أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 22nd October,2001 العدد:10616الطبعةالاولـي الأثنين 6 ,شعبان 1422

مقـالات

ثنائيَّة السبب والنتيجة في المواقف الدولية
التحوّل الأمريكي من معسكر السبب إلى معسكر النتيجة
د. علي بن شويل القرني
نتذكر دائماً الحرب التي خاضها العالم في الشرق الأوسط، وتحديداً في المنطقة العربية قبل حوالي عشرة أعوام والتي تمثلت في محاولة دولية برئاسة الولايات المتحدة لزحزحة العراق من أرض الكويت التي احتلتها عام 1990م.. وقد خاض العالم حرباً إعلامية وسياسية قبل أن تكون هناك حرب عسكرية.. ونحن نتذكر جيداً أننا قد شاركنا في هذه الحرب الإعلامية وبينا أمام حرب دعائية مضادة أن العالم في ذلك العهد انقسم إلى معسكرين، هما معسكر السبب ومعسكر النتيجة.. والساسة والإعلاميون والمفكرون في معسكر السبب كان تركيزهم على ضرورة التفكير في سبب المشكلة القائمة في تلك الفترة وهي الاحتلال العراقي لدولة مستقلة هي الكويت.. ويجب ان يكون الانطلاق في المناقشة حول هذه القضية من السبب الذي هو الاحتلال..
أما المعسكر الآخر الذي مثل الحرب الدعائية المضادة فكان محور تركيزه على القوات الأجنبية العربية والدولية وكيف انه ينبغي انسحابها من المنطقة قبل أن نفكر في حل اي مشكلة في هذه المسألة.. وحاولت وسائل الإعلام ويساندها بعض الساسة والمثقفين ان تشوش على القضية الأساسية وهي قضية الاحتلال.. وهكذا انقسم العالم إلى هذين المعسكرين.. ومازلت أذكر أنني قد كتبت عن«عرب السبب وعرب النتيجة»، ومفاد ذلك ان العرب توزعوا بين هذين المعسكرين.. فعرب السبب تنادي برفع الاحتلال وعرب النتيجة تسعى إلى خروج القوات الدولية، رغم علمهم ان خروج القوات العربية والدولية من ساحة المعركة لن يؤدي إلى خروج القوات العراقية من الكويت.. ورغم تجاهلهم للسبب في المشكلة وهو الاحتلال..
ونحمد الله ان المصالح الوطنية العليا للمملكة وكثير من الدول العربية كانت في توافق مع مصالح دولية لرفع الظلم عن الكويتيين ودحر الاحتلال.. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية في المعسكر الذي يقف مع عرب السبب، حيث إن السبب هو سابق للنتيجة، ولهذا ينبغي إزالة السبب«الاحتلال» حتى تنتهي النتيجة «القوات الدولية»..
وتدور الأيام، ونأتي إلى موقف خطير آخر على الساحة الدولية وهو الوضع الراهن الذي نعيشه هذه الأيام في أفغانستان.. وأود مرة أخرى ان نفكر في مسألة او ثنائية« السبب والنتيجة»، حيث يمكن ان ينقسم العالم إلى قسمين او معسكرين، معسكر السبب ومعسكر النتيجة.. معسكر السبب يتمثل في تلك المؤسسات والدول التي تفكر في السبب الذي يقف وراء مظاهر الدمار التي أحدثتها انفجارات نيويورك وواشنطن وربما محاولات سابقة وربما محاولات لاحقة.. ماهو السبب وراء كل هذه المظاهر التي توصف بأنها« إرهابية»؟ هذا المعسكر يرى ان مظاهر الظلم التي حدثت تحديداً في منطقة الشرق الأوسط هي السبب ربما وراء هذه النزعة التدميرية غير الأخلاقية ضد الولايات المتحدة الأمريكية والتي طالت رموزها السياسية والعسكرية والاقتصادية.
أما المعسكر الثاني فهو معسكر النتيجة.. وهو معسكر لا يفكر أساسا الا في منظمات الإرهاب والتعامل معها على أنها السبب وهي ليست نتيجة لأي شيء إطلاقا.. فتحاول وجهة النظر هذه ان تنطلق من المنظمات الإرهابية كبداية وتؤسس لطرق التخلص منها دون أدنى اعتبار للمشاكل والهموم والقضايا التي تطرحها هذه المنظمات على مستوى محلي او إقليمي او دولي.. وبالتأكيد تقع الولايات المتحدة الأمريكية في معسكر «النتيجة» هذا، بينما توجد كثير من الدول العربية والإسلامية والمملكة العربية السعودية في مقدمتها في معسكر السبب الذي ينادي بإعادة النظر في السياسات الدولية تجاه مشاكل العالم، بما فيها مشاكل المنطقة، والتي ربما ستؤدي إلى إلغاء او استبعاد النتيجة التي تأتي على شكل مظاهر إرهابية غير محمودة العواقب..
وخلال العشر سنوات التي مضت، ومن خلال حدثين مهمين على مستوى العالم، تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد انتقلت من معسكر السبب إلى معسكر النتيجة.. من معسكر يدعو إلى التفكير في الأسباب إلى معسكر يلغي الأسباب ويتجه إلى النتائج كأساس للتعامل مع مشاكل العالم.. وقد لاحظنا ان مواقف المملكة منذ البدايات الأولى وهي تركز على انه ينبغي على الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم المتقدم الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط.. فالمكالمات الهاتفية التي استقبلها او نقل من خلالها الأمير عبدالله ولي العهد حفظه الله إلى مختلف مسؤولي الإدارة الأمريكية تؤكد أن مشكلة الشرق الأوسط هي المحور الأساسي لهذه المكالمات والبرقيات والرسائل .. كما أن تصريحات ومقابلات كل من الأمير نايف بن عبدالعزيز والأمير سعود الفيصل مع وسائل الإعلام تؤكد حرص القيادة السعودية على الإحضار الدائم والإدراج المستمر للقضية الفلسطينية في كل علاقات المملكة واتصالاتها الخارجية.. وتحاول المملكة ان تنتهز كل فرصة مواتية للتأكيد على محورية القضية الفلسطينية في الاستقرار والأمن العالميين..
alkarni@ksu.edu.sa

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved