| الثقافية
لا أدري هل أعمم أم أبعّض في الحكم على أن مطربي زماننا هذا يغنون لأنفسهم ويطربون لغنائهم فيظنون أن الناس يطربون لما يطربهم فيتمادون في الجعجعة والقرقعة والطخطخة. والتطبيل والتزمير المنكر دون أن يستفتوا أهو الذوق فيما يؤدونه. وما يقدمونه من عمل غنائي. أو يسترشدون بل أو يستشيرون من لهم رأي في الغناء حتى يقيّموا أعمالهم الغنائية بأنفسهم ويعرفوا على أي درجة يقفون من سلم الطرب.
ولو أردنا البحث عن أسباب تلك الفوضى الموسيقية لوجدنا أن المغنين في زماننا يعطون لأنفسهم الحكم على أنهم بمجرد معرفتهم لتحريك الآلة الموسيقية أو حتى قرع الطبل قد أصبحوا مطربين وعلى درجة من الكفاءة في الغناء وأن الناس ينظرون إليهم على أنهم أرباب مهنة ذات ذوق حسي تنقاد إليه كل أذن ويتفاعل معه كل ذي نفس وحس.. لكن الواقع الذي يعيشونه يرفض حكمهم الوهمي ويترجم صدى أغانيهم ترجمة تثبت أنها أصوات منكرة وغير مطربة وأنها إلى ايذاء أذن سامعها أقرب منها إلى تشنيفها.. قال الشاعر المصري أحمد الزين دعاني أحد المغنين في إحدى الليالي فحضرت إليه لأسمع غناءه فسمعت صوتاً سيئاً أشبه ما يكون بصوت الحمار. ولحنا سقيماً يقتل الذوق. ويخنق الشوق ويجلب الكآبة إلى النفس.. فقلت بعد سماعي لصوته القبيح ولحنه السيء هذه الأبيات:
حمار لا يمل من النهيق
يضيق به التجلد أي ضيق
مغن يجلب البلوى ويفني
بقايا الشوق في قلب المشوق
ثني الأوتار لو أمست سياطا
يصب بها على الجلد الصفيق
بطانته.. حماك الله.. رهط
كأن صياحهم جرس الحريق
دعاني للسماع رفيق سوء
فقلت عرفت عذري يا رفيق
وكانت ليلة يا ليت أني
دفعت بها لقطاع الطريق
وأوسعنا مغنيها غناءً
يزيل السكر من كأس رحيق
جزى الله المغني كل خير
عرفت به عدوي من صديقي. |
|
|
|
|
|