| الثقافية
خطط الرائد العسكري في الجيش البريطاني «تشيزمان» بعد مغادرته الجيش عقب واقعة «الكوت» وانتقاله الى العراق كسكرتير لأول مندوب سام لبريطانيا في العراق، لرحلة علمية استكشافية الى الجزيرة العربية، وذلك تحقيقا لحلمه الكبير في دراسة التاريخ الطبيعي للجزيرة العربية، ولاسيما علم الطيور، كانت الجزيرة العربية وقتها تثير اهتماما كبيرا في أذهان الغربيين، لكشف مجاهلها والتعرف على طبيعتها وسكانها وأساليب العيش فيها، تعاقب على زيارتها عبر قرون عديدة رحالة كثيرون، لعل «لودفيكو دي فارتيما» هومن أوائلهم وذلك في عام 1509م، وفي القرن الثامن عشر جاء الرحالة «كارستن نيبور»، وكان أول من نقل أخبار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الى أوروبا، وفي بداية القرن التاسع عشر جاء الى الجزيرة العربية «جون لويس بوركهارت» الذي دون معلومات مهمة عن تلك الفترة التاريخية، وفي هذا القرن شهدت المنطقة تدفق عدد من الرحالة الغربيين وخاصة على الجزء الشمالي منها، وفي أوائل القرن العشرين زاد الاهتمام بالجزيرة العربية من قبل الرحالة والمبعوثين الغربيين الى دولة الملك عبدالعزيز الناشئة. وقد دون هؤلاء مشاهداتهم وملاحظاتهم ومغامراتهم في صحراء الجزيرة العربية، وكونت تلك الكتب والمذكرات وثائق هامة عن التاريخ السياسي والاجتماعي لهذه المنطقة، واعتبرت مرجعا هاما للكثير من الدراسات حول تاريخ الجزيرة العربية الحديث، ورغم التسليم باختلاف اهداف وتوجهات وطموحات أولئك الرحالة، إلا أن هذا لا ينفي أهمية ما تركوه من قيمة معلوماتية لا تقدر بثمن. أما الرحالة «آر.آي. تشيزمان» مؤلف هذا الكتاب، هذا العسكري الذي بقي في العراق بعد نهاية الحرب العالمية الأولى ليعمل سكرتيرا للمندوب السامي البريطاني في العراق، فقد كان رحالة فريدا بين الرحالة الآخرين، كان هدفه من رحلته الى أرض الجزيرة هو دراسة طيور تلك المنطقة والتعرف على أنواعها وأسمائها ودورة حياتها، وذلك من منطلق اهتمامه الكبير بالتاريخ الطبيعي، وهو اهتمام تقاسمه مع السير «برسي كوكس» مندوب بريطانيا في العراق ومن أجله أعد ترتيبات هذه الرحلة، التي أخذت ابعادا تاريخية خاصة، حيث تسنى له لقاء الملك عبدالعزيز في الأحساء عدة مرات، وأسفرت هذه اللقاءات التاريخية عن انطباع عميق بتميز شخصية هذا الملك، وسعة اطلاعه على مجريات الأمور والأحداث السياسية في العالم، إلا أن ما أدهش المؤلف هو معرفة الملك عبدالعزيز الواسعة بالحياة الفطرية في بلاده، ورغم ان هدف الرحالة «تشيزمان» كان جمع عينات من طيور المنطقة، إلا أنه لم يكتف بذلك بل كان شموليا في ملاحظاته التي امتدت الى جغرافية المنطقة وآثارها، فجاء كتابه سفرا حافلا بالمعلومات.
|
|
|
|
|