| محليــات
* الرياض سلمان العمري:
حذر معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة الإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ المسلمين من البغي والتأويل لأنهما الأساس في الفرقة والفتنة والبغضاء بين أفراد الأمة الإسلامية، ومشدداً معاليه في ذات الوقت على وجوب السمع والطاعة لولي الأمر لما في ذلك من سد للذرائع.
وقال معالي الوزير الشيخ آل الشيخ في كلمة ألقاها امس خلال لقائه بالأئمة والخطباء بحضور معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وذلك بمقر فرع الوزارة بالرياض في مدينة الرياض: الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا وحمد معاليه الله جل وعلا كثيراً على ما أنعم علينا الكثير من العلم الذي لم ينقطع عن هذه الأمة، بل هي على علم وقفت، وقال: إن القرآن محفوظ، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم محفوظة، وكلام السلف على القرآن والسنة بين ظاهر، وكلام أهل العلم مسطر موجود لم يغب عنا، ولم نُترك في هذا على لبسٍ واشتباه، فالحمد لله على ما أنعم علينا بحفظ هذا الدين بحفظ أسسه وأصوله وبقائها، وأشكره جل وعلا وأسأله سبحانه أن يمنحني وإياكم العلم النافع عند حلول الشُبهات والبصر النافذ عند إقبال المشتبهات.وشكر معاليه، الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء على حضوره هذا اللقاء، كما شكر معاليه أصحاب الفضيلة المشايخ والخطباء على حرصهم على ما يقضي به العلم الصحيح والمنهج السليم، وما يقوله أهل السنة والجماعة بما فهموا واتفقوا عليه من نصوص الكتاب والسنة، سائلاً الله جل وعلا للجميع المزيد من العلم، والفقه، وأن يثبتنا على ذلك سيما في مثل هذه الأحوال التي تتقلب. وقال معاليه: إن المرء إذا غضب في حال الأمن فإنه قد لا يدرك الصواب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان)، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه على هذا الحديث: إن هذا الحديث يشمل القضاء في المسائل العملية وفي المسائل العلمية، فالغضب ومثله الحال التي تقلق الذهن وينفعل معها المرء لا ينبغي له، بل هو منهي أن يقضي في المسائل العلمية، وهو على هذا النحو من الغضب، فإذا كان القاضي كذلك في مسألة بين متخاصمين فإن الكلام في المسائل العلمية أبلغ، وإن الكلام في المسائل التي تهم الأمة حينئذ أبلغ.
وأضاف معاليه قائلاً: ولهذا كانت من سمة منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة الإسلام كانت لهم سمات مهمة في منهجهم فارقوا بها أهل الأهواء حين بزغت الأهواء في عهد الصحابة رضوان الله عليهم وقد قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى فيما صح عنه وقاله غيره، في وصف الصحابة والتابعين الذين لم يستعجلوا حين استعجل الناس فيما ليس لهم قال في وصفهم: (عليكم بآثارهم فإنهم على علم وقفوا وببصر نافذ كفوا) وقد ذكره ابن قدامة في اللمعة وأخرجه جمعٌ من الأئمة وهذه أولى السمات التي يجب علينا أن نتقي الله جل وعلا في كل حال.
وأكد معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ على أهمية الحرص على النظر الصائب الذي يوافق نظر السلف عند الاشتباه وعند تغير الأحوال قال على علمٍ وقفوا، فإنه يجب حينئذٍ على المرء وخاصة أهل العلم، وأهل التوجيه، يجب عليهم أن يقفوا على العلم، والعلم منه ما يدركه المرء ويتعلمه قبل حلول الحدث، فيحيط به بما أعطاه الله جل وعلا، وقد لا يحيط به، ومنه علمٌ لم يبحثه إلا وقت الحدث وهذا الأغلب أنه لا يحيط بكلام أهل العلم فيه لأنه لم يتعلمه من قبل، فمن علم من نفسه حينئذ أنه إنما أطلع على بحوث المسائل حين حلول الأحداث فيجب عليه أن لا يثق بجودة نظره، بل يطلب براءة الذمة بالرجوع إلى أهل العلم الراسخين فيه.ومضى معاليه قائلاً في ذات السياق: إن الصحابة رضي الله عنهم تدافعوا الفتيا لأنهم على علمٍ وقفوا، وتدافعوا لفتيا في مسائل يسيرة، فكيف إذا ً إذا جاءت المسائل الكبيرة العظيمة هل يكون حينئذ من منهجهم الإسراع في الفتيا، والإسراع في الكلام ليس الأمر كذلك، وقال في وصفهم: إنهم على علمٍ وقفوا وببصرٍ نافذٍ كفوا، البصر مرادٌ به البصيرة التي قال فيها الله جل وعلا آمراً نبيه صلى الله عليه وسلم:«قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني» والبصيرة للقلب كالبصر للعين، ويعاوض بينهما في الاستعمال، مستدلاً معاليه قول عمر بن عبدالعزيز: (وببصرٍ نافذٍ كفوا)، فحين كفوا في زمن الفتن في زمن قتل عثمان، وفي زمن الخلاف بين علي ومعاوية، وحين كفوا في الفتن لما حصل ما حصل، إنهم ببصرٍ نافذٍ كفوا، هناك نفاذٌ حين كفوا، موضحاً معاليه أن الكف ليس عجزاً أو هرباً، وإنما هو طلبٌ للسلامة حين يلقى الناس ربهم جل وعلا . واستطرد معاليه في الصدد نفسه قائلاً: إن من سمات الصحابة رضوان الله عليهم الأخذ بما يُحب الله جل وعلا ويرضاه ومن ذلك الرفق والأناة والحلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء في الصحيحين: (إن الله يحب الرفق في الأمر كله)، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (إن الله يرضى لكم ثلاثاً، أن تعبدوه لا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)، فالرفق والأناة والحلم خصال يحبها الله جل وعلا وكما جاء في حديث وفد احشى عبد القيس قال: إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله، الحلم والأناة. وأبان معاليه أن من سمة السلف لمن درس منهجهم في القرن الأول حين كثر الخلاف، وكثرت الفتن أنهم يأمرون بالاجتماع وينهون عن الافتراق، والاجتماع كما قرر أهل العلم نوعان، الاجتماع في الدين، والاجتماع على ولي الأمر، والافتراق نوعان، افتراق في الدين، وافتراق في الجماعة، والله جل وعلا أمر عباده بقوله: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) والنبي صلى الله عليه وسلم حض على الاجتماع والجماعة بقوله: (وستفترق هذه الأمة إلى ثلاثٍ وسبعين فرقه كلها في النار إلاّ واحدة، قالوا من هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة)، قال أهل العلم معنى الجماعة هنا ما يشمل الاجتماع في الدين والاجتماع على من ولاه الله الأمر من المسلمين، ومنه أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم (الجماعة رحمة والفرقة عذاب)، وهذا ظاهرٌ بين في أن منهج الأئمة الحرص على الجماعة حتى ان الإمام أحمد وهو أحد أئمة أهل السنة والجماعة بل إمامهم لما ظهر القول بخلق القرآن وحصل من الناس ما حصل من التسارع ودعا إليه ولي الأمر في ذلك الزمان، وقال أحد طلاب الإمام أحمد له ألا ترى ما الناس فيه ألا تقول شيئاً يغير الله به ما فعل كأنه يشير إلى ما فعل ولاة الأمر أو ما هو مشهور قال، فجعل ينهى عن ذلك، وينفض يديه شديداً، ويقول: «إياكم والدماء إياكم والدماء» لأنه يعلم أن شدة الافتراق تسبب في النهاية ولو لم يقصد أهلها تسبب الافتراق في الأبدان ثم وقوع ما يخشى منه من سفكٍ للدماء أو منازعةٍ في الأمر.وشرح معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ أن المسجد مكان عبادة الله جل وعلا، وقال: إذا كان المسجد مكان العبادة فإن أعظم ما يجب فيه أن يحقق دين الله جل وعلا بكماله وتقام فيه الصلوات المفروضة، ويكون في المسجد نشر الخير، وتعليم الجاهل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر على ما تقتضيه الشريعة، ويكون في المسجد الخطب النافعة حيث الخطيب فيها قائمٌ مقام النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا تعظم التبعة بعظم المنصب والمسؤولية، ومن أشد من يعذب يوم القيامة، كما جاء في حديث البخاري وتؤخذ فيمن رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة عرج به الخطباء الذين لم يوافقوا أمر الله سبحانه وتعالى، وأمر رسوله فرآهم يعذبون بأنواعٍ من العذاب.وأبان معاليه في سياق كلمته أن الخطيب والإمام يقومان مقام النبي صلى الله عليه وسلم في أداء هذه المهمة؛ لأن أصل الإمامة للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن أنابه عليه الصلاة والسلام، أو كلفه ولولاة الأمور بعده عليه الصلاة والسلام ، ولمن أنابهم ولاة الأمور في ذلك إذا كثرت المساجد، فإذاً واجبٌ عليهم في مساجدهم أن يحققوا منهج السلف، وأن لا يعرضوا أنفسهم والمسلمين إلى ما فيه العقوبة. ومضى معاليه قائلاً: إن أهل الكتاب كما في الكتاب والسنة تفرقوا واختلفوا وضرب بعضهم بعضا، هل لنقص العلم عندهم ؟، قال جل وعلا: (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلى من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم)، ولذلك قال العلماء في كتب العقائد: إن أعظم ما حصل به الافتراق والفتن والبغضاء في هذه الأمة من شيئين البغي والتأويل، فإذا حصل البغي بأن زاد الناس على ما أذن الله به، أو حصل التأويل بغير مستند شرعي صحيح وقعتا الفتنة والعياذ بالله.واستطرد معاليه قائلاً: ومما دلت عليه النصوص وتظاهرت لزوم السمع والطاعة لولي الأمر المسلم؛ لأن السمع والطاعة أمر عظيم خالف به رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية، وقد ذكره إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مسائل الجاهلية، في أوائل المسائل مع التوحيد، وذكر التوحيد، والنهي عن الشرك فيما خالف به رسول الله عليه الصلاة والسلام أهل الجاهلية، وذكر الاجتماع، وعدم الافتراق، وذكر الطاعة، وهذا أصل عظيم نقل به النبي صلى الله عليه وسلم الأمة عما كان عليه أهل الجاهلية، ولهذا قال: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)، وإذا كانت النهاية في أمر ما هو هذا فإن سد الذرائع الموصلة له واجب شرعاً، بل من أعظم الواجبات.
وأفاد معاليه أن لأهل العلم في الدين في الكتاب والسنة منزلة عظيمة لابد أن تُرعى، قال جل وعلا: (يرفع الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)، فخص أهل العلم عن سائر المؤمنين، فقال: (إن ما يخشى الله من عباده العلماء)، لأنهم حين يتكلمون أو يعملون فإنهم ينطلقون من الخشية، وقال معاليه: إن أهل العلم مأمورون بأن تقتدي بهم وأن نرجع إليهم، والذمة تبرأ إذا استفتيت أهل الذكر فأفتيت في ذلك بما يحقق مقاصد الشريعة، فليس من الدين الطعن في أهل العلم، وليس من الدين، بل هو من الجاهلية والشر أن يُنتقص من أقدارهم.
وأشار معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ إلى أن من قرأ التاريخ وجد أن الفتن إذ ظهرت أول ما يلجأ إليه من اشتبهت عليه الأمور، وتسارع وسارع في ما لا يحمد أن يطعن في أهل العلم، وهذا ما حصل من الخوارج مع علماء الصحابة، وكما حصل من أهل البغي لما استبيحت المدينة المنورة، ولما ضربت مكة المكرمة بالمنجنيق، ولما حصل ما حصل في أزمنة كثيرة.
وتناول معاليه بالشرح مسألة أهل الجرح والتعديل من علماء المسلمين، فقال معاليه: طفحت كتب الجرح والتعديل بالطعن في من يرى السيف في الأمة، وهذا ظاهر بين، وأن الذي يرى السيف في الأمة يكون من وسيلته أن يطعن في من يرجع إليه المسلمون، حتى لا يرجعوا إليه، ولا يلزم أن كل من طعن فإنه يرى السيف، ولكن يُحذر من رأي السيف طعن، ولا يلزم أنه من طعن فإنه يرى السيف، لأنه قد يطعن لتأويل، وقد يطعن لنقص في العلم ونحو ذلك.
أما الأمر الذي يتعلق بالأحداث المعاصرة، قال معاليه: إن الجميع ولا شك يتابعها، ويخُشى أيضاً من كثرة تلقي ما يحصل في هذه الأيام، يُخشى من كثرة التلقي من أعداء الأمة من أصحاب اللوبي العالمي الصهيوني في الإعلام الذي نذمه عند البصر؛ لأنه لا يخدم قضايا الأمة، بل يخدم قضايا أعداء الأمة.
وأكد معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ لما تحصل الفتن، أو تحصل التقلبات، أو يحصل ما يحصل فإن الثقة بهم، وبما ينشرون محل توقف عند العلماء والعقلاء، فالتأثر بذلك، والركون إليه، والإقبال عليه وكأنه منقول بالتواتر أو بنقل العدل الثقة المصدق عن مثله هذا ليس من كلام العقلاء ولا من منهج الفضلاء، مشيراً معاليه إلى أن مما يذكر في هذا المقام، أن منهج هذه البلاد كما هو معلوم، هو منهج أهل السنة والجماعة، ومنهج أهل السنة والجماعة مثله في العصور المتأخرة الدعوة التجديدية، دعوة الإمام المصلح محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ورحم من آواه ومن نصره وأيده، هذه الدعوة التجديدية لم تقم من فراغ، وإنما كانت من فقه كبير في الكتاب والسنة، فالفقه في هذه الدعوة أن يؤخذ بكلام علمائها ومنهجهم وهم متواصلون ولله الحمد من وقت الإمام المجدد إلى هذا الوقت، نقله الحاضر من الماضي بفقه وبصيرة.
وقال معاليه: لقد تكلم العلماء، علماء هذه الدعوة تكلموا في تجديد التوحيد، وفي تحقيق الشهادتين بأبلغ كلام وأوضحه، وهو الحق الذي لا محيد عنه لموافقته للأدلة، ومما ذكروه وسطروه مسائل الموالاة والمعاداة، ومسائل الولاء والبراء، وواصل معاليه حديثه في المسألة نفسها، قائلاً: إن الولاء، والبراء، والحب، والبغض، والموالاة، والمعادة، كلمات متماثلة كما قاله الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ورفع درجته في تعليق على ثلاث محاضرات ألقيتها في الولاء والبراء والموالاة والمعاداة في الجامع الكبير ضمن المحاضرات، وعلق تعليقات حسنة عظيمة أَفدتُ منها وأَفادَ منها الحضور.
ومضى معاليه في السياق ذاته يقول: فأئمة دعوتنا قرروا هذه المسائل وأوضحوها على منهج متكامل، وقرروا هذه المسائل على فهم الكتاب والسنة، فيعلمون، معنى الولاء والبراء والآيات الدالة فيه، ويعلمون أيضاً وعَلَّموا وسطروا أن أخذ ولاة والأمر بالعهود والمواثيق أن هذا لا يخالف الولاء والبراء ؛ لأن أصل هذا في كتاب الله جل وعلا وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأكد معاليه أن ولي الأمر إذا أخذ بالعهد والميثاق الذي بينه وبين غير المؤمنين من الكفار أو المشركين، فإن هذا فيه إمضاء للعهود التي أمر الله أن تُمضى قال جل وعلا: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا)، وقال جل وعلا: (والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق)، مبيناً أن هذا الاستثناء لا يخالف الولاء والبراء لأن القرآن حق كله، قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: يقول تعالى: (وإن استنصركم هؤلاء الأعراب الذين لم يهاجروا في قتال ديني على عدو لهم فأنصروهم)، فإنه واجب عليكم نصرهم لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قومكم من الكفار بينكم وبينهم ميثاق أي مهادنة إلى مدة فلا تخسروا ذمتكم ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم، قال ابن كثير (وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما).
وخلص معاليه إلى القول: وهذا ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية فإن الصلح كان فيه أنه من أتى النبي صلى الله عليه وسلم من مكة من المسلمين فإنه يُرجعه إليهم، ومن أتى مكة من المسلمين من المدينة فإنه لا يرجعه الكفار إليهم، وأمضى النبي صلى الله عليه وسلم هذا العهد والميثاق، قال عمر رضي الله عنه له: (يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل؟، قال: بلى، قال: فعلام نقبل الدنية في ديننا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني رسول الله وأنا واثق بوعد الله عليه الصلاة والسلام.
ووصف معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ مسائل الولاء والبراء، بأنها مسائل عظيمة ومهمة، فإذا تكلم فيها أحد من العلماء فإنه يقصد بها ما يشمل عموم أحكامها لأننا نستدل بالقرآن والسنة، ونأخذ بالحق كله، وقال معاليه: إن مسائل الولاء والبراء، والخوض في العهود والمكاتبات وما يحصل من قضايا كبيرة هي لأهلها وليست لعامة الناس أو للخطباء أو لغيرهم كما ذكر فضيلة الشيخ صالح في كلمته ليس من منهج أئمة الدعوة أن تُذكر على العامة.
وأورد معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في سياق كلمته قول الإمام الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب في مجموع الرسائل في الصفحة (11)، قال في شيء يشبه خوض الناس فيما نحن فيه، قال: وخضتم ناصحاً، وخضتم في مسائل من هذا الباب، كالكلام في المولاة، والمعاداة، والمصالحة، والمكاتبات، وبذل الأموال، والهدايا، ونحو ذلك، والحكم بغير ما أنزل الله عند البوادي ونحوهم من الجفاة لا يتكلم فيها إلا العلماء، لا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب ومن رزق الفهم عن الله وأوتي الحكمة وفصل الخطاب، كما قال رحمه الله أيضاً بعدها: والكلام في هذا يتوقف على معرفة ما قدمناه، ومعرفة أصول عامة كلية لا يجوز الكلام في هذا الباب، وفي غيره لمن جهلها، وأعرض عنها وعن تفاصيلها، فإن الإجمال، والإطلاق، وعدم العلم بمعرفة مواقع الخطاب وتفاصيله يحصل به من اللبس والخطا وعدم الفقه عن الله ما يفسد الأديان ويشتت الأذهان، ويحول بينها وبين فهم القرآن)، وقد قال ابن القيم في كافيته: فعليك بالتفصيل والتبيين فالإطلاق والإجمال دون بيان، قد أفسد هذا الوجود وخطط الأذهان والآراء كل زمان، (انتهى كلامه رحمه الله تعالى).
وأبان معاليه أن فهم منهج أئمة الدعوة متكامل، والأخذ به أخذ بما قامت به هذه الدعوة وقامت به الدولة منذ الدولة السعودية الأولى من تحقيق للإسلام بفهم شامل للنصوص، وهذا يُترك لأهل الشأن من ولاة الأمر، وأهل العلم لأن هذا هو الحق في هذه المسائل والعامة لا يمكنهم فهم التفصيل والتبيين في مسائل أقل من ذلك فكيف في هذه المسائل العظيمة، ولهذا لم يكن أئمة الدعوة في خطبهم الموجودة يفصلون الكلام في هذه المسائل، لأن ذلك كما قال الشيخ عبداللطيف: إنما هو لأهل العلم الذين يفتون بموجب ما يعلمون لولي الأمر وللناس.
وتحدث معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ في مسألة الجهاد، وقال: إن الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا أمر نافذ شرعي، دلت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة، ودُون في كتب العقائد، لكن الجهاد كغيره من مسائل هذا الدين له شروط، وله أركان، وله واجبات، وله أحكام تفصيلية فصلت في كتب الجهاد وأبوابه من كتب الفقه، أو الكتب المستقلة.
وأشار معاليه إلى أن الصلاة، الأمر بها لا يعني ألا يكون هناك شروط، والزكاة في الأمر بها لا يعني أنه ليس لها ثم شروط، وكذلك الصيام والحج، وسائر أحكام الشريعة، وإذا كان الأمر كذلك فإن الجهاد في أول أحكامه أو في أول شروطه أن الذي يدعو إلى الجهاد هو ولي الأمر، وليس لأحد من الناس أن يفتئتوا على ولي الأمر بالدعوة إلى الجهاد، وهذا ظاهر بدليله من القرآن والسنة، ومن إجماع أهل السنة والجماعة، ومن كلام أئمة الدعوة رحمهم الله تعالى.
كما أورد معاليه قول الله تعالى في مسألة الجهاد قائلاً: قال الله جل وعلا: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولوروده إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذي يستنبطونه منهم، ولولا فضل الله عليكم ورحمته لا تبعتم الشيطان إلا قليلا فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين)، وقال الله جل وعلا أيضا في وصف خاصة المؤمنين الذين أثنى عليهم: (وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه).
كذلك جاء معاليه بدليل من السنة في مسألة الجهاد، فقال: والنبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل يستأذنه في الجهاد فقال له: (أحي والداك؟، قال نعم، قال: ففيهما فجاهد)، قال العلماء دلت الآية والحديث على أنه لا جهاد إلا بإذن ولي الأمر وأن هذا له، وأنه لا يجوز الافتئات عليه في ذلك، وأما إجماع أهل السنة والجماعة، فقد قرروا في عقائدهم أن الجهاد ماضٍ ليس بالإطلاق أن الجهاد ماضٍ مع كل إمام براً كان أو فاجراً، وقولهم مع كل إمام يعنى أنه لابد للجهاد من راية تحت إمام يُسمع له ويطاع، ويكون له في ذلك الأمر. ويواصل الوزير آل الشيخ القول: ومما يدل على هذا الفهم قول جمع من مشايخ الدعوة في نصيحة عامة وجهوها إلى الناس في وقت يشابه هذا الوقت، منهم الشيخ محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن، والشيخ العلامة سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ عبدالله العنقري، والشيخ عمر بن سليم، والشيخ محمد بن إبراهيم ذكروا في نصيحتهم بعد سياق النصوص الدالة على وجوب السمع والطاعة لولي الأمر قالوا ما نصه (وإذا فهم ما تقدم من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وكلام العلماء المحققين في وجوب السمع والطاعة لولي الأمر وتحريم منازعته والخروج عليه وأن المصالح الدينية والدنيوية لا انتظام لها إلا بالإمامة والجماعة تبين أن الخروج عن طاعة ولي الأمر والافتئات عليه بغزو، أو بغيره معصية ومشاقه لله ورسوله، ومخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة) في الدرر السنية الجزء السابع (ص291).
