| نادى السيارات
*
عرضت مرسيدس بنز Mercedes Benz في معرض فرانكفورت الدولي للسيارات نظام حماية جديداً يفتح خطاً ثالثاً يضاف إلى الاخرين المعروفين الفاعلة الأولى Active safety وهي التي تلعب دورها في تحاشي وقوع الحادث مثل انظمة منع الانزلاق وضبط السلوك عموماً والاخرى الساكنة Passive safety التي تتدخل فعلياً بعد فشل الأولى في منع وقوع الحادث مثل حزام الحماية والوسادة الستارة الهوائية airbaq والمخدات المختلفة في مواضع احتمال ارتطام الجسم في المقصورة،
ويقع خط الحماية الثالث الذي تختبره الماركة الألمانية لبدء تطبيق عناصره تباعاً في اجيال موديلاتها المقبلة بين الاتجاهين تماماً اذ يسخّر وسائل رصد سلوك السيارة لتحليله باستمرار واستباق وقوع الحادث بتشغيل وسائل حماية جديدةليس بعد وقوع الحادث بل قبله مباشرة أي في المهلة الزمنية الواقعة بعد فشل وسائل الحماية الفاعلة في منع وقوع الحادث وقبل تدخل وسائل الحماية الساكنة،
ففي تلك المهلة تحديداً تنقضي ثوان قليلة او بضعة اجزاء من الثانية حسب الحادث لكنها وفي مطلق الاحوال فترة اطول من فترة تدخل وسائل الحماية الساكنة الحالية كالاحزمة والوسادات والستائر الهوائية التي تقاس فترة تدخلها بالاجزاء المئوية من الثانية الواحدة، وتشير ابحاث مرسيدس بنز تحديداً إلى انه في اكثر من ثلثي الحوادث التي تم تحليلها بدقة انقضى وقت كاف لتشغيل وسائل حماية قادرة على تحضير الركاب والسيارة للحادث وتخفيف الاضرار، وفي نحو ستين في المئة من الف حادث تمت اعادة تمثيلها تبين ان السيارة كانت في وضع يشير بوضوح الى حتمية وقوع الحادث،
وكيف يمكن ان تستغل تلك المهل؟
تجري اختبارات النجمة الثلاثية في اكثر من اتجاه وكلها تتفرع من جذع مشترك: رصد سكون كل من السائق وضعيات المقود والدواسات وسرعة تدخله والسيارة بواسطة اجهزة رصد معظمها معروف مثل اجهزة رصد سرعة كل من العجلات الاربع (وهي مستغلة اصلاً في انظمة منع الانزلاقين الكبحي والدفعي) والشد الجانبي للهيكل (مستغل في برامج ضبط الثبات) ودرجة الضغط على دواسة الكبح (راصد مستغل ايضاً في نظام مضاعفة الكبح اوتوماتيكياً في الطوارئ) اضافة إلى اجهزة أخرى ترصد ظروف الطريق مثل الرادار لقياس سرعة تبدل الهامش الفاصل بين السيارة المتحركة وما يقع في مجال ارسال وعودة ذبذبات الرادار (وهو نظام مستغل منذ ثلاثة اعوام من نظام ديسترونيك Distronic لدى مرسيدس بنز) أو نظام الاشعة دون الحمراء infrared (أو بالذبذبات فوق السمعية ultrasound) الذي يستغل لتشغيل بعض اصناف وحدة التحكم من بعد بالقفل المركزي للسيارة أو في انظمة الحماية من السرقة فيرصد في تلك الحالة حركة اي جسم يعترض مرور الاشعة بين نقطتي ارسالها ووصولها،
لكن أهم ما يفترض تذكره عند تخيل عمل تلك العناصر هو تدفق معلوماتها باستمرار الى وحدة تحكم مركزية بمعالج سريع (كومبيوتر مصغر) ومقارنتها باستمرار مع معطيات مدخلة سلفاً عن مختلف المقاييس الطبيعية فلا يكاد يسجل انحراف اي من العناصر أو بعضها عن المقاييس الطبيعية حتى تدخل البرمجة الالكترونية في «حالة طوارئ» تشغل ما يلزم تشغيله من وسائل الحماية الفاعلة active safety ثم قبل الساكنة PreSafe واخيراً الساكنة Passive safety،
تصنف مرسيدس بنز بناء على تجاربها واختباراتها سبع مراحل اساسية في تدابير الاحتياط للحوادث واستباقها فمعالجتها ان لم يكن من وقوعها بد:
1 مرحلة الانذار التي تتولى امرها اولاً اجهزة الرصد المختلفة (لسلوك السيارة والسائق وظروف الطريق) قبل ابلاغها السائق بواسطة مؤشر ضوئي (في لوحة القيادة مع انذار سمعي احياناً) بدخول السيارة مرحلة خلل مريب ويتطلب المعالجة،
2 مرحلة المساعدة الفاعلة التي تتم بتدخل وسائل منع الانزلاق المختلفة ومضاعفة ضغط الكبح وكل ما من شأنه المساهمة في اعادة السلوك الى المقاييس المعتبرة طبيعية وفقاً للبرمجة المدخلة في نظام التحكم الالكتروني،
3 مرحلة الحماية قبل الساكنة وتدخلها السيارة عند بلوغ مرحلة توقع وقوع الحادث فتتدخل عندها انظمة اخرى من شأنها تحضير ظروف مواجهة الحادث لتخفيف الاضرار الى أبعد حد ممكن تقنياً، وفي حال عودة السلوك إلى طبيعته تعود تلك الانظمة الى وضعياتها الاساسية من دون اطلاق وسائل الحماية،
4 الاصطدام الطفيف دون سرعة 15 كم/ ساعة الذي يمكن تخفيف وقعه بوسائل تحضر المصد وما وراءه لامتصاص أكبر مقدار ممكن من الصدمة مع ايصاد احزمة الحماية ومنع انطلاق الوسادات الهوائية لانتفاء دواعي تشغيل الاخيرة،
5 الحادث البسيط وعندها تتدخل وسائل اخرى لامتصاص قوة الصدمات في المقدم والمؤخر والجانبين وتوزيع تلك القوة لتبديد اثرها مع تشغيل نظام شد أحزمة الحماية (بضعة سنتمترات لتقريب كل من الركاب الى ظهر مقعده) وتشغيل ما يلزم من الوسادات/ الستائر الهوائية بالمقدار الملائم وحيث تدعو الحاجة الى ذلك (لا ينتفخ الحزام مثلاً امام/ قرب مقعد شاغر أو فيه مقعد الطفل)،
6 حادث قوي وعندها تنتفخ الوسادات الهوائية المواجهة بضغط اقوى مما في الحوادث الطفيفة كما يتدخل نظام رخي الاحزمة نسبياً (بضعة سنتمترات) بعد مرحلة الشد الأولى باجزاء من الثانية الواحدة منعاً لتضرر الاجسام من الحزام من مرحلة الشد السابقة،
7 مرحلة الاسعاف بعد الحادث وتتضمن فك الايصاد عن مختلف ابواب السيارة تسهيلاً لاخراج الركاب اضافة إلى اطلاق اشارات خاصة (بواسطة نظام الاتصالات) تبلغ المراكز المختصة بمكان وقوع الحادث مع اطلاق مصابيح الطوارئ لتحذير السيارات الاخرى المقبلة،
كيف يتدخل نظام الحماية قبل الساكنة
بعد تسجيل المعلومات عن فشل وسائل الحماية الفاعلة في اعادة السيارة الى المعايير المفترضة مطابقتها مع مقاييس الظروف الطبيعية يمكن لنظام الحماية قبل الساكنة التدخل بأكثر من طريقة وفي مراحل مختلفة حسب الحاجة،
وتقع وسائل التدخل تلك تحت اربعة عناوين كبرى:
1 نظام الرصد الديناميكي وهو يقارن باستمرار بين معطيات السلوك الآمن المدخل في برمجة وحدة الكومبيوتر المختصة بذلك وبين المعلومات الواصلة من أجهزة رصد سرعة السيارة ككل وسرعة كل من عجلاتها ودرجة الكبح بواسطة كل من المكابح وبواسطة المحرك (عند رفع القدم عن دواسة الوقود) وتسارع الهيكل طولياً وعرضياً وميول الشد الجانبي في المنعطفات ومدى تبدل شوط التعليق عمودياً في كل من الزوايا الاربع (صعود الهيكل وهبوطه) ودرجة لف المقود وتجانس ضغط الاطارات الاربعة،
نظام رصد الاقبال على حادث وهو الذي يحدد علاقة السيارة بمحيطها باستمرار فيرصد مثلاً بعدها عن السيارات التي تتقدمها وتليها أو تقع في اي من جانبيها بواسطة مبدأ الرادار المعروف في نظام ديسترونيك لدى مرسيدسبنز و/ أو بواسطة مبدأ الاشعة دون الحمراء وتحليل الصورة المعتمد في نظام الرؤية الليلية Niqht Vision لدى كاديلاك Cadillac منذ نحو عامين، وهو النظام القادر على تحديد موقع حصول الاصطدام وابلاغ وحدة التحكم لتشغيل وسائل الحماية في الجهة/ الجهات الملائمة وحدها،
نظام قياس الحادث وهو يقيس قوة الحادث لتحديد درجة التدخل الملائمة مثل نفخ وسادات الهواء نسبياً أو كلياً والاكتفاء بايصاد حزام الحماية فقط او تشغيل الشد الاوتوماتيكي بعد ذلك ثم رخي الحزام بعض الشيء في الحوادث القوية،
نظام الرصد الداخلي في المقصورة ومهمته ابلاغ الوحدة المركزية بالمقاعد المستخدمة (ووزن ركابها وقاماتهم ووضعية جلوسهم) بواسطة اجهزة حساب الوزن في المقعد واجهزة اخرى تعمل بالاشعة دون الحمراء لتحديد موقع كل من الركاب وحجمه (وليس وزنه فقط)،
من هناك تقيس وحدة الكومبيوتر المركزية مجموع المعلومات الواصلة وتقارنها بالمعطيات الطبيعية قبل اتخاذ تدابير الوقاية التي يمكن أن تضم:
ارجاع قاعدة المقعد واعادة الظهر الى وضعية اكثر عمودية ان كان الراكب في وضع شبه مستلق مثلاً والسيارة مقبلة على حادث خلال ثوان معدودة،
رفع مستوى مسند الرأس قبيل وقوع الحادث الى المستوى الامثل وفقاً لقامة السائق ووضعيته في اللحظة المعنية،
تقديم المصد الامامي بعض الشيء قبيل وقوع حادث في المقدم لزيادة قدرات امتصاص قوة الصدمة،
تعديل ارتفاع التعليق برفع السيارة مثلاً في الجانب المعرض لحادث اصطدام جانبي من شاحنة خفيفة مقبلة بحيث يرتفع هيكل السيارة الى مستوى اقل خطورة عند التقاء هيكليها بهيكل الشاحنة الاعلى منها،
اغلاق فتحة السقف اتوماتيكياً عند تعرض السيارة الى خطر الانقلاب أو اطلاق عارضة خلفية فور بدء انقلاب هيكل الكابريوليه (اربعة ركاب) أو الرودستر (راكبان)، وكانت مرسيدس بنز أول من اطلق تقنية العارضة المذكورة في موديل اس إل SL في العام 1989 لترتفع في اجزاء قليلة من الثانية الواحدة فتحمي رؤوس الركاب عن انقلاب السيارة (معتمدة ايضاً في كابريوليه سي إل كاي CLK)،
خروج مخمدات واقية للركبتين من تحت لوحة القيادة،
خروج مخمدات واقية من بطانة الابواب ومن العمود الاوسط بين البابين لزيادة الحماية قبل وقوع الحوادث المجانبة،
وفي حال نجح السائق أو سمحت ظروف اخرى في تفادي الحادث في اللحظة الاخيرة تلغى تعليمات التدخل وتبقى وسائل نظام الحماية قبل الساكنة في وضعيتها الاساسية ما يزيل دواعي اصلاحات لم يعد هناك ما يبررها في تلك الحالة،
هل تلك نهاية الرحلة؟ طبعا لا فالمرحلة التالية التي تتحدث عنها مرسيدس بنز التي يختبرها كبار الصانعين الآخرين بطبيعة الحال هي تمكين أجهزة الرصد والمعالجة الالكترونية من قراءة معطيات خارجية أخرى مثل اشارات المرور حيث تمر السيارة وقامة المشاة في حال تعرض احدهم لخطر الدهس سعياً إلى مرحلة تستنتج فيها السيارة وحدها انسب سيناريو ممكن لتخفيف انعكاسات الحادث ان لم يكن هناك بد من وقوعه،
لوحة تسجيل ذاتية الانارة
اختبرت مرسيدس بنز تقنية جديدة تضيء لوحة التسجيل بواسطة شريحة رقيقة قابلة للانارة بواسطة التيار الكهربائي فتضاء لوحة التسجيل بكاملها لتبرز عليها بوضوح ارقام التسجيل المضافة على الشريحة ذاتها ما يغني عن المصابيح التقليدية المستخدمة لانارة لوحات التسجيل في الليل اضافة إلى تمكين المصممين من التفنن أكثر في تصاميم محيط لوحة التسجيل بعد تخلصهم من قيود تخصيص موقع محدد للتوصيل الكهربائي والمصابيح،
|
|
|
|
|