| المتابعة
القرآن الكريم، كتاب الله الذي ارتضاه لنا دستوراً دائماً ومنهجاً ربانياً وحيداً في كل زمان ومكان، وتعهد الله عز وجل بحفظه، وهذا هو التعهد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يقول تعالى: «إنا نحن نزّلنا الذكر وإنا له لحافظون».
ووسائل الحفظ والعناية الإلهية عديدة ومتنوعة، ولعل حفظ الصدور والقلوب والعقول هو من الوسائل التي سخرها الله سبحانه لهذه الغاية التي تمثل سعادة البشر في الدنيا والآخرة، وهذا الحفظ هو فعل مستمر من يوم بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الى ما شاء الله.
لقد حاولت المجتمعات الاسلامية والدول الاسلامية على مر العصور والازمان ان يكون لها دورها في هذه العملية المباركة، حتى وصلت الراية الطيبة ليد المؤسس المغفور له ان شاء الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله ، فبنى دولة العصر الاسلامية والتي كانت منذ بدايتها وستبقى الى ما شاء الله دولة للاسلام والمسلمين أولاً وأخيراً، فالسياسات لا تتماشى الا مع ما يقره الاسلام، لقد حاولت مملكتنا الغالية بذل جل جهدها لخدمة رسالة الحق، منذ عهد المؤسس وتابع المسيرة ابناؤه البررة وحتى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه حيث شهد هذا العصر المبارك العديد من الانجازات والخدمات الجليلة للاسلام والمسلمين في داخل المملكة وخارجها، وكانت خدمة كتاب الله الكريم في مقدمة الاهتمامات والرعاية والعناية، ولهذا نرى جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في شرق البلاد وغربها وفي جنوبها وشمالها، وكلها ذات حركة دؤوبة مستمرة تطور نفسها كماً ونوعاً على الدوام، ووصل صداها وتأثيرها لخارج الحدود، فنور الحق لا تحده حدود.
وما اجمل المنافسة عندما تكون في مجال حفظ كتاب الله، ولذلك كانت هناك المسابقات المحلية والاقليمية والعالمية وغيرها، وكلها تهدف الى غاية وحيدة جليلة ألا وهي حفظ كتاب الله بالشكل الامثل الذي يرتضيه الله سبحانه قولاً وفعلاً وتطبيقاً.
وتختلف اهميةالمسابقات رغم انها كلها هامة وذلك حسب ضخامتها وشموليتها، وكلها بنفس الوقت تساهم بقدر بتحقيق الهدف الذي اقيمت من اجله.
وتنطلق اليوم مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية الثالثة والعشرون لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتجويده وتفسيره في رحاب مكة المكرمة، واذا ما عدنا لهذه الكلمات رأينا انها مسابقة باسم الملك المؤسس، وميزتها انها دولية شاملة، وغايتها حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتجويده وتفسيره، وهو كتاب الله الذي يمثل دستور الاسلام والمسلمين الأول والأخير، وأين؟ ان المكان هو مكة المكرمة، «أم القرى»، ومدينة الحرم المكي الشريف الذي تعادل الصلاة فيه مائة ألف صلاة في غيره، وهي المدينة التي شهدت بعثة خير الانام وخاتم الانبياء عليه وعليهم صلوات الله وسلامه.
وكل هذه النقاط هي نقاط قوة لهذه المسابقة المباركة التي يشارك فيها بإذن الله «172» متسابقاً يمثلون «112» دولة، و«60» مرشحاً من جمعيات ومؤسسات ومراكز اسلامية.
تتكون مسابقة الخير من خمسة فروع هي:
الفرع الأول: حفظ القرآن الكريم كاملاً مع التجويد وتفسير الجزء العشرين منه.
الفرع الثاني: حفظ القرآن الكريم كاملاً مع التلاوة والتجويد.
الفرع الثالث: حفظ عشرين جزءاً متتالية مع التلاوة والتجويد.
الفرع الرابع: حفظ عشرة أجزاء متتالية مع التلاوة والتجويد.
الفرع الخامس: حفظ خمسة اجزاء متتالية مع التلاوة والتجويد وحسن الصوت والتلاوة.
ويشترط ان يكون المتسابق حافظاً للمطلوب في الفرع الذي يختاره مع التقيد بأحكام القراءة واصولها، والالتزام بالرواية التي يختارها اثناء اجراء المسابقة، وان يكون لدى المتسابق بالفرع الاول القدرة على التفسير باللغة العربية الفصحى.
ويشارك ضمن الفرع الاول «21» متسابقاً، وفي الفرع الثاني «38»، وفي الفرع الثالث «36»، والفرع الرابع «43»، وفي الفرع الخامس «34» متسابقاً.
وبهذه المسابقة تتواصل المسيرة المباركة دون انقطاع ولله الحمد منذ بدء المسابقة الأولى لها في 19/5/1399ه حيث شارك فيها «55» متسابقاً، وبلغ عدد المتسابقين منذ بدايتها وحتى عام 1421ه «3519» متسابقاً، وبلغ عدد الفائزين منهم «523» متسابقاً، وبلغ ما قدمته المملكة من جوائز مالية أكثر من ثمانين مليون ريال حتى الآن، رغم ان الهدف الاساسي ليس المال فالجزاء والثواب من الله تعالى، ولكن التعب والجهد يستحق اعطاء بعض من زينة الحياة الدنيا.
كما بلغت تكاليف التجهيزات الخاصة للمسابقة من تذاكر سفر واسكان واعاشة وتنقلات ومكافآت العاملين وخلافة مثل المبلغ السابق او اقل منه بقليل، وهي ارقام تستحق الفخر والاعتزاز لما يقدم لكتاب الله وحفظته.
ان اقامة هذه المسابقة المباركة في مكة المكرمة لها خصوصيتها حيث انها تعقد في مكان مهبط الوحي، ومكان قبلة المسلمين، وعند المسجد الحرام الذي تحن له كل افئدة المؤمنين، ويتجه اليه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها خمس مرات في كل يوم وليلة، وهذه ميزة تنفرد بها عن باقي المنافسات القرآنية.
لقد اضحت هذه المسابقة الطيبة محط انظار ناشئة وشباب الامة للاشتراك في هذه المسابقة العظيمة نظراً لاهميتها وشموليتها وعالميتها، والرعاية الفائقة التي تحظى بها.
لقد وفرت المملكة وبتوجيه من لدن قائد مسيرتها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود متعه الله بالصحة والعافية لهذه المسابقة وامثالها كافة الامكانات المادية والبشرية، وذلك من منطلق الاهتمام الدائم والحرص المتواصل على القرآن الكريم واهله والحرص على عمل الاسباب التي تحقق النجاح لهذه المسابقة القرآنية السامية المعنى والهدف، والتي تحمل اسم مؤسس هذه الدولة.
اما الإعلام ونحن جزء منه فإنه تقع على عاتقه مسؤولية كبرى في ابراز هذه المسابقة بالمظهر اللائق لها، وهي مسابقة تختلف بالتأكيد عن غيرها من المنافسات المباركة، فهي منافسة عالمية على افضل واشرف واطهر كتاب، وهو كلام رب العالمين.
انه لا أدل على الحرص على انجاح هذه المسابقة، من ذلك العمل المتواصل الدؤوب لكي تبقى هذه المسابقة مستمرة، وبلا انقطاع رغم كل الظروف والمتغيرات السياسية والدولية.
ان وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد، وهي الجهة المنظمة لتلك المسابقة العظيمة لتفخر وتعتز بهذه الثقة التي منحها اياها ولاة الأمر حيث تجند وبتوجيه مباشر ودقيق من معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ كافة الامكانات المادية والبشرية لاظهار هذه المسابقة الجليلة بالمظهر اللائق بها، وفق ما يتطلع له ابناء الامة قاطبة.
ان عملية حفظ القرآن الكريم هي جزء من صلب العمل في المجتمع الاسلامي ليحيا حياة صحيحة، ولهذا تعتبر محركاً جوهرياً في السلوكية الاسلامية المباركة تتسابق عليها العقول والقلوب، وتشتاق لها الافئدة، ودعمها ليس وقفاً على الدولة فقط، وانما هو مطلب من كل المقتدرين هيئات ومؤسسات وافراداً، وهم كثر في هذا المجتمع الطيب الذي عقد العزم على تحقيق النجاح لكل هذه المنافسات بإذن الله، والله ولي التوفيق.
alomari1420@Yahoo.com
|
|
|
|
|