وبين معاليه في نفس ا لصدد أن هذا منهج متكامل يجب علينا أن نرعاه، لأن أهل العلم وولاة الأمر أدرى بما يكون بعد الإذن بالجهاد ليس الأمر أن تقول نعم ولكن ما الذي بعده وليس الأمر أن تقول أيضاً لا، ولكن ماذا بعدها أيضاً وهذه إنما يُرعى فيها درء المفاسد، وتحصيل المصالح كما جاء في الشريعة.وأهاب معاليه بالأئمة والخطباء وبكل طالب علم أن يعتبر من قصص السالفين، وأن يقرأ التاريخ بعناية تامة، فقد قال جل وعلا في الحث على الاعتبار: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب)، يعنى في قصص الأنبياء السالفين، والتاريخ الذي مضى فيه عبرة، مؤكداً أن من أعظم العبر أن يُنظر في كيفية حصول المقاتل بين الصحابة رضوان الله عليهم ، كيف حدثت الفتن وما مبعثها ؟، قتل عثمان كان بسبب النقمة عليه في أمور المال والولاية التي يوليها ثار بها الخوارج فحصل ما حصل وإنما فعلوا ذلك بالتأويل ولم يكونوا يكرهون الدين وإنما تأولوا على خلاف منهج الصحابة، وحصل بين على ومعاوية من القتال، ودخلت عائشة أيضاً في ذلك ولم ترد إلا الصلح، وقد قال أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية، وشرح الطحاوية، وجماعة، لم يكن الصحابة يريدون القتال وإنما وجدوا أنفسهم يتقاتلون بسعي الخوارج فيما بين الأطراف. وخلص معاليه إلى القول: إنه لهذا كان من عقيدتنا سلامة السنتنا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن لا يكون في قلوبنا غل للذين آمنوا، فلابد أن نقرأ التاريخ وأن ننظر في مبادىء الأمور وكيف تنتهي إليه، وأن جمع الكلمة يحصل به من الاجتماع وتحصيل الدين ورد الشر مالا يحصل بالافتراق، وأن ترك ما يريب الإنسان إلى مالا يريبه أصل أصيل كما في أحد الأحاديث التي عليها مدار الدين (دع مايريبك إلى مالا يريبك).
وحث معاليه الجميع على تقوى الله جل وعلا في كل حال، وأن يحرص الجميع على التوازن والحكمة وموافقة الشرع، وأن نُبرىء ذمتنا في موافقة منهج السلف الصالح، قد لا يوافقك كثيرون ممن يريدون الحماس، لكن لابد أن تقول ما عليه منهج الأئمة والسلف الصالح، وأن تأخذ به لأن في الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح نجاة عند حلول الفتن.
وفي ختام كلمته، سٍأل معاليه الله جل وعلا أن يوفق الجميع إلى مافيه رضاه، وأن يُخَّلص قلوبنا من الغش والغل، وأن يجعلنا ممن يحقق الموالاة للمؤمنين والمعاداة للكافرين، وأن يجعلنا ممن رضي عنه، وأرضي عنه، وأن لا يحرمنا جل جلاله توفيقه وتسديده بسوء أعمالنا، ولا بذنوبنا، ولا بتقصيرنا، كما سأله سبحانه أن يوفق ولاة أمورنا إلى ما فيه الخير، وأن يجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة، ويعافي فيه أهل المعصية، وأن يوفق علمائنا إلى ما فيه الهدى والسداد، وأن يجمع كلمة الجميع على البر والتقوى وأن ينيلنا رضاه يوم نلقاه.
