وعادة ما يحدث إما أمساك أو اسهال ولكنهما قد يتبادلان الحدوث بالتناوب. وكثيراً ما يلاحظ المريض وجود كمية من المخاط مع البراز مما يجعل تفرقة المرض من نزلات الاسهال المعدية كالدوستياريا مثلاً أمراً صعباً أحياناً.
الأسباب
إن السبب الرئيسي لهذه الأعراض، غير معروف بالضبط. ولكن وجد أن لهذه الأعراض علاقة قوية بالتوتر النفسي. فحدة المرض واعراضه تزيد كلما مر المريض بفترة صعبة في جلساته، بينما تتحسن حالته عند الاسترخاء أو خلال الاجازات أو عند البعد عن الضغوط النفسية.
ومصداقاً لهذا الكلام، ما ذكرناه سابقاً عن ارتباط القولون بالجهاز العصبي. العصب الحائر بالذات.
إذاً معظم ضحايا هذا المرض هم الافراد من ذوي الطبع الرقيق الحساس أو أصحاب الأعمال الذهنية المصحوبة بالتوتر.
وكلما زادت الضغوط الاجتماعية والعملية. كلما ظهر هذا لامرض باعراضه المتفاوتة الحدة بينما يختفي، بل ينعدم لدى أهل القرى الأقل تعرضاً للتفكير.
تشخيص المرض
يعتمد تشخيص المرض على وجود الأعراض السابق ذكرها. ويجب عدم اللجوء إلى استخدام التحاليل الطبية المكلفة والمرهقة للمريض، الا في حالات صعوبة التشخيص أو حدوث اشتباه في أمراض عضوية أخرى.
العلاج
إن تفهم الاسباب التي تؤدي إلى حدوث التهيج في القولون هو أول خطوات العلاج الناجح. والعلاج لا يشمل فقط معالجة الاعراض علاجاً مباشراً، بل يشمل علاج المسببات والتقيد بالطعام الصحي السليم.
1 الطعام: تعتبر الالياف من أهم أسباب تهيج جدار القولون. فوجود الالياف بكمية معقولة لازم اصلاً للاخراج السليم، ولكن زيادتها لها أثر سلبي بما تسببه من اسهال وانتفاخ وغازات.
الماء والسوائل تعتبر عاملاً رئيسياً في علاج الامساك، فكوب الماء صباحاً، و1012 كوب طوال النهار يساعد كثيراً.
العادات الغذائية كتناول النشويات بكثرة أو الالبان أو البقول، ثم عدم الانتظام في مواعيد الطعام واهمال الرياضة وعدم تنظيم مواعيد التبرز.
2 القلق والتوتر: وهو طبعاً من سمات العصر الحديث وعلى كل حال العلاقة بين القلق واعراض القولون العصبي يساعد كثيراً على ا لتخلص منه. واحياناً قد يضطر الطبيب إلى استعمال بعض الادوية المهدئة للتوتر العصبي. والحقيقة ان اقتناع المريض بالمسببات وايمانه بالعلاج أهم كثيراً من استعمال آلاف المهدئات والمسكنات. فالمحافظة على التوازن الانفعالي بقدر الامكان يمكنها أن تقي الانسان من هذا المرض بإذن الله وتحقيق ذلك يتطلب الحرص على الا يجهد الشخص ذهنه أكثر من طاقته فلا يستمر طويلاً في خلافات أو صراعات في العمل أو تنافس في الدراسة أ وفي الانسياق وراء طموح أكبر من امكانياته.
وأخيراً:
لا تقلق اذا كنت تعاني من هذا المرض ولا تجعل القلق يؤدي بك إلى هذا المرض فكل باعتدال، ونم باعتدال، وزاول الرياضة وابتعد عن الضغوط النفسية، وخصص وقتاً كافياً للترفيه وممارسة الهوايات، وابتعد عن اعداء الصحة كالتدخين وغيره. لتظمن سلامتك إن شاء الله ليس من القولون العصبي فحسب، بل من الكثير من الأمراض. حمانا الله واياكم منها.
«وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين»
الدكتور/ أسعد عرفه
طبيب العائلة والمجتمع
|
|
|
|
|