كما وجه معالي الشيخ صالح بن فوزان آل فوزان عضو هيئة كبار العلماء، عضو اللجنة الدائمة للإفتاء كلمة إلى الأئمة والخطباء جاء في بدايتها: أيها الأخوة خطباء المساجد لقد من الله عليكم بميزة عظيمة حيث توليتم هذه المهمة مهمة الخطابة في الجمع والأعياد وإمامة المسلمين في مساجدهم، وهي منة عظيمة نسأل الله عز وجل أن يعينكم على القيام بها وأن ينفع بجهودكم وأن يجعلنا وإياكم وجميع المسلمين هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين متعاونين على الحق.وأكد فضيلته أن منصب الخطابة وإمامة المسلمين بالجمعة والفروض منصب مهم لأن الإمامة قدوة كما قال صلى الله عليه وسلم «إنما جعل الإمام ليؤتم به» أي يقتدى به فأنتم قد جعلكم الله في هذا المنصب واختاركم ولاة الأمور لهذه المهمة بما تحملونه ولله الحمد من مؤهلات وأهلية لهذا العمل العظيم. واسترسل معالي الشيخ صالح الفوزان قائلاً: إن بلادنا ولله الحمد بلاد التوحيد، بلاد الدعوة، ومهبط الوحي، ومبعث الرسالة إلى العالم، فهذه البلاد هي القدوة للعالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها، وأنتم أئمتها، وأنتم الموجهون لها فاحتسبوا عملكم هذا لوجه الله عز وجل وقوموا بما ولاكم الله عليه فإنكم مسؤولون عن هؤلاء المسلمين الذين تؤمونهم وتقفون أمامهم.ومضى قائلاً: إن منصب الخطابة منصب عظيم، منصب المعلم، ومنصب الداعية إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن منصب الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر منصب الواعظ المذكر كما قال الله سبحانه وتعالى:{ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } ، وقال سبحانه وتعالى:{ فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
وقال معالي الشيخ الفوزان موجهاً كلامه للأئمة والخطباء: إن الناس يتلقون منكم ويتعلمون منكم، ويقتدون بكم ويتوجهون إليكم في كل جمعة بقلوبهم ووجوههم يستمعون ماذا تقولون، وماذا توجهون إليهم ويأخذون منكم العلم النافع، والتوجيه السليم فيتكرر هذا في كل جمعة وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، ومن مزايا هذا الدين من أجل التعاضد بين المسلمين والتلاقي بين المسلمين على البر والتقوى وتدارس المشكلات التي تعترض طريق المسلمين يسمعون منكم حلول مشاكلهم يسمعون منكم الإجابة على تساؤلاتهم ويتلقون منكم التوجيه السليم والنصيحة النافعة فأنتم مصدر خير وأنتم دعاة الهداية بإذن الله.
ومضى قائلاً: وعلينا جميعاً أن نستشعر أهمية هذه المهمة وهي مهمة الخطابة، فنضمن خطبنا ما فيه فائدة للمسلمين في عقيدتهم في عبادتهم في معاملاتهم في أخلاقهم فيما يدور حولهم ولا تكون الخطبة مجرد كلام يقال وإنما تكون الخطبة كما كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تكون خطبة مشتملة على ما يحتاجه المسلمون وعلى ما ينتفع به المسلمون في أمور دينهم ودنياهم، فيجب علينا جميعاً أن نهتم بهذه الخطبة وأن نعد لها، وأن نضمِّنها كل ما فيه خير وصلاح وإصلاح.
وأفاد فضيلته أنه ومع توالي هذه الخطب في كل أسبوع يكثر الخير، ويتعلم الجاهل، ويتذكر الغافل ويتبصر المؤمن وهذا ما يوجب علينا جميعاً أن نهتم بإعداد الخطبة وبإلقائها وبتأثيرها على السامع بحيث يكون لها أثر في إصلاح المجتمع، فإنها إذا توالت عليهم هذه الخطب المفيدة وتعددت في جوامع البلد فإنها تشمل المسلمين كلهم حتى النساء في البيوت تسمع الخطبة بواسطة مكبر الصوت، أو بواسطة الإذاعة فيشمل خيرها ويعم نفعها، وهذا من نعم الله سبحانه وتعالى.
وأشار فضيلته إلى ما تشهده الساحة من أحداث، وقال: عليكم أيها الإخوة في مثل هذه الأحداث التي اختلفت فيها المفاهيم، وكثر فيها الخوض وربما يستغلها الأشرار لتسميم أفكار الشباب والجهال من المسلمين عليكم أن تبصروا المسلمين بالطريق الصحيح وما ينبغي تجاه هذه الأحداث وأن لا يدخلوا في شيء لا يحسنون الخوض فيه فيحصل بذلك الفتنة والشقاق عليكم أن توجهوهم بأن هذه المهام العظيمة لها أهلها الذين يعالجونها والذين يقولون تحليها وإعداد مايلزم لها فنسأل الله أن يعينهم من ولاة الأمور ومن العلماء وليست مجال لكل متكلم أو مجالاً لكل باحث قال الله سبحانه وتعالى (وإذا جاءهم امر من الأمن والخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لا تبعتم الشيطان الا قليلا فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين)، فأنتم توجهونهم إلى ما يجب عليهم تجاه هذه الأحداث بأن لا يدخلوا في مجال لا يحسنونه فليس هو أيضاً من مسؤولياتهم وإنما من مسؤوليات أهل الشأن من هذه الأمة.
وأبان فضيلته أنه إذا ردت الأمور إلى أهلها، وردت الأمور إلى نصابها حصل الخير، أما إذا صارت مجال للأخذ والرد من غير المختصين فإنها تكون فتنة وتكون شقاقاً وتكون انقساماً وتكون عواقب وخيمة فبالتالي لا يتوصل إلى نتيجة ولكن يتوصل إلى أمور عكسية، المسلمون كالجسد الواحد المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً.
وقال: إن تعاون المسلمين بينهم كل في حدود اختصاصه فعوام الناس والذين ليس لهم من تولي هذه الأمور عليهم الدعاء، وعليهم الإلحاح في الدعاء لإصلاح الإسلام والمسلمين والنصر للإسلام، والهزيمة للأعداء، بالدعاء سلاح المؤمن أما أنهم يخوضون في تحاليل هذه الأمور وأحكامها وهم غير مؤهلين أو غير مسؤولين أيضاً فهذا مما يسبب تشتت الأفكار، فعليكم أيها الأخوة أن توجهوا المسلمين من خلال المساجد والدروس والمحاضرات والندوات أن توجهوهم الوجهة السليمة، والمواقف الشرعية عند حدوث هذه الأمور فإن الأمر خطير إذا ترك وربما يتدخل الأشرار الذين يسممون الأفكار ويستغلون مثل هذه الأحداث لتسميم أفكار الشباب وتلقينهم أفكاراً غير سليمة ثم تكون النتيجة غير مرضية.
وقال: ولكن إذا قمتم أنتم بتثقيف المسلمين وتعليمهم من خلال الخطابة والوعظ والإرشاد والتذكير فإن ذلك مما يبصر المسلمين ويسد الطريق على العابثين فالواجب علينا أيها الأخوة عظيم وعظيم جداً، ونحن المسلمين على ما قصرنا فيه نحو مجتمعنا، ونحو أبنائنا، ونحو إخواننا لأن الله جعلنا لهم بمثابة المرشد وبمثابة المعلم، فهم يتلقون منكم كل أسبوع، وربما يكون كل يوم من خلال الدروس والمحاضرات والمواعظ فليكن هذا الأمر لكم على بال وليكن اهتمام الخطيب بما ينفع الناس ويفيدهم لا بأمر خارج عن موضوعهم أو عن حاجتهم فإن هذا لا جدوى من ورائه ولا أقول هذا بأنني أظن أن بعض الإخوان يخرج عن هذا الموضوع إلى موضوع لا يهم لكن هو من باب التذكير فقط لنفسي ولإخواني أن نكون على مستوى المسئولية أمام الله أولاً ثم أمام إخواننا، وأمام بلادنا، وأمام أبنائنا.واستطرد فضيلته قائلاً: فالمسئولية علينا عظيمة جداً فإذا تخلينا أو تكاسلنا عن القيام بهذه المهمة وتوجيه أبنائنا وأهل بلادنا فإن العاقبة تكون وخيمة، وربما يتولى الأمر غيرنا ممن لا علم عنده أو عنده علم، ولكنه يريد التضليل، ويريد الإخلال بالأمن.وحمد فضيلته الله سبحانه وتعالى أن المملكة العربية السعودية تمتاز عن غيرها من البلدان بما حباها الله به من الأمن والاستقرار، ووفرة الأرزاق، وبما حباها الله من العلم النافع، والعقيدة السليمة، وقال: إن علينا أن نحافظ على هذه النعمة بشكرها والقيام بحقها، قال تعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد)، ذكروا المسلمين بهذه النعمة، علموهم ما يجب عليهم نحوها من شكرها وحمد الله والثناء عليه بها فإن الله سبحانه وتعالى توعد قوماً كفروا نعمته توعدهم، (وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون)، فلنخش من العقوبات ومن زوال النعم ولنحافظ على بقاء هذه النعم بشكرها والعمل على بقائها ببقاء الأسباب التي نشأت على هذه النعم، وهي توحيد الله عز وجل وعبادته كما قال تعالى: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً)، وقال الله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) بهذا الشرط (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)، وقال تعالى: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور).
وانتهى فضيلة عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح بن فوزان الفوزان قائلاً: وليكن همنا وعلى بالنا دائماً التناصح ، قال صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )، ومن النصيحة لعامة المسلمين أننا عند هذه الأحداث وعند انقسام الأفهام فيها، والخوض فيها أننا ننصح لإخواننا و لأبنائنا ننصح لما فيه الخير والصلاح واستقامة الأمور، وعدم التشتت في الرأي، وعدم الدخول في شيء لا نحسنه وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله واصحابه أجمعين.
|
|
|
|
|